نزيف العقول.. أرقام صادمة لهجرة الأدمغة من الدول العربية وتداعيات مدمرة للاقتصاد والتنمية
تاريخ النشر: 1st, August 2023 GMT
يراود حلم الهجرة الملايين في العالم العربي، فخمس السكان على الأقل في 14 دولة عربية يفكرون في الرحيل، أيا كانت الوسيلة أو الوجهة، وتحديدا في الأردن والسودان وتونس.
وتابع برنامج "للقصة بقية" (2023/7/31) ظاهرة هجرة العقول؛ إذ أعرب أكثر من نصف السكان تقريبا عن رغبتهم في الهجرة، والأكثر حرصا على هذه الهجرة هم الحاصلون على شهادات جامعية ومستويات تعليمية أعلى.
وورد في تقرير للبرنامج أن ما يثير القلق في الدول العربية تهديد هجرة الأدمغة عمليات التنمية في ظل معدلات أمية عالية في العالم العربي تصل في بعض التقديرات إلى أكثر من 27%. وتشير دراسات عدة إلى أن العالم العربي خسر جراء هجرة الأدمغة ثلث طاقته البشرية، وما يقارب 50% من هؤلاء أطباء متخصصون، و23% تقريبا من المهندسين، والبقية من مجالات مختلفة.
أما الوجهة فكانت دول أوروبا وأميركا الشمالية وأستراليا، كما تشير الدراسات أيضا إلى أن 54% من الطلاب العرب الذين يسافرون للدراسة لا يعودون إلى أوطانهم بحثا عن فرص العمل.
أسباب وتداعياتوفي هذا السياق، قال الخبير الدولي والوزير التونسي السابق نور الدين السالمي إن الكثير من الخبرات العربية تقصد أوروبا لكونها تضمن العديد من الجوانب الإيجابية، ومنها ضمان الحريات ومنح الجنسية للمقيمين فيها، واستفادتهم بعد ذلك من كل امتيازات المواطنين الأصليين، مشيرا إلى أن مغادرة الكفاءات من الدول العربية تفرض حالة فراغ في المواقع التي غادرت منها في بلدانها الأصلية.
وأشار إلى أنه في تونس كانت هناك رؤية لاستقطاب الأدمغة المهاجرة بعد الثورة، وقامت البلاد بخطوات عملية؛ وكان منها إحصاء الكفاءات العليا التونسية في الخارج، ولكن هذه المبادرة اصطدمت ببيروقراطية الإدارة التونسية، موضحا أنه لا يمكن منع الناس من الهجرة، ولكن يمكن الاستفادة منهم وجذبهم لبلدانهم.
من جهته، رأى المدير الإقليمي السابق في معهد الولايات المتحدة للسلام إيلي أبو عامر أن هجرة الأدمغة من البلدان العربية تسببت في غياب الخدمات الطبية والتعليمية، كما انعكست على الجانب الاقتصادي الذي تدهور بشكل كبير بسبب تكرار المشاكل نفسها وعدم تجديد الإستراتيجيات المستخدمة، كما أن هذه الظاهرة تؤثر على النمو الاقتصادي لكل الدول العربية.
وذهب إلى أنه يجب خلق بيئة لجذب هذه الأدمغة إلى بلدانهم للاستفادة من خبراتهم، وذلك من خلال البحث عن إستراتيجيات وطنية تراعي المجالين الاجتماعي والسياسي، مشددا على أن السوق العربية لا تحتمل عودة الجميع، ولكن البلدان تظل في حاجة ماسة إلى الاستفادة من خبراتهم المتراكمة.
كما وقفت الحلقة عند مدى خطورة ظاهرة هجرة الكفاءات العربية العالية في ضوء الحديث عن قدرة المؤسسات التعليمية على تعويضها عن حقيقة الفرص التي توفرها هجرة هذه الكفاءات لمجتمعاتها الأصلية، كما تابعت السياسات المطلوبة للحفاظ على هذه الكفاءات في الوطن العربي.
أرقام متصاعدةوجاء في تقرير البرنامج أنه خلال السنوات الأخيرة هاجرت أعداد كبيرة من الكفاءات العربية إلى أوروبا وأميركا الشمالية بحثا عن آفاق مهنية واقتصادية أفضل، وترجح الدراسات أن تتصاعد هذه الأرقام خلال السنوات القادمة، حيث كشف تقرير البارومتر العربي الصادر في يوليو/تموز 2022 عن أن الرغبة في الهجرة لدى ذوي المهارات العالية في الدول العربية في ارتفاع مستمر.
يشار إلى أن التقرير العالمي لرصد التعليم في الدول العربية لعام 2019 الصادر عن منظمة اليونسكو يظهر أن أعلى معدلات الهجرة لذوي المهارات العالية إلى الخارج توجد في لبنان والمغرب، حيث يهاجر واحد عن كل 4 أشخاص من ذوي الكفاءات العالية.
وحذر البنك الدولي في تقرير صدر عام 2020 -تحت عنوان الكساد المتعمد- من أن لبنان يواجه استنزافا خطيرا في الموارد، بما في ذلك رأس المال البشري، حيث تزايدت هجرة الكفاءات كخيار يائس من الوضع الاقتصادي.
والتقى فريق البرنامج خبرات عربية سبقت إلى طريق الهجرة لبحث أبعاد هذه الظاهرة وتداعياتها مع خبراء، كما تناولت الحلقة ما يراه البعض من جوانب إيجابية للهجرة لاكتساب الخبرات العلمية والتعليمية، وسعي بعض من هاجروا لإفادة أوطانهم الأصلية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الدول العربیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
مفهوم الكفاءات مغلوط عند الكثير
11 أبريل، 2025
بغداد/المسلة:
لؤي الخطيب
الكفاءات (أينما كانت) لاتبحث عن فرصة عمل، بل العكس، عادة ما تُقتَنص من قِبَل المؤسسات الرائدة. كما ليس كل حامل شهادة أكاديمية يُعد كفاءة في العمل.
الكفاءة هو التفرد في الانتاج والمُنجز النوعي المميز بأبسط الأدوات وأسرع الفترات وأقل القدرات والكُلَف والمدخلات المتاحة للفرد أو الجماعة أو المؤسسة.
الفرد الكفوء هو الذي يخلق فرصته ويصنع مستقبله بقدراته الذاتية بغض النظر عن تحصيله الأكاديمي وعنوان الشهادة التي يحملها.
إنها لمفارقة بأن أهم الكفاءات نجاحاً في الشركات العالمية ومجال الأعمال قد لا تحمل شهادات جامعية فضلاً عن العليا، والأمثلة كثيرة حول العالم.
كما أن مخصصات التوظيف الحكومي الإضافية لأصحاب الشهادات العليا في العراق خَلقت كفاءات وهمية ومُكلفة استنزفت الموازنات الاتحادية دون انتاجية وبلا جودة خصوصاً بعد رواج الشهادات الشكلية من بعض المؤسسات الأكاديمية خارج وداخل العراق التي تبيع العنوان العلمي مقابل المال.
علماً أن أفشل الدول في العالم هي التي تعتمد على سياسة التعيين الحكومي المركزي لخلق جيش من الموظفين موالي للنظام السياسي الحاكم لشرعنة انتخابات مدفوعة الثمن من المال العام في عملية ديمقراطية منقوصة. هذه السياسة قد تسعف النظام الحاكم لفترة وجيزة خصوصاً إذا كان نظاماً ريعياً فاقداً للعقد الاجتماعي الرصين ويعتمد على واردات النفط ومتحاصص في المال العام كما الحال في العراق، ليكون الانهيار السياسي والاقتصادي والفوضى الشعبية مسألة حتمية.
نحن بحاجة إلى برامج معايشة لدعوة الكفاءات العراقية الحقيقية من المغتربين خصوصاً أن هؤلاء اجتهدوا في الحصول على أعلى المراتب العلمية والمهنية في أرقى المؤسسات الكبرى دون أن يُكلفوا الدولة العراقية درهماً واحداً. برامج المعايشة التي أدعو لها لا تعني بالضرورة منح الكفاءات مناصب عليا أو فرص عمل في السلك الحكومي لأنهم في غنى عنها مالياً واعتبارياً، لكن بإمكان الحكومة العراقية تأسيس برامج ذكية ومراكز مرموقة بهدف نقل الخبرات من خلال دعوة هذه الكفاءات بصورة محترمة تليق بمكانتهم الاجتماعية والمعرفية وبأقل الكلف وبالتالية ستسهم هذه الحركة في تسريع عملية الإصلاح والإعمار من خلال جهود وطنية وبأقل تكلفة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts