على مدار ثلاث سنوات اقترن فيها عملى بركوب الطائرات بشكل شبه منتظم، مع أصدقاء جمعنى بهم لطيف القدر، كان ركوب الطائرة بالنسبة إلى يمثل أمراً ممتعاً، ففى كل مرة أصعد فيها على متن طائرة أحرص فى المقام الأول أن يكون مقعدى مطلاً على النافذة قبيل منتصف الطائرة، كى يتسنى لى رؤية العالم من فوق السحاب فى مشهد يجعلك تشعر بحرية مطلقة؛ حتى إن كانت هذه الحرية لمدة ساعات قليلة، لكن أحد الأصدقاء كان له رأى آخر، فقد كان يعانى من رهاب ركوب الطائرات، وفى كل مرة تهبط بنا الطائرة ترتابه علامات الذعر والتوتر بشكل يدفعنى إلى ممازحته فى محاولة منى لتخفيف حدة توتره، ومع ذلك لم يكن الأمر يسلم فى بعض الأحيان من أن يتسلل توتر صديقى إلى قلبى فى بعض رحلاتنا.
وبالرغم من أن تقرير الاتحاد الدولى للنقل الجوى يشير إلى أن خطر الوفاة فى عام ٢٠٢٢ لم يتجاوز ٠.١١ %، أى أن الشخص سيحتاج إلى القيام برحلة جوية كل يوم ولمدة ٢٥.٢١٤ سنة ليتعرض لحادث مميت بنسبة ١٠٠٪، وقد انخفض هذا المعدل إلى ٠.٠٣ % بنهاية عام ٢٠٢٣.
ومع ذلك فقد دفعنى توتر صديقى إلى التفكير فى أنه من المحتمل ألا تسير الأمور كما تتمناها على ارتفاع ١٠ آلاف متر فوق سطح الأرض، ومن ثم فإن القرارات التى تتخذها قد تعنى الحياة أو الموت بالنسبة لك.
إن ٩٥ ٪ من حوادث تحطم الطائرات تنتهى بأشخاص بقوا على قيد الحياة، ومن ثم فمع احتمال حدوث الأسوأ، فليست احتمالية بقائك على قيد الحياة بالقليلة كما تتصور، فبإمكانك أن تتعلم كيف تُحضّر نفسك للرحلة بطريقة صحيحة، وكيف تحافظ على هدوء أعصابك خلال وقوع الطائرة، وتبقى على قيد الحياة فيما بعد.
فى البداية عليك أن تجلس فى مؤخرة الطائرة؛ إذ ترتفع نسبة النجاة للركاب الذين يجلسون فى مؤخرة الطائرة بأربعين بالمائة مقابل الركاب الذين يجلسون فى أولها فى حال وقوع أى طارئ، ثم عد المقاعد التى تحيل بينك وبين باب الخروج الاضطرارى، وابحث عن الباب الأقرب لك وعد المقاعد التى بينك وبينه، ففى حال سقوط الطائرة، قد يكون الجو معبأ بالدخان، أو صاخباً، وقد يسود الإرباك الطائرة، فإذا كنت تريد النجاة، قد تضطر إلى تحسس الطريق إلى الخروج الاضطرارى.
أبقِ حزام الأمان مربوطًا طوال فترة الرحلة، وقدّر الموقف جيداً، وحاول أن تتنبأ بأى سطح سوف تقع الطائرة لكى تبدأ بتجهيز نفسك وفقًا لذلك. وأخيراً حضّر نفسك للاصطدام بقدر المستطاع، واحمِ نفسك من خلال المقعد الموجود أمامك، إذا كان المقعد الأمامى قريباً منك.
وفى النهاية إن حالفك الحظ ليكون مقعدك فى الطائرة مجاوراً لصديق لك يعانى من رهاب ركوب الطائرات، فسوف تستمتع بمشاهدة ردود فعل هزلية من الطراز الأول، تجعلك ترى صديقك هذا كما لم تره من قبل!
أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب
جامعة المنصورة
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: د أحمد عثمان جامعة المنصورة متن طائرة الحرية علامات الذعر فوق السحاب أحد الأصدقاء
إقرأ أيضاً:
هل تنجح في اعتراض المسيّرات اليمنية.. إسرائيل تفعّل منظومة الطائرات المسيرة
الجديد برس|
أعلنت وزارة حرب الاحتلال الاسرائيلي إكمال سلسلة تجارب لاعتراض الطائرات المسيّرة .
وقالت الوزارة الصهيونية أن 9 شركات قدمت 20 منظومة اعتراض للطائرات المسيّرة وبعضها دخلت بالفعل في تجارب تشغيلية .
وذكرت صحيفة معاريف العبرية، أنه سيتم تشغيل أنظمة اعتراض الطائرات المسيّرة على “الحدود” كمظلة “دفاع جوي” للقوات وحماية المنشآت الاستراتيجية، وفق وزارة حرب الاحتلال.