كشف المذيع ونجم كرة القدم ومنتخب إنجلترا السابق غاري لينكر أنه "يبكي بشكل منتظم" عندما يرى بعض الصور على وسائل التواصل الاجتماعي لضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة المتواصل منذ أكثر من سبعة أشهر مخلفا أكثر من مائة ألف بين شهيد وجريح، غالبيتهم أطفال ونساء، بالإضافة للمفقودين تحت ركام المباني التي دمرها قصف الاحتلال، والتي طالت أكثر من 70 بالمئة من المباني الموجودة في القطاع الضيق، المكتظ بأكثر من مليوني ساكن.



جاء كلام لينكر في حوار مع المذيع البريطاني ـ الأمريكي مهدي حسن، في برنامجه على منصة "زيتيو" الإخبارية، التي أطلقها مؤخرا في الولايات المتحدة بعد استقالته من قناة "أم أس أن بي سي" الأمريكية عقب وقف برنامجه الناجح، والتضييق عليه ومحاولة تهميشه والطلب منه الابتعاد عن التقديم مع الحفاظ على أجره الكبير، وذلك بسبب انتقاداته لإسرائيل. وتحقق منصة "زيتيو" نجاحا لافتا، واختراقا معتبرا في الساحة الإعلامية الأمريكية والغربية، التي تسيطر عليها الدعاية الصهيونية. وهذا ما يسعى إليه مهدي حسن، المذيع السابق في قناة "الجزيرة" كما قال، وقد بدأ يستقطب العديد من الأصوات العالمية اللافتة في هذا السياق.

وفي حواره مع مهدي حسن أكد لينكر أن ما يحدث في غزة "أسوأ شيء رأيته في حياتي." وسأل مهدي حسن نجم كرة القدم، الذي وصفه بأنه أحد أبطال طفولته وأسطورة كرة القدم، عن شجاعته في التعبير عن موقفه مما يحدث في غزة، رغم أن كثيرا من الأصوات اختارت الصمت "خوفا"، فرد لينكر "ليس لي أي مصلحة في ما يحدث.. فأنا لست مسلما، ولا يهوديا، ولست فلسطينيا ولا إسرائيليا. فأنا أرى الأمور من الخارج ومن منظور موضوعي، ولكن لا يمكنني أن أفكر في أي شيء أسوأ مما رأيته في حياتي.. الصور المتواصلة للأطفال الذين يقتلون يوميا".

وأضاف: "نعرف ما حصل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. ولكن ما إن ترفع صوتك للتحدث عما يقومون به هناك (يقصد الإسرائيليين في غزة) حتى يتم اتهامك بأنك مناصر لـ’حماس’ واتهامات من هذا القبيل".

وأكد لينكر أن "هناك الكثير من الضغط على الناس لكي يصمتوا. وأنا أتفهم لماذا غالبية الناس يمتنعون عن إبداء رأيهم. ولكن بالنسبة لي فقد تعودت على هذه الضغوط. وأنا آمن لحد ما، ولا يمكنني السكوت على ما يحدث، وهو شيء فظيع جدا. وهم يتحدثون - بل إنه ما يقع - عن بالهجوم على رفح".

وشدد لينكر على أنها "ليست معاداة للسامية القول إن ما تقوم به إسرائيل خاطئ.. وأنا لا أرى كيف أن أياً كان يرى هذا. لكن الآن مهما كان السبب، ومن بدأ الأمر، فكلنا يعرف تاريخ المنطقة والعالم قبل 7 أكتوبر 2023 بكثير. لكن ما يحدث الآن مروع".

ليست معاداة للسامية القول إن ما تقوم به إسرائيل خاطئ.. وأنا لا أرى كيف أن أياً كان يرى هذا. لكن الآن مهما كان السبب، ومن بدأ الأمر، فكلنا يعرف تاريخ المنطقة والعالم قبل 7 أكتوبر 2023 بكثير. لكن ما يحدث الآن مروعومنذ 7 أكتوبر الماضي، وحتى قبلها برز لينكر كواحد من أشهر الوجوه المتعاطفة مع الشعب الفلسطيني، رغم الضغوط التي تعرض لها ومحاولة استهدافه كمقدم برامج تلفزيونية رياضية في بريطانيا، أشهرها برنامج "ماتش أوف ذي داي" (مباراة اليوم) عن الدوري الإنكليزي الممتاز على قناة "بي بي سي" الأولى.

وبسبب منشوراته المنتقدة للعدوان الإسرائيلي على غزة، قدم موظفون يهود في هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” شكوى ضد لينكر، في يناير الماضي. وزعم الموظفون اليهود من أن شكاواهم عن معاداة السامية قوبلت باللامبالاة وعدم الاهتمام. ونقلت صحيفة "دايلي تلغراف" المنحازة لإسرائيل بشكل مفضوح، حينها عن مصادر قولها إن الشكوى رسمية وقدمها موظفون يهود يشعرون بالقلق من عدة موضوعات، من طريقة تغطية المؤسسة للحرب في غزة إلى مزاعم تعرضهم لمعاداة السامية في مكان العمل.

واشتكى الموظفون من منشورات غاري لينكر على منصات التواصل الاجتماعي ودفاع "بي بي سي" عن مقدم برنامج “ماتش أوف ذا داي” (مباراة اليوم). وجاءت الشكوى بعدما شارك لينكر منشورا ثم حذفه دعا إلى منع إسرائيل المشاركة في المباريات الدولية، في وقت تتهم فيه "بي بي سي" بالتحيز في تغطيتها لحرب غزة، حسب الصحيفة اليمينية المعروفة بدعمها لإسرائيل. وقال أحد الذين قدموا الشكوى مع 22 موظفا إن الموظفين اليهود "يواجهون النار في كل مكان" و"الجميع غير راض"، وأضافوا أن التعبير عن مظاهر القلق من تزايد مشاعر المعاداة للسامية لم تؤخذ على محمل الجد من الإدارة. وحذر آخر من أن "الكثير من اليهود يعتقدون أنهم (بي بي سي) معادون للسامية وأن عددا كبيرا من الموظفين اليهود غير راضين".

وفي نوفمبر الماضي شارك المذيع الشهير فيديو حاور فيه الصحافي البريطاني أوين جونز، راز سيغل أستاذ دراسات الهولوكوست، الذي قال إن إسرائيل ترتكب "جريمة إبادة" في غزة.

وأعاد لينكر نشر تغريدة في يناير تطالب بمنع إسرائيل من المباريات الدولية "بسبب انتهاكاتها الخطيرة للقانون الدولي". ونشرت التغريدة الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، وشملت على بيان من اتحاد الكرة الفلسطيني الذي دعا الفيفا واللجنة الدولية الأوليمبية “تعليق عضوية ومنع إسرائيل من الألعاب والمباريات الدولية".

وتعرض لينكر حينها لهجمات صهيونية شعواء من قادة في المجتمع اليهودي ونواب البرلمان البريطاني وحملة مناهضة العداء للسامية بسبب ما اعتبر دعوته لمنع إسرائيل من مباريات كرة القدم.

وقال أندرو بيرسي، النائب اليهودي المحافظ لصحيفة "ديلي تلغراف” إن “غاري لينكر معلق جاهل وليس لديه معلومات عن الشرق الأوسط” وإن “بي دي أس" [حركة المقاطعة لإسرائيل] هي حملة عنصرية ومعادية للسامية ويجب ألا يقوم أي شخص يتلقى أموال دافعي الضريبة ويعمل في بي بي سي بالمصادقة على حملتها التي ينظر إليها على أنها معادية لليهود".

وقال ستيفن غراب، رئيس مجموعة أصدقاء إسرائيل في حزب المحافظين بالبرلمان البريطاني "هذه تغريدة غير مناسبة من رمز في (بي بي سي) لكي يصادق عليها وبخاصة من شخص معروف مثل لينكر".

ليس لي أي مصلحة في ما يحدث.. فأنا لست مسلما، ولا يهوديا، ولست فلسطينيا ولا إسرائيليا. فأنا أرى الأمور من الخارج ومن منظور موضوعي، ولكن لا يمكنني أن أفكر في أي شيء أسوأ مما رأيته في حياتي.. الصور المتواصلة للأطفال الذين يقتلون يومياوضمن الحملة ضد لينكر انخرطت صحف يمينية مناصرة لإسرائيل مثل "دايلي تلغراف"، و"دايلي ميل"، التي تخصصت في الهجوم على لينكر منذ سنوات بسبب مواقفه، والتي وجدت في انتقاده لإسرائيل فرصة للتهجم عليه، رغم أن صحيفة معروفة بتاريخها المعادي لليهود، ودعمها حتى للنازية وهيتلر في بدايات صعوده.

ومن الصحف التي هاجمت لينكر كذلك صحيفة "التايمز"، التي نقلت عن سمير شاه، المدير الجديد لـ"بي بي سي" قوله في ديسمبر الماضي إن لينكر “خرق” على ما يبدو معايير منصات التواصل الاجتماعي عندما وقع على رسالة انتقدت سياسة الحكومة مع رواندا بشأن الهجرة. وفي مارس 2023 تم توقيف اللاعب الإنكليزي الدولي السابق عن تقديم برنامج "ذي ماتش أوف ذي داي" حتى يتم حل الخلاف بشأن استخدامه لمنصات التواصل الاجتماعي بعدما قارن تصريحات وزيرة الداخلية، حينها، سويلا برفرمان بشأن الهجرة بلغة النازيين في ألمانيا. وقد انبرى لانتقاد لينكر، حينها، كذلك زوج سويلا برافرمان، الصهيوني رايل برافرمان الذي عاش في فترة في إسرائيل، والذي يصف نفسه بأنه "عضو فخور جدًا في الجالية اليهودية"، و"الذي لديه أقارب يخدمون في الجيش الإسرائيلي"، كما قالت سويلا نفسها لصحيفة "جويش كرونيكل" (الوقائع اليهودية).

وبسبب أزمة توقيف لينكر عن تقديم البرنامج انتهى الأمر بتقديمه بدون معلقين حيث رفض هؤلاء، وبينهم نجما المنتخب الإنجليزي السابقين (ألان شيرر وإيان رايت) المشاركة فيه تضامنا مع لينكر. وفي سبتمبر توصلت "بي بي سي" لاتفاق يسمح للينكر بالتعبير عن مواقف في سياسات وقضايا بدون أن يستخدم المنصات لدعم حملات سياسية.

*كاتب جزائري مقيم في لندن

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة بريطانيا مواقفه بريطانيا غزة مواقف رأي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التواصل الاجتماعی کرة القدم مهدی حسن بی بی سی ما یحدث فی غزة

إقرأ أيضاً:

ما هي نهاية اللعبة لإسرائيل في سوريا؟

كتبت روزانا بو منصف في" النهار": في اتصال أجراه وزير الخارجية الأميركي مارکو روبیو برئيس الوزراء الإسرائيلي بنیامین نتنياهو، أكد الديبلوماسي الأميركي "أن دعم الولايات المتحدة الثابت الإسرائيل أولوية قصوى للرئيس دونالد ترامب". وفيما لا يحمل هذا التأكيد جديداً في لجهة الأولوية التي تحتلها إسرائيل في جدول الأعمال الأميركي، فإن هذا الأمر يكتسب بعداً خطيراً مع استثمار إسرائيل هذا الدعم وتوظيفه من أجل القيام بدور "البلطجة" في المنطقة وليس للدفاع عن حقوق إسرائيل.

تنطوي كل التجاوزات والانتهاكات الإسرائيلية على تحديات كبيرة للدول العربية وللمملكة العربية السعودية خاصة ومعها الدول الخليجية من أجل حمل مشروع مقنع لإدارة ترامب يرد على مراكمة إسرائيل عناصر أو أوراق احتلال في يدها للمساومة عليها لاحقا ويتوصل مع الإدارة التي أظهرت في أسلوب أدائها مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي درساً لطريقة تعاملها مع دول العالم وزعمائه إن لم تتجاوب هذه الدول مع رؤى سيد البيت الأبيض راهناً.

يرجح مراقبون سياسيون أن يكون الحنين قوياً لدى إسرائيل لزمن حكم آل الاسد الأب فالابن تتيح الفوضى وعدم الاستقرار الى نشوء تنظيمات متطرفة أو عودة بروز تنظيم الدولة الإسلامية لا سيما في ظل تبادل الانتقادات بين إيران وتركيا على الوضع في سوريا. ومن شأن ذلك في حال حدوثه أن ينعكس على دول الجوار وفي مقدمهم لبنان والعراق على نحو قد يؤدي إلى تفتت هذه الدول وربما تقسيمها بما من شأنه ألا يترك الأمور عند الحدود التي تقف عندها اليوم.

ولذلك تكبر تساؤلات عن الهدف من اللعبة التي تقوم بها إسرائيل وإلى أين تريد الوصول؟ يستند البعض إلى ما كان قاله وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في 14 شباط المنصرم عن الحاجة إلى اغتنام الفرصة لخلق الاستقرار في سوريا ومنعها من أن تصبح ملاذاً للإرهاب، علماً بأن إدارة ترامب لم تدل بدلوها فعلاً بعد في الشأن السوري. لكن روبيو قال قبل ذلك إنه "إن كانت هناك فرصة في سوريا لإنشاء مكان أكثر استقراراً مما كان لدينا تاريخياً وخاصة في عهد الأسد، حيث كانت إيران وروسيا تهيمنان وحيث كان تنظيم الدولة الإسلامية يعمل بحصانة، فنحن بحاجة إلى متابعة هذه الفرصة ومعرفة إلى أين يقود ذلك". وهذا يفترض من إسرائيل عدم تخريب ذلك خصوصاً أن روبيو تحدث كذلك عن أن التحولات في لبنان وسوريا قد تسهل الوصول إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
 

مقالات مشابهة

  • وسط اتهامات لحزب الله| انعدام الأمن في سوريا يصب في مصلحة إسرائيل.. ماذا يحدث؟
  • عمّال البناء في رمضان.. إرادة لا تنكسر لأجل لقمة العيش
  • الثورة الفلسطينية الكبرى.. يوم قام القسام ضد الإنجليز والمنظمات الصهيونية
  • وزير الخارجية البريطاني يدين الضربات الروسية على أوكرانيا ويصفها بـ«البغيضة»
  • عاجل.. تأجيل مباراة برشلونة ضد أوساسونا لأجل غير مسمى
  • هجهز بنتي من الألف للياء .. مواطن يبكي بعدما منحه محمد رمضان 100 ألف جنيه
  • لأجل فلسطين.. متظاهر يتسلق برج البرلمان في لندن واستهداف ملعب ترامب للغولف في اسكلندا
  • القضاء البريطاني يرفض طلبا من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بشأن نهائي دوري الأبطال 2022
  • أزهري يبكي بسبب إبراهيم عيسى.. شاهد السبب
  • ما هي نهاية اللعبة لإسرائيل في سوريا؟