تراجعت حدّة الكباش السياسي الداخلي في الاسابيع القليلة الماضية على وقع المبادرات الدولية التي تكثّفت بهدف الوصول الى تسوية سريعة في الجنوب وبالتالي إلى وقف إطلاق نار بين "حزب الله" من جهة وإسرائيل من جهة ثانية، لكن الخلاف المتجذر في الحياة السياسية اللبنانية بات اليوم يوحي بأن فكرة "الطلاق" اصبحت متداولة بين فئات المجتمع لأن التراشق الاعلامي والاختلاف الموجود يطال بشكل اوسع جوانب ثقافية وإجتماعية.

.

لكن "حزب الله" يتعامل اليوم بكثير من الهدوء مع الداخل اللبناني، ويحاول وضع الإنفعال السياسي جانباً، ليس لأنه يركز على المعركة العسكرية التي قد تتوسع إلى حرب شاملة في أي لحظة، بل لأنه يرى مصلحته الاستراتيجية في "تصفير" الخلافات مع الاحزاب والقوى السياسية في الداخل اللبنانية، لكن هذا الهدف يبدو بعيد المدى ولا يمكن تحقيقه، وعليه كان لا بدّ من وضع سياسة مرحلية تساعده في ادارة معركته الحالية سياسياً واعلامياً.

من الواضح أن "حزب الله" لا يريد زيادة حجم الخلاف السياسي الداخلي مع القوى التي يخاصمها بشكل دائم، مثل "القوات اللبنانية" و"الكتائب" وقوى التغيير، اذ عمد إلى إلتزام الصمت في الكثير من الاحداث التي كانت تتناوله بشكل مباشر، وقرر تجاوزها وعدم خوض أي معركة اعلامية لان من مصلحته تخفيف حدة التوتر في الشارع، على اعتبار أن المعركة الحالية تتطلب اكبر نسبة إلتفاف شعبي من مختلف البيئات الطائفية والمناطقية، وقد تحدث تطورات كبرى تساهم في تهجير عدد أكبر من اللبنانيين الى مناطق مختلفة.

كذلك بالنسبة لحلفائه، يعمل الحزب على احتواء اي خلاف او انتقاد من الحلفاء، وهذا ينطبق حرفياً على علاقة الحزب ب"التيار الوطني الحرّ"، اذ تحافظ حارة حريك على علاقة ودية مع التيار وعلى تواصل مستمر مع الرئيس السابق ميشال عون وحتى مع النائب جبران باسيل، وذلك يمنع اي خلاف معه من الوصول الى مرحلة العداء أو أقله يترك هوامش كبرى للقواعد الشعبية للتعامل بشيء من الود، وحتى مع رئيس تيار "التوحيد" وئام وهاب الذي ذهب بعيداً في انتقاد الحزب ومعركته بقي التواصل الودي مستمراً.

حتى ان "حزب الله" يحاول الإستفادة من الظروف الحالية، وتحسين علاقته بالقوى السنّية المختلفة التي تتقاطع معه على دعم غزة، كما يحسن علاقته بشكل عميق مع الرئيس السابق للحزب "التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط الذي ابتعد عن المعارضة وبات يمكن الإتفاق معه على اكثر من نقطة خلافية، ما دام هناك تقاطع واضح على القضية المرتبطة بالصراع مع إسرائيل وكيفية إدارة المعركة الحالية، من هنا بات الحزب أكثر قدرة على التقارب مع الافرقاء الذين كانوا حتى الامس القريب خصوما جديين.


يستفيد "حزب الله" من تخفيف التوترات الداخلية في معركته العسكرية، لكنه ايضا يمهد الطريق لتعزيز وضعيته السياسية في اي تسوية مقبلة من خلال استقطاب حلفاء جددا، وزيادة حجة البنية النيابية القريبة منه، هذا كلها سيجعل من حارة حريك اكثر تجذرا في المؤسسات الدستورية ويؤجل اي صدام داخلي...
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

آخر بيان لـحزب الله.. ماذا أعلن؟

أعلن "حزب الله"، مساء اليوم السبت، شنّ هجمات جديدة ضدّ تجمعات لقوات العدو الإسرائيليّ داخل جنوب لبنان وفي المستوطنات الإسرائيلية المحاذية للحدود.     وذكر الحزب أنه استهدف تجمعاً لقوات جيش العدو في مستوطنتي المنارة وميرون، مشيراً إلى أنه قصف دبابات ميركافا بصاروخٍ مُوجّه وذلك عند الأطراف الشرقية لبلدة البياضة، ما أدّى إلى تدميرها.   كذلك، شنّ الحزبُ هجوماً بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على تجمعٍ لقوات جيش العدو الإسرائيلي في بوابة العمرا عند الأطراف الجنوبية لمدينة الخيام، وأصابت أهدافها بدقّة.   كذلك، قصف الحزب دبابة ميركافا بصاروخٍ موجّه، في محيط المدرسة في بلدة الجبين، ما أدى إلى تدميرها، ووقوع طاقمها بين قتيل وجريح.   وللمرّة الثانية، استهدف الحزب بواسطة سربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة، قاعدة شراغا (المقر الإداري لقيادة لواء غولاني) شمالي مدينة عكا المُحتلّة.    




مقالات مشابهة

  • خبير عسكري: المعادلة الميدانية تفرض على إسرائيل العودة للحل السياسي
  • وزارة الخارجية تلفت نظر المجتمع الدولي للفظائع التي يرتكبها مليشيا الجنجويد بشكل منهجي ضد النساء
  • خبير: المعارك بين الاحتلال الإسرائيلي وحزب الله في جنوب لبنان «ضارية وقوية»
  • لاريجاني: حزب الله أصبح ينتج الصواريخ بشكل مستقل
  • آخر بيان لـحزب الله.. ماذا أعلن؟
  • عبدالمنعم سعيد: الحزب الجمهوري الحالي ينحاز بشكل مطلق لإسرائيل
  • عبدالمنعم سعيد: الحزب الجمهوري حاليا ينحاز بشكل مطلق لإسرائيل
  • أنقرة: واشنطن قد تجنح للتسوية في سوريا إن تم تجميد النزاع في أوكرانيا
  • المعارضة تفشل في مواجهة حزب الله: لا تسوية معه
  • هدف جديد لـحزب الله... هذا ما بدأ بقصفه