لوحة تذكارية وعظة عن الوفاء والأمل.. تفاصيل تدشين البابا لكنيسة العذراء بالرحاب
تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT
دشن قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، اليوم السبت، كنيسة السيدة العذراء في مدينة الرحاب، بالقاهرة الجديدة.
واستقبل كهنة الكنيسة قداسة البابا لدى وصوله، وقدم له طفلان باقة زهور، ثم توجه إلى اللوحة التذكارية التي تؤرخ للتدشين، وأزاح الستار عنها، ورشمها بالصليب.
مظاهر الاحتفال بوصول الباباتحرك بعدها موكب قداسة البابا إلى داخل الكنيسة، وأمامه خورس الشمامسة وهم يرتلون ألحان القيامة.
ثم بدأت صلوات التدشين، التي شارك فيها خمسة من أحبار الكنيسة حيث تم تدشين ثلاثة مذابح، هي:
١- المذبح الرئيس ودُشِن على اسم السيدة العذراء مريم.
٢- المذبح البحري ودُشِن على القديس مار مرقس الرسول.
٣- المذبح القبلي على اسم القديس يوسف النجار.
كما تم تدشين أيقونة البانطوكراطو (ضابط الكل) بشرقية كل هيكل من الثلاثة هياكل، وكذلك الأيقونات الموجودة في حامل الأيقونات (الأيكونستاز) وفي صحن الكنيسة.
وكتب قداسة البابا كلمة تذكارية بهذه المناسبة، جاء نصها: «في مثل هذا اليوم كان تدشين كنيسة القديسة مريم العذراء بالرحاب في القاهرة الجديدة، بيدي أنا البابا تواضروس الثاني وبحضور الأحبار الأجلاء الآباء المطران والأساقفة والآباء الكهنة والأراخنة وكل الشعب. دمتم في رعاية المسيح وعنايته».
كلمة البابا تواضروسووقع قداسة البابا وكذلك الآباء المطران والأساقفة على نص الكلمة تذكارًا لمشاركتهم في هذا الحدث.
وألقى البابا عظة القداس وتحدث فيها عن فضائل في حياتنا، يجب أن نتعلمها من أشخاص ظهروا في أحداث الصلب والقيامة، وهي:
1- يوحنا الحبيب: "التِّلْمِيذُ الَّذِي كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ" (يو ٢١: ٧)، وكان شخصًا وفيًّا، ورافق السيد المسيح حتى الصليب، وعَهِدَ إليه السيد المسيح برعاية أمه السيدة العذراء، "قَالَ لِلتِّلْمِيذِ: «هُوَذَا أُمُّكَ». وَمِنْ تِلْكَ السَّاعَةِ أَخَذَهَا التِّلْمِيذُ إِلَى خَاصَّتِهِ" (يو ١٩: ٢٧)، فالوفاء صفة من صفات الأمانة، لذلك يجب أن يكون الإنسان وفيًّا ومخلصًا وأمينًا في مسؤوليته.
2- مريم المجدلية: بعد أن أخرج السيد المسيح الشياطين منها صارت إنسانة نقية، وشاهدت أحداث الصليب وهي متألمة وتبكي بحرقة، وأرادت أن تُعبّر عن وفاءها للسيد المسيح، فذهبت باكرًا للقبر بالحنوط، وعندما لم تجد جسده في القبر حزنت حزنًا شديدًا، ولكن تحوّل حزنها إلى فرح شديد عندما سمعت اسمها "قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا مَرْيَمُ» فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: «رَبُّونِي!» الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا مُعَلِّمُ" (يو ٢٠: ١٦)، ونالت جائزة من السيد المسيح عندما كلّفها بأن تُخبر التلاميذ بقيامته، وكان لديها رجاء وأمل وتنظر للمستقبل بعين الإيمان، وصارت كارزة، فالرجاء والأمل يجعل الإنسان ناجحًا.
3- بطرس الرسول: كان مندفعًا، عندما قطع أذن عبد رئيس الكهنة، والسيد المسيح أَبْرَأَهَا في الحال، "قَالَ لَهُ يَسُوعُ: رُدَّ سَيْفَكَ إِلَى مَكَانِهِ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ السَّيْفَ بِالسَّيْفِ يَهْلِكُونَ!" (مت ٢٦: ٥٢). كما أنكر تلمذته للسيد المسيح أمام جارية، ولكن السيد المسيح عالجه من اندفاعه وحرّك فيه مشاعر الحب، "قَالَ لَهُ ثَالِثَةً: «يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، أَتُحِبُّنِي؟» فَحَزِنَ بُطْرُسُ لأَنَّهُ قَالَ لَهُ ثَالِثَةً: أَتُحِبُّنِي؟ فَقَالَ لَهُ: «يَا رَبُّ، أَنْتَ تَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ. أَنْتَ تَعْرِفُ أَنِّي أُحِبُّكَ». قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «ارْعَ غَنَمِي" (يو ٢١: ١٧)، وصار بطرس الرسول كارزًا، لذلك يجب ألا يكون الإنسان مندفعًا في سلوكه.
4- تلميذي عمواس: وكانا بطيئا الفهم، ولم يدركا أن السيد المسيح كان ماشيًا معهما في الطريق، "أَلَمْ يَكُنْ قَلْبُنَا مُلْتَهِبًا فِينَا" (لو ٢٤: ٣٢)، لذلك يجب أن ينتهز الإنسان الفرصة، ويكون منتبهًا ولديه استنارة فكر وبصيرة في القلب.
وأوصى قداسته أن نتعلم من هؤلاء الأربعة الوفاء والرجاء وعدم الاندفاع وعدم البطء في الفهم والاستنارة.
وقال البابا: «ربنا يفرح بلدنا بهدوءها وأمانها واستقرارها، ويعطينا أن تكون مصر واحة سلام، وسط بلدان العالم فتاريخها وحضارتها وماضيها وحاضرها يجعلها بلدًا متميزًا» وأعاد قداسته التذكير بمقولته: «كل بلاد العالم في يد الله أما مصر فهي في قلب الله».
هدية تذكارية للباباوقدم آباء الكنيسة هدية تذكارية لقداسة البابا عبارة عن أيقونة المسيح الراعي الصالح، بينما قدم قداسته هدايا تذكارية لبعض النواب وبعض القيادات الحاضرين.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: البابا تواضروس تدشين الكنيسة السید المسیح قداسة البابا
إقرأ أيضاً:
وحدة الكنيسة بين الواقع والمرتجى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
"وحدة الكنيسة" امنية يتكلم عنها كل المسيحيون وهدف يعملون لأجله.
ولكن ماذا يعنون بالوحدة؟
هل للجميع نفس الفهم لهذا الهدف الأسمى عند المسيحيين؟
لقد تكلم السيد المسيح عن الوحدة بين المسيحيين والتضامن بين بعضهم البعض اكثر من مرة، ولكن هل فهمنا فعلا ما كان يقصد، وهل ننهج انطلاقا من فهمنا لهذه الوحدة؟
مع توسع المسيحية وانتشارها عالميا، نجد ان اشكال الايمان والشكر والليتورجيا تتوسع تدريجيا ملغية أي امل في ان تكون المسيحية موحدة مؤسسيا كما يتخيلها الكثيرون.
ولكن الحل ليس هناك. الوحدة المؤسسية شبه مستحيلة وقد لا تكون هي الوسيلة الناجعة لتحقيق ما نسميه جميعا "الوحدة المسيحية".
لقد اعتمد جزء كبير من المسيحيين حول العالم خيارا رديفا للوحدة المؤسسية المنشودة، أي انضواء جميع مسيحيي الأرض في مؤسسة واحدة، ان اختاروا الوحدة الروحية والوحدة في النهج والخدمة، انطلاقا من سيرة السيد المتجسد وتعاليمه، وهذا الخيار يسمى المسكونية، او العمل المسيحي المشترك.
ان تكونوا موحدين في الروحية والاهداف والمنهج في التعامل مع بني البشر الذين من اجلهم تجسد الرب، فهذا هو جوهر اية وحدة منشودة. ما الضير في ان يكون المسيحيون موزعون على مؤسسات مختلفة وشديدة التنوع، على قدر الحضارات والثقافات التي حلت بها المسيحية، وان يعملوا انطلاقا من مبادئ وقيم موحدة تجاه الناس؟ عند انتفاء إمكانية الدمج الكامل للمسيحيين في بوتقة واحدة، هل نقف متفرجين ننتظر ان تأتي وحدة ما من العدم؟ الا نستطيع ان نعمل معا، ان نصلي ونتأمل ونخدم انطلاقا من قناعة اننا واحد في المسيح وواحد في توجيه الناس نحو الرسالة الخلاصية وتخفيف اوجاعهم؟
الوقوف امام هدف بعيد المنال، صعب التحقيق، لا يجعل الأمور أفضل، لذلك لا بد من خيارات مرحلية تعطي مفاعيل وحدوية تجترحها قدرات المؤمنين الإبداعية وتعطي مفاعيل ذات منفعة للجنس البشري.
في هذا السياق التاريخي، وفي هذا الاتجاه البراغماتي، نشأت الحركة المسكونية وهيئات التنسيق الكنسية في العالم، التي منها مجالس الكنائس.
لقد وعى المسيحيون أهمية الحوار والتنسيق بين بعضهم البعض، فساروا في هذا الاتجاه قدما وارسوا لجان حوار وهيئات تنسيق في شتى المجالات، وقد اثبت هذا التدبير فعاليته على جميع الصعد اذ اصبحوا ينهجون كشخص واحد في المجالات التي يقومون فيها بأعمال مشتركة، اكان في مجال اللاهوت او التنمية او البيئة او الشباب او المرأة او اللاجئين، واللائحة قد تطول.
اما اليوم، في زمن القرية الكونية وثورة المعلومات والثورة الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، فإن الاعلام يقوم بدور أساسي وحيوي في دفع الوحدة المسيحية قدما، اذ عبره يجري تعميم قيم وتطلعات وتوجهات وحدوية قدما مما يؤدي الى انشاء روحية عامة مشتركة بين المجموعات المسيحية في العالم، حتى ولو تباعدت على صعد ثقافاتها الأولية وحتى لاهوتها.
لقد أحدثت وسائل وتقنيات التواصل نقلة نوعية في العلاقات بين الكنائس في العالم، اذ رفعت من الشعور بالقضايا المشتركة كما رفعت نسبة التآزر بين المسيحيين، افرادا ومؤسسات، وهذا ليس بمستغرب اذ يقوم الاعلام بدور التنشئة الاجتماعية للبشرية برمتها، متخطيا دور العائلة والمدرسة بذلك.
ان يكون المسيحيون حالة إعلامية متقدمة، فإن ذلك يعني انهم يشكلون حالة معرفية وروحية متقدمة، ويتعاملون مع الناس بمنطق الكيان الواحد، الموحد في تطلعاته ولو كان متنوعا في تركيبته.
يعول المسيحيون كثيرا على الاعلام، أولا من اجل إيصال الرسالة الخلاصية الى الناس، وثانيا من اجل شد أزر المسيحيين وجعلهم يشعرون انهم واحد في مواجهة الاخطار المحدقة بإنسان زمن الحداثة.