هل يمكن الوثوق بالذكاء الاصطناعي؟.. بحث يكشف قدرات مقلقة في الخداع
تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT
يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي التفوق على البشر في ألعاب الطاولة، وفك تركيب بنية البروتينات، وإجراء محادثة مقبولة، ولكن مع تزايد تطور هذه الأنظمة، ازدادت قدرتها أيضا على الخداع، حسبما جاء في تحذيرات جديدة من باحثين في المجال.
وحدد تحليل أجراه باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، حالات واسعة النطاق لأنظمة الذكاء الاصطناعي التي تقوم بخداع خصومها، والمراوغة، والتظاهر بأنها بشر.
وقال بيتر بارك، الباحث في السلامة الوجودية للذكاء الاصطناعي في معهد ماساتشوستس، ومؤلف البحث: “مع تقدم قدرات الخداع لدى أنظمة الذكاء الاصطناعي، ستزداد حدة المخاطر التي تشكلها على المجتمع”.
وأجرى بارك البحث الجديد بعد أن طورت شركة ميتا، التي تمتلك فيسبوك، برنامجا يسمى “شيشرون” أدى أداء بأفضل من 10 بالمئة من اللاعبين البشر في لعبة استراتيجية بشأن غزو العالم تسمى “الدبلوماسية”.
وعلى الرغم من أن ميتا قالت، إنها دربت برنامجها “شيشرون” ليكون صادقا ومفيدا إلى حد كبير، وألا يخون حلفاءه البشر عمدا أبدا أثناء لعب لعبة استراتيجية تسمى “الدبلوماسية”، إلا أن الباحثين وجدوا أمثلة متعددة على قيام شيشرون بالكذب المتعمد والتآمر ضد اللاعبين الآخرين في اللعبة.
وعلق بيتر بارك، على تصريحات ميتا المتفائلة بشأن برنامجها شيشرون، معتبرا أنها “وردية للغاية”، أي أنها كانت تصور الأمور بشكل إيجابي مبالغ فيه. وأوضح بارك أن هذا الوصف المتفائل كان مشبوها لأن الطعن في الظهر والخيانة تعتبر من المفاهيم الأساسية والمهمة في اللعبة المذكورة.
وتصفح بارك وزملاؤه البيانات المتاحة للجمهور وحددوا حالات متعددة قام فيها شيشرون بالكذب المتعمد، والتواطئ لجذب لاعبين آخرين إلى مؤامرات، وفي إحدى المناسبات، برر غيابه بعد إعادة تشغيله بقوله للاعب آخر: “أنا أتحدث مع صديقتي في الهاتف”.
وقال بارك: “لقد وجدنا أن الذكاء الاصطناعي في ميتا قد تعلم أن يكون سيّدا للخداع”، في إشارة إلى المستوى الذي وصل إليه البرنامج.
ووجد فريق البحث مشاكل مماثلة في أنظمة أخرى، بما في ذلك برنامج بوكر “تكساس هولد إم” الذي يمكنه الخداع ضد اللاعبين البشر المحترفين، ونظام آخر للمفاوضات الاقتصادية الذي قدم تفضيلاته بشكل خاطئ من أجل اكتساب ميزة.
وأظهرت إحدى الدراسات كيف تمكنت كائنات الذكاء الاصطناعي في محاكاة رقمية من خداع اختبارات السلامة عن طريق “التظاهر بالموت” مؤقتا أثناء الاختبار، ثم استئناف نشاطها المكثف بمجرد انتهائه.
وبحسب الغارديان، تسلط هذه التجارب الضوء على التحدي التقني لضمان أن الأنظمة ليس لديها سلوكيات غير مقصودة وغير متوقعة.
وقال بارك: “هذا أمر مقلق للغاية، فمجرد اعتبار نظام الذكاء الاصطناعي آمنا في بيئة الاختبار لا يعني أنه آمن في الواقع. فقد يكون فقط يتظاهر بالأمان في الاختبار”.
وتدعو المراجعة، المنشورة في مجلة “Patterns”، الحكومات إلى تصميم قوانين سلامة الذكاء الاصطناعي التي تتناول احتمالية خداع الذكاء الاصطناعي.
وتشمل المخاطر الناجمة عن أنظمة الذكاء الاصطناعي غير الصادقة الاحتيال، والتلاعب بالانتخابات، و”التضليل” حيث يتم إعطاء المستخدمين المختلفين ردودا مختلفة. وفي نهاية المطاف، إذا كانت هذه الأنظمة قادرة على صقل قدرتها المقلقة على الخداع، فقد يفقد البشر السيطرة عليها، كما تشير الورقة البحثية.
وقال الأستاذ أنتوني كون، أستاذ الاستدلال الآلي في جامعة ليدز ومعهد آلان تورينغ، إن الدراسة جاءت “في الوقت المناسب ومرحب بها”، مضيفا أن هناك تحديا كبيرا في كيفية تحديد السلوكيات المرغوبة وغير المرغوب فيها لأنظمة الذكاء الاصطناعي.
وقال: “الصفات المرغوبة لنظام الذكاء الاصطناعي غالبا ما يشار إليها على أنها الصدق، والمساعدة، وعدم الإيذاء، ولكن كما لوحظ بالفعل في الأدبيات، يمكن لهذه الصفات أن تكون متعارضة مع بعضها البعض: فالصدق قد يؤذي مشاعر شخص ما، أو أن تكون المساعدة مفيدة في الرد على سؤال حول كيفية صنع قنبلة قد يسبب ضررا. لذلك، يمكن أن يكون الخداع في بعض الأحيان خاصية مرغوبة لنظام الذكاء الاصطناعي.
ويدعو المؤلفون إلى إجراء مزيد من البحث حول كيفية التحكم في الصدق، والذي، على الرغم من صعوبته، سيكون خطوة نحو الحد من آثارها الضارة المحتملة”، وفقا للصحيفة.
وقال متحدث باسم ميتا: “كان عملنا شيشرون مشروع بحثيا بحتا وتم تدريب النماذج التي بناها باحثونا فقط للعب لعبة الدبلوماسية.. تشارك ميتا بانتظام نتائج أبحاثنا للتحقق منها وتمكين الآخرين من البناء بمسؤولية استنادا إلى تقدمنا. ليس لدينا أي خطط لاستخدام هذا البحث أو ما تعلمناه في منتجاتنا”.
الحرة
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
نظام مجاني مدعوم بالذكاء الاصطناعي يُشخص مرض ألزهايمر مبكراً
تؤدي عوامل عدة إلى تأخير تشخيص الإصابة بمرض ألزهايمر، أبرزها وصمة العار المتعلقة بالخرف المرتبط بهذا المرض.
في تجربة سريرية واقعية، نُشرت في مجلة JAMA Network Open، أظهر الباحثون أن طريقة رقمية بالكامل تعتمد على الذكاء الاصطناعي للكشف عن الخرف يمكن تطبيقها على نطاق واسع في عيادات الرعاية الأولية دون الحاجة إلى وقت إضافي للأطباء.
في هذه التجربة التي شملت أكثر من 5000 مريض من عيادات الرعاية الأولية، اختبر باحثون، من جامعات ومراكز أميركية عدة، نهجًا مزدوجًا يجمع بين نظام التقييم السريع للخرف، وهو أداة مكونة من 10 أسئلة يجيب عليها المريض، وأداة ذكاء اصطناعي تُسمى "المؤشر الرقمي السلبي".
وقد أدت طريقة الجمع بين هاتين الأداتين إلى زيادة معدل تشخيص حالات ألزهايمر والخرف المرتبط به بنسبة 31% مقارنةً بالرعاية المعتادة. كل ذلك دون الحاجة إلى وقت إضافي من الأطباء أو اختبارات مكلفة.
أداة الذكاء الاصطناعي، التي يجري تطويرها منذ أكثر من 10 سنوات في معهد ريجنستريف بولاية إنديانا الأميركية من قبل الباحث الدكتور مالاز بستاني وفريقه، هي خوارزمية تعلم آلي تستخدم معالجة اللغة الطبيعية لتحليل البيانات من السجلات الصحية الإلكترونية. وتحدد هذه الأداة معلومات مثل مشاكل الذاكرة، والمشاكل الوعائية، وعوامل أخرى مرتبطة بالخرف.
قال الدكتور بستاني، عضو هيئة التدريس في معهد ريجنستريف وكلية الطب بجامعة إنديانا "بناءً على أكثر من 50 عامًا من الابتكار في علوم بيانات الصحة الرقمية والتعلم الآلي، أصبح هذا المؤشر الرقمي السلبي الذي تم تطويره في معهد ريجنستريف متاحًا الآن كمصدر مفتوح".
وأضاف "تماشيًا مع تقليد معهد ريجنستريف في منهجية السجلات الطبية المفتوحة، لا توجد رسوم ترخيص، فقط التكلفة الأساسية لتطبيقه، تمامًا كما هو الحال عند تثبيت أي تطبيق. يمكن لأي نظام رعاية صحية لديه سجل صحي إلكتروني والموظفون المناسبون تنفيذه. إنه مجاني ولا يتطلب أي وقت إضافي من الأطباء".
وأوضح الدكتور بستاني، المؤلف الرئيسي للدراسة التي تحمل عنوان "الكشف الرقمي عن الخرف في الرعاية الأولية"، أن "هذه هي الطريقة الأكثر قابلية للتطبيق على نطاق واسع للكشف المبكر التي أعرفها. تتطلب معظم طرق الكشف المبكر (عن ألزهايمر) ما لا يقل عن خمس دقائق من وقت الطبيب، وغالبًا ما تكون مصحوبة برسوم ترخيص. أما مقاربتنا المزدوجة، على النقيض من ذلك، فلا تتطلب أي وقت أو تكلفة من الطبيب".
أُجريت التجربة في تسعة مراكز صحية في مدينة إنديانابوليس، حيث تم دمج نظام التقييم السريع للخرف والمؤشر الرقمي السلبي مباشرةً في السجل الصحي الإلكتروني.
دعا نظام التقييم السريع المرضى، الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا فما فوق، تلقائيًا لإكمال استبيان التقييم السريع للخرف، بينما قامت خوارزمية المؤشر الرقمي السلبي بتحليل البيانات السريرية الموجودة باستمرار لتحديد المرضى المعرضين للخطر. ظهرت النتائج تلقائيًا في صندوق البريد الإلكتروني للطبيب في السجل الصحي الإلكتروني، مما يستدعي إجراء المزيد من التقييم فقط عند الضرورة، دون الحاجة إلى وقت إضافي أو موظفين أو فحص يدوي.
وقالت الدكتورة زينة بن ميلد، الباحثة المنتسبة إلى معهد ريجنستريف وأستاذة في جامعة لامار الأميركية، والتي طورت أداة المؤشر الرقمي السلبي بالتعاون مع الدكتور بستاني "يكمن سر قوة هذه المقاربة في أنها تساعد على تحقيق تكافؤ الفرص. من خلال دمج هذه الأدوات مباشرةً في السجل الصحي الإلكتروني، يمكننا الوصول إلى المرضى الذين قد يتم تجاهلهم لولا ذلك، مما يضمن حصول الجميع، بغض النظر عن إمكانياتهم، على نفس الفرصة للكشف المبكر عن المرض والرعاية".
وقال الدكتور جيمس إي. غالفين، أستاذ طب الأعصاب ومدير المركز الشامل لصحة الدماغ في كلية ميلر للطب بجامعة ميامي "صُمم نظام التقييم السريع للخرف لتمكين المرضى وعائلاتهم من الإبلاغ عن التغيرات المعرفية بسهولة وسرعة. عند استخدامه مع الأدوات الرقمية مثل المؤشر الرقمي السلبي من ريجنستريف، يمكننا توسيع نطاق الكشف المبكر بكفاءة وفعالية".
يمثل هذا الإنجاز خطوة كبيرة إلى الأمام في ترجمة الذكاء الاصطناعي والنتائج المبلغ عنها من قبل المرضى إلى الرعاية السريرية اليومية. من خلال دمج الأدوات الرقمية القابلة للتطبيق على نطاق واسع والتي تعمل بسلاسة ضمن أنظمة الرعاية الصحية الحالية، أظهر فريق البحث كيف يمكن للتكنولوجيا أن تعزز الكشف المبكر، وتقلل الأعباء على فرق الرعاية الأولية، وتحسن النتائج لكبار السن.
قال الدكتور بستاني "يمثل هذا العمل المرحلة التالية من إرثنا الذي يمتد لنصف قرن في معهد ريجينستريف، وهو استخدام البيانات والابتكار لإحداث تغيير في تقديم الرعاية الصحية. لقد أثبتنا أنه من الممكن إدخال قوة الذكاء الاصطناعي والنتائج التي يبلغ عنها، المرضى مباشرة إلى العيادة، بسلاسة وبتكلفة معقولة وعلى نطاق واسع".
مصطفى أوفى (أبوظبي)