- تشجيع إصدارات السندات الخضراء وزيادة دورها في المشروعات الخضراء وصناعات الهيدروجين

- دعم تحول مختلف القطاعات نحو التوافق مع المعايير البيئية والمجتمعية لتسريع الوصول للحياد الصفري الكربوني

انطلاقا مما حققته من مؤشرات إيجابية واستقرار ملموس في الوضعين المالي والاقتصادي، تخطو سلطنة عمان فعليا نحو التقدم في تحقيق مستهدفاتها للاستدامة المالية والاقتصادية، وخلال الفترة الماضية، اكتسبت جهود الاستدامة زخما كبيرا من العديد من المبادرات التي تربط بشكل وثيق ما بين مستهدفات الاستدامة ماليا واقتصاديا، وكان من أهم هذه المبادرات إصدار أول إطار مستدام للتمويل السيادي، وإطلاق البرنامج الوطني للاستدامة المالية.

ومن خلال برنامج " استدامة"، الذي يعد امتدادا لنجاح تنفيذ الخطة المالية متوسطة المدى، ترتبط مستهدفات السياسات المالية وتوجهات التنويع عبر ما يتيحه البرنامج من فتح مجال لدور أوسع للقطاع المالي وبورصة مسقط في تمويل المشروعات الاستراتيجية ومشروعات ريادة الأعمال وتعزيز تواجد الشركات الناشئة في بيئة الأعمال.

ومن جانب آخر، يأتي إصدار أول إطار عمل للتمويل السيادي المستدام كإحدى الأدوات المهمة لتحقيق الاستدامة بمختلف جوانبها المالية والاقتصادية والبيئية والاجتماعية، ويتيح هذا الإطار العديد من وسائل التمويل المستدامة، مع مرونة في تنوع إصدارات أدوات الدين ما بين القروض أو السندات أو الصكوك، وهو ما يمكّن من جذب شريحة من المستثمرين المهتمين بالتمويل المستدام للمشروعات التي تلبي معايير الاهتمام بالبعدين البيئي والاجتماعي.

التنمية المستدامة

ويعد هذا الإطار للتمويل المستدام داعما للعديد من توجهات التنمية المستدامة منها اجتذاب الاستثمارات الجديدة لقطاعات التنويع الاقتصادي، وتوسعة آفاق تمويل صناعات الهيدروجين الأخضر، وتسريع تحقيق مستهدف سلطنة عمان للوصول للحياد الصفري الكربوني بحلول عام 2050، إضافة إلى تعزيز التقدم الذي وصلت إليه سلطنة عمان في تنفيذ الأهداف الأممية للتنمية المستدامة 2030.

يعد التمويل المستدام هي الخدمات والإصدارات المالية التي تراعي الأبعاد البيئية والمجتمعية، ولذلك فهو ركيزة مهمة لتوازن النمو وتحقيق الاستدامة المالية والاقتصادية، وتهتم الحكومات بهذا التمويل نظرا لدوره في دعم النمو على أسس مستدامة، كما أصبح التمويل المستدام محورا لاهتمام متزايد من قبل المستثمرين وشركات القطاع الخاص، سعيا منهم لزيادة مساهماتهم المجتمعية وتقديم دور فعّال في جهود العالم لتقليص الانبعاثات الضارة والحد من تغيرات المناخ، ولذلك أصبحت مراعاة البيئة والمسؤولية المجتمعية عوامل تؤخذ بعين الاعتبار عند اتخاذ قرارات الاستثمار، ويتضمن ذلك قضايا التغيرات المناخية والحد من التلوث والحفاظ على شراكة وعلاقة مثمرة بين شركات القطاع الخاص والمجتمعات المحلية، ووضع مستهدفات وأولويات التنمية ضمن استراتيجيات النمو لشركات القطاع الخاص.

مواكبة التحولات

وضمن أولويات التنمية المستدامة في "رؤية عمان 2040"، فخلال الأعوام الأخيرة، نجحت سلطنة عمان في مواكبة التحولات التي تشهدها أسواق الطاقة الدولية وتسعى لأكبر استفادة من الفرص التي يتيحها هذا التحول، وتوجهت بشكل حثيث نحو تشجيع الصناعات الخضراء واجتذبت بالفعل مشروعات مهمة لصناعات الهيدروجين الأخضر، ويمهد إصدار الإطار السيادي للتمويل لتنظيم وتشجيع إصدارات السندات الخضراء وغيرها من وسائل تمويل المشروعات التي تتوافق مع مستهدفات رؤية عمان المستقبلية نحو التنويع والاستدامة والرفاه الاجتماعي.

وبينما تعد كلفة التحول نحو الاقتصاد الأخضر أحد المحددات المهمة في سرعة أو عرقلة تنفيذ مستهدفات الحياد الصفري، تتكامل عديد من الجهود الحكومية لتسريع هذا الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر، ومن بينها الدراسة الاستشارية الجارية حاليا من قبل وزارة الاقتصاد حول العوائد والتكلفة الاقتصادية والفرص الاستثمارية التي يمكن أن يحققها التحول للاقتصاد الأخضر خاصة في قطاعات الطاقة والصناعة والمواصلات وطرق تمويلها، وفرص سلطنة عمان لتعزيز مكانتها الدولية في أسواق الاستثمارات الخضراء.

وفي إطار مستهدفات هذه الدراسة، يمكن أن تلعب السندات الخضراء دورا كبيرا في تمويل المشروعات الخضراء وصناعات الهيدروجين الأخضر، كما تعزز السندات الخضراء بشكل عام من إمكانيات تمويل التحول المستهدف في مختلف القطاعات نحو التوافق مع المعايير البيئة ومستهدفات الوصول للحياد الصفري الكربوني بحلول عام 2050.

السندات الخضراء

وشهدت إصدارات السندات الخضراء ارتفاعا كبيرا خلال السنوات الماضية في مختلف أنحاء العالم، والتي تتوجه لتمويل مشروعات مجتمعية وخضراء، وتشير بيانات مؤسسة بلومبرج لأسواق رأس المال إلى أن سوق الإصدارات السنوية الخضراء والمستدامة ارتفعت عالميا إلى 939 مليون دولار خلال عام 2023، بنسبة زيادة 3% مقارنة مع عام 2022، وحسب تقديرات صندوق النقد العربي، تجاوز إجمالي إصدارات السندات الخضراء في المنطقة العربية 6.8 مليار دولار خلال 2023، بزيادة قدرها 40 بالمائة عن عام 2022.

ويعني هذا الإقبال على إصدارات السندات الخضراء وجود فرصة جيدة لسلطنة عمان في اجتذاب حصة جيدة من هذه النوعية المبتكرة من وسائل تمويل النمو المستدام، واستثمار ما أحرزته من استقرار مالي وارتفاع في التصنيف الائتماني وتحسن في بيئة الأعمال في اجتذاب استثمارات نوعية جديدة وتحفيز الاستثمار في المشروعات المتوافقة مع المستهدفات الوطنية البيئية والمجتمعية، خاصة وقد وجدت مبادرة التمويل السيادي المستدام بداية جيدة مع قيام وكالة موديز لخدمات المستثمرين في بداية هذا العام بمنح تقييم بدرجة جودة جيدة جدا لإطار عمل التمويل السيادي المستدام.

وساهم ارتفاع النفط خلال السنوات الماضية وما صاحبه من إجراءات لضبط المالية العامة وتعزيز المركز المالي للدولة في تحول جذري للوضع المالي لسلطنة عمان، حيث قادت التوجيهات السامية السديدة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله- الوضع المالي للتحسن والاستقرار الملموس والاستفادة من عائدات النفط الإضافية في سرعة سداد الدين العام، كما حققت سلطنة عمان خلال السنوات الثلاثة الماضية تقدما مماثلا في دعم التعافي الاقتصادي ووضع الناتج المحلي على طريق النمو مدعوما بقوة أداء القطاعات غير النفطية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المالیة والاقتصادیة التمویل المستدام سلطنة عمان

إقرأ أيضاً:

سلطنة عمان وبيلاروس.. مساعٍ لتوسيع الشراكات وتعزيز العلاقات الثنائية

تسعى سلطنة عُمان وجمهورية بيلاروس إلى توسيع نطاق الشراكات وتعزيز العلاقات الثنائية والروابط الاقتصادية والسياسية والثقافية بين البلدين الصديقين.

وتعد زيارة فخامة الرئيس ألكسندر لوكاشينكو رئيس جمهورية بيلاروس إلى سلطنة عُمان ولقاؤه حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ امتدادًا لتطلعات البلدين وخطوة مهمة في تعزيز ودفع الشراكات في مختلف المجالات، خاصة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية.

ويعكس تبادل الزيارات الرسمیة على المستوى القیادي الحرصَ على تطویر وتعزیز العلاقات الثنائیة، حیث قام دولة رومان غولو فتشینكو، رئیس الوزراء البیلاروسي بزیارة إلى سلطنة عُمان في أكتوبر الماضي، تم خلالها عقد لقاءات رفیعة المستوى مع عددٍ من المسؤولين، كما التقى عددًا من رجال الأعمال العمانیین، حیث تمت مناقشة فرص التعاون الاقتصادیة والاستثماریة بین البلدین، وتوقیع عدد من مذكرات التفاھم.

كما قام معالي وزیر تنظیم مكافحة الاحتكار والتجارة البیلاروسي بزیارة سلطنة عُمان في أغسطس الماضي، وذلك لعقد منتدى للأعمال، والتوقیع على مذكرة تفاھم بین غرفة تجارة وصناعة عُمان والمركز الوطني للتسویق ودراسة الأسعار في بیلاروس، والتوقیع على مذكرة تفاھم بین الشركة العُمانیة الوطنیة للھندسة والاستثمار (أونك) وشركة ھاي تك بارك بیلاروس في مجال تكنولوجیا المعلومات والاتصالات والتقنیات العالیة.

وقال سعادة السفير حمود بن سالم آل تويه سفير سلطنة عُمان لدى روسيا الاتحادية وغير المقيم لدى جمهورية بيلاروس في تصريح خاص لوكالة الأنباء العُمانية: سيُناقش الجانبان خلال الزيارة سبل تعزيز العلاقات الثنائية وتبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية الراهنة.

وأضاف سعادته أن هذه الزيارة ستُسهم في توسيع مجالات التعاون الاقتصادي بين البلدين، سواء من خلال زيادة التبادل التجاري أو الاستثمار في القطاعات الاستراتيجية مثل الطاقة المتجددة، والهيدروجين الأخضر، والصناعات الثقيلة، والتكنولوجيا.

وأوضح سعادته أن جمهورية بيلاروس تتمتع بقدرة تنافسية في صناعة الآلات الثقيلة والتكنولوجيا، وهو ما يتوافق مع الاهتمامات الاقتصادية لسلطنة عُمان في تطوير بنية أساسية قوية ومتقدمة بما يُمكّن من فتح أسواق جديدة للمنتجات العُمانية في بيلاروس، إلى جانب توفير التسويق للمنتجات البيلاروسية في الأسواق العُمانية.

ولفت سعادته إلى أن البلدين وقّعا على العديد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات في مختلف المجالات، منها: اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار، واتفاقية التعاون الاقتصادي والتجاري، ومذكرة تفاهم للمشاورات السياسية بين البلدين، واتفاقية تجنب الازدواج الضريبي، واتفاقية التعاون بين الغرف التجارية في البلدين، واتفاقيات حول التعاون التجاري والاقتصادي والحماية المتبادلة للاستثمارات والإلغاء المتبادل للتأشيرات لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية والخاصة والرسمية، ومذكرات تفاهم بين وزارات الخارجية والعدل والتعليم والثقافة وغرف التجارة والصناعة، كما تم توقيع اتفاقية النقل الجوي بين حكومة جمهورية بيلاروس وحكومة سلطنة عُمان، بالإضافة إلى اتفاقيات ومذكرات تفاهم أخرى.

وبيّن سعادته أن الجانبين يتطلعان إلى رفد مجالات السياحة في البلدين برؤى جديدة تدفع إلى الترويج للمقومات والإمكانات السياحية التي تتمتع بها سلطنة عُمان وجمهورية بيلاروس.

ويشهد البلدان تعاونًا في المجال الثقافي والأكاديمي، حيث وقَّعا على عقد إعارة لتنظیم معرض مؤقت مع المتحف التاریخي الوطني وتدشین معرض بیلاروس"على مفترق طرق التواصل الحضاري" في عام 2018م بمسقط، وفي المقابل، تم تدشین معرض وفعالیات "یوم عُمان" في عام 2019م في بيلاروس. كما أُقيمت فعالیات الأسبوع الثقافي البیلاروسي في عام 2020م بمسقط.

الجدير بالذكر أن العلاقات الدبلوماسية بين سلطنة عُمان وجمهورية بيلاروس قد تأسست في 23 يوليو 1992م، حيث قام رئيس جمهورية بيلاروس بزيارة رسمية إلى سلطنة عُمان في أبريل 2007م، كما كانت هناك زيارات متبادلة بين الجانبين سواء على المستوى البرلماني أو السياسي، بالإضافة إلى الجولات الأخرى للمشاورات السياسية التي تُعقد بشكل دوري في البلدين.

مقالات مشابهة

  • عُمان وبيلاروس.. التحولات العالمية تفرض شراكات جديدة
  • برنامج "الملاعب الخضراء" من بنك مسقط يواصل تحقيق النجاحات في دعم الفرق الأهلية الرياضية
  • مي عبدالحميد: الانتهاء من تنفيذ ٦٠% من وحدات مبادرة العمارة الخضراء ضمن المبادرة الرئاسية "سكن لكل المصريين"
  • أميركا تطلب من عُمان طرد الحوثيين من أراضيها
  • عُمان تشهد حراكا دبلوماسيا واقتصاديا كبيرا
  • النجد.. سلة الاكتفاء الغذائي في سلطنة عمان
  • رئيس جمهورية بيلاروس يصل سلطنة عمان
  • سلطنة عمان تتبنى تقنيات متقدمة لاحتجاز الكربون
  • سلطنة عمان وبيلاروس.. مساعٍ لتوسيع الشراكات وتعزيز العلاقات الثنائية
  • "الإسكان" تعقد ورشة العمل الأولى للجنة العليا للطرق الخضراء بالمدن الجديدة لتطبيق معايير الاستدامة