عربي21:
2025-01-19@00:21:08 GMT

الهوية الوطنية الفلسطينية ليست بخطر

تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT

أكد المؤرخ الفلسطيني رشيد الخالدي في بعض صفحات كتابه (الهوية الفلسطينية) على واحدة من الحقائق الهامة، وهي أن بناء الهوية الوطنية والحفاظ عليها وتطويرها يحتاج إلى الآخر النقيض، بما يخلق حاجة للدفاع عنها مرة بعد أخرى؛ وفيما يتعلق بالهوية الفلسطينية أشار الخالدي “كان الآخر النقيض هو الصهيونية الاجلائية الإحلالية”.



الحفاظ على الهوية
دورٌ كبير ومحوري قام الفلسطينيون أصحاب الكلمة، وأهل الباع الطويل في الحفاظ على الهوية الفلسطينية أمام محاولات تصفية قضيتهم، ولأنهم كذلك فقد تساووا جميعاً في عيونِ خصومهم مع رواد الخنادق والبنادق ..

درب الآلام طويل ساره الشعب الفلسطيني على مذبح الحرية ودحر الاحتلال والانتصار في نهاية المطاف. فتجد أنّ الإرهاب الإسرائيلي والإبادة الجماعية لاحقت الفلسطينيين في وطنهم والمهاجر القريبة والبعيدة منذ إنشاء الدولة المارقة إسرائيل، والمشهد ماثل للعيان في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس والداخل الفلسطيني منذ تشرين الأول /أكتوبر الماضي الإسرائيلية ، وطالت في أحيان كثيرة، صحافيون وفنانون وشعراء وأدباء وعلماء ومفكّرون ورجال أعمال، لكن أعمالهم موثقة حفاظاً على ما قدّموه في خدمة القضية الفلسطينية وصيرورة الهوية الوطنية الفلسطينية.
ويمكن الجزم أن استمرار نتاجات الشعب الفلسطيني وتطورها في كافة مسارات الحياة تؤكد دون لبس بأن الهوية الوطنية ليست بخطر رغم شراسة العدوان وتغوله وفاشيته.

ولوعدنا إلى اللّبِنة الأولى لتوثيق نتاجات الهوية الوطنية الفلسطينية ، نجد أنّ منظمة التحرير الفلسطينية كانت أصدرت القسم الأول من الموسوعة الفلسطينية عام 1984، بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم؛ وتتألف الموسوعة من أربعة مجلدات مرتبة حسب الحروف العربية، وقد تضمنت أسماء القرى والمدن والخرب والأنهار في فلسطين ، إضافة إلى شخصيات ورموز في ميادين الحياة المتعددة ؛ في مقابل ذلك صدر القسم الثاني من الموسوعة عام 1990، الذي احتوى ستة مجلدات وفهرست ؛ وتضمنت دراسات متخصصة حول تاريخ وجغرافية فلسطين التاريخية؛ وتاريخ الحضارة ؛ ودراسات القضية الفلسطينية .

مضى على إصدار الموسوعة الفلسطينية بقسميها أكثر من ثلاثة عقود من الزمن؛ وبالرغم من أهمية ما احتوته من معلومات ودراسات وقضايا مفصلية حول فلسطين القضية الوطن والشعب والهوية الوطنية؛ إلا أن الضرورة تحتم القيام بعمل موسوعي جديد أكبر بكثير؛ بحيث يأخذ بعين الاعتبار التحولات التي شهدتها القضية الفلسطينية؛ وكذلك حراك الشعب الفلسطيني ونشاطه في كافة ميادين الحياة وتشبثه بأرضه رغم درب الآلام الطويل .

فلسطين الأرض والوطن
الثابت أن الوطن والشعب الفلسطيني، هما الرمزان الأساسيان للهوية الوطنية المتشكلة والتي تحاول إسرائيل طمسها وتغييبها عبر سياسة التطهير العرقي والإبادة الجماعية والإحلال لفرض ديموغرافيا تهويدية في نهاية المطاف .
وبالنسبة للوطن الفلسطيني ، فإنه على الرغم من صغر مساحة فلسطين وبساطة تكوينها فإنه يمكن تقسيمها إلى أربع مناطق، تتميز كل منها عن الأخرى في نظام سطحها ومناخها ونباتها، وهي: منطقة السهول: وأبرزها السهل الساحلي وسهل مرج ابن عامر، وتشكل 17في المئة من مساحة فلسطين؛ ومنطقة النقب وتشكل 50 في المئة من المساحة العامة تقريباً، إضافة الى المنطقة الجبلية وتشكل 28 في المئة من المساحة العامة، فضلاً عن وادي الغور ويشكل 5 في المئة من المساحة العامة لفلسطين.

وقد قسمت إدارة الانتداب البريطاني فلسطين منذ يوليو/تموز 1939 إلى ستة ألوية(1)، وهي؛ لواء الجليل: ويقع في أقصى شمال فلسطين قرب الحدود اللبنانية ومركزه مدينة الناصرة، ويتألف من خمسة أقضية هي؛ عكا، بيسان، الناصرة، صفد، طبريـة، وكان عدد سكان اللواء في عام 1945 (231) ألف نسمة ومساحته (2.801.383) دونم، أي (10.4 في المئة) من مساحة فلسطين ولواء حيفا ومركزه حيفا، ويتألف من قضاء حيفا فقط ومساحته (1.031.755) دونم تمثل (3.8 في المئة) من مساحة فلسطين، وسكانه في عام 1945 (242630) نسمة، لواء نابلس ومركزه مدينة نابلس، ويتألف من ثلاثة أقضية، هي: نابلـس وجنين وطولكرم، ومساحته (3.262.292) دونم، تمثل (12.1 في المئة) من مساحة فلسطين، وسكان اللواء المذكور في عام 1945 (232220) نسمة؛ لواء القدس ويتوسط فلسطين ومركزه مدينة القدس، ويتألف اللواء من ثلاثة أقضية، هي: القدس، وتتبعه بيت لحم، وأريحا، والخليل ورام الله ومساحته (4.333.534) دونماً؛ أي حوالي (16 في المئة) من مساحة فلسطين، وعدد سكانه (384880) نسمة، إضافة الى لواء اللد ومركزه مدينة يافا، ويتألف من قضاءيْ: يافا والرملة، ومعظم أراضيه سهلية، ومساحته (1.205.558) دونم أي حوالي (4.5 في المئة) من مساحة فلسطين، وسكانه في عام 1948 (501070) نسمة.

منطقة النقب
وقداحتفظت منطقة الجليل رغم كافة السياسات الصهيونية بأغلبيتها العربية، مع أنها المكان الذي أمعن فيه الصهاينة في تطبيق سياسة التهويد لمحاولة فرض يهودية الكيان”، واخيراً لواء غزة ويقع في جنوب فلسطين، ويشمل جزءاً من السهل الساحلي الفلسطيني ومنطقة النقب التي تعادل وحدها نصف مساحة فلسطين التاريخية، ومركز اللواء مدينة غزة، ويتألف من قضاءي غزة وبئر السبع، ومساحة اللواء (13.688.501) دونم أي حوالي (50.7%) من مساحة فلسطين، وعدد سكانه (190880) نسمة، أي أن الكثافة السكانية فيه كانت عام 1945 نحو (14) نسمة في الكيلومتر المربع الواحد؛ وتمّ إنشاء إسرائيل على القسم الأكبر من الوطن الفلسطيني في أيار/ مايو من عام 1948، واستكمل الجيش الإسرائيلي احتلاله لفلسطين في الخامس من حزيران /يونيو 1967 .

الشعب الفلسطيني
يعتبر الشعب الفلسطيني الرمز الثاني للهوية الوطنية الفلسطينية التي تشكلت وترسخت وتجذرت عبر تاريخ طويل من الجد والعمل والتطور في كافة مجالات الحياة.

ثمة مشتركات بين الهوية الوطنية الفلسطينية والهوية العربية من لغة وعادات وتقاليد ومصير مشترك، لكن الشعب الفلسطيني واجه احتلالات عديدة عبر التاريخ؛ كان أخطرها الاحتلال البريطاني (1920-1948) ، الذي أسس بشكل عملي لإنشاء إسرائيل في الخامس عشر من أيار /مايو من عام 1948؛على نسبة 78 في المائة من مساحة فلسطين التاريخية وطرد 61 في المائة من مجموع الشعب الفلسطيني .

وقد اعتمدت إسرائيل مجموعة سياسات وإجراءات لطمس الهوية الوطنية الفلسطينية؛ ولهذا فإن الشعب الفلسطيني أحوج ما يكون للحفاظ على هويته الوطنية لأنها مستهدفة من عدو استعماري إجلائي، ويرتكز وجوده على مرتكزات أساسية أهمها؛ أن “فلسطين وطن بلا شعب لشعب بلا وطن”.
الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده داخل فلسطين التاريخية والمهاجر القريبة والبعيدة
وبتعداده الذي بلغ خلال العام الجاري 2024 نحو (14) مليون وسبعمائة ألف فلسطيني مستمر في ترسيخ وتجذير هويته الوطنية وهذا هو الأهم في صراع طويل مع عدو يحاول طمسها وتغييبها دون جدوى، وبهذا المعنى الهوية الوطنية الفلسطينية ليست بخطر.
(القدس العربي)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطيني غزة فلسطين غزة العلم مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الهویة الوطنیة الفلسطینیة فلسطین التاریخیة الشعب الفلسطینی فی المئة من فی کافة عام 1945 فی عام

إقرأ أيضاً:

من حق الشعب الفلسطيني أن يفرح باتفاق وقف الحرب

قبل أكثر من ستة شهور، وفي صباح السبت 13 تموز/ يوليو 2024، كتبت ونشرت مقالا في هذا المكان نفسه، عن احتمالات عقد صفقة وقف النار في «غزة»، قلت فيه ببساطة؛ إنه لا فرصة لاتفاق من هذا النوع، إلا مع أجواء تنصيب دونالد ترامب رئيسا في 20 كانون الثاني/ يناير 2025، ولم أكن وقتها أقرأ الرمل ولا أضرب الودع، بل كان التوقع مبنيا على سلوك بنيامين نتنياهو رئيس وزراء العدو، وعلى فرصه المتاحة للمناورة مع ساكن البيت الأبيض المنصرف جو بايدن. كان بايدن وقتها قد لقي هزيمة مخزية في المناظرة الأولى مع ترامب، وكانت الأصوات تتعالى لإخراجه واستبداله في سباق الرئاسة، وكان بايدن في وضع «البطة العرجاء» بل المشلولة تماما.

وفي عام الرئاسة الأمريكية الأخير كالعادة، يصعد نفوذ اللوبي الصهيوني ـ «الأيباك» وأخواتها ـ إلى أعلى ذراه، وهو ما يفهمه جيدا نتنياهو، الذي صعد دوره إلى درجة إذلال إدارة بايدن، مع استغلال طموح ترامب لنيل رضا «اللوبي الصهيوني» ونتنياهو شخصيا، وبالغ ترامب على طريقته الفجة في إبداء المحبة والولاء لكيان الاحتلال الإسرائيلي، ولقي نتنياهو استقبالا حافلا عامرا بمئات نوبات التصفيق خلال خطابه في الكونغرس، بمجلسيه يوم 24 تموز/ يوليو 2024، وبدا كأنه سيد البيت الأبيض الأول، إضافة لرئاسته حكومة «إسرائيل» الفرعية في تل أبيب.

ومن موقع القوة المتضخمة، واصل نتنياهو تنفيذ خطته، أي (استمرار الحرب في غزة، وربما مدّ الحرب إلى لبنان، حتى يأتي ترامب إلى البيت الأبيض) كما كتبت حرفيا في مقال 13 تموز/ يوليو الماضي، ونفذ ما أراد، ذهب إلى الحرب البرية مع «حزب الله»، وإن لم يتمكن من جلب صورة «نصر ساحق» كان يحلم بها.

واضطر للموافقة على «اتفاق هدنة»، وواصل بشراسة حرب الإبادة الجماعية على غزة، ولم يتمكن هنا أيضا من تحقيق أهداف حربه المجنونة، وإن أعاق التفاوض مرات حول اتفاق وقف النار وتبادل الأسرى، وتصدى بصلف وعجرفة لكل رغبات إدارة بايدن، ولكل اقتراحاتها الإسرائيلية أصلا.

وأطاح بما عرف بعنوان «صفقة بايدن» المعلنة مساء 31 أيار/ مايو 2024، ولترجمتها الحرفية في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2735، ولكل مسودات اتفاقات التفاوض في باريس والقاهرة والدوحة، التي شارك وضغط بها كل مبعوثي إدارة بايدن، وأولهم مايكل بيرنز مدير المخابرات المركزية الأمريكية، وكان الاتفاق المطروح في كل هذه الجولات، هو نفسه الذي اضطر أخيرا للموافقة عليه، بعد أن تغيرت معادلة التفاعل مع البيت الأبيض بعد فوز ترامب على نحو ساحق في الرئاسة والكونغرس، فبعد أن ظل نتنياهو لشهور آمرا مطاعا يخضع له بايدن وترامب معا، انقلبت الموازين إلى صيغة أخرى، يتحكم بها ترامب وحده، ويخضع له بايدن ونتنياهو معا، وبدا ظل ترامب حاضرا في اتفاق هدنة لبنان وأكثر في مفاوضات اتفاق غزة.

وربما تنطوي القصة على مفارقة ظاهرة، فقد بدأ ترامب سيرته مع قصة غزة على نحو مختلف، وأطلق تهديدا بالذهاب إلى «جحيم»، تصوره ضاغطا على «حماس» وأخواتها في التفاوض، وبدا التهديد وقتها مثيرا للسخرية، فما كان بوسع حكومة «إسرائيل» في واشنطن أن تفعل أكثر، وهي شريك كامل الأوصاف في حرب الإبادة الجماعية، وفعلت كل ما بوسعها من «جحيم» عبر نحو 16 شهرا من الحرب البربرية، ومن دون أن يتحقق شيء من الأهداف المعلنة والضمنية للعدو الأمريكي «الإسرائيلي»، اللهم إلا مضاعفة التوحش في إبادة الحجر والبشر والشجر، ووضع أهل غزة في عذاب أسطوري.

ولكن من دون أن يخفت صوت المقاومة الأسطورية، التي زادت في تحديها البطولي لقنابل وحمم متفجرات بلغت زنتها نحو مئة ألف طن، ألقيت على رأس غزة، وقتلت وأصابت وقطعت أشلاء نحو مئتي ألف فلسطيني معلوم ومفقود، أغلبهم من النساء والأطفال الأبرياء، في أبشع مجزرة ومحرقة شهدتها الحروب، فقتلت الأبرياء بالقصف والتجويع والتجمد في الصقيع، وحرمت الضحايا من كل إغاثة طبية بالتدمير شبه الكامل للمرافق والمستشفيات والمدارس والبيوت وحرق الخيام، ومنع فرق الإسعاف المدني من الوصول إلى المصابين والشهداء، وترك الجثث في الخلاء تنهشها الكلاب الضالة.
المقاومون من حماس وأخواتها، يبدعون على نحو مذهل، ويعيدون تدوير قذائف العدو.
وقتل النازحين في كل مكان يذهبون إليه، حتى في الأماكن الموصوفة كذبا بالآمنة، ورغم كل هذا الهول الأفظع، كانت قوات الاحتلال تتلقى الهزائم المتلاحقة في ميادين القتال المتلاحم، وكان المقاومون من «حماس» وأخواتها، يبدعون على نحو مذهل، ويعيدون تدوير قذائف العدو التي لم تنفجر، ويضيفون زادا جديدا إلى ورش التصنيع الحربي الذاتي، ويدبرون الكمائن المميتة لنخب قوات الاحتلال من شمال غزة إلى جنوبها، ويفشلون «خطة الجنرالات» الهادفة للتطهير العرقي الشامل في جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون شمال مدينة غزة، وإلى حد دفع العدو الأمريكي «الإسرائيلي» إلى حافة جنون، عبر عنه أنتوني بلينكن وزير خارجية بايدن، بإعلانه قبل أيام، أن قوات «حماس» عادت إلى حجمها الأول صباح 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وأن آلافا متكاثرة جرى تجنيدها من قبل «حماس» وأخواتها.

بينما ذهب الجنرال جيئورا آيلاند إلى إعلان فشل «خطة الجنرالات» التي وضعها بنفسه، وقال؛ إنه لا أمل في تنفيذها، وإنه لا بديل عن الانسحاب «الإسرائيلي» بالكامل من غزة، وكان ترامب وإدارته يتابعون حقائق الميدان عن قرب، وأدركوا أن حرق «حماس» وأخواتها في الجحيم غير ممكن ومحض وهم، فالمقاومة تنمو وتتوالد ذاتيا، ودونما حاجة إلى مدد لم يأت عبر الحدود، وأن استنزاف قوات العدو ماض إلى نهايته، وهو بعض ما دفع ترامب البراغماتي إلى وجهة أخرى، تضغط على نتنياهو لتجرع سم اتفاق وقف النار، بعد أن ثبت مرارا وتكرارا أن القوة الأمريكية «الإسرائيلية» الإبادية، لم ولن تفوز أبدا في المنازلة النارية مع الشعب الفلسطيني ومقاومته.

وأنها لن تنجح في تهجير الشعب الفلسطيني إلى خارج أرضه المقدسة، رغم كل هذا العذاب الأسطوري، وأنه لا سبيل لاجتثاث حركات المقاومة الأسطورية، وأن ما أخفقوا في إحرازه بقوة السلاح قد يكون أيسر في التحقق، لو تحولوا إلى السياسة، وانتقلوا إلى اتفاق ثلاثي المراحل لوقف الحرب، تدور عناصره الأساسية، كما صمم عليها المفاوضون الفلسطينيون، حول التدرج في وقف النار من الموقوت إلى المستديم، وحول فتح سبل إغاثة الشعب الفلسطيني وإعادة الإعمار اللاحقة، وإطلاق سراح آلاف من الأسرى الفلسطينيين، وانسحاب قوات الاحتلال من غزة على مراحل، وفتح معابر الإمداد الإنساني، وإعادة كل النازحين الفلسطينيين من جنوب «غزة» إلى سكناهم في الشمال، وهذه هي الملامح الكبرى للاتفاق الجديد القديم، الذي دأبت حكومة الاحتلال على رفضه وإعاقته لثمانية شهور مضت، ثم يخضع له اليوم ترامب ونتنياهو معا، ربما على أمل الاستعاضة عن فشل حرب غزة، والانتقال إلى حرب العصف بالضفة الغربية، وعقد اتفاقات «إبراهام» جديدة مع دول عربية مضافة.

ومع وقف النار في حرب غزة، وضعف الثقة في ضمانات تنفيذ أي اتفاق مع كيان الاحتلال، إلا أن تكون المقاومة على الموعد في أحوال الإخلال الإسرائيلي الوارد طبعا، وفي كل الأحوال، فجولة الحرب الأخيرة لم تكتب كلمة النهاية، ولم يحقق العدو فيها نصرا بأي معنى، رغم كل ما جرى من دمار وقتل، وهذه هي الخاتمة ـ التي صارت معتادة ـ لكل حرب تخوضها «إسرائيل» مع المقاومة الجديدة، وفي صورة حروب غير متناظرة، يملك فيها العدو ما لا تملكه المقاومة، والعكس بالعكس، لكن النتائج تظل كما هي.

فالعدو ينهزم حين لا تتحقق أهدافه، والمقاومة لا تهزم حين لا تفنى، وحين تثبت قابليتها للتجدد، رغم قسوة الظروف، فبقاء المقاومة يعني المقدرة على استئناف المواجهات الحربية، وبقاء المقاومة يعني تجدد الأمل في نصر كامل، تستعاد به الحقوق المقدسة للشعب الفلسطيني المظلوم، الذي أثبت مقدرته اللانهائية على الصبر وتحمل التضحيات بغير حدود، فقد أثبتت تجربة الحرب بعد «طوفان الأقصى»، أن بوسع الشعب الفلسطيني المحاصر أن يتفوق ويهتدي بتجارب كفاح الجزائريين والفيتناميين، وأن يواصل الاستمساك بمقاومته العنيدة حتى تعود النجوم إلى مداراتها، ويستعيد حقه كاملا في الحياة والحرية، مهما بلغت التضحيات وتضاعفت العذابات، ومهما خذله المتخاذلون، ومن حق الشعب الفلسطيني اليوم أن يفرح بالاتفاق الجديد، وأن يفخر بدماء الشهداء التي هزمت سطوة وجبروت سيف العدو، وأن يحلم بالنصر الكامل في قابل الأيام والحروب.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • انتصار المقاومة الفلسطينية.. غزة أول الغيث لتحرير فلسطين كاملة
  • الحديدة.. مسير طلابي في مديرية باجل نصرةً لغزة وتضامناً مع الشعب الفلسطيني
  • 4 ملايين شخص في إسطنبول مهددون بخطر كبير
  • باشاآغا يرحب باستثناءات حظر الأسلحة ويدعو لتسريع توحيد المؤسسات الوطنية
  • الدولية لدعم فلسطين: الأسعار باتت أقل في غزة بعد إعلان الهدنة (فيديو)
  • من حق الشعب الفلسطيني أن يفرح باتفاق وقف الحرب
  • تحقيق علي المك لديوان خليل فرح: قراءة فلسفية في سياق الهوية الوطنية
  • دعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد": نتنياهو فشل في القضاء على حماس في غزة والسلطة الفلسطينية ينقصها التوافق
  • مصطفى بكري: الشعب الفلسطيني يعي جيداً دور مصر في الحفاظ على القضية الفلسطينية
  • البزري هنأ الشعب الفلسطيني بإنجاز وقف إطلاق النار