ظلال قاتمة لتعاظم ديون أمريكا
تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT
المناطق_متابعات
خلال شهر مارس الماضي، قال مدير هيئة الرقابة المالية المستقلة التابعة للكونغرس الأمريكي، فيليب سواجل، لصحيفة فايننشال تايمز، إن أمريكا تخاطر بتعرضها لصدمة سوقية مماثلة لما حدث مع ليز ترس؛ بسبب زيادة تراكم ديونها.
وكانت إشارته إلى الميزانية «المصغرة» التي أقرتها رئيسة الوزراء البريطانية السابقة في سبتمبر 2022 -التي أدّت إلى ارتفاع مفاجئ في عائدات السندات الحكومية البريطانية واضطرابات في الأسواق المالية- محاولة للتحذير من التقاعس، وليس تحذيراً من انهيار وشيك.
إن فيليب سواجل محق في دق ناقوس الخطر، لا سيما أن ديون أمريكا باتت على مسار غير محتمل، ويتوقع مكتب الميزانية التابع للكونغرس أن تتجاوز نسبة الدين الأمريكي إلى الناتج المحلي الإجمالي أعلى مستوى لها خلال الحرب العالمية الثانية لتصل إلى 106 % بحلول نهاية العقد الحالي، وستستمر في الارتفاع.
ومن المتوقع أن يبلغ متوسط العجز الإجمالي 5.5 % من الناتج المحلي الإجمالي حتى عام 2030 – وهو ما يزيد بنحو نقطتين مئويتين عن متوسط ما بعد عام 1940، كما من المتوقع أن يستمر صافي مدفوعات الفائدة، الذي يبلغ حالياً قرابة 3 % من الناتج المحلي الإجمالي، في الارتفاع.
والسياسة عامل يسهم في تفاقم الوضع، فرغم إدراك كل من الديمقراطيين والجمهوريين أهمية المسؤولية المالية على المستوى النظري، لكن كلاهما ليسا على استعداد لترشيد النفقات، خاصة في عام الانتخابات.
واقترح جو بايدن خطة موازنة بقيمة 7.3 تريليونات دولار لعام 2025، وتعهد منافسه الرئاسي، دونالد ترمب، باستئناف خفض الضرائب الذي صدر خلال فترة ولايته في البيت الأبيض، والذي قد يضيف نحو 5 تريليونات دولار أخرى إلى ديون البلاد، وفقاً للجنة الميزانية الفيدرالية المسؤولة، وهي هيئة رقابية مالية.
ويفرض تنامي الديون الأمريكية ضغوطاً تصاعدية على تكاليف الاقتراض الأطول أجلاً، ويمكن للسياسات المالية المتساهلة أن ترفع توقعات التضخم والمخاطر المتوقعة للاحتفاظ بالديون لفترات طويلة، مع الحاجة إلى استيعاب التدفق الكبير لإصدار سندات الدين من قبل مستثمرين أكثر حساسية للأسعار، خاصة مع انخراط بنك الاحتياطي الفيدرالي الآن في عمليات التشديد الكمي.
وتعزز العائدات المرتفعة تكاليف الاقتراض، وقد تقوّض النمو الاقتصادي، وثمّة قابلية متزايدة للتأثر بالتقلبات السريعة والمعوقة في أسواق السندات الأمريكية، ويخلف ذلك تداعيات تمتد إلى الائتمان والاستقرار المالي خارج البلاد كذلك؛ نظراً لأن سندات الخزانة الأمريكية تعمل كمعيار لتسعير الديون عالمياً.
وتشير أبحاث صندوق النقد الدولي إلى أن زيادة بمقدار نقطة مئوية واحدة في أسعار الفائدة الأمريكية أدت إلى زيادة قدرها 90 نقطة أساس في عائدات سندات الاقتصادات المتقدمة الأخرى.
وزيادة بمقدار نقطة مئوية واحدة في الأسواق الناشئة، وستسفر القيود المفروضة على النمو المحلي والعالمي عن تفاقم التحدي المتمثل في تقليص الدين.
فالثقل الاقتصادي يمنح أمريكا مرونة كبيرة، والدور الذي يلعبه الدولار كعملة احتياطية دولية يضمن طلباً مستمراً على ديون الولايات المتحدة، ويمكن بالفعل أن يسهم نمو الإنتاجية المدفوع بالذكاء الاصطناعي إلى تخفيف أزمة ديونها.
إلا أن النفوذ العالمي الذي تتمتع به البلاد قد يعزز شعوراً خطيراً بالرضا عن الذات بين ساستها، وتجاهل القرارات الصعبة المتخذة بشأن الضرائب والإنفاق اللازمة لوضع الدين في مسار مستدام يبقي الاقتصاد على مسار محفوف بالمخاطر وسط حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي.
على سبيل المثال، قد يثير فوز ترامب بفترة رئاسية أخرى مخاوف كبيرة، وتثير التقارير التي تشير إلى أن فريقه يعكف على وضع مقترحات للحد من استقلال بنك الاحتياطي الفيدرالي قلقاً بالغاً بشأن كبح جماح التضخم، وتعتمد سوق السندات على الوضوح والثقة في سياسة الحكومة، وليس بوسعها أن تشهد بذلك.
ومن بين المخاطر أيضاً تفاقم عدم الاستقرار الجيوسياسي والمخاطر في الأسواق المالية، بداية من رأس المال الخاص إلى مشكلات تتعلق بالسيولة في سوق سندات الخزانة، ومن الممكن أن تؤدي الصدمات إلى تراجع النمو وإحداث ارتفاع حاد في العوائد، ما يزيد من تفاقم ديناميكيات الديون.
وفي النهاية، يحتاج صناع السياسات عاجلاً أو آجلاً إلى المشاركة في الجهود التي يبذلها الحزبان للتفكير بجدية في كيفية قيام أمريكا بتمويل نفسها بشكل يتسم بالمسؤولية، وإذا لم يحدث ذلك، فقد يضطرهم المتعاملون في سوق السندات المذعورين للقيام بذلك.
وكما قال كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي بيير أوليفييه غورنشا، الشهر الماضي: «لابد من تقديم بعض التنازلات».
المصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: أمريكا
إقرأ أيضاً:
حكم من مات وعليه ديون وماله محجوز عليه.. الإفتاء توضح التصرف الشرعي
اجابت دار الإفتاء المصرية سائل يقول: توفي رجل وعليه ديون، وله مال محجوز عليه من دائنين بمقتضى أحكام. فهل المال المحجوز عليه يعتبر من مال المتوفى؟ وإذا كان يعتبر من ماله فهل يقدم فيه مصاريف التجهيز والتكفين والدفن على قضاء الديون؟ وهل يدخل في التجهيز والتكفين إقامة ليلة المأتم يصرف فيها أجرة سرادق وفراشة؟ وما هو الكفن اللازم شرعًا؟
لترد دار الإفتاء موضحة، أنَّ الظاهر أن هذا المال المحجوز يبقى على ملك المدين إلى أن يصل إلى الدائنين؛ ولذلك لا يبرأ المدين من الدين إلا بوصول هذا المال إلى الدائن أو وكليه في القبض، ولو اعتبر ملكًا للدائنين بمجرد الحجز، واعتبر مَن في يده المال وكيلًا عن الدائنين قبضه كقبضهم لبرئت ذمة المدين بقبض مَن في يده المال مع أن الظاهر خلاف ذلك، وحينئذٍ إذا لم يصل هذا المال إلى الدائنين ووكلائهم في القبض في حياة المُتوفَّى كان ملكًا للمتوفى واعتبر تركة عنه بموته، وإذ كان هذا المال تركة عن المتوفى وهي مستغرقة بالدين فالواجب تقديمه في هذا المال هو تجهيزه إلى أن يوضع في قبره، وتكفينه كفن الكفاية وهو ثوبان فقط، ولا يكفن كفن السنة وهو ثلاثة أثواب ممَّا يلبسه في حياته إلا برضاء الدائنين، وما صرف زيادة عن ذلك من أجرة سرادق وفراشة وثمن قهوة.. إلخ لا يلزم ذلك في مال المُتوفَّى وإنما يلزم به مَن صرفه ومَن أذنه بالصرف من الورثة، وبهذا عُلِم الجواب عن السؤال متى كان الحال كما ذُكِر.
حكم من مات وعليه دين يصعب سدادهورد إلى دار الإفتاء المصرية، من خلال منصة الفيديوهات "يوتيوب"، سؤالاً تقول صاحبته: زوجي مات وعليه دين وأنا وأولادي يصرف علينا والدي.. فما حكم هذا الدين؟
وقال الدكتور محمود شلبي أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن دين المتوفى يسدد مما تركه حال رحيله عن الحياة سواء أموال أو عقارات أو قطعة أرض وغيرها، أما وإن مات ولا يملك شيء فأمر هذا الدين إلى الله سبحانه وتعالى.
وأجاب شلبي على السائلة:" والدك يصرف عليكي أنت وأبنائك جزاه الله خيرا، وليس عليكي أي شيء في أمر الدين طالما لا تستطيعن السداد".
حكم من مات وعليه دينقال الدكتور مجدى عاشور، المستشار العلمى لمفتى الجمهورية، ردا على سؤال حكم من مات وعليه دين: يجب على كل من استدان أو أخذ قرضاً لابد أن ينوى نية صحيحة ويعقد العزم على أن يسد هذا الدين ما دام يستطيع، ومن مات وعليه دين فعلى ورثته أن يقضوا هذا الدين عنه لأن هذا الدين هو فى رقبة هذا المدين الذى مات والنبي صلى الله عليه وسلم بيًن أن الميت مرهون بدينه ولم يصل النبي صلى الله عليه وسلم على رجلاً عليه دين عندما سأل عليه دين قالوا ديناران فقال صلوا أنتم عليه، وفى حديث أخر (نفس المؤمن مُعلَّقة بدَيْنِه حتى يُقْضَى عنه).
وأشار الى أن من مات وعليه دين ولم يستطيع أن يقضيه ولم يكن له أحداً يقضي هذا الدين وكان ينوى فى حال حياته أنه سيقضي هذا الدين فإن الله عز وجل بفضله يتحمل عنه هذا الدين.
حكم من مات وعليه دين
قال الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إنه يجب على الورثة المسارعة إلى قضاء ديون ميتهم مما ترك من المال، إن كان ترك مالًا.
وأضاف «ممدوح» في إجابته عن سؤال: «إذا توفي شخص مدين ولا نعلم الدائن هل يجوز إخراج صدقة بنية سداد الدين؟»، أنه في هذه الحالة يجوز إخراج صدقة بنية سداد الدين.
وأوضح أنه إذا مات المسلم وعليه ديون وترك أموالًا فأول عمل يقوم به ورثته هو تجهيزه وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، ومن ثمَ تسديد ديونه، وبعد ذلك إنفاذ وصيته إن كان قد أوصى، وبعد ذلك يوزع باقي المال على الورثة، وينبغي أن يعلم أن نَفْسَ المؤمن إذا مات تكون معلقةً بدينه حتى يقضى عنه، كما ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» رواه الترمذي (1078).