بعد إغلاق معبر رفح.. كيف يمكن دخول المساعدات إلى غزة؟
تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT
في أعقاب العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح، أغلق الجيش الإسرائيلي لفترة وجيزة معبر كرم أبو سالم وسيطر على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي مع مصر، وبينما تفرض إسرائيل الحصار على قطاع غزة، فما هي الأماكن التي يمكن دخول المساعدات منها للقطاع المحاصر؟
الثلاثاء الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي، عن عملية برية محدودة في رفح، ما أدى إلى إغلاق المعبر بين غزة ومصر، وهو من نقاط العبور الأساسية للمساعدات الإنسانية.
وفقا لبيانات الأمم المتحدة، بلغ عدد شاحنات المساعدات التي تدخل غزة ذروتها الأسبوع الماضي منذ أكتوبر حيث دخل ما مجموعه 1.674 شاحنة مساعدات إلى غزة عبر معبري كرم أبو سالم ورفح، وهما نقاط الدخول الرئيسية للمساعدات إلى القطاع.
ولكن منذ الأحد، لم تدخل أي شاحنات مساعدات إلى غزة من أي من نقطتي الدخول، حتى بعد أن قالت إسرائيل إنها أعادت فتح معبر كرم أبو سالم، الأربعاء، وفق تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".
معبر رفحيعتبر معبر رفح بوابة العبور الرئيسية للمساعدات الإنسانية الحيوية من مصر إلى قطاع غزة مباشرة، وهو المخرج الوحيد الذي لا يؤدي إلى الأراضي الإسرائيلية.
ويقع المعبر على طول سياج طوله 12.8 كلم، ويفصل بين جنوب قطاع غزة، وشمال شبه جزيرة سيناء المصرية.
ومعبر رفح، نقطة الدخول الوحيدة للوقود من مصر، مغلق منذ سيطرة الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني، الثلاثاء.
وتمر منتجات أخرى عبر هذا المعبر الواقع في أقصى جنوب قطاع غزة والذي كان قبل إغلاقه المنفذ الرئيسي لدخول المساعدات إلى غزة.
ويشكل المعبر بوابة مهمة لخروج المصابين والمرضى من القطاع لتلقي العلاج في الخارج.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن العشرات من المصابين بأمراض مثل سرطان الثدي وسرطان الغدد الليمفاوية لم يتمكنوا من مغادرة غزة منذ، يوم الأحد.
كرم أبو سالمأغلقت إسرائيل معبر كرم أبو سالم بعد هجوم شنته حماس وأدى إلى مقتل أربعة من جنودها في المنطقة.
والأربعاء، قالت إسرائيل إنها أعادت فتح المعبر، لكن الأمم المتحدة وآخرين شككوا في هذا الادعاء لأنه لم يسمح للشاحنات بالمرور.
رغم إعادة فتح معبر كرم أبو سالم، الأربعاء، بعد إغلاقه ثلاثة أيام بسبب إطلاق صواريخ وفقا لإسرائيل، ما زال إيصال المساعدات "صعبا جدا" وفق، أندريا دي دومينيكو، رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" في الأراضي الفلسطينية لوكالة "فرانس برس".
وبعد ظهر يوم الجمعة، سمحت إسرائيل بدخول ما لا يقل عن 157 ألف لتر من الوقود، وفقا لسكوت أندرسون، المسؤول الكبير وكالة الأمم المتحدة لشؤون الفلسطينيين "أونروا".
لكنه أضاف أنه لم تدخل أي مساعدات إنسانية، بما في ذلك الإمدادات الغذائية والطبية، منذ يوم الأحد.
ومصر، التي تلعب دورا مهما في تسهيل جمع المساعدات وتسليمها، زادت الأمور تعقيدا من خلال "مقاومة إرسال الشاحنات إلى معبر كرم أبو سالم"، وفقا لعدد من المسؤولين الغربيين والإسرائيليين.
ويعتقد المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون أن مصر تمارس ضغوطاً على إسرائيل لوقف غزوها لرفح.
ويعد معبر كرم أبو سالم شريانا رئيسيا للمساعدات إلى غزة منذ افتتاحه في ديسمبر، وهو المكان الذي تدخل إليه الآن معظم شاحنات المساعدات.
وقبل العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح، دخل ما متوسطه 185 شاحنة إلى معبر كرم أبو سالم يوميا الأسبوع الماضي، وبلغت ذروتها عند 270 شاحنة يوم الجمعة الماضي، وفقا لبيانات الأمم المتحدة.
وقالت جماعات الإغاثة منذ أشهر إن هناك حاجة إلى 300 شاحنة على الأقل يوميا لمنع المزيد من سوء التغذية وتفاقم الجوع.
معبر إيريزيقع معبر إيريز "بيت حانون" في شمال قطاع غزة، وهو مفتوح حاليا، لكن المساعدات المحدودة تتدفق عبره، وفقا لمسؤول في "أونروا" وبيانات من مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي الوكالة الإسرائيلية التي تشرف على توصيل المساعدات في غزة.
و"إيريز" هو المعبر الحدودي الوحيد في الشمال ولم يتم افتتاحه إلا الشهر الماضي بعد ضغوط من الرئيس الأميركي، جو بايدن.
وتفيد المنظمات غير الحكومية بأن معبر "إيريز" لم يعمل بكامل طاقته على الإطلاق، ولم يتم فتحه إلا بشكل متقطع، بدون أن يتمكن غالبية المجتمع الإنساني من الوصول إليه.
وقالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق على موقعها الإلكتروني إن 36 شاحنة مساعدات وشاحنة وقود واحدة مرت عبر معبر إيريز، الخميس.
وأرسلت الأونروا 67 شاحنة عبر معبر "إيريز"، الأربعاء، ولم يمر أي شيء منذ ذلك الحين، وفق مسؤول بالوكالة الأممية.
ولم يتضح على الفور سبب التناقض بين الأرقام والأيام، حسبما تشير "نيويورك تايمز".
وإرسال المزيد من المساعدات إلى شمال غزة سيكون أمرا حاسما لمنع المزيد من الوفيات المرتبطة بسوء التغذية في المنطقة.
وفي شهر مارس، توقع خبراء الصحة أن شمال غزة سيواجه قريبا مجاعة.
وقالت سيندي ماكين، المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، إن أجزاء من غزة تعاني بالفعل من المجاعة.
وحتى منتصف أبريل قال مسؤولو الصحة في غزة إن 28 طفلا على الأقل تقل أعمارهم عن 12 عاما ماتوا بسبب سوء التغذية في المستشفيات، وربما عشرات آخرين خارج المراكز الطبية.
بالإضافة إلى ذلك، أشار ممثلو المنظمات إلى أن مكاتبهم ومستودعاتهم ومراكزهم اللوجستية تتمركز الآن في الجنوب من قطاع غزة الذي تبلغ مساحته حوالي 365 كيلومترا مربعا.
ولذلك فإن إيصال المساعدات إلى الشمال أصبح أكثر تعقيدا.
وتشكل الطرق المدمرة إحدى العوائق المادية، وكذلك الحواجز التي أقامتها إسرائيل في وادي غزة، وسط البلاد، مع رقابة صارمة على حركة البضائع والأشخاص.
عن طريق البحرلا يوجد في غزة رصيف دولي خاص بها، فقد منعت إسرائيل لسنوات بناءه.
وفي مارس، أعلن الجيش الأميركي، أنه سيبني رصيفا مؤقتا لإيصال المساعدات عن طريق البحر، وهو جزء مما قال إنه جهد متعدد الجوانب لإيصال المساعدات إلى غزة.
والخميس، قال البنتاغون إنه تم الانتهاء من بناء الرصيف العائم والجسر لكن سوء الأحوال الجوية والبحر حالت دون تركيبهما.
وقال البنتاغون إن سفينة شحن أميركية تدعى "ساغامور" غادرت قبرص، الخميس، وأظهرت مواقع تتبع السفن أن السفينة متمركزة في ميناء أشدود.
وتحمل سفينة ساغامور أكثر من 170 طنا متريا من ألواح التغذية، وفقا للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ولكن لا يمكن تفريغها وتوزيعها في غزة حتى يتم تركيب الرصيف.
ومن غير الواضح متى قد يتم ذلك، حيث قال البنتاغون إن التثبيت سيعتمد على الظروف الأمنية والطقس.
الإنزال الجويالخميس، قال مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، إنه تم إسقاط 117 طردا جويا في شمال غزة في ذلك اليوم.
ولم تبدأ عمليات الإنزال الجوي إلا في شهر مارس، لمحاولة منع وقوع كارثة إنسانية أكبر مع تزايد الجوع في الأراضي الفلسطينية.
وقال مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق إن 99 عملية إسقاط جوي نفذتها تسع دول مانحة، من بينها الولايات المتحدة، منذ مارس.
لكن خبراء الإغاثة انتقدوا عمليات الإسقاط الجوي باعتبارها ربما الطريقة الأكثر فعالية لإيصال المساعدات إلى غزة، وفي بعض الحالات تكون مميتة.
وسقطت طرود المساعدات التي أسقطتها الطائرات في شهر مارس على العديد من الفلسطينيين في مدينة غزة، مما أسفر عن مقتل خمسة وإصابة عدد آخر، وفقا لمسؤولي الصحة في غزة.
وفي حالة أخرى، غرق عشرات الفلسطينيين أثناء محاولتهم استعادة الطرود التي تم إسقاطها فوق الماء لمنع المزيد من الوفيات إذا فشلت المظلات في النشر.
واندلعت الحرب إثر هجوم حركة حماس غير المسبوق على مناطق ومواقع محاذية لقطاع غزة في السابع من أكتوبر، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.
وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء على الحركة"، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، أسفرت عن مقتل حوالي 35 ألف فلسطينيا، معظمهم من النساء والأطفال، وفق ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: المساعدات إلى غزة معبر کرم أبو سالم مساعدات إلى غزة الأمم المتحدة المزید من الصحة فی قطاع غزة معبر رفح غزة من فی غزة
إقرأ أيضاً:
طوابير طويلة أمام المخابز والمطابخ الخيرية في غزة للحصول على وجبة إفطار
الثورة / افتكار القاضي
يصطفون في طوابير طويلة – رجالا ونساء وأطفالا – أمام أحد مخابز غزة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، أملاً في الحصول على ربطة خبز للإفطار، وآخرون يصطفون أمام أحد المطابخ الخيرية في منطقة المواصي بخان يونس بمواعينهم الفارغة، ليحصلوا على وجبة إفطار جاهزة، أو جزء منها، بعد أن نفذ ما كان لديهم من غاز الطهي المنزلي، مع استمرار إغلاق الاحتلال المعابر ومنع دخول المساعدات للأسبوع الثاني، الذي يفاقم معاناة النازحين في غزة، وخصوصا في هذا الشهر الكريم.
معاناة مضاعفة
الشاب سالم عبدالله، ينتظر عدة ساعات للحصول على ربطة خبز لعائلته يقول: «منذ العاشرة صباحًا وأنا أقف هنا، شيئًا فشيئًا امتدت الطوابير من المنتظرين، وانتظرنا لعدة ساعات حتى بدأ المخبز عملية البيع».
ويضيف: «كنت تنفست الصعداء بعد إعلان وقف النار، واعتقدت أنني لن أعود مجددًا لهذه الطوابير التي أنهكتنا طوال فترة الحرب، لكن العودة إليها جاءت أسرع مما كنت أتخيل «.
ومع إغلاق الاحتلال لمعبر كرم أبو سالم، باتت والدة جبر عاجزة عن إعداد الخبز في المنزل لأسرتها المكونة من تسعة أفراد، بعد أن اعتمدت مؤخرًا في خبزه على «طنجرة الخبز» التي تعمل بواسطة غاز الطهي، حث تقول: «لم يتبق لدينا سوى القليل من الغاز، خصصناه لوجبة السحور، في حين تعد أمي وجبة الإفطار باستخدام الحطب».
ولم يكن أمام يحيى بدٌّ من العودة لطوابير المخبز للحصول على ربطتي خبز يوميًا للتخفيف عنها، رغم الإرهاق الذي يصيبه في هذا الطابور الطويل وهو صائم.
هيام السر -من مخيم البريج تسارع الخطى نحو مخيم النصيرات المجاور للحصول على دورها في الطابور أمام مخبز ما زال يعمل، بعد أن توقف المخبز الوحيد في مخيمهم عن العمل مع استمرار إغلاق المعبر، تقول: «نضطر للذهاب إلى النصيرات للحصول على ربطة الخبز، ونأمل أن لا يغلق المخبز هناك أبوابه أيضًا، فلا ندري وقتها ماذا يمكن أن نفعل كي نتدبر أمرنا».
ارتفاع أسعار الخبز
عمر أبو زيد (يعيل أسرة من أربعة أفراد)، لم يلجأ للوقوف في طوابير المخبز المرهقة، بل لجأ لشراء ربطة خبز من أحد الصبية الذين اشتروها من المخبز وعرضوها للبيع، حيث يقول: «اعتدت شراء ربطات الخبز ممن يبيعونها حول المخبز، كنت قبل أيام فقط أشتريها منهم بثلاثة شواكل، بزيادة شيكل واحد عن سعرها في المخبز، أما اليوم فتفاجأت بأن سعرها أصبح يتراوح بين سبعة إلى ثمانية شواكل».
ويتابع: «أخشى أن ترتفع الأسعار أكثر مع نفاذ غاز الطهي تدريجيًا من بيوت الناس، وعودة طوابير الخبز المرهقة للتزايد، فهؤلاء الأطفال الذين يبيعون ربطات الخبز ستزداد ساعات وقوفهم أمام المخبز للحصول عليها، وبالتالي سيضاعفون أسعارها». ويشير إلى أن الأمور انقلبت رأسًا على عقب خلال أيام فقط
ويضيف: «في الأيام الثلاثة الأولى من شهر رمضان، كان كل شيء متوفرًا، وبدأت الأسعار تنخفض بشكل كبير، والآن عدنا للحال الذي كنا عليه خلال الحرب، نبحث عن لقمة الخبز التي لن نحصل عليها إلا بانتظار مرهق للبدن أو سعر مرتفع مرهق للجيب». وعادت أزمة الخبز للطفو على السطح مجددًا بعد أن أغلقت ستة مخابز في الوسطى والجنوب أبوابها بعد نفاد غاز الطهي لديها، في ظل استمرار إغلاق الاحتلال الإسرائيلي لمعبر كرم أبو سالم.
كأنها طوق نجاة
وفي الجانب الآخر، يقف أبو محمد (45 عامًا) في طابور طويل أمام إحدى التكيات الخيرية في منطقة المواصي بخان يونس، يحمل بين يديه وعاءً فارغًا، متمنيًا أن يعود إلى أطفاله الخمسة بما يسد رمقهم، لكن هذه المرة، يدرك أن ما سيحصل عليه لن يكون كالمعتاد، فالوجبات التي كانت تضم الأرز وقطع الدجاج أو اللحم باتت مجرد أطباق بسيطة من المعكرونة أو الفاصوليا، بالكاد تكفي لإبعاد شبح الجوع عن عائلته. يقول أبو محمد، الذي فقد منزله في حي الجنينة برفح خلال حرب الإبادة الإسرائيلية: «ننتظر هذه الوجبات كأنها طوق نجاة، لم يكن لدينا خيار آخر، الآن، حتى هذا الطوق بدأ يضعف، لا أعرف كيف سنواجه ما تبقى من رمضان، ونحن لا نملك حتى ما يكفي لإعداد وجبة واحدة».
وفي خيمة متواضعة، تواجه أم أحمد (35 عامًا) المأساة نفسها بعد أن كانت الأمور قد تحسنت قليلا بعد وقف إطلاق النار وبدء دخول المساعدات، لكنها سرعان ما عادت مجددا بعد إغراق معبر أبو سالم تقول: «كنت أحصل على وجبة دجاج وأرز كل يوم من التكية القريبة، لكنهم أخبرونا أن الدجاج لم يعد متوفرًا، الآن، نعتمد على العدس والمجدرة والأرز، لكن حتى هذه الوجبات التي سئم أطفالي من تناولها طيلة 15 شهرًا قد تنقطع قريبًا».
وتسبب إغلاق المعابر أمم تدفق المساعدات في ارتفاع الأسعار وشح السلع، وارتفاع أسعارها بنسبة تصل إلى 300% لتصبح اليوم حلمًا بعيد المنال لكثير من العائلات التي باتت تواجه معاناة مضاعفة ناهيك عن ويلات النزوح ومخيمات الإيواء المهترئة التي لم تعد صالحة للسكن بعدما لحقتها هي الأخرى من أضرار جراء القصف الإسرائيلي أو الرياح والأمطار التي عصفت بالآلاف منها.