لجريدة عمان:
2024-12-26@14:53:56 GMT

قراءة القصيدة

تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT

ربما يبدو عنوان هذا المقال غير مألوف لدى الكثير من القرَّاء؛ لأننا نضع القصيدة تحت جنس العمل الفني، بينما القصيدة تنتمي إلى الأدب؛ ولذلك فإن المألوف هو استخدام كلمتي الفن والأدب متضايفتين، وهذا يعني أننا لا نتحدث عن جنس واحد وإنما عن جنسين، ولكن هذا التصور ينطوي على خطأ في فهم طبيعة الأدب من حيث هو فن من الفنون الجميلة (كالقصيدة والرواية والمسرحية، إلخ).

والواقع إننا عندما نستخدم عادةً تعبير «الفنون والآداب»، فسبب ذلك أن مفهوم الآداب يتسع كثيرًا بحيث يشمل كتابات لا تشكل بطبيعتها عملًا فنيًّا، ولكن ذلك لا يعني استبعاد الأدب من دائرة الفن، فنحن عندما نستخدم كلمة «الأدب» تحديدًا، لا كلمة «الآداب» على إطلاقها، فإننا نعني بذلك الأدب من حيث هو فن من الفنون الجميلة.

ولذلك فإننا نجد الفيلسوف الكبير رومان إنجاردن Roman Ingarden يتخذ تعبير «العمل الفني الأدبي» عنوانًا لأحد كتبه المهمة والأساسية في مجال الجماليات.

السؤال الآن: كيف نقرأ القصيدة باعتبارها عملًا فنيًّا؟

ما ينبغي أن يلاحظه القارئ أولًا هو أن هناك عناصر أولية بنيوية يتألف منها كل عمل فني، منها: أن هناك موضوعًا ما، ومعنى أو دلالة ما، ومظهرًا حسيًا فنيًا يتبدى فيه الموضوع والمعني.

هذا المظهر الفني هو منوط الاختلاف بين الفنون من حيث هي أنواع؛ وعلى الرغم من التداخل الشديد بين الفنون عمومًا، فإنه يظل لكل فن شروطه الأولية التي يختص بها، وهذا ينطبق على العمل الأدبي أيضًا. وفيما يلي يمكن أن أسوق بعض الملاحظات التي يمكن أن يراعيها القارئ في اقترابه من قراءة قصيدة ما:

* إن المتعة بقراءة القصيدة ينبغي أن تتأسس على مدى وفاء القصيدة بمتطلباتها الأساسية، وأولها اللغة: ففي الشعر تتجلى ماهية اللغة وقدراتها البلاغية في التعبير عن الحياة والوجود بوجه عام. وعلى هذا، ينبغي أن يتبدى في القصيدة أولًا قدرة الشاعر على امتلاك ناصية اللغة، بحيث يبدو كما لو يتحدث بلغة خاصة قادرة على إظهار إمكانيات اللغة ذاتها، أو لنقل: كما لو كان ينطق بصوته الخاص بعضًا من قدرات اللغة ذاتها وصوتياتها.

* إن القصيدة التي تلتزم الأوزان والقوافي، ينبغي أن تلتزم بشروطهما الفنية والجمالية: مهمة الأوزان سهلة، ولكن كسر الوزن هو خطأ بالغ في الشعر، يلاحظه كل شاعر مكين مثلما يلاحظه كل من له حس سمعي جمالي؛ ولذلك فإن غياب هذا الشرط يعكر صفو المتعة الجمالية على الفور، تمامًا مثلما نسمع فجأة في أداء العازف صوت «نشاز» يخالف الصوت المدوَّن في النوتة الموسيقية.

* أما القافية، فوضعها في الشعر أكثر تعقيدًا، فالشعر المقفَّى ليس مجرد المحافظة على قوافٍ تتكرر عبر نهايات أبيات الشعر؛ بل إن هذه المحافظة قد تكون إمارة على ضعف الشعر وفقره، عندما تصبح هذه المحافظة هي أولوية عند الشاعر، وربما يحتاج ذلك إلى شيء من التفصيل والإيضاح: عندما تصبح مسألة الحفاظ على القافية أولوية عند الشاعر، فإن هذا يعني أنه يشرع في بناء قصيدته وعينه على كيفية تكرار القافية في كل بيت؛ ولذلك تأتي قوافيه مفتعلة، فالشاعر هنا يأتي بكلمات معينة تتوافق قافيتها مع قافية الكلمات التي تسبقها في نهايات الأبيات، وهي كلمات تبدو مفتعلة بحيث يمكن أن نستبدلها بغيرها ما دامت تنتهي بالقافية نفسها؛ فليست هناك عندئذ أي علاقة ضرورية بين الكلمة والقافية! مثل هذا الشاعر ينتمي إلى من ينطبق عليهم وصف شوبنهاور لهم بأنهم «شعراء القافية»؛ لأنه يبحث عن الكلمة من أجل القافية! الشاعر هنا يكون ضعيفًا ولا ينتمي إلى الشعراء الحقيقيين: فالشاعر الحقيقي تأتيه كلماته مقفَّاة من خلال عملية لا يمكن تبريرها إلا من خلال الموهبة والإلهام الشعري؛ ولهذا تبدو القافية مباطنة في الكلمة ذاتها بوصفها جزءًا ضروريًّا منها، ولهذا أيضًا تبدو كلماته كما لو كانت تقتضي بطبيعتها هذه القافية بطريقة لا تصنُّع ولا افتعال فيها. وهذا الموطن من الشعر الذي يمتاز فيه الغث من الثمين هو ما ينبغي أن يضعه القارئ في حسبانه عندما يُقبِل على قراءة الشعر أو الاستماع إليه.

* وفي كل الأحوال، أعني: في لغة كل شعر -مثلما هو الحال في لغة كل فن- ينبغي أن نرى حالة من اللامباشرة التي تتحقق من خلال الإيحاء أو الإيماء الذي يحمل معناه ودلالته في الإيماءة نفسها (كما يقول ميرلوبونتي).

وهذه اللامباشرة تتجلى في الشعر على وجه الخصوص من خلال المجاز والتخييل. وهذا ما ينبغي أن يهتم به القارئ الذي يريد أن يرتقي بذائقته الشعرية.

وعلى هذا كله، فليس المهم في الشعر هو موضوعه الذي تدور حوله القصيدة، وإنما المهم هو معالجة الموضوع بطريقة شعرية: فقد يتغنى شاعر بالفضيلة أو بالمدائح النبوية على سبيل المثال، ولكن شعره قد يكون ضعيفًا فقيرًا. ذلك أن موضوعات الشعر بلا نهاية، والوجود كله ملك للشاعر يتغنى به كيف يشاء، فهو يتغنى بالملذَّات مثلما يتغنى بالتصوف، ولكنه في كل الحالات ينبغي أن يكون شاعرًا أولًا.

د. سعيد توفيق أستاذ علم الجمال والفلسفة المعاصرة بجامعة القاهرة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: ینبغی أن فی الشعر من خلال

إقرأ أيضاً:

مفاجأة.. علاج جديد محتمل للصلع الوراثي

شمسان بوست / متابعات: 

في وقت سابق من هذا العام، توصل العلماء إلى علاج جديد محتمل للصلع الوراثي، وهو السبب الأكثر شيوعًا لتساقط الشعر لدى الرجال والنساء في جميع أنحاء العالم.

كانت بداية الخيط هي البحث عن السكر، الذي يتواجد بشكل طبيعي في الجسم ويساعد في تكوين الحمض النووي، تحديدًا الجزء “ديوكسي ريبوز” من حمض ديوكسي ريبونوكليك، بحسب ما نشره موقع Science Alert.

تجارب لشفاء الجروح
أثناء دراسة كيفية شفاء هذه السكريات من جروح الفئران عند تطبيقها موضعياً، لاحظ العلماء في جامعتي شيفيلد وكومساتس في باكستان أن الفراء حول الآفات كان ينمو مرة أخرى بشكل أسرع من الفئران غير المعالجة.

وفي دراسة نشرت في يونيو، أخذ العلماء فئرانًا ذكورًا تعاني من تساقط الشعر الناتج عن هرمون التستوستيرون، وأزالوا الفراء من ظهورهم. كل يوم، قام الباحثون بمسح جرعة صغيرة من هلام السكر ديوكسيريبوز على الجلد المكشوف، وفي غضون أسابيع، أظهر الفراء في هذه المنطقة نموًا قويًا، حيث أنبت شعرًا فرديًا طويلًا وسميكًا.

كان جل ديوكسي ريبوز فعالاً للغاية، واكتشف فريق الباحثين أنه يعمل بنفس فعالية المينوكسيديل، وهو علاج موضعي لتساقط الشعر معروف بالاسم التجاري “ريغين”.

وقالت مهندسة الأنسجة شيلا ماكنيل من جامعة شيفيلد: “يشير البحث [الجديد] إلى أن الإجابة على علاج تساقط الشعر ربما تكون بسيطة مثل استخدام سكر ديوكسيريبوز الموجود بشكل طبيعي لزيادة تدفق الدم إلى بصيلات الشعر لتشجيع نمو الشعر”.

الصلع الوراثي للرجال والنساء
إن الصلع الوراثي، أو الثعلبة الأندروجينية، هو حالة طبيعية ناجمة عن الوراثة ومستويات الهرمونات والشيخوخة، ويظهر بشكل مختلف عند الذكور والإناث.

ويؤثر هذا الاضطراب على ما يصل إلى 40% من البشر، ومع ذلك وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA على عقارين فقط لعلاج هذه الحالة حتى الآن.

العلاجات الحالية
في حين أن المينوكسيديل الذي لا يستلزم وصفة طبية يمكن أن يعمل على إبطاء تساقط الشعر وتعزيز بعض النمو، إلا أنه لا يعمل مع جميع أولئك الذين يعانون من تساقط الشعر.

إذا لم يكن المينوكسيديل فعالا، فيمكن للمرضى الذكور اللجوء إلى فيناسترايد، وهو دواء عن طريق الفم يحافظ على تدفق هرمون التستوستيرون عبر الجسم. يجب الحصول عليه بوصفة طبيب ولم تتم الموافقة عليه بعد للمرضى الإناث.

آثار جانبية
يمكن أن يبطئ فيناسترايد تساقط الشعر لدى حوالي 80 إلى 90% من المرضى الذكور، ولكن يجب تناوله بشكل مستمر بمجرد البدء به. يمكن أن يرتبط الدواء بآثار جانبية غير مرغوب فيها، وأحياناً شديدة، مثل ضعف الانتصاب وألم في الخصية أو الثدي وانخفاض الرغبة الجنسية والاكتئاب.

كتبت ماكنيل وزملاؤها، بقيادة باحث المواد الحيوية محمد أنجوم من جامعة كومساتس، في ورقتهم البحثية المنشورة في دورية Frontiers in Pharmaacology: “إن علاج الثعلبة الأندروجينية لا يزال يمثل تحديًا”.

قام الباحثون بتصميم هلام غير سام قابل للتحلل بيولوجيًا مصنوع من ديوكسيريبوز، ثم طبق العلاج على نماذج من الفئران المصابة بالصلع الذكوري. تم اختبار المينوكسيديل أيضًا على نماذج من الفئران الصلعاء، وتلقت بعض الحيوانات جرعة من هلام السكر والمينوكسيديل كإجراء جيد.

نمو شعر بنسبة 90%
بالمقارنة مع الفئران التي تلقت هلامًا بدون أي دواء، فإن تلك التي تلقت هلامًا يحتوي على سكر الديوكسي ريبوز بدأت في إنبات بصيلات شعر جديدة.

عزز كل من المينوكسيديل وهلام السكر إعادة نمو الشعر بنسبة 80 إلى 90% لدى الفئران المصابة بالصلع الذكوري. ولكن لم يؤدي الجمع بين العلاجات إلى إحداث فرق كبير. وقالت ماكنيل: “إن البحث (الجديد) في مرحلة مبكرة للغاية، ولكن النتائج واعدة وتتطلب المزيد من التحقيق”.

مقالات مشابهة

  • مفاجأة.. علاج جديد محتمل للصلع الوراثي
  • خطوات عمل بروتين الشعر بالصور .. ونصائح قبله
  • السيّاب..ستّون عاما من الغياب
  • تحديات تواجه اللغة العربية في عصر الذكاء الاصطناعي.. قراءة
  • رحلة الشاعر إلى أسرار الشعر: القصيدة كطائرة ورقية
  • «لا ينظرون إليه كما ينبغي».. صلاح يواجه أزمة كبيرة في تجديد عقده مع ليفربول
  • أزمة لصناع المحتوى.. يوتيوب تشن حملة على الفيديوهات التي تحمل عناوين مثيرة للانتباه
  • رحيل السيَاب رائد الشعر الحر في مثل هذا اليوم
  • برلين: تركيا لا ينبغي أن تعلن الحرب على قوات سوريا الديمقراطية
  • ما ينبغي