موقع النيلين:
2025-01-19@04:58:42 GMT

الأمن، وقانون جهاز المخابرات العامة

تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT


لا خلاف بأن أجهزة المخابرات، بوجه عام، هي الأكثر ارتباطاً بالأنظمة السياسية الحاكمة، بغض النظر عن طبيعة النظام الحاكم، ديمقراطياً تعددياً كان أو شمولياً، ومن باب أولى إن كان وراثياً، وذلك بخلاف الجيوش وأجهزة الشرطة، ففي الولايات المتحدة الأمريكية – التي يعتبر الكثيرون نظامها نموذجاً للقياس – ما إن يتولى الرئيس المنتخب السلطة إلاّ ويعمد إلى اختيار قادة جدد لوكالة المخابرات المركزية وللأمن الوطني، قبل أن يختار وزراء الداخلية والدفاع.

وفي السودان، ونظراً لحالة عدم الاستقرار السياسي، والصراع على السلطة، اللذين لازما أنظمة الحكم – منذ الاستقلال – نجد أن جهاز الأمن، بمختلف مسمياته، كان أكثر ارتباطاً بالنظام القائم ، وقد ظهر ذلك بشكل أكثر وضوحاً في عهدي مايو والإنقاذ، حتى أن القوى السياسية التي كانت تعارض ذينك النظامين كانت تستثمر في تشويه صورة جهاز الأمن و تتعمد أن تصفه بأنه جهاز لأمن السلطة السياسية وليس أمن البلد والدولة، تجتهد في أن تلصق به أبشع التهم، وتضخم من أخطائه، وكانت تلك القوى تصر – عقب سقوط النظامين – أن يتم حل جهاز الأمن وتقليم أظافره، وتحويله إلى ما يشبه مركز للبحوث والدراسات.

لقد أدرك الجيل الذي تفتح وعيه على صراعات السياسة في السودان، مطلع ثمانينات القرن الماضي (جيلي أنا)، وكذلك الجيل الذي سبقه، فداحة الخطأ الذي وقعت فيه سلطة الفترة الإنتقالية التي تولت زمام الأمور عقب سقوط نظام الرئيس جعفر نميري في أبريل 1985 حين استجابت لصيحات الغوغاء المصنوعة، وقامت بحل جهاز أمن الدولة، وأودعت قادته وضباطه السجون، ولولا رجال مؤمنون بقيمة الوطن، أمثال اللواء الهادي بشرى، تولوا تصفية الجهاز بعد قرار حله، لذهبت كل أسرار الدولة إلى خصومها الخارجيين من الأنظمة التي كانت تترصد كل حركة وسكنة في البلاد، قبل أن تذهب إلى المعارضين السابقين، لكنه أمكن الإحاطة ببعض تلك الأسرار وحفظها.

ولأن نظام الإنقاذ كان أطول عمراً من نظام مايو، وكانت معارضته أكثر شراسة من تلك، فقد سعى معارضوه، بكل ما أوتوا من حِيل، أن يكرروا ذات السيناريو بحل “جهاز الأمن والمخابرات الوطني”، ورغم أنهم – حينما آلت إليهم السلطة – لم يحققوا كامل مخططهم، بفضل وعي القيادة العسكرية التي تولت الشأن العسكري والأمني عقب سقوط النظام، إلاّ أنهم نجحوا في تقليم أظافر الجهاز بفصل الكثير من ضباطه وبالحد من صلاحياته، ورغم أنهم اكتشفوا بعد وقت قصير قِصر نظرهم وفداحة خطئهم، إلا أنهم أصروا على المكابرة، وقرروا إنشاء جهاز بديل أسموه “جهاز الأمن الداخلي”، ومنحه ذات الصلاحيات التي كانت لدى جهاز الأمن والمخابرات الوطني، بيد أن هذه الخطوة لم تكتمل !!

ربما بعود الأمر لطبيعة عمل أجهزة الأمن والمخابرات نفسها، لكن الثابت أن العامة، في كل الدول، لا يعرفون من الأدوار الهامة التي تقوم بها هذه الأجهزة إلاّ النذر اليسير، ونحن في السودان لم يكن يظهر لنا من تلك الأدوار إلاّ ما يتصل بأزماتنا الملحّة، وهي أزمات سياسية واقتصادية، أما الأدوار المتصلة بدرء الأخطار الخارجية وبمكافحة التجسس، وبحرب المدن، وبمكافحة الإرهاب و الجريمة المنظمة ، وبالتنسيق مع النظراء في جهاز الشرطة والاستخبارات العسكرية، ومع الاجهزة النظيرة في الدول الشقيقة والصديقة، كل ذلك لا نكاد نعرف عنه شيئاً، ولو كان للمرء من مأخذ على إخفاء هذه الأدوار، في السابق، أو عدم إشهارها بما يكفي، فهو أن غيابها يتيح للخصوم المتربصين فرصة لتقوية منطقهم في التدليس والقول بأن هذه الأجهزة إنما هي أجهزة سياسية، لا تفعل شيئاً سوى ترصد الخصوم السياسيين.

أما بالنسبة للحرب التي تدور رحاها في بلادنا منذ أكثر من عام، فقد ظهرت الثغرة التي خلّفها تغييب جهاز المخابرات العامة بشكل جلي، أقول تغييب لأن الفعل كان مقصوداً في حد ذاته، إما بدوافع سياسية، كما ألمحنا، أو بدفع تآمري خارجي، أو نتيجة الاستجابة غير المدروسة لضغوط الناشطين، أو بعدم الأخذ بالتوصيات التي كانت تتضمنها تقارير الجهاز عندما التزم بدور كاتب التقارير، والتي – التوصيات – كانت تقدم قراءة استشرافية لما قد ينتهي إليه الأمر إن تركت الأمور تسير على النحو الذي سارت عليه، وقد حدث ما حدث !!
وفي الحرب التي تدور منذ عام، تجلت مقدرات عناصر الجهاز في دعم وإسناد المجهود القتالي للقوات المسلحة، خاصة وأن للجهاز خبرة طويلة في حرب المدن وفي مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، بل أكثر من ذلك، تجلت وطنية عناصر الجهاز ممن أحيلوا للتقاعد وجرى التشهير بهم، فانخرطوا في صفوف القوات المقاتلة حتى قبل أن تتم إعادتهم للخدمة، وقدموا الشهداء والجرحى والمعاقين، حتى قبل أن تنصفهم قيادة الدولة، وتغطى ظهرهم المكشوف بعدم وجود الحماية القانونية.

الآن وقد أعادت الدولة بعض الحق لأهله، تنتظر جهاز المخابرات العامة، المهمة الأكثر تعقيداً، والتي أضحت مطلباً شعبياً، وهي مهمة توسيع نطاق العمليات القائمة في مجال مكافحة المليشيا وأعوانها، ولا شك أن أول متطلبات عناصر النجاح في هذه المهمة هي حسن التنسيق مع الاستخبارات العسكرية وجهاز الشرطة، ويجب التنويه هنا، بضرورة الانتباه لتجنب الغيرة المهنية، والتقليل من آثارها إلى الحد الأقصى، وهذه بالأساس مهمة قيادة الدولة ومدراء الأجهزة الثلاثة.

إن الأمن، بمفهومه الشامل، لا يقتصر على الأدوار التي يقوم بها جهاز المخابرات العامة، والمضمنة في قانونه الذي جرى تعديله، مهما اتسع نطاقها، وإنما هو شأن تشترك فيه الأجهزة النظامية الأخرى، ويمتد ليشمل أجهزة مدنية وثيقة الصلة بموضوع الأمن القومي، ويقوم الجهاز بعبء تنسيقه، ولهذا ينبغي أن تعمل منظومة الأمن القومي كلها بتناسق وثيق حتى يعبر شعبنا هذه المرحلة الأكثر دقة من تجاربه السياسية.

العبيد أحمد مروح

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: جهاز المخابرات العامة جهاز الأمن التی کانت قبل أن

إقرأ أيضاً:

رونين بار رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي

رونين بار ضابط استخبارات ولد عام 1965، انضم إلى الجيش الإسرائيلي عام 1984، ثم أصبح عام 1993 ضابطا في وحدة العمليات التابعة لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك)، تدرج في المناصب حتى عُين رئيسا للجهاز في أكتوبر/تشرين الأول 2021.

المولد والنشأة

ولد رونين بار بيريزوفسكي يوم 24 ديسمبر/كانون الأول 1965، ونشأ في مستوطنة رحوفوت جنوب تل أبيب.

والده أبراهام بيريزوفسكي، وهو كيميائي تخرج من معهد التخنيون.

يجيد بار اللغتين العربية والإنجليزية إضافة إلى لغته الأم العبرية.

الدراسة والتكوين العلمي

حصل على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية والفلسفة من جامعة تل أبيب بتقدير امتياز.

ونال درجة الماجستير في الإدارة العامة من جامعة هارفارد ضمن برنامج منحة من مؤسسة واكسنر اليهودية الأميركية.

التجربة العسكرية

بدأ بار مسيرته العسكرية عام 1984 مقاتلا في صفوف الجيش الإسرائيلي في وحدة سييرت متكال، وأثناء فترة خدمته شارك في عملية اغتيال المسؤول العسكري لحركة فتح خليل الوزير في أبريل/نيسان 1988.

بعد انتهاء خدمته العسكرية، انضم إلى جهاز "الشاباك" عام 1993 وأصبح ضابطا في وحدة العمليات التي أهّلت تقدمه بشكل سريع في مناصب مختلفة داخل الجهاز.

في عام 2011 ترأس قسم العمليات في جهاز الشاباك، وكان مسؤولا عن تخطيط وتنفيذ العمليات الاستخباراتية الحساسة، وأثناء عمله بهذا المنصب قاد عام 2012 عملية اغتيال أحمد الجعبري، قائد كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وكان الاغتيال مقدمة لعدوان عسكري إسرائيلي كبير على قطاع غزة دام حوالي 10 أيام.

إعلان

ونظرا لخبرته الاستخباراتية أُعير إلى جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد) عام 2016، وكان مسؤولا عن تنفيذ إحدى العمليات السرية قبل عودته إلى الشاباك مسؤولا عن بناء القوات الخاصة فيه.

في عام 2018، عُين نائبا لرئيس الشاباك، الأمر الذي عزز مكانته وأصبح أحد أبرز قادة الأمن في إسرائيل، وذلك قبل أن يصل إلى منصب رئيس الشاباك في أكتوبر/تشرين الأول 2021.

بعد معركة سيف القدس التي بدأتها المقاومة الفلسطينية عام 2021، أنشأ بار جناحا جديدا في الشاباك، وأطلق عليه اسم "الجناح الإسرائيلي"، واهتم بالتعامل مع "جميع التهديدات الناشئة عن الإسرائيليين، بمعنى منع الجرائم القومية أو الإرهاب من العرب واليهود".

إخفاق السابع من أكتوبر

أعلن رونين بار أنه يتحمل مسؤولية الهجوم الذي شنته المقاومة الفلسطينية ضمن عملية طوفان الأقصى على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وجاء إعلان بار في رسالة رسمية بعث بها إلى موظفي الجهاز، قال فيها "على الرغم من سلسلة الإجراءات التي اتخذناها، فلسوء الحظ لم نتمكن من إصدار تحذير كاف يسمح بإحباط الهجوم، وباعتباري الشخص الذي يترأس الجهاز، فإن المسؤولية عن ذلك تقع على عاتقي، سيكون هناك وقت لإجراء التحقيقات، لكن الآن نحن نقاتل".

وقال رئيس جهاز الشاباك السابق يعقوب بيري إن رونين بار سيتنحى عن منصبه بعد انتهاء الحرب.

وفي أعقاب عملية طوفان الأقصى أنشأ بار تشكيلا خاصا في الجهاز بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي، بهدف تركيز الجهود في تحديد مكان واستعادة الأسرى والمفقودين الإسرائيليين، إضافة إلى فرق مختلفة مخصصة وفقا للأهداف التي وضعتها حكومة الاحتلال لعدوانها العسكري على غزة.

الوظائف والمسؤوليات مقاتل في وحدة "سييرت متكال" في الجيش الإسرائيلي في الفترة بين 1984-1987. مقاتل في وحدة العمليات لجهاز الشاباك، وأعير إلى الموساد لتنفيذ مهمة عملياتية عام 1993. قائد عمليات ميدانية في جهاز الشاباك عام 1996. نائب رئيس وحدة العمليات الخاصة في الشاباك عام 2001. رئيس وحدة العمليات الخاصة في الشاباك عام 2005. مدرب في الكلية الوطنية للأمن التابعة للشاباك عام 2010. رئيس قسم العمليات في الشاباك عام 2011. منتدب لجهاز الموساد عام 2015. رئيس مكتب تجنيد القوى لجهاز الشاباك عام 2016. نائب رئيس جهاز الشاباك ومسؤول عن الأنشطة العملياتية عام 2018. رئيس جهاز الشاباك عام 2021. إعلان

مقالات مشابهة

  • رونين بار رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي
  • منظمة «أجهزة المخابرات الإفريقية» تفتتح مقراً جديداً في طرابلس
  • إطلاق برنامج لتعيين مشرفين على منصة «واجب»
  • الأمن العام السوري: إحباط عملية تهريب أسلحة كانت متوجهة إلى لبنان من معابر غير شرعية
  • جهاز التعمير يرفع 375 ألف م3 مخلفات و 50 ألف رتش ببورسعيد
  • الإعلان عن Nintendo Switch 2.. إليكم كل ما نعرفه
  • "الإمارات للمحاسبة" يطلق برنامجاً لتعيين مشرفي منصة "واجب"
  • «المنفي» يستقبل الأمين التنفيذي للجنة الأمن والمخابرات الإفريقية
  • تعرف على وحدة الظل التي حافظت على أسرى الاحتلال وتفوقت على أقوى أجهزة المخابرات
  • جهاز المخابرات العراقي شنو شغله ؟ ..محمد الحسّان في قطر !