يمانيون:
2024-10-02@04:57:35 GMT

مُخْملُهم أخطرُ من نارهم

تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT

مُخْملُهم أخطرُ من نارهم

يمانيون/ بقلم – عبدالكريم الوشلي

 

عرش الشيطان في واشنطن يرتجف على وقع الانتفاض المدني الحر المناهض للإجرام الإبادي والإفراط في سفك الدم الإنساني البريء في غزة بيد المصاص الصهيوني ورعاية كبراء الإجرام الدولي سدنة ذلك العرش الأسود في البيت الأبيض وعواصم الغرب السلطوي الفاجر..

من بين المؤشرات المهمة للثورة الطلابية المدنية السلمية التي تتصاعد في أمريكا والغرب في وجه الطغيان الدموي الصهيوني المشبوب السعار في غزة والتواطؤِ السلطوي الغربي السافر معه.

. ما يحمل، إلى جانب الفضح المدوي لزيف

وكذب شعارات الغرب ودعاواه المضللة المختلفة، مضامين ثقافية مهمة تفيدنا بانقلاب السحر على الساحر الغربي الذي كانت الثقافة ميدانا أساسيا من ميادين زحوفه العدوانية التدميرية علينا..

ففي التعددية الواسعة لملاعب أولئك الأعداء التي يصوبون فيها على كل ما يتصل بوجودنا كأمة.. تبرز الثقافة واحدا رئيسيا من تلك الملاعب والساحات، التي لا يتوقف العدو عن ارتيادها في هجمته الشيطانية الحاقدة المستمرة علينا، وتوظيفِ كل ما بحوزته من إمكانات ووسائل وأدوات في الفتك بنا والسطو على كل ما هو حق إنساني طبيعي ومشروع لنا..

فكما استطاع هؤلاء الأعداء.. زرع طفيلياتهم السياسية في جسدنا العربي والإسلامي، وتمكنوا عبر هذه الأدوات المسمومة المصطنعة، من إثخاننا بالجراح الغائرة وإغراقنا في مآس لا حدود لها.. اتجهوا، بالمثل، نحو تخليق دمى وفيروسات ومطايا وأحصنة طروادة ثقافية.. مهمتها إطلاق النار والتصويب-بأسلحة الفن والفكر والثقافة الناعمة-على هويتنا وركائز وجودنا الروحية والثقافية..

والمفاعيلُ الخطيرة لهذه الهجمة الحريرية الفتاكة لا تخفى على كل متأمل حصيف.. فما جرى طيلة الفترات الماضية وحتى اليوم، وسيجري غدا بكل تأكيد، من توظيف للأدوات الثقافية المختلفة كالدراما والسينما والصحافة والمسرح وفنون الصورة ، وما استجد من وسائل وآليات وتقنيات وأدوات وصولا إلى الفضاء الكوني المفتوح الذي نعيشه اليوم .. كل ذلك حرص العدو على الزج به في قلب ذخيرته المعتمدة في هجمته المخملية الشرسة والبالغة الخطورة؛ وهذا ما فعله بواسطة وكلائه ومتعهدي حفلاته العدوانية بشقيها: الحريري الناعم هذا، والآخر الخشن والخائض في دماء وأجساد الضحايا كحال ما يجري لأهل غزة اليوم ..

وهنا يحيلنا اللاحظ السياقي إلى ما شهدناه ونشهده من أدوار توظيفية سيئة لعبها الفن المدجن من قبل بعض أنظمة الخليج المتصهينة ومشيخاته المجهرية وتلك الأخرى الدائرة في الفلك الشيطاني الخياني ذاته.. في تسويق فضائح الإنبطاح والترويج لمشاريع العدو المتربص القديمة الجديدة، وأبرزها فاحشة التطبيع مع العدو الصهيوني وتطويعِ الوجدان العربي الإسلامي لتقبل مفاعيل ومخرجات هذه الجريمة المتعددة الأبعاد والمخاطر.. كل ذلك ليس سوى طور جديد من أطوار هذه الهجمة الشيطانية التآمرية الشرسة بشقيها السياسي والثقافي اللذَين يتساوقان مع رديف عدواني عسكري لا يقل حماوة وخبثا وشراسة، والحالُ كذلك اقتصاديا.. وهذا عين ما نتعرض له في غزة وفلسطين وكانت له ومازالت جولات في اليمن وفي سوريا وليبيا والعراق وغيرها والسيلُ في المجرى.. ما يستدعي انتباهه حضارية منا، تفطن إلى عناصر قوتنا الكامنة، وما أكثرها! لتفعيلها والإفادة منها في المواجهة المصيرية المفروضة علينا، مؤمِّنين -بذلك- ضامنةً يعوَّل عليها من ضمانات كسب المواجهة ورسم حدود نتائجها ومآلاتها النهائية لصالحنا بحول الله تعالى.

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

العدو الصهيوني والصور المجازية

يتمتع سائق النفود بمهارات متقدمة وخبرات عالية لا يمتلكها سائق المدينة الذي يتفاخر بالتفحيط في الشوارع والطرقات، ويعتقد أنه سائق موهوب لا يشق له غبار؛ في حين أنه سيتورّط كثيراً لو وضعته مع سيارته وسط النفود.

تتطلّب قيادة السيارة في صحراء الدهناء أو النفود الكبير حيث الكثبان الرملية التي تشبه جبال السروات، مهارات يصعب حصرها في هذا المقال. السرعات العالية لا تنفع هنا؛ وإنما سرعة متوازنة لا إفراط ولا تفريط، وبحسب نوع الطريق الذي أمامه. ليس من المهارة أن تشق عباب الجبل الرملي المرتفع في خط مستقيم، وبسرعة هائلة، وإنما من الأفضل أن تصعده بشكل مائل يتيح لقائد السيارة أن يجسّ نبض الأرض التي يمشي عليها، كما تتيح له في الوقت نفسه، أن يتراجع ويعود أدراجه من حيث أتى عندما يصعب امتطاء صهوة هذا الجبل الرملي، أو عندما تضعف قوة السيارة إلى الدرجة التي تغوص إطاراتها في الرمال، وبالتالي توقّفها، وتعَّريض أصحابها للخطر، خاصة في الأجواء الحارة التي تتميّز بها المملكة صيفاً. سائق النفود يراعي الظروف التي أمامه فيبتعد بخبرته عن الأرض التي تكون فيها الرمال كميناً تمتص عجلات السيارة مهما كانت السيارة تتميّز بالقوة والمتانة، أو من ذوات الدفع الرباعي، كما أنه يتلافى الطرق الوعرة، ويبتعد عن الشجيرات الكبيرة، التي تعيق حركة السيارة، فيتحرّك خلال الرمال بانسيابية ورشاقة، ويتجاوز الهوّة السحيقة التي تكون عادة بين الكثبان الرملية العالية، ويتحرك من خلالها بطريقة حلزونية مدهشة. كلنا نتذكّر المتسابقين الأجانب في مرحلة وادي الدواسر في رالي داكار، عندما علقت تسع مركبات في مكان عميق وسط الكثبان الرملية يُطلق عليه شعبيا ” نقرة”. لم تنفعهم مهاراتهم في النجاة من هذه المصيدة التي التهمت الشاحنة، والسيارة، والدراجات النارية، التي شاركوا فيها. فقط سائق النفود الحقيقي، الذي أمضى وقتاً طويلاً، وتراكمت معرفته، ويتمتع بالحضور الذهني، ومهارات اتخاذ القرارات الصحيحة والمبادرة، هو القادر على النجاة في مثل هذه الظروف. لهذا السبب، أستخدم هذه الصورة المجازية الثرية مع الطلاب وأنصح الواحد منهم أن يكون “سواق نفود” في المدرسة أو الجامعة أو خارجهما؛ بل في سائر حياته. سائق النفود لا يستخدم دليلاً إرشادياً (أو كاتلوج كما يقول عادل إمام) ينقل منه حرفياً كيف يتصرّف. الحياة تتطلب شخصا بمواصفات “سوّاق النفود”، يلفّ بسيارته نحو اليمين، عندما يواجه شجرة كبيرة، أو نحو اليسار، عندما تكون الجهة اليمنى من الطريق وعرة. القرارات تكون بحسب الظروف الطارئة التي تظهر فجأة في الطريق، ولا يمكن توقّعها في مرحلة تخطيط الرحلة.

كانت الفقرة السابقة مثالاً على ثراء الصورة المجازية وفعاليتها في الوصول للمعنى. إسرائيل، على سبيل المثال لا الحصر، تمثّل صورة مجازية مفادها أنها “دولة وظيفية” لا تحمل أي أهمية نابعة من ذاتها. هي، كما يقول عبد الوهاب المسيري الذي يعتبر أفضل دارس عربي لها، مجرد “كلب حراسة” قوي للمصالح الغربية، رأسه في واشنطن، وذيله في القدس، ومن هنا يأتي الحرص على رعايته، أو “عاهرة موانئ” تقتات على ما تكسبه من البحّارة والمسافرين والتجّار الذين يعيشون بشكل مؤقت في هذه الموانئ، أو هي “حاملة طائرات” أمريكية، تؤدي دورا وظيفياً مؤقتاً في منطقة استراتيجية، قد ينتهي بنهاية هذه الوظيفة. لعل هذا يكون قريباً.

khaledalawadh @

مقالات مشابهة