لجريدة عمان:
2024-06-29@23:31:26 GMT

كيف تؤثر الأنظمة الرقمية في حياتنا؟

تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT

نحاول أن نرى الجانب الإيجابي لتأثير المستجدات المادية في حياتنا منها التحولات التي صاحبت دخول التقنية التي غدت جزءًا لا يتجزأ من منظومة عيشنا؛ فنمط حياتنا بوجود التقنيات لا يشبه نمط حياة أسلافنا قبل سنوات طويلة، وسبق أن سردنا الكثير عمَّا تميّزت به حياتنا وأنماطها بسبب ما تقدّمه لنا التقنية من تسهيلات وخدمات، ولكنْ ثمّة وجه آخر لهذه الأنظمة الرقمية يثير قلقنا يخص تأثيراتها على حياتنا النفسية والاجتماعية والصحية رغم إقرارنا بأن مستجدات الحضارة الإنسانية سلاح ذو حدين، وأن الإنسان يسعى جاهدًا لبلوغ أقصى درجات الاستفادة من هذه التطويرات التي تستجد في حياته؛ فمثلا عندما دخلت الكهرباء مع بداية القرن العشرين وجد الإنسان نفسه في عالم مضيء يمنحه المزيد من الأمن والطمأنينة واليسر إلا أن وجها آخر لهذا التفوق الحضاري فاقم من أزمة انفصال الإنسان عن الطبيعة، وأدخل الإنسان في تعقيدات نفسية وصحية نتيجة ما صار يُعرف بالتلوث الضوئي، وكذلك التلفاز الذي اقتحم حضارة الإنسان منذ منتصف القرن العشرين، أتى ليكون وسيلة للترفيه، ولربط الإنسان بالعالم وأحداثه إلا أن الإنسان وجد نفسه أكثر عزلة، واتسعت هوّة هذه العزلة بعد ظهور الإنترنت بداية تسعينيات القرن العشرين الذي أدخل الإنسان إلى العالم الافتراضي -رغم إيجابياته المتعددة-، وتتفاقم أزمة العزلة والانفصال عن العالم الواقعي شيئا فشيئا بعد توافد منصات التواصل الاجتماعي وتزاحمها مع تطبيقات رقمية وأنظمة ذكية متعددة على حياة الإنسان؛ فنجد البعض يعيش في منطقة معزولة عن الواقع الحقيقي، وتتراكم في داخله أفكار مصدرها عالمه الافتراضي؛ فتُسلب منه حريته وإرادته؛ ويُساق هذا الإنسان عبر مؤسسات رقمية إلى وجهات تتحقق فيها مآرب المؤسسات السياسية والتجارية؛ فتجعل من هذا الإنسان إنسانا رقميا لا ينتمي إلى واقعه الطبيعي؛ ليكون سلعة تتحكم في توجهاتها مؤسسات مادية وسياسية لها أيديولوجياتها الخاصة التي من السهل أن تُفقِدَ الإنسان منظومته الأخلاقية والثقافية وقيمته في الحياة.

تؤكد لنا منظومة المجتمع الرقمي أننا جزء من منظومة الاقتصاد العالمي وسياسته؛ فيُعدّ الأفراد داخل هذا المجتمع الرقمي بمثابة السلعة التي تراهن المؤسسات الرقمية على الاستفادة منها عبر وسائل شتّى منها عبر آلية الاستهلاك الرقمي التي نُجذب بواسطتها إلى منتجات يُعلن عنها في هذه المنصات المجانية. نأتي مثلا إلى منصات مثل «يوتيوب» التي تعطيك خيار الاستهلاك المجاني المشروط بوجود الإعلانات التجارية ومشاهدتها، وبالتالي تكون جزءا من العملية التجارية التي تحقق الشركات -بما فيها شركة «جوجل»- بسببك أرباحا عالية، وفي حال كنت لا ترغب أن تكون جزءا من هذه الصفقة التجارية بين الشركات التجارية المروّجة لمنتجاتها وخدماتها -الصالح منها والطالح- فلك خيار الاشتراك والدفع الشهري الذي لا يمنحك إلا الحماية النسبية كونك ما تزال تحت تأثير الإدمان الرقمي الذي يُذهب بقيمتك العقلية والصحية والنفسية والمالية، وتُثبت الكثير من الدراسات العلمية وجود هذا التأثير السلبي الذي يمكن لمنصات التواصل الاجتماعي والتطبيقات الرقمية بما فيها ألعاب الفيديو والحاسوب أن تُحدثه في صحة الإنسان، وفي ضعضعة نشاطه الدماغي، وهذا ما يُفسر تدنّي معدلات القراءة؛ مما أفقد الإنسان الرقمي قدراته المعرفية والثقافية، وهذا ما طرحه الطبيب «لاري روزين» في كتابه «الاضطراب الإلكتروني» «iDisorder» الذي ربط بين ميل الإنسان الرقمي إلى العزلة الضارة بسبب الإدمان الرقمي وما يتصل به مثل الإنترنت والتطبيقات الرقمية. لم يعدِ الأمر مجرد تكهنات تخص مستقبل المجتمع الرقمي؛ فنحن نعيش هذه الأزمة الحضارية التي تؤكدها الدراسات النفسية والعلمية؛ إذ تؤكد الإحصائيات تضاعف معدلات الانتحار والأمراض النفسية والركود الثقافي داخل المجتمعات الرقمية التي ابتعدت عن واقعها الطبيعي، وتفاقمت هذه الأزمة مع اتساع نطاق التطبيقات الرقمية مثل نماذج الذكاء الاصطناعي التي سبق أن تحققنا من بعض مخاطرها وسبل مواجهتها في مقالات سابقة.

في دراسة أجراها مركز «بيو» للأبحاث بالتعاون مع جامعة «إيلون» في الولايات المتحدة الأمريكية -قرأتُها في كتاب «تغيُّر العقل» لـ«سوزان جرينفيلد»- عبر استطلاع لآراء أكثر من ألف خبير في مجالات التقنية عن آلية تغير «جيل الألفية» خصوصا مع حلول عام 2020م الذي صاحب دخول المجتمعات الإنسانية مراحلها الرقمية العالية نتيجة التفاعل غير المسبوق مع الأنظمة الرقمية ومنصاتها؛ فكانت إحدى خلاصات الاستطلاع -كما نُقِلَ في كتاب «تغيُّر العقل»: «لن يتمكن جيل الألفية في العام 2020 من الاحتفاظ بالمعلومات؛ فهم يقضون معظم طاقتهم في تبادل الرسائل الاجتماعية القصيرة، والاستمتاع بالترفيه، كما يتشتت انتباههم بعيدًا عن الانخراط العميق مع الناس والمعرفة. وهم يفتقرون إلى ملكات التفكير العميق؛ ويفتقرون إلى المهارات الاجتماعية المباشرة؛ ويعتمدون بطرق غير صحية على الإنترنت والأجهزة النقالة من أجل أداء مهامهم».

لا أعمد عبر هذا المقال إلى المطالبة بإلغاء الاتصال بالعالم الرقمي وأنظمته، ولا أدعو إلى كبح جماح التطويرات الرقمية وتفاعلنا معها؛ إذ سبق أن طالبت بتفعيل واسع للتقنيات الرقمية، وبذل الجهد للاستفادة منها دون الإضرار بالإنسان وحضارته، ولكن أرى أننا ندخل إلى حيّز رقمي يتسع بوسائله ووظائفه، وفي الوقت نفسه يضيق بواقع الإنسان وذاته الحقيقية؛ فتركنه بعيدًا عن الحياة الطبيعية وملاحمها الاجتماعية والثقافية الأساسية. يأتي هذا المقال بمثابة التنبيه من المخاطر التي تواجه المجتمعات الرقمية التي تتطلب حذرا في استعمالات أدواتها الرقمية، والدعوة إلى رفع الوعي بماهية الأنظمة الرقمية وآلية تفاعلنا معها وقدرتنا على الانتفاع منها دون الولوج إلى مناطق الإدمان الرقمي وتجاوزاته المُهْدِرة للوقت والفطرة الإنسانية السليمة. نحن بحاجة إلى ممارسات تعيد الإنسان إلى منطقة التوازن التي تمكّنه من مواكبة التقدم الرقمي والاستفادة منه، وفي الوقت نفسه إلى المحافظة على هويته الذاتية والإنسانية بجميع زواياها، ولعل أهم الحلول وأولها صناعة الوعي المجتمعي والفردي الذي يفعّل الممارسات السليمة مثل تنفيذ اللقاءات الثقافية التي يمكن أن تتنوع في آلية تنفيذها بين الواقعية والافتراضية؛ لتمنح الإنسان نصيبه من التفاعل الواقعي والرقمي، ونشر ثقافة القراءة وإعادة فاعليتها عبر الكتب المطبوعة، ومضاعفة المكتبات العامة وتحبيب أفراد المجتمعات إليها، ودعم نشاطات الارتباط مع الطبيعة والواقع مثل النشاطات الرياضية والترفيهية والثقافية. يظل التعويل على الوعي المجتمعي الذي لا يمكن أن يتشكّل إلا بتوسّع الوعي الفردي الذي يملك القدرة على فهم مفاصل العالم الرقمي وتحقيق مستويات التوازن التي تحفظ موقع الإنسان ومجتمعه من أيّ انزلاق اجتماعي وثقافي وأخلاقي.

د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الأنظمة الرقمیة الذی ی

إقرأ أيضاً:

فلسطين.. بين خيانة القريب ومؤامرة البعيد..!

 

 

ما يجري بحق الشعب العربي الفلسطيني منذ عام 1916م حتى عام 2023م شيء وما يجري بحق هذا الشعب منذ أكتوبر 2023م وحتى اليوم شيء آخر، مقارنة بالجرائم التي ترتكب بحق هذا الشعب منذ أكتوبر 2023م والتي لم يسبق أن ارتكبها أي من طغاة التاريخ..!
ما يتعرض له أطفال ونساء وشيوخ فلسطين وخاصة سكان قطاع غزة من حرب إبادة ممنهجة، حرب استباح فيها العدو الصهيوني كل القوانين والتشريعات السماوية والأرضية والقيم والأخلاقيات الدولية والإنسانية، حرب سيكتبها التاريخ في أقدس وأنصع صفحاته بأنها (عار) غير مسبوق في جبين الإنسانية والنظام الدولي الذي سقط وسقطت كرامته وقيمه وأخلاقيات منظومته الكونية بكل قيمها ومعتقداتها..!
يكذب ويخدع العالم من يتوهم أو يعتقد أن الكيان الصهيوني فوق القانون الدولي وأن هذا العالم المترامي الأطراف عاجز عن لجم هذا العدو وإيقاف عربدته وجرائمه، بل يكذب من يتوهم ويعتقد أن العرب والمسلمين عاجزون عن إيقاف هذا العدو، الذي أسقطت عنه المقاومة كل أساطيره الزائفة ونسفت فكرة تفوقه وقدراته الردعية التي ظل لعقود يتحدث عنها لتخويف أنظمة الذل والعار والخيانة..!
إن ما يتعرض له الشعب العربي في فلسطين سوي في قطاع غزة أو في بقية الجغرافية العربية الفلسطينية على يد العدو الصهيوني الذي يدمر الحرث والنسل ويبيد أسراً بأكملها ويلغيها من السجل المدني بالقتل والحصار والتجويع، بعد أن استخدم الجوع كسلاح لقتل أبناء فلسطين، دون تفريق بين الطفل والشيخ وبين المرأة والمقاوم، فالفلسطيني بنظر هذا العدو طفلا كان أو شيخا، امرأة أو شابا أو كهلا طاعنا، جميعهم بنظره (إرهابيين) يجب أن يقتلوا، ويجب التخلص منهم حتى لا يهددوا وجود الاحتلال ويقلقوا سكينته..!
ثمة اعتقاد صهيوني يقول  بأن الفلسطيني الطيب هو الفلسطيني الذي لم يولد بعد، وما يجري في قطاع غزة منذ تسعة أشهر، ليس جرائم إبادة صهيونية، بل جرائم إبادة يشارك الصهاينة فيها العرب والمسلمون والنظام الدولي والإنسانية بكل معتقداتها ودياناتها، جرائم تمارس أمام أنظار العرب والمسلمين والمجتمع الدولي ورعاة النظام الدولي الذي أثبت أنه نظام إجرامي منحط مجرد من كل القيم، والأخلاقيات الإنسانية، باعتباره شريكا فعالا في هذه الجرائم التي لم يشهد التاريخ لها مثيلا لا في العصور والأزمنة الغابرة ولا في العصر والزمن القريب، إذ لم يرتكب مثلها لا (النازيون) بكل ما يلفق ضدهم من تهم زائفة، ولا الصليبيون ارتكبوا مثلها ولا أبطال محاكم التفتيش في اسبانيا الذين احرقوا بعض المسلمين أحياء ولكنهم كانوا اقل إجراما من الصهاينة والأمريكان..!
أعرف أن النظام العربي والإسلامي مجرد قطعان من المرتهنين والخونة والعملاء الذين يدينون بالولاء والتبعية لأمريكا والترويكا الصهيونية إلا من رحم ربي وهؤلاء قلة محدودة، غير أن غالبية الأنظمة العربية -الإسلامية تعد شريكا فعليا في حرب إبادة الشعب العربي في فلسطين، إذ ليس معقولا أن تكون (حركة حماس وفصائل المقاومة) التي تواجه العدو ومن خلفه أمريكا والغرب الاستعماري أكبر قدرة وأكثر اقتداراً من الأنظمة العربية -الإسلامية!
نعم تعد المقاومة أكثر إيمانا بقضيتها وقضية شعبها وبحقه في الحرية والاستقلال، وأكثر إرادة وعزيمة من أنظمة الذل والارتهان العربية والإسلامية، لكن ورغم تسليمنا بخيانة وعمالة هذه الأنظمة، إلا أن ما يجري من جرائم بحق أبناء فلسطين عامة وقطاع غزة خاصة، فعل يفترض أن تخجل منه هذه الأنظمة رغم عمالتها وخيانتها، لأن ما يجري يلحقها بالخزي والعار ويفقدها شرعية وجودها ناهيكم عن سقوطها الأخلاقي وتجردها من قيم العروبة وأخلاقيات وقيم الإسلام، بل ويجردها من كل انتمائها الوطني والقومي والديني والأخلاقي والإنساني..!
أدرك يقينا أن الشعب العربي في فلسطين سوف ينتصر على أعدائه بدليل بشاعة الجرائم التي يرتكبها هذا العدو والتي أجبرت بشاعتها كل شعوب العالم على الخروج للشوارع والتنديد بها وإدانة مرتكبيها، في وقت نرى فيه صمت غالبية العرب والمسلمين أنظمة وشعوباً، بل ونتابع هذه الأنظمة وهي تساوي بين الضحية والجلاد، بين أصحاب الحق وطغاة الباطل..!
ونتابع كيف ذهب بعض العرب يتسابقون لتلميع أنفسهم أمام أمريكا والصهاينة ويحاولون إثبات ولائهم ومتانة علاقتهم بالصهاينة ويتآمرون على المقاومة ورموزها ويتفرجون على أطفال ونساء وشيوخ غزة وفلسطين يتساقطون شهداء بالآلاف وجرحى ومشردين ومدن تهدم على رؤوس ساكنيها ومرافق خدمية تسوي بالأرض، لم تسلم منهم حتى المرافق الأممية المحصنة أو يفترض أنها كذلك، لكن العدو يتجاهل كل هذا ويواصل عربدته فيما الأنظمة العربية، الإسلامية المزعومة تغمض عيونها عن كل هذه الجرائم التي أيقظت ضمير شعوب العالم ولم يستيقظ لها الضمير العربي الإسلامي، الذي لم يكتف بخيانته بل نراه وبكل وقاحة وانحطاط يشكك بكل طرف يقف إلى جانب المقاومة والشعب الفلسطيني مساندا ومناصرا..!
نرى من يشكك بمواقف اليمن في البحر الأحمر وخليج عدن وبمواقف صنعاء المبدئية في إسناد أبناء فلسطين، ونرى من يسخر من دعم وإسناد المقاومة الإسلامية في لبنان لأبطال فلسطين، ويشكك بمواقف سوريا ونظامها القومي العروبي ويشكك بمواقف المقاومة العراقية، حتى يصل تشكيكهم إلى موقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي كان لها الدور الأكبر في صمود غزة الأسطوري، إيران التي احتضنت المقاومة وقدمت لها كل أشكال الدعم المادي والمعنوي والعسكري والأمني، حين تخلى عنها النظام العربي بطلب من أمريكا والصهاينة في عام 2002م، لتصبح (شيطنة إيران) في خطاب بعض الخونة العرب المتأمركين والمتصهينين الذين لم يخجلوا من بشاعة خيانتهم الوقحة، بل راحوا يفسرون مواقف إيران وفق المنطق الصهيوني الأمريكي الاستعماري ويتحدثون عن مخططات (إيران الفارسية) وعن أطماع (الشيعة) في تهميش (أهل السنة)، حتى صرت وانا المحسوب على أهل (السنة) أخجل من نفسي، حين أرى أبطال أهل (السنة) يقاتلون العرب والمسلمين ولم أر فيهم من يواجه الصهاينة والأمريكان، بل أراهم أذناباً للصهاينة والأمريكان وعملاء لهم وأدوات بيد أجهزتهم يحركونها ضد خصومهم عربا كانوا أو مسلمين أو مناصرين للقضايا العربية الإسلامية.
ليصبح  بنظرهم (الخطر الإيراني) أخطر من (الخطر الصهيوني)، بل يتحدثون عن ضرورة وأهمية قيام  تحالف عربي -صهيوني أمريكي غربي استعماري، لمواجهة النفوذ الإيراني ومواجهة ما يطلقون عليه (وكلاء إيران) في المنطقة من العراق إلى سوريا ولبنان وفلسطين وصولا لصنعاء ويطلقون على هذا الامتداد الجغرافي بمحور (الإرهاب أو محور الشر)، لأن كل من يقف ضد العدو الصهيوني وضد الاستعمار الأمريكي -العربي هو إرهابي وشرير وعدو للإنسانية، والمقاومة الفلسطينية بنظرهم التي تقاوم الاحتلال هي (مقاومة إرهابية) وتؤيد غالبية الأنظمة العربية الإسلامية هذه التهم طمعا في إرضاء أمريكا والصهاينة مقابل الحصول على فتات من المساعدات الأمريكية -الغربية مع أن هذه الأنظمة للأسف عاجزة عن إطعام شعوبها أو توفير الخدمات الأساسية لهم مثل المياه والكهرباء والعمل وتوفير رغيف الخبز، بما فيها الأنظمة النفطية التي تمتلئ شوارعها بالمتسولين ..!
أدرك يقينا أن غالبية الشعوب العربية الصامتة والعاجزة عن التعبير عن مشاعرها تجاه جرائم الإبادة في فلسطين خوفا من بطش حكامها وأنظمتها، هي في قرارة نفسها تلعن حكامها وأنظمتها وتحتقرهم وتزدري كل ممارساتهم الخيانية..!
إن الأمة العربية والإسلامية شهدت طوابير من حكام الخيانة وأنظمة العهر الارتهان عبر التاريخ، لكنها لم تشهد أحقر من خونة اليوم، وإن كان خونة الأمس برروا خيانتهم بالعجز والجهل وعدم امتلاك القدرات، فإن خونة اليوم يمتلكون الوعي وكل القدرات التي تجعلهم على الأقل يعبرون بصدق عن رفضهم لما يجري وإن بالتصريحات  والإدانات التي تعودناها من خونة الأمس، وعجز خونة اليوم عن القيام بمثلها، لقد فشل خونة اليوم حتى في الاقتداء بأسلافهم من خونة الأمس، ففي مصر أم الدنيا يقف على رأسها من هو أكثر سوءا من اسلافه، ومثله في الأردن، والسعودية والإمارات وبقية المكونات العربية التي يحكمها خونة وعملاء لم يشهد تاريخ الأمة لهم مثيلا..!
لم يطلب أحد من هذه الأنظمة حشد جيوشها ولا تقديم المال والسلاح للمقاومة، بل كان كل ما نرجوا منها أن تحذوا حذو أنظمة مثل نظام جنوب أفريقيا أو نظام كوبا وكولومبيا وفنزويلا، ويكفي أننا لم نسمع عن نظام عربي أو إسلامي تجرأ وانضم للمحكمة الدولية إلى جانب دولة جنوب أفريقيا، وهكذا بحد ذاته دليل على خيانة وارتهان هذه الأنظمة التي انصاعت لأوامر نتنياهو الذي طالبها بالصمت فصمتت صمت أهل المقابر..!
لذا نقول ودون أن نخوض في معرفة القلوب وما فيها إن كل موقف يقف مع الشعب الفلسطيني داعم لقضيته من قبل أي قبل كان هو موقف نحني له الهامات ونؤيده ونعتز ونتفاخر به، ونلعن ويلعن التاريخ كل متخاذل ومتفرج لما يجري بحق هذا الشعب، وكل اللعنات لأولئك الذين يتحدثون عن مساومة إيقاف العدوان مقابل التطبيع مع العدو المجرم، فكل مطبع بعد هذا الإجرام الصهيوني هو صهيوني لا صلة له لا بالعروبة ولا بالإسلام ولا ينتمي للإنسانية.

مقالات مشابهة

  • اليوم العالمي لمواقع التواصل الاجتماعي.. تأثير دائم على حياتنا الرقمية
  • كيف نقرأ واقع المجتمعات الإنسانية؟
  • كورسيرا 2024.. مصر تحقق قفزة هائلة في التعليم الرقمي والذكاء الاصطناعي
  • 72 % متوسط أداء المؤسسات الحكومية في التحول الرقمي عام 2023
  • باسيل: أهم ما في التيار هو الإنسان وكرامته
  • 9 مؤسسات حكومية على مستوى “أخضر” في التحول الرقمي؛ هل مؤسستك ضمنها؟
  • حملة إسرائيلية – أمريكية للضغط على حزب الله… ما الهدف منها؟
  • فلسطين.. بين خيانة القريب ومؤامرة البعيد..!
  • احذر من الرطوبة تؤثر على العضلات.. طرق الوقاية منها
  • «نهال» تصنع ديكورات وهدايا مميزة من الورق للأطفال.. «مش هترميه تاني»