انعكاسات ضريبة الدخل على الأفراد
تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT
خلفان الطوقي
تكملة لمقالة الاسبوع الماضي بعنوان "قبل تطبيق ضريبة الدخل على الأفراد"، وكثافة الحوارات مع افراد المجتمع ما بعد كتابة تلك المقالة، اكتب هذه المقالة تكملة لما لم يكتب في تلك المقالة.
بالرغم من سرية مسودة قانون ضريبة الدخل على الأفراد، إلّا أن هناك أحاديث متداولة هنا وهناك، وجميع ما يتداول صادم وحسّاس، وإلى أن يتم السماح بتداول هذه المعلومات علانية، ومن باب تبادل الأفكار، وإيصال وجهة النظر إلى متخذي القرار في هذا القانون وغيره، وتوضيح التبعات والانعكاسات إلى المشرعين خاصة لهذا القانون الذي سوف يمس كل أفراد المجتمع بشكل مباشر أو غير مباشر، ومن هذا المنطلق نقول ان توقيت هذه الضريبة غير مناسب لهذه الاسباب:
- تاريخيا: ويمكن الرجوع للتاريخ واخذ العبر والدروس، سوء تاريخ عمان أو غيره من تاريخ الأمم.
- القضاء: واقصد الوقت والجهد والمال لتتبع من لا يقر بشرعية الضريبة عليه، أو من ترى الدولة انه مُتهرِّب.
- جذب الاستثمارات: هل توجد دراسة مستقلة تستطيع حساب كلفة إقرار عُمان لهذه الضريبة وتأثيرها على جذب الاستثمارات؟ وهل يتوقع مشروع القانون مدى ارتفاع او انخفاض نسبة ممارسي التجارة والأعمال في عُمان؟ وهل هناك توقعات بتدفق رؤوس أموال ومستثمرين أجانب إلى عُمان؟
- اجتماعيًا: هل مثل هذه الضريبة تُولِّد وظائف جديدة؟ وكيف ذلك؟ أو تزيد من رفاهية افراد المجتمع؟
- الكلفة: تسعى مؤسسات الدولة إلى تخفيض كُلفة الإنتاج، فهل ضريبة الدخل على الأفراد وغيرها من الضرائب السابقة سوف تزيد أو تخفض الكلفة، ويمكن من هو في الميدان أن يجيب على هذا السؤال.
- التعداد السكاني: وصل عدد سكان السلطنة من مواطنين ومقيمين 5 ملايين نسمة فقط، فهل هذا العدد القليل جدًا يُمكن أن يُحدث الفارق المالي المأمول (لك أن تتخيل العدد المستهدف ممن تشملهم الضريبة المقترحة من بين الـ5 ملايين!)، إذ إن التوقعات تشير إلى إيرادات قليلة؟ وهل يمكن ذكر الرقم المتوقع تحصيله لاعضاء مجلس عُمان؟ والكلفة التقريبية للمبالغ التي سوف تخرج وتهرب من الاقتصاد الوطني؟!
- المنظومة الخليجية: فبالرغم من كثافة الفرص الاستثمارية والانتعاش الاقتصادي لمعظم دول الخليج، إلّا أنها لم تفرض هذه الضريبة؛ بل أعلنت عدم نيتها تطبيقها على المدى المنظور.
- التنافسية والجاذبية: هل يُراد أن تكون عُمان في وضع تنافسي مع جيرانها من دول الخليج أما يراد لها عكس ذلك؟ فما هو معروف أن دول الخليج تبتكر المزايا والحزم والتسهيلات المالية والاستثمارية المغرية؟ فهل هذه الضريبة ستكون مُغرية أم مُنفِّرة؟
- اقتصاد الظل: وهناك من يسمونه بالاقتصاد غير الرسمي، الذي لا يكون مرتبطًا بالانظمة المُحاسبية ولا تراه الدولة لأنه غير مسجل في الأنظمة والدفاتر، وهذه الضريبة أثبتت أنها أكثر الضرائب التي تجعل المستهدفين يلجاؤون إلى التهرب الضريبي، وسحب أموالهم من البنوك، أو تنفيذ استثمارات غير مسجلة على الورق!
- نضج الانظمة الضريبية: كما هو معروف أن الثغرات عديدة في المبادرات المالية والمحاسبية، ولا بُد من معالجتها؛ بدلًا من إنهاك الانظمة المحاسبية والبشرية في مبادرات جديدة اكثر تعقيدًا!
- المشاريع العمرانية الجديدة: ومنها مشروع "مدينة السلطان هيثم" ومشاريع "صروح" المنتشرة في مسقط ومحافظات السلطنة، ومشروعات عقارية أخرى مثل: عايدة، والمدينة المستدامة، وغيرها، والتي تستهدف المواطنين والمقيمين والمستثمرين الجدد، فهل يتوقع من يقترحون القانون أن يتوافد عليهم الناس من كل حدب وصوب؟! سؤال لا بُد أن يُجيبوا عليه.
تأثير الضريبة على الاقتصاد الكلي: خاصة وأن جهود الحكومة من خلال البرامج الوطنية تشجع الناس على ممارسة التجارة، وإبقاء الاستثمارات الحالية في عُمان، وجلب المزيد من الاستثمارات الخارجية، ونقل الخبرات البشرية والتقنية إلى السلطنة، وتوليد وظائف جديدة، وإيجاد فرص تجارية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مسقط، وتنمية المحافظات، فهل هذه الضريبة سوف تحقق ذلك؟ أما أن المستهدف هو محاسبي فقط، وليس له علاقة بالاقتصاد الكلي والشمولي؟
هذه بعض التساؤلات العاجلة، ويمكن للدراسات المُستقلة المُتعمقة والمُتخصصة من الأجهزة المعنية، والبنك المركزي العماني، وغرفة تجارة وصناعة عمان، ووزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، ووزارة الاقتصاد، والجمعية الاقتصادية العمانية، وجامعة السلطان قابوس ممثلة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، والاكاديمية السلطانية للإدارة، وكلية الدفاع الوطني، أن يتدارسوا هذا القانون وابعاده المختلفة، واخذ وقتهم الكافي، وأن يساهموا ويساعدوا أعضاء مجلس عمان- بمجلسيه الشورى والدولة- في التصويت على ما يُفيد الاقتصاد الوطني بمعناه الأشمل والأوسع، وبما تنتفع به عُمان وأهلها.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ضريبة النجاح القاسية
لن تنهض شعوبنا العربية والإسلامية إلا إذا صححنا الكثير من المفاهيم الخاطئة، ولن نقف كتف بكتف تجاه الغرب ما دمنا ننظر إلى التعليم والبحث العلمى نظرة قاصرة لاترقى للمنافسة وإثبات الذات، والنظرة القاصرة على أن ميزانيات البحث العلمى نوعا من الترف، تضعه الحكومات والأنظمة داخل ميزانيتها من باب سد الخانات، والإصرار على تسفيه أية مطالبات أو مناقشات فى هذا الصدد.
فى نفس الوقت الذى يفر فيه النوابغ خارج الأوطان، للبحث عن دعم أبحاثهم واختراعاتهم فى الدول الأوروبية بعد أن فشلوا فى إقناع من بيدهم الأمر والنهى فى مشروعات البحث العلمى، والتى غالبا ما يكون بيدهم هذا الأمر هم أعداء النجاح أنفسهم وعدم منح صغار الباحثين الفرصة ليرتقوا فوق رؤسائهم فى ميادين الأبحاث والاختراعات، وياليت الأمر بتوقف على تسفيه أحلام هؤلاء أو الحط من شأنهم، ولكن الأمر بتخطى إلى تشويه صورهم والنيل من طموحهم لأنهم تجرأوا على التفكير والإبداع والابتكار دون مراعاة التسلسل الوظيفى واحترام رؤسائهم فى ميادين البحث اللاعلمى والذى يتوقف على التوقيع على كشوف الحضور والانصراف والبحث عن مقاعد تكفى أعدادهم التى تفوق أعداد المقاعد بالمصلحة أو الإدارة، ولا بأس من مساعدة أصحاب الأفكار التقليدية المتواضعة والذين يسطون على أبحاث من سبقوهم والتعديل فى العناوين والمتون والمحتوى بفضل ثورة الذكاء الاصطناعى الذى بدأ البعض فى استخدامها لعمل رسائل ماجستير أو دكتوراه مفبركة لتوضع بعد ذلك فى ملف صاحبها الذى يحصل من ورائها على علاوة تزيد من راتبه عدة مئات من الجنيهات شهريا ويستمتع بلقب دكتور، دون أن يضيف للمجال الذى يعمل به قدر أنملة، علما بأن هناك دول إسلامية بدأت فى نفض غبار الكسل والروتين والانانية ووضعت أقدامها على الطريق، رغم المضايقات التى واجهتها من بعض الدول الغربية من التضييق وحجب المعلومات واغتيال العلماء والباحثين إن لم يفلحوا فى شرائهم، وقد فقد عالمنا العربي العديد من علمائه مثل سميرة موسى والدكتور مصطفى مشرفة والدكتور سمير نجيب، والدكتور نبيل القلينى والدكتور يحيى المشد والدكتورة سلوى حبيب والدكتورة سامية ميمنى، وغيرهم الكثير والكثير، لذلك ستبقى شعوبنا على هذا الحال إذا لم تلحق بركب الحضارة والبحث العلمى الجاد فى أقرب وقت ممكن، وإلا سيكتب عليها الفناء بإشعال الحروب الحديثة وبناء السدود، واتلاف المزروعات، والمضى فى سياسات التجويع والإفقار، ولنا فى هذه الأيام عظيم الأسوة بما يحاك بشعوبنا المغلوبة على أمرها، والتى لا زالت تظن أن هناك مواثيق ومبادئ دولية تحترم أمام القوة الغاشمة، التى تستخدمها أمريكا أكبر دولة راعية للإرهاب فى العالم.. وللحديث بقية.