العدالة المناخية فى دراسة قانونية لرفع الوعى العام
تاريخ النشر: 1st, August 2023 GMT
فى دراسة قانونية حول منازعات تغير المناخ، كشف المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة، عن إشكاليات هامة أصبحت على رأس التحديات التى تواجه العالم فى العصر الحالى والمشكلة الأكبر عالميًا، وذلك بهدف رفع مستوى الوعى العام بمفهوم العدالة المناخية، ودور مصر الجوهرى فى هذا المجال، وتلافى استغلال العناصر العدائية لأزمة باتت دولية.
أخبار متعلقة
مع ارتفاع درجات الحرارة.. سؤال برلماني حول خطة الحكومة لمواجهة الآثار السلبية لتغير المناخ
باحث بجامعة لندن لـ عمرو أديب: بدأنا عصر الغليان بسبب تغير المناخ والحرارة في ارتفاع (فيديو)
أستاذ بـ«تطبيقيه جامعة بنها» توضح دور الفنون في تحقيق الاستدامة لمواجهة تغير المناخ
يقول الدكتور محمد خفاجى إن تغير المناخ يعد أهم قضية لحقوق الإنسان عالميًا فى القرن الحادى والعشرين، لأنه يؤثر على سبل عيش البشرية وصحة شعوبها، ومن ثم يجب أن ننظر إلى تغير المناخ من منظور حقوق الإنسان والعدالة البيئية،، وهو ما يثير مسؤولية الدول المتقدمة عن أخلاقيات المناخ المسؤولة عن ظاهرة الاحتباس الحرارى حتى يمكن تلافى عدم المساواة بين الأجيال بالنسبة للتغيرات المناخية، ويتعين على قادة العالم أن يبحثوا قضية العدالة بين الأجيال الحالية والأجيال القادمة إزاء تغير المناخ من ناحية، ويجب مساعدة الدول الضعيفة على التكيف مع تغير المناخ من ناحية أخرى.
ويضيف أنه فى أزمة تغير المناخ مسؤولية على الدول الكبرى فى تحمل ديون المناخ، لأن الدول النامية التى تفتقر إلى الأموال لا تملك الإنفاق على تكاليف ما سببته سياسة ونهج وأساليب الدول المتقدمة فى تغير المناخ، فإقامة توربينات الرياح أو بناء دفاعات ضد الفيضانات لا تملكها الدول النامية الفقيرة، وليس من العدالة المناخية أن تكون الدول الغنية فى مأمن من تحمل المسؤولية أو المشاركة أو الإسهام فيما خلفه التقدم التكنولوجى بها لدى الدول الفقيرة، فهى فى الأصل ديون يجب أن تتحملها، تجاه إعادة توزيع الثروة بين البلدان عن طريق التمويل للتخفيف من حدة تغير المناخ والتكيف معه فى ذات الوقت، حيث يحتاج الكثير من الدول النامية إلى إنفاق مبالغ ضخمة من المال على التكيف مع تأثيرات المناخ، مما يتوجب معه التوازن بين تمويل التكيف والتخفيف من حدة تغير المناخ.
وتضيف الدراسة أن هناك أزمات من تغير المناخ، مثل العواصف والفيضانات وموجات الحر، وتأثيرات الظواهر الجوية الحادة، مما سبب الوفيات والخسائر الاقتصادية، وعلى الرغم من أن الاحترار ليس موحدا على كوكب الأرض، فالبلدان القريبة من خط الاستواء معرضة بشكل أكبر لخطر تجاوز حد الاحترار الطبيعى، ولا يغيبن عن البال أن تزداد درجة الحرارة سوءًا بسبب حقيقة مؤلمة أن العديد من الدول النامية لا تملك البنية التحتية للتعامل مع درجات الحرارة القصوى، ولا ريب أن التأثير الأكثر مباشرة لتغير المناخ على الناس هو الإجهاد الحرارى، مع ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية، حيث تتزايد موجات الحر، ووفقا لأحدث الدراسات انتهت إلى أن ثلث الوفيات المرتبطة بالحرارة ناتج عن تغير المناخ، وفى دراسة أخرى وجد أن الاحترار سيؤدى إلى عدم المساواة فى النشاط الاقتصادى.
ويشير المستشار خفاجى إلى أن بعض مناطق العالم تكون غير صالحة للعيش فى ظل الارتفاع الحاد لدرجة حرارة المناخ، ولا ريب أن موجات الحر والفيضانات والجفاف وندرة المياه وغياب الأمن الغذائى تعتبر ضغوطًا إضافية على الشعوب، قد تجبر بعض الناس على مغادرة منازلهم وإلى الهجرة، والهجرة بسبب تغير المناخ تكثر فى الدول النامية الفقيرة وتقل فى الدول الصناعية المتقدمة الثرية، لذا فإن التهجير القسرى للسكان بسبب تغير المناخ يعد حديثًا على القمة من بين قضايا حقوق الإنسان.
وللدلالة على خطورة أزمة تغير المناخ على الهجرة يكفى أن نضرب مثالا ببنجلاديش حيث ورد فى بعض الإحصاءات أن 4.1 مليون شخص قد نزحوا نتيجة الكوارث المناخية فى عام 2019 وهو ما يعادل 2.5٪ من إجمالى السكان، وأضافت تلك الإحصاءات أنه يمكن أن يتشرد 13.3 مليون شخص بسبب تغير المناخ بحلول عام 2050، وستظل نسبة 18٪ من الأراضى الساحلية مغمورة بحلول عام 2080، وفى هذا الإطار أشار تقرير للبنك الدولى لعام 2018 إلى أن تغير المناخ يمكن أن يدفع أكثر من 140 مليون مهاجر داخلى بسبب تغير المناخ بحلول عام 2050، كما خلصت إحدى الدراسات الحديثة إلى أنه من المتوقع أن يؤدى ارتفاع مستوى سطح البحر غير المخفف إلى إعادة تشكيل توزيع السكان فى بعض الدول، مما قد يؤدى إلى الضغط على المناطق غير الساحلية غير المستعدة لاستيعاب هذه الموجة من المهاجرين الساحليين.
وتضيف الدراسة أن أزمة تغير المناخ تؤثر على الأمن العالمى وتؤدى إلى الاضطرابات الاجتماعية، وهذا ما أوضحه برنامج الأمم المتحدة للبيئة حيث ذهب إلى أن تغير المناخ يعد عاملًا مضاعفًا للتهديد وسببًا لزيادة الصراع، ووفقا لما أوضحه هذا البرنامج فإنه عندما تكون المؤسسات والحكومات غير قادرة على إدارة الضغط أو امتصاص صدمات تغير المناخ، فإن المخاطر على استقرار الدول والمجتمعات ستزداد، ذلك أن تغير المناخ هو «التهديد المضاعف» الذى يؤدى إلى تفاقم الأوضاع الهشة بالفعل وربما يساهم فى زيادة التوترات والاضطرابات الاجتماعية.
وأشار خفاجى إلى أن الاتجاه العالمى يشهد تطورًا ملموسًا فى التقاضى بشأن تغير المناخ، حيث يتزايد الاهتمام بالتقاضى المناخى كأداة لتحقيق العدالة المناخية، إذ تتمتع بعض المحاكم فى بعض الدول بصلاحية النظر فى عدم اتخاذ أى إجراء بشأن تغير المناخ على المصالح المحمية قانونًا ومنها حقوق الإنسان، وأيضًا إجراءات الضرر والإزعاج العام، وفى عام 2015، سجلت محكمة لاهور العليا بباكستان، أن تأخر الحكومة فى تنفيذ سياساتها المناخية ينتهك الحقوق الأساسية للمواطنين، تلاها رفع دعاوى مماثلة فى دول بلجيكا والبرازيل وهولندا وألمانيا وبنجلاديش ونيبال خاصة مسألة العدالة بين الأجيال، وأصبح التمسك بحقوق الإنسان الأساسية من ناحية وواجب الدولة فى حمايتها من ناحية أخرى إحدى الاستراتيجيات المهمة فى التقاضى المناخى للتغلب على المعايير القانونية التقليدية فى قضايا المناخ.
وعلى صعيد الواقع العملى فإن المحاكم لا تزال غير قادرة دائمًا على معالجة بعض النتائج غير العادلة لتغير المناخ، بسبب خلو أنظمتها القانونية من تنظيم التقاضى عن قضايا تغير المناخ وتأثيره على المواطنين، وكثير من الأنظمة القانونية على مستوى العالم غير مؤهلة للتعامل مع الهجرة الناجمة عن المناخ، حيث لا توجد معاهدات متعددة الأطراف أو قوانين وطنية تعالج هذه المسألة على وجه الدقة، مما يتطلب تحديث القوانين والتشريعات فى ضوء حقيقة أن تغير المناخ يمثل تحديًا كبيرًا للقرن الحادى والعشرين، ويمكن أن يتطور التقاضى إلى أداة للدول النامية الضعيفة لمحاسبة الدول المتقدمة والشركات التى تعتبرها مسؤولة عن تغير المناخ، ومنها مقاضاة شركات الوقود الأحفورى.
حوادث تغير المناخ أزمة تغير المناخ العدالة المناخيةالمصدر: المصري اليوم
كلمات دلالية: زي النهاردة شكاوى المواطنين حوادث تغير المناخ أزمة تغير المناخ زي النهاردة أزمة تغیر المناخ بسبب تغیر المناخ الدول النامیة من ناحیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
وكيل نيابة الأموال العامة بذمار لـ “الثورة “: نعمل على استعادة المال العام وتطهير القضاء من الفساد
ضرورة تحري الدقة والإنصاف قبل اتخاذ أي إجراءات تمس سمعة القاضي إطالة أمد التقاضي وتقصير الكوادر في تبيُّن الخلل
الثورة/ رشاد الجمالي – ذمار
في ظل توجّهٍ جادٍ نحو محاربة الفساد واستعادة أموال الدولة المنهوبة، باتت نيابة الأموال العامة بمحافظة ذمار تشكل صمّام أمان للمصلحة العامة، من خلال تحريك القضايا المتعثرة لسنوات طويلة، والبت في النزاعات التي عطلت مسار العدالة، وصولاً إلى استصدار أحكام قضائية حاسمة تعيد الأموال إلى خزينة الدولة.
ولتسليط الضوء على هذا الدور الحيوي، كان لـ”الثورة” لقاءٌ خاصٌ مع القاضي إبراهيم محمد أحمد العمدي- وكيل نيابة الأموال العامة بمحافظة ذمار، الذي استهل حديثه بتحية وطنية صادقة، مبتهلًا إلى الله بأن يمنّ على الشعب والقيادة الثورية والسياسية بالخير والنصر المبين، قبل أن يفتح لنا أبواب رؤيته الإصلاحية الجادة في المشهد القضائي:
تزايد ظاهرة الشكاوى الكيدية التي يُقدِم عليها بعض المتقاضين بهدف التشهير بقضاة شرفاء
رؤية إصلاحية
تحدث القاضي العمدي بإسهاب عن الجذور العميقة للاختلالات التي تعاني منها المؤسسة القضائية، مشيرًا إلى أن تقييم هذا الوضع ينطلق من معايشة ميدانية ومسؤولية قرآنية ووظيفية، مستندًا إلى محاضرات السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي التي شكلت بوصلة إصلاحية في مواجهة الفساد.
وأكد أن جوهر الرؤية الإصلاحية يكمن في تشخيص الأسباب الجوهرية التي أدت إلى الاعوجاج في سير العدالة، والبحث عن حلول عملية قابلة للتنفيذ، ضمن خطة متدرجة تراعي ظروف البلد الصعبة في ظل العدوان والحصار، مع اعتماد مبدأ الأولويات في معالجة الاختلالات، لا سيما تلك التي تُلقي بظلالها الثقيلة على الأداء القضائي.
أوجه الخلل
وأشار القاضي العمدي إلى أن أبرز جوانب القصور تتمثل في بطء إجراءات التقاضي وطول أمد القضايا، فضلًا عن انحراف بعض القضاة والموظفين عن أداء واجباتهم بسبب ضعف الوازع الديني أو سوء الاختيار والتعيين أو غياب الرقابة والمحاسبة الحقيقية.
ولم يُغفل القاضي العمدي جانبًا آخر بالغ الأهمية وهو تزايد ظاهرة الشكاوى الكيدية التي يُقدِم عليها بعض المتقاضين سيئي النية بهدف التشهير بقضاة شرفاء معروفين بنزاهتهم.
ولفت القاضي العمدي إلى أهمية توفير الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة بما يتيح للقاضي التفرغ الكامل لمسؤوليته ويصون استقلاله ونزاهته.
كما شدد على أن القضاء ليس مؤسسة خدمية فحسب، بل هو أيضًا جهاز إيرادي يرفد خزينة الدولة برسوم وغرامات ضخمة ويمكن –بل يجب– تخصيص جزء من تلك الإيرادات لتطوير الجهاز القضائي وتحسين أوضاع العاملين فيه.
مقترحات عملية للإصلاح
ووضع القاضي العمدي خارطة طريق واضحة المعالم لإصلاح المؤسسة القضائية تتمثل أبرز ملامحها في:
• تفعيل مبدأ الثواب والعقاب: من خلال حصر القضاة والموظفين الفاسدين في كل محافظة واتخاذ الإجراءات القانونية العاجلة بحقهم مقابل تكريم الكفاءات النزيهة ودعمها ماديًا ومعنويًا.
• تحسين الوضع المعيشي لمنتسبي القضاء: عبر ضمان الرعاية الصحية والتعليمية والاجتماعية لهم ولأسرهم، مما يعزز استقرارهم المهني والنفسي.
• إنشاء شرطة قضائية مستقلة: تتبع القضاء ماليًا وإداريًا لضمان تنفيذ الأحكام وسرعة الإجراءات.
• رفد المحاكم والنيابات بكوادر مؤهلة: اختيار قضاة يتمتعون بالكفاءة والنزاهة ممن تتجسد فيهم مواصفات الحكم العادل، كما رسمها الإمام علي، عليه السلام.
• تبني إجراءات مختصرة وعملية: لتسريع الفصل في القضايا وتنفيذ الأحكام بما يحقق العدالة الناجزة ويرفع معاناة المواطنين.
كلمة أخيرة
وختم القاضي العمدي حديثه بالتأكيد على أن إصلاح القضاء ضرورة وطنية لا تحتمل التأجيل وأن هذا الإصلاح لن يكتمل إلا بتكامل الجهود الرسمية والمجتمعية ومواصلة العمل بروح المسؤولية الإيمانية، مؤكدًا أن القضاء العادل هو عماد الدولة العادلة.