المهرجانات الفنية والثقافة الدولية.. مُحركٌ ترويجيٌ سياحيٌ
تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT
د. خالد بن عبدالوهاب البلوشي
تتنافس الدول فيما بينها لجذب وإقامة أكبر عدد من المهرجانات الفنية والثقافية والتراثية، من خلال منح المنظمين لتلك المهرجانات تسهيلات سياحية متنوعة وأسعار فنادق وتذاكر سفر، والعمل على تسخير كل ما لديها من سبل وإمكانيات لأجل إقناع منظمي تلك المهرجانات باقامتها في دولهم؛ بل يصل الأمر إلى أن تقوم الدولة المضيفة بدفع مبالغ مالية مليونية من أجل جذب تلك المهرجانات، وهي تعلم أن العائد على الاستثمار في هذا القطاع سيعود عليهم أضعافًا مضاعفة.
المعروف أن المهرجانات عبارة عن احتفالات عامة تقيمها الدول أو حتى تستضيفها خلال فترات زمنية محددة إما سنوية أو نصف سنوية في بعض البلدان.
ومعلوم أن العائد دائمًا ما يكون ذي فوائد كبيرة على مجتمعاتها وثقافتها واقتصادها؛ حيث نلاحظ أن بعض الدول يقام بها سنويا ما لا يقل عن 20 مهرجانًا فنيًا موزعًا جغرافيًا على مقاصدها السياحية؛ حيث تعمل تلك المهرجانات على تسويق الدول كمقصد سياحي من خلال إطلاق مسميات المدن أو المقاصد والمعالم السياحية عليها مما يتيح لهذه المقاصد أن ينتشر اسمها في كافة أنحاء العالم. وقد لوحظ أن معظم منظمي المهرجانات الدولية يعطون الأولوية والأفضلية للمدن الساحلية؛ لإقامة تلك المهرجانات عليها، نظرًا للطبيعة والبيئة السياحية النشطة التي تمتاز بها السواحل البحرية، كما إن هذا الأمر يساهم فيه زيادة الاشغال الفندقي للفنادق الواقعة في تلك المدن؛ حيث تمثل دعمًا سريعًا ومربحًا ومعززًا للعجلة الاقتصادية والسياحية، كما إن تلك المهرجانات تعمل على زيادة التبادل الثقافي والفني مع دول العالم، ولها دور كبير في تقوية التواصل فيما بينها ونشر السلام من خلال القوة الناعمة. ثم إن هناك عنصرًا مُهمًا وهو المساهمة في زيادة عدد السياح وزيادة التدفق السياحي للدولة المضيفة، وسلطنة عمان من الدول التي وهبها الله موقعًا جغرافيًا ساحليًا مميزًا، ناهيك عن موقعها الجغرافي الوسطي بين الشرق والغرب؛ مما جعل من الوصول إليها أمرًا سهلًا ويسيرًا.
وخلال تلك المهرجانات والتي غالبا ما تستضيف العديد من المشاهير والفنانين الذين يلعبون دورًا كبيرًا في الترويج للمقصد السياحي المُضِيف وتحسين الصورة الذهنية السياحية لسلطنة عمان كدولة مُضيفة؛ تعدد طرق التعريف بالمهرجان وتؤدي دورًا كبيرًا في تحسين الصورة الذهنية للمقصد السياحي، وسلطنة عمان إحدى المقاصد السياحية الآمنة وتجذب العديد من السياح بسبب تلك الميزة.
إن سلطنة عمان غنية بقلاعها وحصونها الشامخة والتي استطاعت على مر العقود أن تكون نموذجا رائعا لتاريخ سلطنة عمان العريق، ولا شك أن تنويع مفردات الجذب السياحي يمثل عنصرًا أساسيًا يتوجب على كافة الجهات ذات الصلة المشاركة فيه.
نقول ذلك وحضور سلطنة عمان على خارطة المهرجانات الدولية ما زال خجول جدًا، مقارنة بالعديد من دول الجوار والعالم؛ حيث تتهافت الدول على جذب المهرجانات الدولية إليها والعمل على إبراز مقوماتها السياحية من خلالها.
إنَّنا بحاجة إلى أن يكون لسلطنة عمان حضور دولي في استضافة العديد من المهرجانات العالمية ذات البعد الثقافي والفن والتراثي والتاريخي؛ حيث لدينا ما لا يقل عن 200 قلعة وحصن تاريخي شامخ موزعة على كافة أنحاء سلطنة عمان ،ولم يتم استغلالها الاستغلال الأمثل، ولدينا مواقع تاريخية تراثية ونادرًا ما يُقام بها أي فعاليات؛ سواء محلية أو إقليمية أو دولية ذات بعد سياحي أو ثقافي أو فني.
لكن ورغم ذلك.. ما زالت الفرصة متاحة، من خلال العمل على الترويج لهذه المقومات الفريدة من نوعها، وجذب أكبر عدد من المهرجانات الدولية الفنية الثقافية السياحية.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
تجليات ندوة "واقع صناعة النشر في سلطنة عمان" بمعرض الكتاب
شهدت "القاعة الدولية" في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56؛ ندوة تحت عنوان "واقع صناعة النشر في سلطنة عمان"، بمشاركة كل من: الشاعر الدكتور ناصر البدري؛ مؤسس دار "عرب"، والصحفية والباحثة سمية اليعقوبي؛ مؤسس دار "الفلق"، والقاص مازن حبيب؛ صاحب دار "نثر"، وأدار الندوة الأديب خليفة سليمان الزيدي.
وأكد الزيدي؛ أن صناعة النشر في "سلطنة عمان" تمر بتحولات جذرية تعكس تقدم المشهد الثقافي والمعرفي في السلطنة؛ وأشار إلى أن دور النشر العمانية أصبحت محورية في نشر المعرفة وتعزيز الاقتصاد المعرفي، في ظل التحديات التي يواجهها القطاع؛ والتي تتطلب مواكبة المعايير العالمية، خاصة في ظل التحولات الرقمية المتسارعة؛ والتوجه نحو التخصص في مجالات معينة.
من جهته، تناول الدكتور ناصر البدري؛ تاريخ النشر في عمان، مشيرًا إلى دور المطبعة السلطانية في زنجبار كأول محطة مهمة في مجال النشر بالمنطقة؛ وأضاف أن النهضة الحديثة في سلطنة عمان؛ بقيادة السلطان "قابوس"؛ ساهمت بشكل كبير في تطوير دور النشر العمانية، مما جعلها قادرة على المنافسة في الساحة العربية؛ والمساهمة في نشر الأدب العماني عالميًا عبر الترجمة.
كما دعا الدكتور البدري؛ إلى ضرورة تطوير معارض الكتب في العالم العربي، مؤكدًا على أهمية تحويل هذه المعارض من مجرد أسواق لبيع الكتب إلى منصات حقيقية لتبادل العلاقات الثقافية؛ وبناء الشبكات المعرفية بين الكتاب والناشرين.
أما الصحفية والباحثة سمية اليعقوبي؛ فقد أكدت على أن النشر الإلكتروني أصبح جزءًا أساسيًا في المشهد الثقافي المعاصر، وقالت: "التقنيات الحديثة غيّرت تجربة النشر وجعلت الكتب الإلكترونية والرقمية جزءًا لا يتجزأ من عالم المعرفة"؛ وأشارت إلى أن دمج الأبحاث الأكاديمية مع الأدب الحديث؛ وتوجه النشر نحو رقمنة الكتب؛ فتح آفاقًا جديدة أمام الكتاب والناشرين على حد سواء.
من ناحيته، تحدث القاص مازن حبيب؛ عن تأثير التحولات المجتمعية على نوعية الأعمال الأدبية؛ وأوضح أن الأدب أصبح أكثر تنوعًا وديمقراطية، حيث أصبح يعكس اهتمامات الشباب في مجالات متعددة؛ وأن الأدب لم يعد حكراً على النخبة فقط، بل أصبح يتحدث بلغة الشعب ويعكس اهتماماتهم ومشاكلهم.
وفي الختام، دعا المشاركون في الندوة؛ إلى ضرورة استثمار التقنيات الحديثة في صناعة النشر، كما شددوا على أهمية تطوير مفاهيم معارض الكتب؛ لتعزيز صناعة النشر العمانية على الصعيدين الإقليمي والدولي؛ وأكدوا على ضرورة دعم الأصوات الجديدة في الأدب والبحث العلمي لضمان استدامة هذه الصناعة الحيوية.