الجليل مقابل الجنوب...هل يسبق حزب الله إسرائيل؟
تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT
حاول كثيرون ممن يعملون في الكواليس على إيجاد حل للوضع المتفجر على الجبهة الجنوبية أن يفهموا ماذا يجري هناك في ضوء التصعيد غير المسبوق بالتزامن مع دخول الجيش الإسرائيلي رفح فلم يجدوا تفسيرًا لهذا التصعيد من قِبل إسرائيل، التي تُقابل بمثله إن لم يكن أعنف، خصوصًا أن المسعيين الأميركي والفرنسي، مع ما لكل من واشنطن وباريس من "مونة" ضمنية، وكل من موقعه، على "تل أبيب" من جهة، وعلى "حارة حريك" من جهة ثانية، يُقابلا بالرفض من قِبل إسرائيل أو من قِبل "حزب الله"، اللذين لا يزالان يصرّان على شروطهما، التي يبدو أنها قابلة للأخذ والرد في حال توقّفت آلة الحرب عن حصد الأبرياء في غزة مقابل ضمان عدم قيام "الحزب" بعملية مشابهة لعملية "طوفان الأقصى" بنسخة لبنانية في اتجاه الجليل الأعلى، الذي يبقى في مرمى نيران "المقاومة الإسلامية" ما دامت غزة تُحرق بالنيران الإسرائيلية.
فعلى رغم التصعيد غير المسبوق الذي شهدته الجبهة الجنوبية في اليومين الأخيرين فإن "باريس" لا تزال تراهن على أن تلقى الصدى الإيجابي ردًّا على ورقتها من الجانب اللبناني بعدما أبدت ليونة في دراستها للملاحظات، التي أبدتها "حارة حريك" بالتنسيق مع الرئيس نبيه بري، الذي كانت له بصمات واضحة على الكثير من الملاحظات المتوافق عليها، والتي وصل عددها إلى نحو أربع عشرة ملاحظة تناولت الشكل والمضمون. وما يدفع الفرنسيين إلى التفاؤل المشوب بالحذر ما لمسوه من وجود نية، ولو غير مكتملة عناصرها، لدى جميع الأطراف، بإمكانية التوافق على مبدأ أن يكون القرار 1701 القاعدة الصلبة لمنصة يمكن الانطلاق منها في اتجاه أي حل مستدام، وذلك من خلال تطعيمه بما جاء في اتفاق الهدنة بين لبنان وإسرائيل وما في "اتفاق نيسان" من أسس لا تزال صالحة للتوافق على ما من شأنه أن ينهي الوضع الشاذ، الذي تعيشه المنطقتان الجنوبية والشمالية، من دون أن يعني ذلك إعفاء إسرائيل من مسؤولية السعي إلى جرّ لبنان إلى حرب لا يريدها، وهي حرب تدخل في أولويات "الأجندة السياسية" لرئيس حكومتها بنيامين نتنياهو، خصوصًا أن تل أبيب رفضت الملاحظات التي أقترحها "حزب الله" على الورقة الفرنسية، وأصرّ على صيغتها الأساسية غير المعدّلة. وهذا إن دّل على شيء فعلى رفض أي مسعى قد يُشتمّ منه التوصل إلى ما يضع حدًّا للغطرسة الإسرائيلية.
واستنادًا إلى هذا التعنّت الإسرائيلي فإن الاعتقاد السائد في لبنان هو أن الورقة الفرنسية ستطوى إلى أن تثمر الاتصالات الفرنسية مع الإدارة الأميركية للضغط أكثر على حكومة نتنياهو من أجل انزالها عن شجرتي غزة والجنوب، واقناعها بعدم جدوى ما تقوم به من اعتداءات لن تؤدّي إلا إلى المزيد من التشنج والتصعيد. وقد يكون قرار تعليق إرسال المساعدات العسكرية الأميركية لحكومة الحرب في تل أبيب خطوة أولى في مسيرة الألف ميل تعويضًا عمّا فات واشنطن من قرارات كان لزامًا عليها اتخاذها منذ زمن بعيد. ولكن أن تأتي هذه الخطوة الأميركية متأخرة أفضل من ألا تأتي أبدًا، وقد أملتها التظاهرات الطالبية في كبريات الجامعات الأميركية.
ولا يستبعد المراقبون أن يلجأ نتنياهو وحكومته الحربية إلى سياسة الهروب إلى الأمام، اعتقادًا منهما أنهما قد يجبران العالم بهذه الطريقة إلى اللحاق بهما، مما يعني أن خيار الحرب، سواء في غزة أو جنوب لبنان، هو الخيار الوحيد لديهما، وهما ماضيان به حتى ولو توافق العالم كله ضدهما. وعليه فإن الدخول إلى رفح قد أطاح بكل الجهود التي سعت إلى تجنيب هذه المدينة الغزاوية مصيرا محتوما. فإسرائيل وضعت في اذنيها شمعًا لأنها لا تريد أن تصغي ولا أن تسمع صوت الحق. وهي ستفعل الأمر ذاته في جنوب لبنان على رغم التحذيرات الدولية من مغبة هذه الحماقة، التي من شأنها أن تصب الزيت على النار، التي لا تزال هامدة.
ولكن ثمة من يقول إن "حزب الله" سيسبق مخططات العدو، وأن الجليل الأعلى يبقى هدفًا محتملًا. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
في رحيل الجنرال الذي أغتالته “إسرائيل” 100 مرة!!
يمانيون../
رحل رجل الظل، ابن الموت، ذو السبعة أرواح، البأس الشديد الذي لا يخشى الموت، مفجر الطوفان، ومؤسس وحدة الظل، شبح الكيان، وقاهر الاحتلال، من هزَّ الأرض عرضاً وطولاً، ودوّخ استخبارات وجيوش العدو، قائد أركان كتائب القسام، البطل المقاوم الشهيد المجاهد الجنرال محمد دياب إبراهيم المصري؛ الملقب “محمد الضيف”، إلى السماء في حضرة الشهداء.
رحل الضيف اللاجئ في وطنه إلى وطنه الأبدي ضيفاً في جنات ربه، وبقت ذكرى بطولاته خالدة في أعماق كل عربي حراً مقاوم، وسيخلد الرجل المقاوم، الذي أعلن الحرب على كل شيء، العجز والضعف والصمت والتواطؤ والخيانة والعملاء والعمالة والهزيمة، المنهزمين، والتطبيع والمطبّعين قبل أن يعلنها على المحتل والاحتلال، والطغاة والكيان والمستعمرين.
واقعة الاستشهاد
رحل رأس الأفعى -كما تسميه “إسرائيل”- القائد المرعب محمد الضيف “أبو خالد”، شهيداً يوم 13 يوليو 2024، (قبل ستة أشهر ونصف) بخيانة العميل السري للكيان، الخائن سعد برهوم، الذي بلغ عن مكان الضيف ورافع سلامة، وفر هارباً إلى العدو – شرق خان يونس، ومع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، تم انتشال جثمانه الطاهر، لكن تأخرت كتائب القسام في إعلان الخبر حتى إتمام صفقة تبادل الأسرى، وعودة النازحين.
الخبر الموجع
في مساء يوم خميس 30 يناير 2025، أعلنت كتائب القسام رسمياً الخبر الموجع في تسجيل صوتي بصوت أيقونة المقاومة، الجنرال المجاهد أبو عبيدة، نبأ استشهاد قائد الأركان محمد الضيف “أبو خالد”، وبعض رفاقه؛ أبرزهم: نائبه مروان عيسى، وقائد لواء خانيونس رافع سلامة، وقائد لواء الشمال أحمد الغندور، وقائد لواء الوسطى أيمن نوفل، وقائد ركن القوى البشرية رائد ثابت، وقائد ركن الأسلحة غازي طماعة، رحمهم الله جميعاً، وأسكنهم فسيح جناته.
خطاب الطوفان
في خطابه الشهير عبر الرسالة الصوتية، فجر يوم السابع من أكتوبر 2023، أعلن القائد العام لكتائب عز الدين القسام، محمد الضيف، الذي لم يظهر إلا صوتًا وظلاً إلا في مشاهد لا تتعدى أصابع اليد الواحدة، بدء عملية عسكرية على “إسرائيل” باسم “طوفان الأقصى” بهجوم مباغت بإطلاق خمسة آلاف صاروخ وقذيفة خلال الدقائق العشرين الأولى من العملية.
وقال: “إننا نعلن بدء عملية طوفان الأقصى، اليوم يتفجر غضب الأقصى، غضب شعبنا وأمتنا ومجاهدينا الأبرار، هذا يومكم لتفهموا العدو أنه قد انتهى زمنه.. نفذوا هجماتكم على المستوطنات بكل ما يتاح لكم من وسائل وأدوات، نحن شعبا ظلمنا وقهرنا وطردنا من ديارنا، نحن نسعى إلى حق، ومهما حاول الطغاة قلعنا ستثبت البذور”.
أسطورة مقاوم
قال عنه رئيس الشاباك الأسبق، كرمي غيلون: “أنا مجبر على القول؛ عليّ أن أكون حذراً في الكلمات، لكن: طوّرت تجاهه “محمّد الضيف” تقديراً مرتفعاً جداً، حتى – إن أردتِ – نوعاً من الإعجاب.. أنتَ ميّت لأن تقتله، مثلما هو ميّت لأن يقتلك، لكنه خصم مُستحقّ.. نتحدّث هنا عن مستوى ليت عندنا مثله، كنتَ ستريد أن يكون قائدًا لسرية الأركان”.
وقال مدير معهد أبحاث الأمن القومي السابق، الجنرال احتياط تمير هايمان: “الضيف يملك قدرة إدراكية، وقد أصبح رمزا وأسطورة بعد نجاته من عدة محاولات اغتيال، وبمجرد ذكر اسمه فإن ذلك يحفز المقاتلين الفلسطينيين”.
بشكل عام، علقت المنصات العبرية، بعد سماع خبر استشهاد الضيف، بقولها: “مات القائد الوحيد الذي أعلن جيشنا اغتياله 100 مرة.. وبعد كل إعلان نتفأجا بأنه لا يزال حيا”.
عاش ألف مرة
والكلام للثائر الفلسطيني إبراهيم المدهون: “كم مرة قالوا: قُتل، وكم مرة عاد من بين الركام، يبتسم، ويتحسس موضع الجرح، ثم يكمل المسير؟
2002، 2003، 2006، 2014.. توالت المحاولات، تناثرت الشظايا، سقطت جدران البيوت، وسقط أحبّته شهداء بين يديه، زوجته، بناته ابنه علي، رفاقه الذين سبقوه، لكنه ظل واقفًا، كالنخيل في العاصفة، ينهض من بين الموت كأن الحياة لا تليق إلا به، وكأن فلسطين أبت أن تفقده قبل أن يكتب لها مجدًا يليق بها”.
قائد أركان كتائب القسام
ولد محمد دياب إبراهيم المصري – الملقب محمد الضيف- عام 1965 في أسرة فلسطينية لاجئة أجبرت على مغادرة بلدتها “القبيبة” داخل فلسطين المحتلة عام 1948.
درس العلوم في الجامعة الإسلامية بغزة، ونشط في العمل الدعوي والطلابي والإغاثي، ومجال المسرح، وتشبع بالفكر الإسلامي في الكتلة الإسلامية، ثم انضم إلى حركة حماس حتى أصبح قائداً عسكرياً يهابه العدو.
تحاط شخصيته بالغموض والحذر والحيطة وسرعة البديهة، ونجا من 7 محاولات اغتيال سابقة، أصيب ببعضها بجروح خطرة، واستشهدت زوجته ونجله في إحداها.
اُعتقل عام 1989، وقضى 16 شهرا في سجونها، وبقي موقوفا دون محاكمة بتهمة العمل في الجهاز العسكري لحماس.
“أنا عمري انتهى”!!
عُيّن قائداً لكتائب القسّام عام 2002، ولقب بـ”الضيف” لتنقله كل يوم في ضيافة الفلسطينيين تخفياً من عيون “إسرائيل”.
أشرف أبو خالد على عدة عمليات؛ أسر فيها الجندي “الإسرائيلي” نخشون فاكسمان، بعد اغتيال القائد يحيى عياش يوم 5 يناير 1996، ونفذ سلسلة عمليات فدائية انتقاما له، منها قتل 50 إسرائيليا.
يقول الضيف، بعد محاولة اغتياله في حرب 2014، في المنزل الذي كان متواجدا فيه بثلاث قنابل خارقة للحصون، لم تنفجر سوى قنبلة، ونجا هو وآخرون، واستشهدت زوجته وولده علي: “أنا عمري انتهى من هذه الضربة.. اللي عايشه بعد هيك زيادة”.
“سيظل يطارد الكيان
في 14 يوليو 2024، أعلنت “إسرائيل” اغتياله في منطقة المواصي “غرب مدينة خان يونس” بعملية قصف جوي اُستشهد فيها 90 فلسطينيا وأصيب 300 آخرون، بينهم عشرات من الأطفال والنساء.
في نهاية الكلام، كانت نهاية القائد القسامي البطل الذي أرهق “إسرائيل” لعقود بطولية، ومثلما كان غياب رجل الظل عن الأنظار وهو حياً يمثل حضوراً يطارد الاحتلال، سيظل ضيف فلسطين والأمة وأيقونة المقاومة، وبطل المقاومين ومحرر الأسرى، كذلك شبحاً يخيف العدو بخلود ذكرى أسمه، وشجاعة رجال كتائب القسام، وتأكيد مقولتهم: “حط السيف قبال السيف نحن رجال محمد ضيف”.
السياســـية – صادق سريع