تحل اليوم ذكرى رحيل الكاتب الكبير الراحل يوسف إدريس، 1 أغسطس 1991. أبوالقصة القصيرة العربية وواحد مِن أهم الكُتاب والروائيين العرب، لذا لقب ﺑـ «تشيخوف العرب»، نسبة إِلى الأَديبِ الروسِى الكبِيرِ «أنطون تشيخوف»، وقد تحول أكثر من عمل له إلى عمل سينمائى ومسرحى، ومنها: «الحرام» «والعيب» «حادثة شرف»، و«النداهة»، وله إسهاماته، منها كتاب «نحو مسرح عربى»، ومن أبرز أعماله المسرحية «الفرافير» و«المهزلة الأرضية» و«المخططين» وغيرها.

ونقدم هنا إطلالة سريعة على سيرته ومسيرته وبعض من أعماله الهامة

أخبار متعلقة

«ملكة».. «قنبلة» يوسف إدريس شديدة الانفجار

عن قصة يوسف إدريس.. «صلة» يعود من جديد على مسرح الطليعة اليوم

غلاف الكتاب

وهو مولود في 19 مايو 1927م بمحافظة الشرقية، وتربى بالقرية مع جدته حتى سن الثامنة، ونظرًا لعمل والده في استصلاح الأراضى ولتنقله بين المحافظات فتنقل معه، بدأ محاولاته في الكتابة منذ الصغر، وبعد تعليمه الثانوى التحق بكلية الطب جامعة القاهرة في 1946. وبعد تخرجه عمل في القصر العينى منذ عام 1951م إلى عام 1961م، وكان أن حاول أن يسلك طريق الطب النفسى منذ عام 1956، ولكنه استصعب الأمر. وكان ليوسف إدريس العديد من السفريات، رغم أنها لأغراض أدبية، إلا أن لها فضلا كبيرا عليه وعلى بناء شخصيته وعلى أدبياته فيما بعد.. وفى سنوات دراسته بكلية الطب اشترك في مظاهرات كثيرة ضد المستعمرين البريطانيين، وفى 1951 صار السكرتير التنفيذى للجنة الدفاع عند الطلبة، ثم سكرتيراً للجنة الطلبة. وبهذه الصفة نشر مجلات ثورية وسجن وأبعد عن الدراسة عدة أشهر، ثم ظهرت أولى محاولاته القصصية بجريدة المصرى وروز اليوسف، وفى 1954 ظهرت مجموعته أرخص الليالى، ثم مجموعته «العسكرى الأسود» فكتب عنه عميد الأدب العربى طه حسين يقول: «أجد فيه من المتعة والقوة ودقة الحس ورقة الذوق وصدق الملاحظة وبراعة الأداء مثلما وجدت في كتابه الأول (أرخص ليالى) على تعمق للحياة وفقه لدقائقها وتسجيل صارم لما يحدث فيها».

غلاف الكتاب

ثم عمل محررا بالجمهورية، 1960، ثم كاتب بجريدة الأهرام 1973 حتى عام 1982، وفى عام 1961 انضم إلى المناضلين الجزائريين في الجبال وحارب في معارك استقلالهم ستة أشهر وأصيب بجرح وأهداه الجزائريون وساماً إعراباً عن تقديرهم لجهوده، وعاد إلى مصر ليواصل مسيرته الصحفية والأدبية، وفى عام 1963 حصل على وسام الجمهورية، إلا أن النجاح والتقدير لم يخلّصه من انشغاله بالقضايا السياسية، وظل مثابراً على التعبير عن رأيه بصراحة، ونشر في 1969 المخططين، منتقداً فيها النكسة والمتسبب فيها ومنعت المسرحية، وإن ظلت قصصه القصيرة ومسرحياته غير السياسية تنشر في القاهرة، وفى بيروت عام 1972، اختفى من الساحة العامة، على إثر تعليقات له علنية ضد الوضع السياسى في عصر السادات، ولم يعد للظهور إلا بعد حرب أكتوبر 1973، عندما أصبح من كبار كتّاب جريدة الأهرام. وقد حصل على العديد من الجوائز لإسهامه الأدبى، وبخاصة في مجال القصة القصيرة، ومن أشهرها: وسام الجزائر عام 1961م، نظرًا لمساهمته في ثورة الجزائر المُسلحة. نال وسام الجمهورية مرتين (1963م -1967م). نال وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1980م.

غلاف الكتاب

ولم يقتصر إبداعه على القصة القصيرة لتمتد ثورته الإبداعية للرواية والمسرح. لقد صنع إدريس بما ألَّفه مدرسة مختلِفة وتجرِبة جدِيدة اتّبعه فِيها الكثِير، مستخدِما بَراعتَه في اللّغةِ ليَعبر عن قطاعات مختلِفةً مِنَ المجتمعِ الِمصرى وقدم خلال حياته عددا من المسرحيات، أبرزها «الفرافير» و«المهزلة الأرضية» و«اللحظة الحرجة» و«المخططين» و«البهلوان»، وغيرها.

أما «الفرافير»، فقد أخرجها الراحل كرم مطاوع عام 1964 للمسرح القومى، تدور أحداث المسرحية عن الصراع بين الأسياد والعبيد داخل المجتمع، وتناقش ضرورة وجود الطبقات المختلفة لتحقيق التكامل في المجتمع، لكن دون استعباد طرف لآخر، تعد مسرحية الفرافير- مما لا شك فيه- إحدى العلامات الفكرية في عالم المسرح العربى الحديث.

يوسف إدريس

أما مسرحية «المخططين»، فقد أبدع في هذه المسرحية، حيث تناول فيها شرارة الثورة والثوار، وذلك في فترة مهمة من تاريخ السياسة المصرية. وقد تناول إدريس في هذه المسرحية الفترة الزمنية في تاريخ مصر، وخاصة بعد نكسة 1967م، وذلك في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وقد كان لإدريس تاريخ طويل في نقد سياسات الحقبة الناصرية، مما أدى إلى منع عرض المسرحية على خشبة المسرح.

يُعد يوسف إدريس من أفضل من تطرقوا إلى القضايا الاجتماعية والسياسية والفكرية، حيث مزج الفصحى بالعامية في قصصه القصيرة، فكانت قريبة للقارئ مملوءة بالحياة.. فنجد في رواية «الحرام» التي قد يصحّ اعتبارها واحدة من أعظم عشر روايات كتبت في اللغة العربية، لتتبوّأ مكانة راقية بين أهم مئة رواية عربية، بحسب تصنيف اتحاد الكتّاب العرب. كما اعتبر النقاد والسينمائيون الفيلم «فيلم فاتن حمامة» الذي اقتبسه عنها واحداً من أهم مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية.

وفى قراءة لرواية «الحرام» نجد أنها نموذج مثالى للكشف عن زاوية تميز رؤيته ومقاصده الفكرية التي تنحاز إلى الفقراء والفئات الاجتماعية المهمّشة، وبخاصة فئة الفلاّحين، الذين عانوا من ظلم واضطهاد لا مثيل لهما في زمن الملَكية والباشوات. وهذا فضلاً عن أسلوبه وجملة التقنيات التي وظّفها في رائعته تلك، وذلك من خلال بيان أن الحرام الذي وقعت فيه بطلة القصة يندرج في دائرة حرام أكبر يقوم به أهل البلد الفقراء مع عمال التراحيل الذين هم أفقر منهم، فهو الحرام الحقيقى.

وفى «أرخص ليالى» نقف على نماذج لشرائحِ المجتمعِ المِصْرى، الذي تَجمعُهُ الهمومُ والمشكلاتُ ذاتُها.‎ مغرقة في الواقعية المصرية في العصر القديم، وزمن يوسف إدريس وما قبله. يتميز بتقديم عدد كبير متنوع من الشخصيات التي تبدو بسيطة في مظهرها وإن كان المضمون الذي يريد توصيله أعمق بكثير من بساطة شخصياته، كما نجد إدريس يفصل بين الليالى الرخيصة والباهظة، معلّلاً الانحدار السحيق الذي وصل إليه اقتصاد مصر بسبب الإنجاب الكثيف الذي أدّى إلى انفجار هائل في عدد السكان.

ومما يذكر أيضا أن عمله الذي يحمل عنوان «سره الباتع»، فقد تمت ترجمته إلى مسلسل رمضانى عام 2023، وقد نشرت لأول مرة عام 1958 ضمن مجموعة قصصية بعنوان «حادثة شرف». وقد تناولت الحديث عن الواقع وعصر الاحتلال الفرنسى في مصر، وتحمل الكثير من الرموز الوطنية، وأبرزها السلطان حامد، وتدور أحداث الرواية حول الشاب الذي يبحث عن سر مقام «السلطان حامد» الموجود في إحدى قرى الريف المصرى، ويقوده البحث عن اللغز إلى وقت الحملة الفرنسية على مصر.

وفى قصة «لغة الآى آى» التي صدرت لأول مرة سنة 1965. فقد استوحى قصصها من معايشته- كطبيب- وهى مجموعةٌ قصصية بطلُها الألم، تَروى تجارب إنسانية متكرِّرة نُعايشها باستمرار، ولكن انخراطنا فيها يجعلنا نَغفل عن الجانب الإنسانى الذي استطاع «يوسف إدريس» أن يُسلِّط الضوء عليه بمهارة فائقة. وفى قصة «لغة الآى آى» تَصطدم بجرعةٍ مكثَّفة من الألم، تعيش فيها كلَّ صرخة نابعة من أعماق «فهمى» المريض بالسرطان، فيَقشعرُّ جسدك، ويَنتابك ذُعر لا يتمكَّن من وصفه إلا «إدريس» الذي كتب مجموعتَه بقلمِ الوجَع. يهيمن على المجموعة العذاب والشقاء والشكوك والعزلة والخيانة والغضب. صحيح أن عديداً من نهايات القصص تُصوَّر مفعمة بسمات الأمل والانتصار وتحقيق البعد الإنسانى. كما أن الحكمة العامة في المجموعة متفائلة وملتزمة. لكن قبل الوصول إلى تلك النهايات لا بد من أن يتعذب القارئ ويعانى آلام الشخصيات ومحنها. كما لا تخلو «لغة الآى آى» من الصرخات ومرادفاتها. صرخة الغضب. الصرخة المكتومة. صرخة الكبت الطويل. عواءات الغيرة، وعويلها. ثمة حتى زعيق الماضى وعواؤه كما في قصة «صاحب مصر». وهناك أيضاً «الصوت الحاد واللافح» وصراخ الليل الذي يوقظ الجيران.

أما عن «الجنس والسياسة» فهو ثنائى تجلى في غير عمل من أعماله، ويقدم لنا الدكتور غالى شكرى في كتابه «أزمة الجنس في القصة العربية» تلخيصًا موجزًا لقصة «العيب»، التي تتناول الخطيئة كثمرة أنضجتها أوضاع المجتمع الخاصة في «المدينة»، فتاة تعمل في إحدى المصالح الحكومية، تفاجأ بجوٍّ موبوء عماده الرشوة وفساد الذمم بين زملائها من الموظفين، ويثور ضميرها وتحاول أن تبقى نظيفة، ولا تتيح لهذا الجوِّ الملوث أن يمتد إلى وجودها النفسى، مهما تعددت وسائل الإغراء. وتصمد الفتاة فترة من الزمن أمام العروض المغرية من أحد زملائها الموظفين، بأن تتنازل عن ضميرها- ولو مرة- وتنضم إلى الزمرة الفاسدة. تصمد على الرغم من الوضع المؤلم الذي تعرَّض له شقيقها في المدرسة، حين لم يستطع أن يواصل الدراسة عجزًا عن سداد المصروفات. ومع ذلك فإن صمودها لم يستطع أن يصمد حتى النهاية: موقف أخيها من ناحية، وإغراء المال من ناحيةٍ أخرى، وعين الذئب التي كانت تخدرها من ناحيةٍ ثالثة، وتشتهيها كأنثى ناضجة. وأخيرًا تسقط «سناء» أمام ضغط الحاجة وبريق الذهب. ولقد اكتفى يوسف إدريس في تعبيره الوجدانى عن هذه المرحلة، بأن القديم ما يزال قويًّا وأنه يستطيع أن يغتال الجديد.

يوسف إدريس ذكرى رحيل الكاتب الكبير الراحل يوسف إدريس

المصدر: المصري اليوم

كلمات دلالية: زي النهاردة شكاوى المواطنين يوسف إدريس زي النهاردة

إقرأ أيضاً:

رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس يعود من جنيف بعد غياب اثار جدلا ويصدر توجيهات مهمة

متابعات تاق برس- عاد رئيس الوزراء السوداني د. كامل ادريس إلى مقر الحكومة السودانية في بورتسودان بعد رحلة الى سوسيرا وغياب اثار جدلا في الاوساط السودانية

 

 

وقال مجلس الوزراء في بيان حسب وكالة السودان للأنباء  “سونا” إن ادريس عاد من رحلة عمل ناجحة الى جنيف تتعلق بالأمن القومي السوداني والقضايا الدولية الملحة بما فيها ملف السلام والشؤون الإنسانية والوضع في الفاشر.

 

وفي شأن ذي صله، بحث الوزير حسب بيان الوكالة الرسمية مع عدد من المسؤولين الإقتصاديين ملفات تتعلق بإعادة الإعمار والتنمية والمشاريع الكبرى في السودان.

في سياق اخر وجه رئيس الوزراء بشطب بلاغات دونتها الحكومة  في مواجهة بعض الصحفيين خلال الفترة الأخيرة بينهم الصحفي عزمي عبد الرازق الذي كتب عن غياب رئيس الوزراء كامل إدريس والبلاد تواجه قضايا سياسية وامنية تتطلب وجوده ومطالبته بالبحث عن بديل وانتقادات وجهها الصحفي عزمي لمستشار رئيس الوزراء محمد محمد خير ما دفع لتدوين بلاغ في مواجهته.

 

وأكد ادريس حرص الحكومة علي حرية الصحافة

وشدد كامل إدريس رئيس الوزراء علي أهمية التكاتف الوطني والانتباه الي دقة المرحلة الراهنة التي تتطلب التماسك الوطني وبلوغ الغايات في معركة الكرامة و إنهاء التمرد وسلامة التراب الوطني ، ونوه الي اهمية الدور الذي يلعبه الاعلام وما يقوم به الصحف

 

يون تجاه وطنهم وما يقومون به من واجب .
وقال “” الجميع سواسية في الدفاع عن بلدهم وحماية اهله وترابه”” ، واضاف لقد لعب الاعلام دوره كاملاً برغم الظروف القاسية التي عاشتها قطاعات الشعب السوداني كله ومن بينها العاملين في مجال الاعلام والصحافة.

 

واشار رئيس الوزراء لدي لقائه الصادق الرزيقي رئيس الاتحاد العام للصحفيين فجر اليوم في طريق عودته للبلاد ، عن حرص الحكومة علي إصلاح بيئة العمل الإعلامي والصحفي وتهيئة الظروف الملائمة لممارسة صحفية راشدة تتيح الحرية الكاملة لوسائل الإعلام وإزالة كل القيود التي تعيق تطبيق حق الوصول الى المعلومات كمبدأ لا حياد عنه .

 

ودعا الصحافيين للحوار الجاد حول قضايا الإعلام والصحافة والمجتمع والمساهمة الفاعلة في بلورة رؤية وطنية جامعة تعضد الوفاق الوطني وتحصن الوطن من الانقسامات والتناحر والخلافات .. مع الالتزام بالمعايير والقواعد المهنية .

 

وأكد كامل على حرص الحكومة في مراجعة القوانين المنظمة للعمل الصحفي و معالجة الأوضاع الاجتماعية للعاملين في قطاع الإعلام ، وعودة المؤسسات الإعلامية لأداء مهامها علي أكمل وجه وفق خطة

 

الحكومة في اعادة الإعمار وإصلاح ما خربته الحرب .
وفي هذا السياق اعلن عن ضرورة طي كل الخلافات الناشئة من سوء التفاهم والتوترات الطبيعية بين الجهات الرسمية و بعض الأطراف الإعلامية والصحفية ، ووجه بشطب البلاغات التي قيدت في حق بعض الصحفيين مؤخراً ، واثارت لغطا خلال الايام الفائتة ، وطي هذه الصفحة داعياً الصحفيين الى ممارسة دورهم في دعم معركة الكرامة ومساندة القوات المسلحة و العمل من اجل الوحدة وجمع الصف ومواجهة التحديات الماثلة .

 

من جانبه قال الصادق الرزيقي رئيس الاتحاد ان الصحفيين في قلب المعركة يدافعون بارواحهم ودماءهم عن بلدهم و شعبهم بلا من أو أذي ، وذكر أن الاتحاد بصدد الانخراط في تدابير متنوعة لمعالجة الحالة الصحفية الراهنة و الدفاع عن عضويته ووضع الاطر العامة التي تحافظ علي حرية الصحافة و تعزز المسؤولية لدى الصحفيين وتؤكد التزام بقواعد المهنة وميثاق الشرف الصحفي.

 

وشكر رئيس الوزراء لاستجابته لمبادرة الاتحاد و سرعة توجيهه بشطب البلاغات ضد بعض الزملاء الصحفيين خاصة البلاغ الأخير الذي قيد ضد الصحفي عزمي عبد الرازق .

عزمي عبد الرازقغياب رئيس الوزراءكامل إدريس

مقالات مشابهة

  • أحمد عبد الملك يعلن رحيله عن نادي الداخلية بعد الخسارة أمام القناة
  • كامل إدريس يؤكد استعداد الحكومة للانخراط في أي مسار يوقف الحرب
  • رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس يعود من جنيف بعد غياب اثار جدلا ويصدر توجيهات مهمة
  • السودان: كامل إدريس يعود من جنيف عقب زيارة مثيرة للجدل
  • البنك الأهلي يتمسك ببقاء أسامة فيصل ويرفض رحيله
  • كامل إدريس ومستشاره في مهب الريح
  • قبل موقعة مصر.. غموض حول مصير مدرب الإمارات واقتراب رحيله
  • دعاء الفرج القريب.. أفضل دعوة في سوط الليل تخلصك من هموم الدنيا
  • «كنت عازم النية أني أستمر».. محلل أداء الزمالك يعلن رحيله عن القلعة البيضاء
  • المرة الوحيدة التي بكى فيها تشيزني حارس برشلونة خلال مسيرته الكروية