تحذير إسرائيلي من تحوّل الولايات المتحدة إلى عدو جديد
تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT
لا تتوقف الانتقادات الاسرائيلية الموجهة للموقف الأمريكي بزعم أن مقاربته لإبرام اتفاق مع حماس يحمل عيوباً إشكالية، لكن ذلك لا يمنح الحق لحكومة الاحتلال بوصول الخلاف مع واشنطن الى مستوى غير مسبوق من العداء المتبادل، لاسيما وأن التحالف الدولي الذي نشأ عقب هجوم السابع من أكتوبر، ودعم الاحتلال في عدوانه ضد الشعب الفلسطيني في غزة، آخذ بانفراط عقده وتفككه، حتى بقيت واشنطن لوحدها داعمة لتل أبيب، وبالتالي فإن الأخيرة لديها الكثير لتخسره في حال فقدت آخر الداعمين وأهم الحلفاء.
ياكي ديان٬ كبير موظفي وزارة الخارجية الأسبق، والقنصل الإسرائيلي في لوس أنجلوس، أكد أن "قرار الرئيس جو بايدن بمنع تقديم الأسلحة الهجومية لدولة الاحتلال٬ إن قرر اجتياح رفح، يعني أننا أمام زلزال سياسي عسكري، ويعرّضنا للمفاضلة بين خيارين قاسيين، أولهما التنازل عن الوصول إلى رفح، وثانيهما الدخول في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي".
وأضاف في مقال نشرته القناة 12، وترجمته "عربي21" أن "من يحلم من المسؤولين الإسرائيليين بتغيير الإدارة في واشنطن، عليه أن يتذكر أولا كلام الرئيس السابق دونالد ترامب الصريح عن بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة، وحقيقة أن الإدارة الحالية، حتى لو خسرت في الانتخابات المقبلة، فأمامها على الأقل ثمانية أشهر أخرى من العمل حتى بداية يناير من العام المقبل، وخلال هذه المدة الطويلة ستتحدد الكثير من الحقائق في قطاع غزة ولبنان".
وأشار أن "العام 1982، وفي أعقاب الاجتياح الإسرائيلي للبنان، قرر الرئيس الراحل رونالد ريغان وقف شحنات القنابل العنقودية المقدمة للاحتلال، وقد استمر هذا الحظر ست سنوات".
وأضاف "وفي عام 2006 طلب الرئيس السابق جورج بوش دراسة استمرار الإمدادات الأميركية خلال حرب لبنان الثانية، وبالتالي فإن الحظر الجديد للأسلحة الهجومية يحوز على خطورة إضافية تتعلق بمسألة التوقيت، لأن الاحتلال يمرّ في مرحلة حرجة في المفاوضات مع حماس بشأن المختطفين، ولا يملك سوى أدوات قليلة جداً للضغط عليها".
وأكد الكاتب أننا "على بعد أكثر من سبعة أشهر من اندلاع حرب غزة، ويجب أن نفهم الحساسيات الأميركية على الساحة الداخلية أيضاً، فالانتخابات بعد ستة أشهر، وتبدو متقاربة جداً، وبايدن متخلف في معظم استطلاعات الرأي، وهو يحاول تنظيف كل الضوضاء الخلفية التي قد تتدخل، بما فيها المظاهرات في الجامعات، والمعارضة المتزايدة داخل الحزب الديمقراطي، كما أن التحالف الدولي الذي وقف بقوة بجانب الاحتلال منذ السابع من أكتوبر يتفكك ببطء، حتى ظهرت الولايات المتحدة اللبنة الأخيرة فيه.
وأوضح أنه "في بداية الحرب كان الأمريكيون شركاء كاملين في هدفيها، من إعادة المختطفين٬ وإضعاف قدرات حماس، لكنهم الآن انتقلوا للهدف الأول فقط، وبشكل كامل وسريع، لأن الثاني بالنسبة لهم لم يتحقق، وأصبح إطلاق سراح المختطفين هو خطة الخروج من الحرب، تمهيدا لتحقيق رؤية بايدن الخاصة بالشرق الأوسط الذي يسعى إليه، وتقوم على: صفقة تبادل، وقف الحرب، دخول الدول العربية المعتدلة في غزة، تسوية إدارية بديلة لحماس عبر سلطة فلسطينية متجددة، والتطبيع مع السعودية، ودولة فلسطينية في نهاية العملية".
وأشار أن "هناك تناقضا كبيرا بين رؤية بايدن والواقع الإسرائيلي، ورغم كل هذه الخلافات، فلا يجب أن تصبح الولايات المتحدة العدو الجديد للاحتلال، كما نسمع من الأطراف الإسرائيلية، خاصة من اليمين، لأن لدينا ما يكفي من الأعداء، ولولا الدعم الأميركي الهائل في مجال السلاح والمظلة الدبلوماسية، لم تصل إسرائيل لهذه النقطة، فالمساعدات الأميركية استثنائية من حيث الكم والنوع، وفي حال توقفت فيمكن أن تكون لها عواقب إشكالية للغاية بالنسبة لنا".
وحذر أن "مخالفة التوجهات الأمريكية الخاصة باجتياح رفح، تعني إفساح المجال أمام الجزائر والصين وروسيا كي تتخذ قرارًا فوريًا بإنهاء الحرب، صحيح أنه ليس وفق الفصل السابع ذو الأبعاد العسكرية، ولكن وفق الفصل السادس الذي يعني فرض عقوبات اقتصادية على الاحتلال، كما أن الدول التي تقف بالفعل على الحياد فيما يتعلق بتوريد أو شراء الأسلحة من إسرائيل سترفض التعامل معنا، وهذه الأزمة ستوضح للجميع، بما فيها السعودية، أن الطريق إلى واشنطن لا يمر عبر تل أبيب".
تكشف هذه المخاوف الإسرائيلية عن بداية فقدان الاحتلال للدعم الأمريكي العام، وتركزه في الحزب الجمهوري، بما خالف السياسة الإسرائيلية طيلة ثمانين عاما ماضية حين كانت الصهيونية موضوعا مُجمعاً عليه بين الحزبين، وطالما أن العالم بات يعود تدريجيا الى تقسيمات الحرب الباردة من أوكرانيا إلى إيران، فإن دولة الاحتلال تحاول الانتماء لما تعتبره "الجانب الصحيح من التاريخ"، مما يستدعي العودة للحوار الاستراتيجي مع الأميركيين، وتقديم خطة منظمة بجداول "اليوم التالي" في غزة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية حماس غزة الإسرائيلي رفح الولايات المتحدة إسرائيل حماس الولايات المتحدة غزة رفح صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
هل يعتبر التضخم في الولايات المتحدة تحت السيطرة؟
توقع تقرير لبنك قطر الوطني تباطؤ التضخم في الولايات المتحدة بشكل أكبر خلال العام المقبل، مدفوعاً بتطبيع استخدام الطاقة الإنتاجية، وتعديلات تكلفة الإسكان، واحتمال ضبط الأوضاع المالية العامة خلال ولاية ترامب الثانية مع تولي بيسنت منصب وزير الخزانة.
وقال التقرير تحت عنوان " هل يعتبر التضخم في الولايات المتحدة تحت السيطرة؟ بعد أن بلغ ذروته عند 5.6% سنوياً قبل أكثر من 30 شهراً في يونيو 2022، عاد التضخم في الولايات المتحدة تدريجياً ليقترب من نسبة 2% المستهدفة في الأشهر الأخيرة. وكان هذا إنجازاً كبيراً لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ومبرراً لبداية دورة التيسير النقدي في شهر سبتمبر من العام الجاري، عندما تم إقرار تخفيضات أسعار الفائدة لأول مرة منذ بداية الجائحة في عام 2020.
وعلى الرغم من النجاح والتقدم في السيطرة على التضخم، فإن المخاوف بشأن أسعار المستهلك في الولايات المتحدة لا تزال تلقي بظلالها على أجندة المستثمرين. في الأسابيع الأخيرة، أدت بيانات التضخم الأعلى من المتوقع و"الاكتساح الجمهوري"، مع فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية وهيمنة حزبه على الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب، إلى مخاوف بشأن توقعات التضخم. والأهم من ذلك، أن المقياس الرئيسي لبنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو التضخم الأساسي في نفقات الاستهلاك الشخصي، والذي يستثني الأسعار المتقلبة للطاقة والمواد الغذائية من المؤشر، لا يزال أعلى من النسبة المستهدفة. وهناك مخاوف من أن "الجزء الأخير" من عملية السيطرة على التضخم قد لا يكون سهلاً كما كان متوقعاً في السابق، وأن "النسخة الثانية من سياسة أمريكا أولاً" قد تؤدي إلى زيادة التضخم، بسبب التوسع المالي وارتفاع الرسوم الجمركية على السلع المستوردة.
وأوضح تقرير QNB أن احتمالية ارتفاع التضخم أدت بالفعل إلى تغيير كبير في التوقعات المرتبطة بحجم ووتيرة التيسير النقدي الذي سينفذه بنك الاحتياطي الفيدرالي في عام 2025. ففي غضون أسابيع قليلة، خفض مستثمرو أدوات الدخل الثابت توقعاتهم بشأن تخفيضات أسعار الفائدة من 150 نقطة أساس إلى 50 نقطة أساس فقط، مما يشير إلى أن سعر الفائدة الأساسي على الأموال الفيدرالية سيستقر في نهاية العام المقبل عند 4% بدلاً من 3%
ويرى التقرير أنه بغض النظر عن جميع المخاوف والصدمات المحتملة التي قد تؤثر على الأسعار الأمريكية، فإننا نعتقد أن التوقعات المرتبطة بالتضخم في الولايات المتحدة إيجابية، بمعنى أن التضخم سيعود تدريجياً إلى النسبة المستهدفة (2%) ما لم تحدث أي تطورات جيوسياسية كبيرة أو تصدعات في السياسة الأمريكية.
ويوضح أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية تدعم وجهة نظرهم وهي:
أولاً، شهد الاقتصاد الأميركي بالفعل تعديلات كبيرة في الأرباع الأخيرة، الأمر الذي ساهم في تخفيف حالة نقص العرض وارتفاع الطلب التي كانت تضغط على الأسعار. ويشير معدل استغلال الطاقة الإنتاجية في الولايات المتحدة، قياساً بحالة سوق العمل والركود الصناعي، إلى أن الاقتصاد الأميركي لم يعد محموماً. بعبارة أخرى، هناك عدد مناسب من العمالة لفرص العمل المتاحة، في حين أن النشاط الصناعي يسير دون اتجاهه الطويل الأجل. وتأقلمت سوق العمل بالكامل وهي الآن عند مستوى طبيعي، حيث بلغ معدل البطالة 4.1% في أكتوبر 2024، بعد أن كان قد بلغ أقصى درجات الضيق في أوائل عام 2023 عندما تراجع بكثير من مستوى التوازن إلى 3.4%. وتدعم هذه الظروف التخفيف التدريجي لضغوط الأسعار.
ثانياً، سيصبح انخفاض التضخم في أسعار الإسكان مساهماً رئيسياً في انخفاض التضخم الإجمالي في الأرباع القادمة. يمثل الإسكان ما يقرب من 15% من مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي، ويشمل الإيجار أو، إذا كانت الوحدة السكنية مملوكة للمالك، ما قد يكلفه استئجار وحدة مماثلة في سوق الإسكان الحالية. بلغ التضخم في الإسكان ذروته عند 8.2% في أبريل 2023، حيث تأخر كثيراً عن ذروة التضخم الإجمالي، مما يعكس "ثبات" الأسعار، نظراً لأن العقود تستند إلى الإيجار السنوي. لذلك، تتفاعل الأسعار بشكل أبطأ حيث عادة ما يظهر تأثير تغير الأوضاع الاقتصادية الكلية عليها بشكل متأخر. انخفض تضخم الإسكان بوتيرة ثابتة منذ منتصف عام 2023 وهو حالياً أقل من 5%. تُظهر مؤشرات السوق للإيجارات المتعاقد عليها حديثاً، والتي تتوقع الاتجاهات في الإحصائيات التقليدية، أن تضخم الإيجار أقل من مستويات ما قبل الجائحة. وهذا يشير إلى أن مكون الإسكان في الأسعار سيستمر في التباطؤ في عام 2025، مما يساعد في خفض التضخم الإجمالي.
ثالثاً، غالباً ما يتم المبالغة في المخاوف بشأن الطبيعة التضخمية للنسخة الثانية من سياسة الرئيس ترامب الاقتصادية "أميركا أولاً". ستبدأ إدارة ترامب الجديدة في ظل بيئة وطنية ودولية مختلفة تماماً عن ظروف الولاية السابقة في عام 2016، حيث سيكون نطاق التحفيز المالي الكبير مقيداً أكثر. لقد اتسع العجز المالي الأميركي بالفعل بشكل كبير من 3% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016 إلى 6% في عام 2024، مع زيادة نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في نفس الفترة من أقل من 100% إلى ما يقرب من 125%. وأعرب وزير الخزانة القادم، سكوت بيسنت، الذي يعتبر "أحد الصقور" في القطاع المالي، بالفعل عن نيته "تطبيع" العجز إلى 3% بحلول نهاية الولاية. بعبارة أخرى، سيتم تشديد الأوضاع المالية أكثر بدلاً من تخفيفها، وهو ما من شأنه أن يساهم في إبطاء ضغوط الأسعار، على الرغم من أي تأثيرات ناجمة عن سياسات التعريفات الجمركية والهجرة التي لم يتم إضفاء الطابع الرسمي عليها بالكامل بعد.