جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-25@11:31:49 GMT

الوعي والمشروع التنموي

تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT

الوعي والمشروع التنموي

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

لا يمكن أن تنجح المشاريع التنموية والخطط المستقبلية الاستراتيجية دون وجود مشروع توعوي متكامل يرافق إطلاق هذه المشاريع ويتزامن مع مراحلها بشكل متوازي من البداية وحتى النهاية، وهذا أمر ضروري لتحقيق أهداف المشروع الوطني على وجه الخصوص وذلك لعدة أسباب سوف أتطرق إليها في المقال لمحاولة فهم الفلسفة التي تصاحب المشاريع طويلة الأمد.

إن الحملات الإعلامية والتسويقية التي تطلق ضمن حزمة البرامج المرافقة للخطط الاستراتيجية تتعرض لتحديات كبيرة تسبب توقفها في مراحل هامة من المشروع وقد يكون احد اهم هذه الاسباب عدم وجود استراتجية إعلامية خاصة بها وضعف الاهتمام وقصور منهجية تدفق المعلومات إليها واعتقاد المسؤولين أن الوضع مستقر ولا حاجة للمواصلة في المنهجية التوعوية مثلما كان في البداية.

وتكمُن أهمية هذه الحملات في عدة جوانب وربما أهمها تحقيق مبدأ الشراكة بمعناه الصحيح والكامل فلا يمكننا الادعاء بوجود الشراكة الحقيقية دون وجود معرفة كاملة وإحاطة تامة بجوانب الخطة ومراحلها وابعادها والقيمة المضافة التي تقدمها للمجتمع والزمن المتوقع لانجازها وحتى الآثار المترتبة على عدم المضي في تنفيذ الخطة الاستراتيجية من المهم معرفته.

وهناك جانب آخر لا يقل أهمية عن الشراكة وهو مبدأ الرقابة المجتمعية على المشاريع الوطنية، حيث ان افراد المجتمع هم هدف التنمية وغايتها وهم من وضحت هذه الاستراتيجيات من أجلهم لذلك يصبح لزامًا عليهم متابعتها ومراقبة تنفيذها والإلمام بتفاصيلها من البداية إلى النهاية، ولتحقيق مبدأي الشراكة والرقابة لابد من وجود خطة متكاملة تساهم في تحقيق ذلك وتضمن تدفق المعلومات للمواطن بشكل واضح وشفاف بعيد عن المبالغة في ابراز المحسنات وإخفاء المشوهات والبعد عن الذاتية التي تضع الميول والرغبات في الواجهة.

إنَّ المعرفة التي تتوفر للمجتمع حول الخطط والاستراتيجيات المستقبلية هي ضمان نجاح لها وإلمام كل الأفراد بالتوجهات المستقبلية عنصر أساسي من عناصر الخطة وفي مراحل معينة تحتاج الخطط والبرامج إلى التقييم المجتمعي لمعرفة ردود الأفعال المختلفة وقياس تأثيرها على المجتمع وتحديد الأولويات في ضوء المتغيرات الجديدة التي تطرأ مع مرور الوقت خصوصًا أن هذه الخطط تبنى لمراحل زمنية طويلة.

وعندما لا يكون هناك عمل توعوي يناسب العمل الخططي والتنفيذي سوف يكون تأثير ذلك على الوعي العام وسوف نشاهد ردود أفعال سلبية اتجاه كل ما يخص هذه الخطط، وهذا أمر طبيعي وبديهي فقد قيل في الاثر (الإنسان عدو ما يجهل ) ومقاومة التغيير ومساعي الإحباط والتثبيط أمور معتادة في اي مجتمع فما بالك عندما يتعلق الأمر بالمصالح الشخصية التي قد تتضرر من مشروع ما خاصة وان كان ذلك المشروع متعلق بتطوير منظومات عمل سابقة أو وضع حدود لممارسات سابقة.

ربما يرى كثير من المشتغلين في التخطيط الاستراتيجي أن الجوانب المالية هي الاساس الذي يجب اعطاءه الاهتمام الأكبر ومن أجل ذلك يضعون جل تركيزهم على هذه الزاوية وهي بكل تأكيد هامة ولكنها ليست العنصر الاوحد الذي يجب أن يكون محور الاهتمام، فالتسويق الجيد والايمان بالشراكة وحق المجتمع في الرقابة والمتابعة جوانب أساسية في نجاح المشاريع وهي ادوات متى ما استخدمت بشكل صحيح فهي قادرة حتى على خلق مصادر للتمويل فالمشروع الوطني الذي يحقق الشراكة بمعناها الحقيقي عامل جذب لرؤوس الأموال واستثمار ناجح كما تراه الشركات الكبرى وتسعى اليه في سبيل بحثها عن مصالحها الخاصة، لذلك لا يجب الاستهانة بأحد عوامل القوة.

عدم تقبل البعض لأي مشروع تنموي نهضوي، أمر حاصل عادة في كل شعوب العالم، وهذا امر طبيعي وينطبق على جميع المستويات من الاسرة كمجتمع صغير إلى الدول ككيان مجتمعي كبير، وهذا ما يُعرِّفه جوستافو لوبين في كتابه "سيكولوجية الجماهير"؛ حيث يكون التأثير مُتسلسلًا، وتبدو تصرفات المجتمع من خلال التقليد والتأثر بما يصله خصوصًا عندما لا يتم التركيز على قضية خلق الوعي المجتمعي السليم اتجاه اي قضية، ويتم استغلال ذلك من خلال اصحاب المصالح لتوجيه الرأي العام نحو الرفض تحت تأثير المعلومات التي يوفرونها هم لهم، وهنا لا يمكن لوم المجتمع عندما تقف المؤسسات المعنية مكتوفة الأيدي بينما يعمل الآخرون.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ليانغ سوو لي: منفعة متبادلة بين الشركات الصينية والعربية في إطار النمط التنموي الجديد

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تُعقد الدورة الحادية عشرة لمؤتمر رجال الأعمال الصينيين والعرب، والدورة التاسعة لندوة الاستثمارات التابعة لمنتدى التعاون الصيني العربي، في الفترة من 27 إلى 30 أبريل الجاري بمقاطعة هاينان جنوب الصين. 

ويأتي هذا المؤتمر، الذي يضم أكثر من ألف من النخب الحكومية والتجارية من الصين والدول العربية، يأتي في وقت حاسم تتسارع فيه خطوات الصين نحو انفتاح رفيع المستوى، وتعزز فيه جهودها لبناء نمط تنموي جديد.
كما يكتسب المؤتمر أهمية مضاعفة نظرًا لتزامنه مع استعداد منطقة هاينان للتجارة الحرة للدخول في مرحلة الإغلاق الجمركي والتشغيل الكامل، ما يعكس ديناميكية التعاون الاقتصادي بين الصين والدول العربية، ويؤكد أن مبدأ التعاون والمنفعة المتبادلة بات يشكل ركيزة أساسية ومتزايدة الأهمية في العلاقات الدولية.

وقالت  الإعلامية الصينية ليانغ سوولي في ظل إعادة تشكيل سلاسل التوريد العالمية وتسارع وتيرة التعاون الإقليمي، تمضي الصين قدمًا في ترسيخ نمط تنموي جديد يقوم على تعزيز الدورة الاقتصادية المحلية الكبرى، مع تحفيز التفاعل الإيجابي بين الدورتين الاقتصادية المحلية والدولية. 

سوق ضخمة

وأضافت ليانغ أن هذا التوجه يستند  إلى سوق داخلية ضخمة، ويشدد في الوقت نفسه على أهمية الانفتاح الرفيع المستوى لجذب الموارد والعناصر الإنتاجية العالمية. وفي هذا الإطار، يُعد تعميق العلاقات الصينية العربية، خصوصًا على مستوى التعاون بين الشركات، عنصرًا أساسيًا في تفعيل هذا التفاعل المشترك.
وأكدت أن الدول العربية تُعتبر  شريكًا رئيسيًا في مبادرة "الحزام والطريق"، كان يسعى خلال السنوات الأخيرة إلى تحقيق التنويع الاقتصادي عبر تطوير الطاقة المتجددة والصناعات المتقدمة والابتكار التكنولوجي وهي أهداف تلتقي بشكل وثيق مع ما تملكه الصين من قدرات صناعية وتقنية وسوق واسعة. 

وتشير البيانات إلى أن حجم التبادل التجاري بين هاينان ودول الجامعة العربية سجّل نموًا سنويًا تجاوز 30% خلال السنوات الثلاث الماضية، متجاوزًا 240 مليار يوان (حوالي 32.94 مليار دولار أمريكي) في عام 2024، ما يعكس نموذجًا ناجحًا للتعاون بين المناطق الصينية والدول العربية.

مجتمع المصير المشترك

ويعقد المؤتمر تحت شعار "بناء خمسة أسس للتعاون وتسريع بناء مجتمع المصير المشترك"، مع التركيز على التكامل في مجالات الطاقة والتكنولوجيا والسياحة والثقافة والمالية، بهدف رفع التعاون إلى مستويات أشمل وأكثر عمقًا. 

ومن المقرر إصدار "إعلان هايكو"، وإنشاء مكتب تنسيق لغرفة التجارة الصينية العربية المشتركة في هاينان، إلى جانب انضمام أربع مناطق تجارة حرة عربية إلى مبادرة الشراكة العالمية لموانئ التجارة الحرة، وهو ما سيوفر دعامة مؤسسية مستدامة للتعاون بين الجانبين.
وأوضحت ليانغ أنه في الوقت ذاته، تهيئ مزايا الانفتاح المؤسسي في منطقة هاينان للتجارة الحرة بيئة مواتية للغاية لتعاون الشركات الصينية والعربية. فبفضل سياسات مثل "التعريفات الصفرية" و"معدلات الضرائب المنخفضة"، و"النظام الضريبي المبسط"، إضافة إلى آليات التخليص الجمركي السريعة وحرية تدفق البيانات، أصبحت هاينان منصة محورية لربط السوق الصينية بموارد وأسواق الدول العربية. لذا، لا يمثل هذا المؤتمر مجرد منصة لجمع السياسات والموارد، بل يشكل فرصة استراتيجية لتعزيز تكامل هاينان مع الدول العربية وتنشئة تفوقات اقتصادية وتجارية جديدة.
لم يعد التعاون بين الشركات الصينية والعربية محصورًا في مجال الطاقة التقليدية، بل امتد ليشمل الطاقة المتجددة والبنية التحتية الرقمية والصناعات الخضراء. 

مشروعات المدن الذكية

وتشارك شركات صينية كبري  بفعالية في مشاريع المدن الذكية وشبكات النقل الحديثة بالدول العربية، في حين يتسارع دخول الشركات والمستثمرين العرب إلى السوق الصينية، مما يحول التدفق الاستثماري إلى عملية متبادلة تعكس تطور جودة التعاون بين الجانبين.
وتابعت  ليانغ إن جوهر النمط التنموي الجديد في الصين يتمثل في تحقيق توازن ديناميكي رفيع المستوى بين العرض والطلب من خلال ضمان سلاسة وكفاءة الدورة الاقتصادية. وبصفتها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تطلق الصين العنان لإمكانات سوقها الداخلية الضخمة، ما يوفّر فرصًا غير مسبوقة لشركائها العالميين، وعلى رأسهم الدول العربية.

 وأضافت ليانغ أن الصناعات الصينية حاليًا  تشهد تحسنًا في الجودة وارتقاءً في المستوى، إلى جانب توسع "الخروج" في مجالات التكنولوجيا الرقمية والطاقة المتجددة والمعدات المتقدمة، بينما تستمر مناطق مثل هاينان في جذب الاستثمارات الأجنبية بفضل سياسات الانفتاح المؤسسي والتجارة الحرة.
وجددت تأكيدها أنه على أرض هاينان النابضة بالحيوية وروح الإصلاح، تتفتح آفاق جديدة وواعدة للتعاون الصيني العربي. لقد تجاوز الانفتاح الصيني مرحلة "تدفق السلع"، وبدأ في التوجه نحو الاندماج العميق في "القواعد والمعايير والمؤسسات"، وهو تحول تلعب فيه الشركات من كلا الجانبين دورًا محوريًا بصفتها الفاعل الرئيسي في التنفيذ. وبفضل الرؤية الاستراتيجية وروح الابتكار العملي، تكتب هذه الشركات فصلًا جديدًا من المنفعة المتبادلة والفوز المشترك، في سياق التفاعل البنّاء بين الدورتين المحلية والدولية.

 ومع مواصلة تفعيل حوافز السياسات في منطقة هاينان للتجارة الحرة، سيواصل التعاون الصيني العربي توسعه في مجالات أرحب، بما يسهم في ضخ زخم جديد في مسار التعاون بين بلدان الجنوب على مستوى العالم.

مقالات مشابهة

  • محافظ جدة يرعى بعد غدٍ انطلاق فعالية “امشِ 30” لتعزيز الوعي الصحي والمجتمعي
  • خالد الجندي: لازم نلتزم برأي الأزهر في الفتوى العامة التي تمس المجتمع
  • وزيرا التربية والتعليم والثقافة يناقشان الخطط المشتركة
  • ليانغ سوو لي: منفعة متبادلة بين الشركات الصينية والعربية في إطار النمط التنموي الجديد
  • معارض الكتب.. الكلمة التي تبني وطنا
  • مواقع النووي الإيراني تحت عدسة الأقمار الاصطناعية.. صور حديثة تفضح الخطط
  • حزب الوعي: الخطاب الديني الواعي خط دفاع لحماية المجتمع
  • هاني إبراهيم يؤكد على أهمية التفاعل المستمر مع كافة أطراف المجتمع لتحقيق الوعي الكامل
  • مناقشة آليات تنشيط ومتابعة العمل التنموي والتعاوني بالأمانة
  • دائرة الثروة الزراعية بالكامل والوافي تعزز الوعي الغذائي في المجتمع