عضو بـ«النواب»: أمريكا مطالبة باحترام القرار الأممي بأحقية فلسطين في العضوية
تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT
قالت النائبة إيلاريا سمير حارص عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، إن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتبني مشروع قرار بأحقية دولة فلسطين في عضوية كاملة، كلمة حق من المجتمع الدولي في وجه الاحتلال الإسرائيلي، والمجتمع الدولي المجحف بحق الفلسطينيين في تقرير المصير وتأسيس دولتهم المستقلة.
أكدت في بيان، أن قرار الأمم المتحدة يعكس إرداة المجتمع الدولي ورغبته في منح حق أصيل للشعب الفلسطيني تأخر منذ عقود، وهو شغل عضوية كاملة في الأمم المتحدة، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية تجهض القرار باستخدام حق الفيتو عند التصويت على القرار نهائيا في مجلس الأمن، موضحًة أن الضرورة تقتضي أن تحترم واشنطن هذه المرة كلمة المجتمع الدولي، بعد استخدام الفيتو ليكون ترجمة لما تلوح به دائما بشأن رغبتها في إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وثمنت في هذا المنطلق جهود مصر على مر السنين لدعم الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وتأسيس دولته المستقرة، فضلا عن جهود مضنية تبذلها الدولة المصرية بقيادة الرئيس السيسي، في الوقت الراهن برفض العدوان الغاشم على القطاع، وإنفاذ ملايين الأطنان من المساعدات إلى غزة لتخفيف المعاناة عن أهالي القطاع، وسعيها في جهود وساطة لإقرار هدنة إنسانية وإيقاف إطلاق النار.
ودعت المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لقبول الوساطة المصرية لإنهاء العدوان على غزة وتبادل المحتجزين، مشددًة على أنه يجب على المجتمع الدولي أن يبذل جهودا منسقة بهدف التوصل، دون تأخير، إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإيجاد تسوية عادلة ودائمة وسلمية لقضية فلسطين والصراع الإسرائيلي الفلسطيني وفقا للقانون الدولي ومرجعيات الشرعية الدولية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: خارجية النواب مجلس النواب النواب المجتمع الدولی
إقرأ أيضاً:
الثقل النوعي لغزة في النضال الفلسطيني.. دور المقاومة وتحديات المستقبل
الكتاب: الثقل النوعي للحركة الوطنية الفلسطينية في قطاع غزة، (الدور الوطني والفعل المقاوم وآفاق المستقبل).الكاتب: د. رائد نجم، د. هاني طالب، أماني الفليت.
الناشر: مركز فينيق للدراسات والبحوث الحقلية، قطاع غزة، 2025م.
عدد الصفحات: 331 صفحة.
حظى قطاع غزة بمكانة متميزة في الجغرافيا والتاريخ الفلسطيني للصراع العربي ـ الإسرائيلي، فالقطاع يمثل ركنا أساسيا من أركان الحركة الوطنية الفلسطينية، كونه بؤرة ساخنة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. ويعد قطاع غزة وفقاً لإدوارد سعيد من المفاتيح الأساسية للمستقبل الفلسطيني إلى جانب القدس، فهو بالبوابة الجنوبية لفلسطين، كتلة ملتهبة في مخيمات لاجئيه الثمانية المكتظة بالسكان المعدمين والأشد فقراً في العالم؛ إلا أنهم ما زالوا يشكلون دينامو المقاومة، والنضال ضد الاحتلال الإسرائيلي، وهي المكان الأشد كرهاً عند قادة دولة إسرائيل، فإسحاق رابين رئيس الوزراء سابق، تمنى "لو يبتلعها البحر".
عن مقاومتها قال عثمان الطباع: "من أخضعها أخضع سواها، ومن ملكها هان عليه تملك غيرها"، فقد احتلت المقاومة في القطاع مكانة بارزة بين بقية ساحات المواجهة بين الشعب الفلسطيني والاحتلال الإسرائيلي، ومنه انطلقت بواكير النضال الفلسطيني الممتدة حتى اليوم في شعلة واحدة لا تنطفئ طالما بقي المحتل جاثما على أرضه.
حظى قطاع غزة بمكانة متميزة في الجغرافيا والتاريخ الفلسطيني للصراع العربي ـ الإسرائيلي، فالقطاع يمثل ركنا أساسيا من أركان الحركة الوطنية الفلسطينية، كونه بؤرة ساخنة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. ويعد قطاع غزة وفقاً لإدوارد سعيد من المفاتيح الأساسية للمستقبل الفلسطيني إلى جانب القدس، فهو البوابة الجنوبية لفلسطين، كتلة ملتهبة في مخيمات لاجئيه الثمانية المكتظة بالسكان المعدمين، إلا أنهم ما زالوا يشكلون دينامو المقاومة، والنضال ضد الاحتلال الإسرائيلي.هذه الدراسة أوضحت الثقل النوعي لقطاع غزة في تاريخ القضية الفلسطينية، وأرّخت لمحاور مهمة في النضال الفلسطيني، ووضع مرتكزات أساسية تقوم عليها الحالة الفلسطينية في القطاع، لتوضح محددات العمل النضالي ومستقبل قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر، وكيف أثرت الحرب على الحالة الديمغرافية في قطاع غزة من تراجع نسبة سكان قطاع غزة بحوالي 6% جراء عمليات القتل والإبادة الجماعية الإسرائيلية، ومحاولات السيطرة عليه وتملك مقدراته الاقتصادية، فالحروب العسكرية الاسرائيلية على غزة ليست مجرد مواجهات عسكرية بل هي أدوات سياسية وجيواستراتيجية تهدف إلى تعزيز التفوق الإسرائيلي، وتقليص المقاومة الفلسطينية، وتحقيق الردع الإستراتيجي، وإضعاف مكانة غزة كمركز للنضال الوطني الفلسطيني.
تأسيس القطاع وبروز المقاومة:
تواجد يهود فلسطين في قطاع غزة في حارة اليهود بحي الزيتون، وبدت ميولهم تظهر للحركة الصهيونية مع ثورة البراق 1929م، فنظر لهم أهل غزة نظرة ازدراء، لتغادر ستين عائلة يهودية القطاع بحراسة جنود الانتداب البريطاني، مع وقوع النكبة الفلسطينية لجأ إلى القطاع أكثر من 200 ألف فلسطيني من مدن وقرى جنوب فلسطين، في حين كان يضم حوالي 80 ألف فلسطيني، فالقطاع بالأصل كان يعرف بلواء غزة، الذي يضم قضائي قطاع غزة وبئر السبع، الذي تم احتلاله عام 1948م، مع جزء كبير من قضاء قطاع غزة، ومع توقيع اتفاق الهدنة حددت مساحة القطاع بحوالي 361كم2، ما يعادل 1.33% من مساحة فلسطين، الذي بقي تحت حكم الإدارة العسكرية المصرية. (ص11).
أنشأت مصر حكومة عموم فلسطين في غزة سبتمبر عام 1948م "استجابة للانتقادات الدولية التي طالبت بتمثيل فلسطيني واضح، خاصة بعد الهجرة الجماعية للاجئين الفلسطينيين عقب النكبة عام 1948، وإعطاء شرعية سياسية للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية، وتعزيز الوحدة الفلسطينية، وتجنب الاتهامات الدولية لأنها تسعى إلى ضم قطاع غزة إلى أراضيها، إلى جانب الحد من طموحات ملك الأردن عبد الله الأول في ضم الأراضي الفلسطينية إلى مملكته".. مع ذلك تم نقل تلك الحكومة إلى القاهرة مما حد من مكانتها وفاعليتها فلسطينياً، ومع ذلك حافظت مصر على الهوية الفلسطينية حين أصدرت وثائق سفر للفلسطينيين دون السعي إلى ضم القطاع أو تمثيل الشعب الفلسطيني، ولم تمنح الجنسية للفلسطينيين(ص16).
كانت النكبة تجربة مدمرة للفلسطينيين إذ دفعت مئات الالاف إلى اللجوء، وأثرت على النسيج الاجتماعي الفلسطيني، ووجد اللاجئون أنفسهم خاضعين لثلاثة أنظمة سياسية مختلفة، إسرائيل، مصر(لاجئو غزة)، والأردن (لاجئو الضفة الغربية والقدس الشرقية)، اليوم وصل عدد اللاجئين إلى أكثر من خمسة ملايين ونصف المليون لاجئ فلسطيني وذريتهم المسجلين لدى الأونروا في أوضاع صعبة، منهم حوالي 1.41 مليون لاجئ في قطاع غزة مسجل لدى الأونروا، يعانون من الكثافة السكانية العالية في المخيمات وظروف اقتصادية غاية في الصعوبة.
منذ اللحظات الأولى للنكبة الفلسطينية شكل قطاع غزة بمخيماته بؤرة ساخنة في النضال الفلسطيني، وانطلاقة شعبية لمقاومة الاحتلال ورفض قرارات الاحتلال بالتهجير، مما حفز الكثير منهم بالتسلل والعودة إلى قراهم التي هجروا منها لاسترداد أملاكهم مما أدى لنشوء ظاهرة العائدين التي وصفها الاحتلال بالفدائيين المشاغبين، ومع قيام الثورة المصرية 1956م اتخذت ظاهرة التسلل بعداً أكثر تنظيماً، واستخدمت لغرض الاستطلاع وجمع المعلومات عن العدو الإسرائيلي، ولكن عمليات التسلل أخذت في التراجع مع سعي عبد الناصر إلى تحييد السياسات العدوانية للقادة الإٍسرائيليين، وتجنب أي صدام معه في الفترة التي كانت مصر غير مستعدة بعد لمواجهة شاملة مع الاحتلال.
غزة حاضنة المقاومة:
تحول قطاع غزة لمشارك فاعل في المقاومة الفلسطينية، خاصة مع المشاركة النوعية في حرب عام 1956م، 1967م، على الرغم من تشتت الفلسطينيين وإهمالهم تمكنوا مرارا من تحريك الوضع الراكد في المنطقة، كما شكل زخم وطني وقومي، وتعبئة شعبية وعسكرية لثواره، بعد قيام منظمة التحرير الفلسطينية عام 1965م، أخذ ذلك بعداً وطنياً، حين قاتل الفلسطيني من داخل أرضه ليصبح أكثر المناطق المحتلة توهجاً واشتعالا بالنضال، حيث حازت غزة على صخب عالمي طغى في كثير من الأحيان على الاهتمام بالمناطق الأخرى، وتفرد القطاع عن سائر المناطق بوضع نضالي متميز، فكان أبناء القطاع من جيش التحرير الفلسطيني والتنظيمات الأخرى في حالة استعداد وتجهيز للسلاح للدفاع عن القطاع أمام الهجمات الإسرائيلية؛ إذ برز الكفاح المسلح في أوجه فأعطى للقطاع وجه المقاوم الرافض للاحتلال، ولكن القرار ببدء العمليات العسكرية ليس بالقرار السهل في الوضع الجيوسياسي للقطاع الذي أعطى ذلك زخماً خاصا في نوعية العلميات العسكرية التي انطلقت من القطاع حتى بعد احتلاله عام 1967م.
اتبعت إسرائيل مع القطاع سلسلة من الإجراءات القمعية بهدف كسر المقاومة، ومعنويات سكان غزة وتركيعهم، بما في ذلك هدم المنازل، وفرض الضرائب، والحصار لمدن وقرى قطاع غزة، ومصادرة الأراضي، وبناء المستوطنات، وحظر التجول، وإغلاق المؤسسات التعليمية، كما لجئت لسياسة التهجير القسري، فهجرت نحو خمسة آلاف مواطن من غزة دفعة واحدة، تبعها ترحيل ألفي شخص في اطار تفكيك المقاومة وبعثرتها، وقطع رئيس الوزراء الإسرائيلي ليفي أشكول المياه عن القطاع لإجبار السكان على مغادرته عام 1967م، وتفريغ المخيمات تحت اطار توسيع شوارع وانشاء مشاريع اسكانية مثل مشروع الشيخ رضوان ومشروع بيت لاهيا(ص49).
بدلاً من تحقيق السلام أو التسوية السلمية بين فلسطين وإسرائيل، أسست اتفاقيات أوسلو نظاماً جديداً من القمع الإسرائيلي للفلسطينيين في الأراضي المحتلة، حيث لم يقبل القادة الإسرائيليون بإنشاء دولة فلسطينية مستقلة. استغلت إسرائيل المفاوضات لتعزيز سيطرتها على الأراضي المحتلة، عبر مضاعفة الاستيطان، وفرض قيود على حركة الفلسطينيين، وتسريع عمليات هدم المنازل.تطرقت الدراسة أيضا لتأثير قطاع غزة على معادلة النظام السياسي الفلسطيني بعد أوسلو، حتى الوقت الراهن، وركزت على التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدها الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتأثير الانقسام الداخلي الفلسطيني على القضية الوطنية، حيث أصبح قطاع غزة مركزاً إداريا مهماً، ويتناول أبزر التحديات التي واجهت السلطة الفلسطينية النشأة في القطاع من استمرار التوسع الاستيطاني الإسرائيلي، والانقسامات الداخلية المتنامية بين الفصائل، خاصة بين حركتي فتح وحماس.
كما ركزت على تطور المقاومة الفلسطينية في غزة تحت حكم حماس، بما في ذلك تطور البنية العسكرية للقطاع، وإنتاج الصواريخ والقذائف محلية الصنع، وظهور المقاومة عبر الأنفاق، التي مكنتها من مواجهة إسرائيل في أربعة حروب متتالية.
أوسلو سلام متعثر:
بدلاً من تحقيق السلام أو التسوية السلمية بين فلسطين وإسرائيل أسست اتفاقيات أوسلو نظاماً جديداً من القمع الإسرائيلي للفلسطينيين في الأراضي المحتلة، حيث لم يقبل القادة الإسرائيليون بإنشاء دولة فلسطينية مستقلة أو دولة واحدة متساوية الحقوق، واستغلت إسرائيل المفاوضات لتعزيز سيطرتها على الأراضي المحتلة، حتى بعد أن سلمت السلطة الفلسطينية المسؤولية عن السكان الفلسطينيين فقط، تحكمت هي بالسيطرة على المعابر البرية والبحرية دون تقديم أي خدمات للسكان كما يجب على القوة المحتلة " سارعت إسرائيل وفقا لمنظمة العفو الدولية بالاستيلاء على الأراضي المخصصة للدولة الفلسطينية، وأدت إقامة المستوطنات إلى عدم وجود تواصل إقليمي بين المجتمعات الفلسطينية في الأراضي المحتلة، وفرضت إسرائيل قيوداً مشددة على حركة الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة وخارجها، وسرعت من تدمير المنازل والمجتمعات الفلسطينية بحجة عدم حصولها على الموافقات الإسرائيلية وهي موافقات تكاد تكون مستحيلة للفلسطينيين" (ص87).
عانى أغلب الفلسطينيين من تعميق إسرائيل سيطرتها على حياتهم وأراضيهم، فقسمت الضفة بموجب الاتفاق إلى ثلاث مناطق، وتقلصت ولاية السلطة الفلسطينية في المنطقة(ب، ج)، التي احتفظت إسرائيل فيها بسيطرة كاملة، بينما تمتع السلطة بحرية قضائية في المنطقة(أ)، وسمحت الاتفاقات لإسرائيل حماية المستوطنين، الذين يعيشون بشكل غير قانوني في الأراضي المحتلة مما أدى لتضاعف عددهم من 20000 إلى 40000خلال الفترة ما بين 1993 ـ 2000م، ليصل لنحو 50000 في الضفة الغربية ونحو 20000في القدس الشرقية في أكثر من 200 مستوطنة رسمية وبؤرة استيطانية غير رسمية عام 2023م، كما تزايد في الأوانة الأخيرة عدد الحواجز العسكرية ووصل لنحو 500 حاجز مادي ونقطة تفتش لتزداد الضغوط والمضايقات على الفلسطينيين .
تحدث المؤلفون عن سياسة إسرائيلية اتبعتها إسرائيل لترويض الفلسطينيين في القطاع ت، التي تماشت مع الحروب الإسرائيلية " برزت سياسة الرأس فوق الماء، وهي سياسة إسرائيلية تتحكم في المفاصل الرئيسية للحياة اليومية لسكان القطاع، وتهدف إلى اغراق قطاع غزة وانفجاره في وجه الاحتلال لكنها تمنع في الوقت نفسه تحقيق الرخاء والانتعاش الاقتصادي الذي يعود بالنفع على فصائل المقاومة"، ومضمونة هذه الاستراتيجية تتحكم إسرائيل بالقطاع الاقتصادي والمالي للفلسطينيين في غزة عبر تنفيذ إجراءات وسياسة ممنهجة تغرق الجسد الفلسطيني في الماء، وتبقي الرأس في قبضة الاحتلال الحديدية الذي يهدد بإغراق الجسم حال أراد الفلسطيني الخروج من عباءة الاحتلال.
أما سياسة الاحتواء فتبنتها إسرائيل لاستمرار حكم حماس في القطاع عبر استراتيجية احتواء الحركة وتعظيم الاستفادة من الانقسام الفلسطيني، على الصعيدين السياسي الإعلامي، وتقوم هذه الاستراتيجية على ترسيخ الأوضاع الناشئة في القطع ضمن سياسة العصا والجزرة عبر فتح المعابر وزيادة عدد الشاحنات كي تصل إلى أكثر من 500 شاحنة يومية، وزيادة مساحة الصيد، وتخفيف القيود على حركة البضائع والأفراد من وإلى القطاع، عبر سياسات مثل الراس فوق الماء، لإدامة الوضع الاقتصادي الهش في القطاع ومنع أي انتعاش اقتصادي حقيقي(ص134).
لكن حماس عانت جراء الجمع بين المقاومة والحكم، الذي تطلب منها إلتزام شعبي بتلبية المتطلبات الحياتية في القطاع عبر تشكيل حكومة، ومن ثم إدارة خاصة بها لمواكبة تطورات العمل الحكومي التي كثيرا ما اختلفت مع متطلبات مقاومة الاحتلال المسلحة التي تتبناها الحركة، في الوقت الذي استطاعت فيه عقد هدنة مع دولة الاحتلال بعد حرب عام 2008-2009م، الذي ظهر امام البعض أن حركة حماس تخلت عن المقاومة في سبيل السلطة، وهو ما قادت إليه الضغوط الدولية و العربية.
غزة في الحسابات الإقليمية:
تمثل غزة هذه البقعة الصغيرة، أكثر من مجردة نقطة صراع فلسطيني إسرائيلي، فهي محور للتوازنات الإقليمية والجيو سياسية، فموقعها على البحر المتوسط وأهميتها كمركز للمقاومة يجعلان منها عنصراً حيوياً في الاستراتيجيات الإقليمية والدولية، وتمثل غزة جزءاً محورياً في حسابات الأمن القومي لكل من مصر وإسرائيل، حيث ترتبط بشكل وثيق بأمن واستقرار المنطقة.
كونها" تعتبر غزة بوابة استراتيجية لأمن مصر القومي، فرغم أنها لا تتمتع بأهمية عسكرية، كونها منطقة جغرافية صغيرة الحجم وساحلية سهلية، إلا أنها تتميز بأهمية جيو استراتيجية لا يمكن اغفالها، فمن خلال غزة قد يتقدم الغزاة نحو مصر من ناحية الشرق، ومن خلالها أيضا يبسط حكام مصر نفوذهم على بلاد الشام عند الضرورة، رسخت هذه معطيات الجغرافيا مع حقائق التاريخ الطويل منذ أيام الفراعنة، الرومان، العرب، التتار، والصليبيين والاستعمار الحديث والإسرائيليين ارتباط أمن مصر واستقلالها الوطني بما يجري وراء حدودها الشمالية الشرقية، لذلك يجب أن ينظر إلى مصر وفلسطين، وخصوصا غزة، كأنهما تشكلان كتلة استراتيجية واحدة؛ لذلك أصبح من أبجديات استراتيجيات الأمن القومي أن فلسطين، وخاصة قطاع غزة تشكل مكوناً رئيسياً في قلب مفهوم الأمن القومي المصري، بينما تسعى إسرائيل للسيطرة عليه لأغراض أمنية وسياسية، حيث ترى أنها تمثل تهديداً أمنياً مباشراً لها بسبب موقعها، ووجود حركات المقاومة المسلحة فيها، وتعتبر السيطرة عليها وسيلة لضمان استقرارها الأمني، ومنع تهريب الأسلحة(ص192).
تشكل الحرب الدائرة على قطاع غزة تحول مفصلية ستعيد رسم معالم علاقات حماس مع النظام السياسي الفلسطيني، وإسرائيل، والدول الإقليمية، والمجتمع الدولي، فقد أدت الحرب إلى تغيير إسرائيل لاستراتيجيات تعاملها عسكرياً مع قطاع غزة، فتاريخياً اتبعت إسرائيل استراتيجية جز العشب القائمة على استخدام القوة العسكرية بشكل دوري لإضعاف قدرات الفصائل المسلحة في غزة، دون السماح بتصعيد يصل إلى انهيار كامل للنظام في القطاع، إذ اتبعت إسرائيل تلك الاستراتيجية لإدراكها أنه لا يمكنها اسقاط حماس دون المخاطرة باحتمالية بزوغ منظمة أكثر تطرفاً لحكم غزة، فضلاً عن عدم رغبة إسرائيل في عودة مسؤولية الحكم في غزة في مرحلة ما بعد الصراع إلى السلطة الوطنية الفلسطينية (ص213).
قرارات الحرب والسلام ومشاريع فصل غزة بعد السابع من أكتوبر:
تشكل الحروب الإسرائيلية على قطاع غزة أداة لتحقيق أهداف استراتيجية خفية تهدف لإعادة تشكيل موازين القوى، وتكريس الانقسام الفلسطيني، ومع كل مواجهة تسعى إسرائيل إلى تقويض المشروع الوطني الفلسطيني، وإضعاف قدرة الفلسطينيين على تحقيق استقلالهم، بينما تحاول الفصائل الفلسطينية تعزيز مكانتها في المشهد السياسي عبر المقاومة " من الثابت أن الدول والكيانات السياسية لا تكشف في ظل الحروب والصراعات الدولية عن كامل أهدافها واستراتيجياتها، فهناك أهداف معلنة، وأخرى خفية، والحروب الإسرائيلية على القطاع لا تخرج عن هذا السياق، فالخفي من أهداف هذه الحروب قد يكون أكثر خطورة على القضية الوطنية من الأهداف المعلنة منها، وضجيج الصواريخ، ودماء الشهداء، وحالة الدمار، والابادة الجماعية قد تكون غطاء لتمرير مخططات كبيرة عجزت السياسة والمواجهات الصغيرة عن تمريرها، فالحرب سياسة؛ ولكن بوسائل عنيفة أو أداة لفتح مغاليق سياسية"(ص206).
السابع من أكتوبر والسياسات الإسرائيلية:
تشكل الحرب الدائرة على قطاع غزة نقطة تحول مفصلية، ستعيد رسم معالم علاقات حماس مع النظام السياسي الفلسطيني، وإسرائيل، والدول الإقليمية، والمجتمع الدولي، ولكن هذه المرحلة تأتي في سياق من التعقيد المتزايد، حيث تخوض حماس معركة ليست فقط عسكرية، بل أيضا وجودية وسياسية تعكس تنازعاً بين دورها كمقاومة مسلحة، وسعيها لتثبيت شرعيتها كسلطة حاكمة، وتشكل هذه الحرب اختباراً لمقدرة حماس على تحقيق توازن بين الصمود العسكري، وضمان العودة لمشهد الحكم الفلسطيني في ظل تحديات سياسية، وأمنية، واقتصادية، وإنسانية متفاقمة.
لكن هذه الحرب أدت إلى تغيير إسرائيل لاستراتيجيات تعاملها عسكرياً مع قطاع غزة، فتاريخياً اتبعت إسرائيل استراتيجية(جز العشب) القائمة على استخدام القوة العسكرية بشكل دوري لإضعاف قدرات الفصائل المسلحة في غزة، دون السماح بتصعيد يصل إلى انهيار كامل للنظام في القطاع " اتبعت إسرائيل تلك الاستراتيجية لإدراكها أنه لا يمكنها اسقاط حماس دون المخاطرة باحتمالية بزوغ منظمة أكثر تطرفا لحكم غزة، فضلا عن عدم رغبة إسرائيل في عودة مسؤولية الحكم في غزة في مرحلة ما بعد الصراع على السلطة الوطنية الفلسطينية "
مستقبل قطاع غزة:
حرك العدوان الإسرائيلي على غزة بعد عملية السابع من أكتوبر مياها راكدة من جديدة بشأن الدعوات إلى التوحيد القوى والفصائل الفلسطينية، عبر التوافق على برنامج وطني موحد يفضي انسجام أدوات العمل الوطني، تحت إشراف وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية بعد انضمام باقي الفصائل إليها، خاصة بعد حديث أثارته الولايات المتحدة الأمريكية في محاولة لثني إسرائيل عن رفضها لمسألة عودة السلطة الوطنية إلى غزة في سياق اليوم التالي للحرب.
" لقد أضحت جهود ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي بعد السابع من أكتوبر ضرورة وطنية، وحتى عربية، سواء فيما يتعلق بإعادة بناء المرجعيات الفلسطينية لضمان أن تكون فصائل المقاومة في غزة جزءاً من الشرعية الفلسطينية، أو توحيد الرؤية الفلسطينية لإدارة الصراع، وذلك من خلال ربط وقف إطلاق النار بخطة سياسية واضحة متفق عليها من كافة الفرقاء الفلسطينيين على قاعدة مواجهة مشروع حكومة مجرم الحرب بنيامين الهادف إلى استكمال النكبة الفلسطينية، مسنوداً في ذلك بغطاء ودعم دولي غير معلن".
تمثل غزة أكثر من مجرد نقطة صراع فلسطيني إسرائيلي، فهي محور للتوازنات الإقليمية والجيوسياسية. وكونها تعتبر بوابة استراتيجية لأمن مصر القومي، فإن استقرارها أو اضطرابها يؤثر مباشرة على الوضع الأمني المصري. بالمقابل، تسعى إسرائيل للسيطرة عليها باعتبارها مركزاً للمقاومة، وترى أن ذلك ضروري لضمان استقرارها الأمني ومنع تهريب الأسلحة.لقد تعرضت حركة حماس بعد السابع من أكتوبر لضربات عسكرية قوية من عمليات اغتيال وقتل واعتقال، طالت عدداً كبيراً من قادتها وكوادرها السياسية والميدانية، ومقاوميها، ومنتسبيها، كما ركز الاحتلال الإسرائيلي عبر جرائمه على قتل مفاصل وقيادات لجنة العمل الحكومي في غزة، وتدمير المؤسسات الحكومية، الخدمية، التعليمية، الصحية، المنشآت الحيوية، البنية التحتية، بهدف انهاء حكم الحركة، وسيطرتها على قطاع غزة.
وفي ختام الدراسة طًرحت سيناريوهات الدور المستقبلي لقطاع غزة في النظام السياسي الفلسطيني الذي تضمن:
ـ سيناريو الوحدة التي تسعى إلى توحيد النظام السياسي الفلسطيني عبر دمج قطاع غزة والضفة الغربية تحت مظلة السلطة الفلسطينية، أو تشكيل حكومة تكنوقراط توافقية تعيد بناء المؤسسات الوطنية، بعد اجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية، وتسعى هذه السيناريوهات إلى تحقيق التوازن بين مصالح الفصائل الفلسطينية المختلفة، وضمان دعم دولي لإعادة اعمار غزة، وفتح أفاق لحل الدولتين.
ـ سيناريوهات الانفصال التي تطرح بقاء غزة ككيان مستقل سواء تحت حكم حركة حماس أو عبر إدارة مدنية مختلطة، بعد احتلال القطاع أو جزء منه، عبر قبول شخصيات فلسطينية تولي هذه الإدارة، بينما يتولى ضابط في جيش الاحتلال توجيه هذه الحكومة، بما يشبه روابط القرى في ثمانينيات القرن الماضي، الذي حاولت إسرائيل تطبيقه في الضفة الغربية أو نموذج جيش لحد الذي نشأ في الجنوب اللبناني، مما يعمق الانقسام الفلسطيني.
ـ الإدارة العربية أو الدولية: يتناول هذا المسار حسب الدراسة، إدارة قطاع غزة من قبل قوى خارجية أو دولية كخيار للتعامل مع الأوضاع في غزة بعد الحرب، سواء بقوة دولية تحت إشراف قوة عربية بتنسيق أمريكي أو قوة عربية دولية، وتختلف الرؤى حول العلاقة مع السلطة الفلسطينية، إذ يرفض الجانب الإسرائيلي أي دور لها، بينما تتبنى خطط أخرى تصوراً يتمثل في دور محدود للسلطة الفلسطينية بعد إصلاحها أو تأجيل تمكينها لإدارة القطاع إلى مرحلة انتقالية تمتد من ثلاث إلى خمس سنوات.