لا شك أنه في مثل هذه الأيام من عام 1990 وقعت كارثة كبرى ألمت بالأمة العربية وهى غزو العراق للكويت وما حدث فيها من تداعيات خطيرة غيرت الكثير من الأوضاع داخل البيت العربى ومازال يعانى منها حتى الآن، ومن أبرز من تناول هذه الأزمة الكاتب الكبير الراحل محمد حسنين هيكل في كتابه «حرب الخليج.. أوهام القوة والنصر».

أخبار متعلقة

ذاكرة الكتب.. هدى عبدالناصر تنشر أوراقًا خاصة بخط والدها عن ذكريات تأميم قناة السويس

ذاكرة الكتب.. فى ذكراها.. أمين دويدار يسرد كيف وضع النبى خطة الهجرة من مكة إلى المدينة؟

ذاكرة الكتب.. طه حسين يرصد تاريخ الجزيرة العربية فى «مرآة الإسلام»

حيث يناقش الكتاب إحدى الأزمات العنيفة التي وقعت للأمة العربية، وهى أزمة من نوع خاص. فمع تداعى الإمبراطورية السوفيتية والتحولات العنيفة التي كان يشهدها العالم بتهاوى وانهيار المعسكر الاشتراكى تحرك صدام بجيشه صوب الكويت ليفرغ من احتلالها في ساعات، واستيقظ الناس على وضع جديد وخطير، حيث أصبح بيد العراق نصف إنتاج البترول وثلثى احتياطياته في ذلك الوقت!.

يتحدث الأستاذ هيكل عن الأسباب التاريخية والظروف والأجواء التي سبقت الأزمة ومهدت لها ويصفها بأنها كانت «عاطفية بأكثر من اللازم، شخصية بأكثر من اللازم، عسكرية بأكثر من اللازم».

كما يسرد «هيكل» الأخطاء التي وقع بها صناع القرار العراقى والحسابات الخاطئة التي زادت من اشتعال الأزمة، فعالم البارحة يختلف عن اليوم!.

ويكشف الأستاذ هيكل عن تفاصيل الدور الأمريكى في تلك الحرب، وهو دور كان متوقعا على أي حال، فلم يكن بوسع الولايات المتحدة أن تقف مكتوفة الأيدى والبترول العربى- الذي تعتبره كنزا خاصا بها وحدها لا يلمسه أحد- في خطر. فقد استغلت الأزمة إلى أبعد حد واحتكرتها لنفسها وأخذت دور موزع الأدوار، فقد كانت الأزمة فرصة سانحة لتدمير قوة العراق وإبعاد خطره عن المنطقة تمهيدا لوضع شرق أوسطى جديد وتسوية شاملة تناسبها وتناسب إسرائيل في الدرجة الأولى.

يبدأ الكاتب الكبير في وضع الأسباب الأولى لتلك الحرب، التي كانت في نظره مبكرة وواضحة ولم يكن التحرك مفاجئًا؛ فصدام كان خارجًا لتوه من حرب كبيرة مع إيران، وكان أول طرق تعويض تلك الخسائر هو النظر لحسابات أخرى، وبالفعل كنت مناوشاته القديمة مع الكويت بخصوص الحصص البترولية. فقد رأى أن مكسب السيطرة على نحو نصف إنتاج العالم من النفط (العراق والكويت) يستحق المغامرة، وإن كانت كل الحسابات الأولية ليست في صالحه.

رأى الأستاذ هيكل أن من ضمن الأسباب القوية التي دعمت التدخل الأمريكى بتلك الطريقة المباشرة، هي جزء من «العقيدة الأمريكية»، وهى أن يكون لكل رئيس حربه العادلة، لذا نجد حلم الرئيس بوش الأب هو أن تتاح تلك الظروف، ليبدأ حربه العادلة، حتى وإن لم تكن كذلك، فإنه سيبذل مجهودا أمام شعبه لإقناعهم بعدالتها، وأن التدخل الأمريكى ما هو إلا نموذج من صور الانحياز للخير والإنسانية.

ويؤكد هيكل على نقطة مهمة وهى أن عملية الغزو الأولى فجر 2 أغسطس قد حققت أهدافها بشكل كامل من السيطرة على الأماكن الحيوية، والوصول لقلب العاصمة، ولكنه يعتقد أن كل ترتيبات صدّام وقعت أمام مأزق كبير، عندما استطاع أفراد الأسرة الأميرية الحاكمة، التحرك خارج حدود الكويت؛ فلم يتمكن من أحد منهم.

كما يرى الأستاذ أن صدام اعتقد أنه كذلك سيتم استقباله بالورود من الشعب الكويتى، وينظر له نظرة «الفاتح والمخّلص» وأن هناك فجوة بين الشعب وأسرة «الصباح»، لكن ذلك الرهان كان خاسرًا أيضًا.

ويكشف هيكل عن بعض كواليس ما حدث، حيث تلقى الملك فهد بن عبدالعزيز اتصالا عند الفجر يؤكد له هذا التحرك العراقى، ليتصل بدوره بسفيره لدى الكويت والذى أكد له حجم الكارثة، وأن العمليات العسكرية تتم في العمق، وأن هناك خططًا لاحتلال «القصر الأميرى».

ومن الرياض لمدينة برج العرب بالإسكندرية، يتابع هيكل روايته، التي وصلت إليه من مصادر موثوقة لديه كعادته دائما، وكان هناك اتصال هاتفى، على الجانب الأول منه السفير الكويتى بالقاهرة، والجانب الآخر الدكتور مصطفى الفقى، سكرتير الرئيس مبارك للمعلومات، وشرح السفير الوضع بشكل مختصر للفقى، ثم طلب منه إيقاظ الرئيس لهذا الأمر الخطير. ويشير هيكل إلى أن ظن مبارك كان في البداية أن العمليات على المناطق الحدودية وبشكل محدود؛ لكن التأكيدات وصلت إليه بأن قوات صدام في قلب العاصمة.

وذكر الكاتب الراحل أن الحالة كانت فوضوية وتؤكد العجز العربى التامّ في تلك الفترة، وإمكانيات الوصول إلى حل عربى للأزمة تتلاشى، ورغم حالة التشرذم الواضحة في التصويت على مشروع قرار بإدانة الغزو، ظلت جهود مبارك قائمة للوقوف إلى جانب الكويت، ورغم تمادى الغزو العراقى، وإعلان صدام الكويت المحافظة العراقية الـ 19، قرر مبارك إرسال قوات مصرية للدفاع عن الكويت والتصدى للعدوان انطلاقا من اتفاقية الدفاع العربى المشترك فأرسل نحو 40 ألف جندى لنصرة الكويت، وراحت مصر تستعد لإرسال مقدمة إدارية تستطلع أماكن إيواء القوات عندما يجىء وقت تمركزها في السعودية.

ويضيف هيكل: على الجانب الآخر، كان وقع تلك المعلومات على الرئيس بوش في البيت الأبيض في واشنطن، أكثر هدوءا وأقل دهشة من زعماء العرب، فلم تكن هناك حاجة لإيقاظ رئيس أو جنرال؛ إذ تمت العمليات مع الرابعة عصرًا بتوقيت واشنطن، ومن جهة أخرى أكثر واقعية، بينما كان العرب شاغلهم هو احتواء الأزمة قبل شهور، كانت الولايات المتحدة تعد تقريرا استخباراتيا كل ساعتين تقريبًا عن الحشد العسكرى في العراق وجاهزيته.

ورغم أن عملية «عاصفة الصحراء» تمت في 17 يناير 1991، إلا أن خطتها رسمت كما نقل هيكل عن تقرير نشر في صحيفة «واشنطن بوست»، قال إن الترتيب كان قبل ذلك بأكثر من 6 أشهر (يوليو 1990)، وذلك بعد التأكد من أن العملية الأمريكية المقبلة ستكون في الشرق الأوسط وبالتحديد في العراق؛ لذا أتت مناورة بولاية «ساوث كارولينا» كانت الأهداف المخططة هي مقاربة للأهداف العراقية؛ مما أشبه ببروفة لما سيتم بعد ذلك، وإن كانت أهداف المناورة 17 هدفًا قد اختلفت عن الواقع؛ حيث نجحت قوات التحالف في ضرب 700 هدف عراقى.

ويذكر الأستاذ هيكل من أسباب التوتر: «وكان ما قاله الشيخ على خليفة الصباح وزير البترول الكويتى: إن الكويت لا تنوى الالتزام بحصتها المقررة وهى 1037000 برميل في اليوم، وإنها سوف تصر على حصة مقدارها 1350000 برميل في اليوم. وعلقت صحيفة وول ستريت جورنال من جانبها قائلة: إنه في الوقت الحالى تنتج الكويت 1700000 برميلا في اليوم».

ويضيف: «ثم راح الرئيس صدام حسين يشكو للملك فهد من أن الكويتيين يضاربون على الدينار العراقى لخفض سعره، ويشترون كل التحف والنفائس من أسواق بغداد بطريقة مستفزة ومهينة حتى إنهم يحاولون إفساد ماجدات العراق، وأنه سمع عن مشاجرة في ناد ليلى شارك فيها دبلوماسى كويتى قائلا بصوت عال أثناءها: إنه سوف يجىء يوم يستطيع أن يحصل على أي واحدة منهن بعشرة دنانير».

ذاكرة الكتب محمد حسنين هيكل

المصدر: المصري اليوم

كلمات دلالية: زي النهاردة شكاوى المواطنين ذاكرة الكتب زي النهاردة بأکثر من

إقرأ أيضاً:

حكاية عرين الذئب ونجاة هتلر من محاولة اغتيال يرويها نجل حارس نازي

أطلق الزعيم النازي أدولف هتلر على مقر قيادة الحرب الذي اتخذه في بولندا اسم "عرين الذئب". وفي هذا المكان، عاش الفوهرر خلال الفترة من 1940 إلى 1944، ليقود القوات الألمانية أثناء الحرب العالمية الثانية، ويدير المحرقة.

وكانت الحرب العالمية الثانية إحدى أكبر الصراعات العسكرية دموية في التاريخ، إذ أدت إلى مقتل ما يتراوح بين 70 و85 مليون شخص.

يقول نجل حارس نازي، إن أباه وقف عند مدخل مقر قيادة هتلر حارسا منذ نحو 80 عاما، مشيرا إلى أنه حمل رتبة رقيب في وحدة حرس ألمانيا الكبرى، وشملت وظيفته تقديم التحية بنشاط للمشاهير من قادة النازية لدى دخولهم وخروجهم من المقر، مع التحكم الصارم في الزوار الأقل شهرة.

"لم أكن أعلم الكثير عن السنوات التي أمضاها أبي أثناء فترة الحرب، إلى أن جاء ذلك اليوم الذي وقعت أحداثه في عرين الذئب. ثم زاد فضولي لمعرفة ما دار في ذهن أبي وقتذاك، وكيف نجا مما حدث. ومثله في ذلك مثل الكثيرين من أبناء جيله، كان نادرا ما يتحدث عن دكتاتورية النظام النازي" -يقول ابن الحارس النازي لوكالة الأنباء الألمانية-.

غير أن ذلك تغير بعد مرور سنوات عندما كان يشاهد فيلما وثائقيا في التلفاز عن المحاولة الفاشلة لاغتيال هتلر التي قام بها أحد قادة الجيش الألماني يدعى ستاوفنبرغ، "وهي المحاولة التي كان يتحدث عنها أبي بشكل عارض، وقال لي: عشت هذا الحدث في ذلك الحين، ولا تستطيع أن تتخيل ما الذي نتعرض له نحن الحراس".

كلاوس شينك فون ستاوفنبرغ كان شخصية بارزة في محاولة اغتيال هتلر في تموز/يوليو 1944، إذ وضع شحنة متفجرات كان من المفترض أن تقتل الفوهرر، لكنها باءت بالفشل، وكان مصير كل من شاركوا فيها السجن والتعذيب ثم الإعدام.

يقول ابن حارس "عرين الذئب" إن أباه "لم ينطق على الإطلاق إلا ببعض عبارات محدودة، عن واحدة من أكثر الوقائع أهمية في تاريخ ألمانيا الحديث".

يجذب موقع "عرين الذئب" في بولندا 340 ألف زائر كل عام يأتي كثيرون منهم من ألمانيا (وكالة الأنباء الألمانية)

وكان مقر قيادة هتلر في بولندا يعرف باسم "عرين الذئب"، وهو اسم يحمل مضامين كثيرة عن هذا المركز المعني، بتقييم الأوضاع العسكرية للقوات المسلحة الألمانية.

ولعدة عقود ظل مجمع المخبأ الضخم والواسع، المخفي وسط الغابة الكثيفة الأشجار ببلدة كيترسين، الكائنة في المنطقة الشمالية الشرقية من بولندا مهجورا ومنسيا، ومع ذلك أصبح منذ ذلك الحين موقعا للذكرى.

ويرمز موقع مثل "عرين الذئب" لكل من الضحايا والجناة، إذ تقول المعلمة أجنيسكا زدونياك، "تم التركيز هنا على إعادة تقييم مناسبة لهذه الفترة من الزمن".

وقامت الإدارة البولندية لمقر قيادة هتلر، بدقة بإعادة بناء الغرفة التي تحتوي على خرائط الثكنات، حيث حاول ستاوفنبرغ تنفيذ محاولة اغتيال هتلر.

وكان مقر "عرين الذئب" لفترة طويلة بمثابة العاصمة الثانية، للرايخ الثالث إلى جانب برلين.

وبعد أن غزت القوات الألمانية الاتحاد السوفياتي السابق في حزيران/يونيو 1941، أنشأ هتلر مركز قيادته بشكل سريع في إقليم ماسوريا، الكائن فيما كان يعرف وقتذاك باسم بروسيا الشرقية.

ويحتوي مركز القيادة هذا على 50 مخبأ و70 ثكنة لإقامة الحراس وحاشية هتلر، إلى جانب مهبطين للطائرات ومحطة للسكك الحديدية، ومواقع مختلفة للمدفعية المضادة للطائرات.

وأمضى هتلر أكثر من 900 يوم في هذا الموقع، أدار خلالها حملة الإبادة ضد الاتحاد السوفياتي، والقمع الوحشي لانتفاضة وارسو.

وعندما تقدمت القوات السوفياتية تجاه بروسيا الشرقية عام 1945، أعطى أمرا بتسوية المجمع بالأرض.

كان سمك الجدران والأسقف الخرسانية لمخبأ هتلر، يصل إلى 9 أمتار لحماية الشخصيات البارزة في الحركة النازية، مثل هيرمان غورينغ، وكذلك ضيوف الدولة الأجانب مثل الزعيم الإيطالي الفاشي بينيتو موسوليني، والزعيم الروماني أيون أنتونيسكو.

ويجذب موقع "عرين الذئب" 340 ألف زائر كل عام، ويأتي كثيرون منهم من ألمانيا، والذي يدفع معظم الزوار إلى القدوم إلى المكان، الاهتمام الحقيقي والفضول المتأصل لمعرفة وقائع التاريخ.

ومع ذلك، يثير مد اليمين المتطرف مؤخرا في مختلف أنحاء أوروبا، القلق من أن بعض الزوار قد يكونون من الذين انتسبوا حديثا للنازية أو من النازيين السابقين، برغم عدم وضوح الأرقام الدقيقة للمنتمين لهذا الاتجاه.

مقالات مشابهة

  • الطيران المدني: تحويل مسارات الطائرات التابعة لدولة الكويت لتكون في مأمن عن الأحداث التي تشهدها المنطقة
  • العراق يستقبل الوجبة الثانية من العوائل اللبنانية
  • حكومة السوداني:رغم العجز المالي ومديونية العراق التي تجاوت (90) مليار دولار لكننا سنعمر الجنوب اللبناني ونستمر في دعم حزب الله اللباني
  • وزير الإعلام : تصريحات المدعو نصر الله حول مأرب كشفت عن حجم المؤامرة التي كانت تستهدف هذه المحافظة البطلة
  • طلاب الدفعة (26 طب) مارسوا نفس الفوضي التي كانت تحدث في الخرطوم فتم طردهم الى السودان
  • حكاية عرين الذئب ونجاة هتلر من محاولة اغتيال يرويها نجل حارس نازي
  • نائب حسن نصر الله يكشف أسماء القيادات التي كانت مع الأخير ولقيت مصرعها بعملية الاغتيال بضاحية بيروت الجنوبية
  • العوادي: العراق مستمر بدعم لبنان وسيكون له دور بإعادة إعماره
  • الشاوش: تعيين محافظ جديد للمصرف ونائب له جاء استجابةً للظروف الخانقة التي تمر بها البلاد
  • وزير الخارجية يترأس وفد دولة الكويت باجتماع التحالف الدولي ضد داعش في نيويورك