ثلاثة نماذج رئاسية محور نقاشات أميركية
تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT
النقاشات حول رئاسة الجمهورية في لبنان تأخذ في دوائر أميركية معنية منحى مختلفاً عن الكلام اللبناني حول اتجاه رئاسة الجمهورية. وينطلق النقاش للنظر إلى دور رئاسة الجمهورية وتحديد هوية الرئيس المقبل أساساً من سؤال حول مستقبل لبنان وما يُراد له.يصعب تجاوز أمرين في النقاشات التي تصل إلى أوساط لبنانية مطّلعة: موقف القوى الإقليمية والدولية التي تريد تقاسم نفوذها مع واشنطن في إدارة الملف اللبناني، والموقف الأميركي من لبنان قبل حرب غزة وبعدها، ليُفهم على أساسه ماذا يريد الأميركيون من رئاسة الجمهورية.
وكتبت هيام قصيفي في" الاخبار":حتى الآن، لا يزال الملف الرئاسي في واشنطن عبارة عن «مسوّدة أولية» لا أكثر. والنقاش الذي يتعدى ما سيحصل في حرب غزة، يتناول ثلاثة نماذج رئاسية، على أساس السؤال المبدئي عن أي حل يراد للبنان في المرحلة المقبلة، ووفقاً لذلك يمكن تحديد هوية الرئيس المقبل.
حتى الآن دارت انتخابات الرئاسة حول طرفين متعارضين، لكنّ جوهر العملية التنافسية انحصر بالقوى السياسية التي سمّت مرشحيها. ما يناقش أميركياً هو أن أي نموذج من داخل الطبقة السياسية سيعكس حكماً صورة الانهيار في الواقع الحالي الذي يعيشه لبنان منذ سنوات. وهنا لبّ المشكلة. فالرئيس من داخل النادي السياسي يعني، إضافة إلى استمرار الأزمة وإبقاء لبنان في المسار المتدهور، قبض القوى السياسية على مفاصل السلطة. وهذا في حد ذاته مؤشر سلبي بالنسبة إلى من يحاولون إنقاذ الوضع من خارج الحدود اللبنانية. والطبقة السياسية، بحسب هذه النقاشات، متمسّكة بهذا الخيار لأن ذلك يبقيها في إدارة اللعبة مباشرة أو غير مباشرة.
النموذج الثاني هو أن أي كلام من جانب قوى سياسية عن موظفين مدنيين أو عسكريين (وواشنطن ليست مع أي من المطروحة أسماؤهم بغضّ النظر عن التأويلات اللبنانية والفرنسية والقطرية) أو مرشحين من خانة «لا طعم ولا رائحة لهم»، يعني حكماً أن الرئيس المقبل هو رئيس مرحلة انتقالية، وإبقاء للبلد في خانة الانتظار وتأجيل حلول أزمته، وهذا ما تحاول أيضاً بعض القوى السياسية الترويج له، وجذب دول في اللجنة الخماسية إليه. لكنه بالنسبة إلى الأميركيين يعبّر أيضاً عن مصالح القوى السياسية التي تلتقي، رغم اختلافها على اسم المرشح، على إبقاء الوضع اللبناني على سكة الانتظار، مع هشاشة أكثر لاعتبارات معروفة.
أما النموذج الثالث فهو اللجوء إلى خيار من خارج الاصطفاف السياسي بخيارات تتقاطع عليها واشنطن والسعودية، ما يسمح بإخراج الرئاسة من أيدي القوى السياسية الحالية، ووضعها في المكان الذي ينقل الأزمة إلى مساحة أخرى يمكن من خلالها إنجاح المعالجات المطلوبة سياسياً واقتصادياً. وهذا الخيار الذي تحاول القوى السياسية القفز فوقه يلاقي ارتياحاً أميركياً، ويتقدّم في النقاش، من دون الذهاب بعيداً في التفاؤل بإمكان نجاحه، رغم أنه بالنسبة إلى الأميركيين الوسيلة الأضمن للعبور نحو لبنان آخر.
هذه النماذج ترتبط حكماً بأي مستقبل يراد للبنان، وهل يمكن لواشنطن أن تغضّ النظر عن تقدّم واحد من النموذجين الأوّلين أو الترويج للخيار الثاني بين لبنان وبعض أعضاء اللجنة الخماسية والمفاضلة بين السيّئ والأسوأ كما يحصل في الأسابيع الأخيرة، خلال لقاءات يصل مضمونها إلى واشنطن. يكمن الجواب في أن إدارة الأزمة، كما الحلول المرتقبة للوضع الإقليمي، تتعلق بأكثر من دولة، ولو أن واشنطن حتى الآن متمسّكة بعدم التسليم بمقايضة حول وضع لبنان والرئاسة فيه. لكن الخشية تبقى قائمة من أي غضّ نظر أميركي، يُفهم منه القبول بخيارات تبقي لبنان في المكان نفسه، لانشغال واشنطن بملفات كثيرة دولية وإقليمية في انتظار نضوج تسوية كبرى، أو ترحيل كل الملف إلى حينه، ولا سيما أن القوى السياسية المحلية تمعن في التمسك بالخيارين الأوّلين، من دون أي حرج، ما يجعل الميزان قائماً بين مصالح طبقة سياسية بكل اختلافاتها، ومحاولة لتقديم منظار آخر للبنان، سياسي واقتصادي، يجري الكلام عنه في هذه النقاشات.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: رئاسة الجمهوریة القوى السیاسیة
إقرأ أيضاً:
هل تستطيع أوروبا تعويض كييف المعدات العسكرية التي أوقفتها واشنطن.. خبراء يجيبون
لا شك أن تجميد المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا لفترة طويلة سيكون له تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين التعويض عنها، لكن بعض المجالات أسهل من غيرها مثل القذائف، وفقا لخبراء.
يرى معهد كيل الألماني أن الولايات المتحدة قدمت بمفردها نحو نصف قيمة المساعدات العسكرية لأوكرانيا في الفترة من 2022 إلى 2024. ويقول مصدر عسكري أوروبي لوكالة "فرانس برس" إن جزءا من المساعدات سُلم بالفعل، ولكن إذا لم يشهد الوضع على الجبهة تحولا في مواجهة الروس "فسيكون الأمر معقدا في أيار/ مايو وحزيران/ يونيو، بدون مساعدات جديدة" بالنسبة للأوكرانيين.
ويقول المحلل الأوكراني فولوديمير فيسينكو: "إذا أخذنا في الحسبان ما تم تسليمه وما لدينا وما ننتجه، فإننا قادرون على دعم المجهود الحربي لستة أشهر على الأقل من دون تغيير طبيعة الحرب بشكل كبير".
ويرى يوهان ميشال، الباحث في جامعة ليون 3، أن "في معادلة حرب الاستنزاف أنت تضحي إما بالرجال أو بالأرض أو بالذخيرة. وإذا نفدت ذخيرتك، فإنك إما أن تنسحب أو تضحي بالرجال".
في ما يلي أربعة مجالات عسكرية قد تتأثر بتعليق المساعدات الأمريكية:
الدفاع المضاد للطائرات
تتعرض أوكرانيا باستمرار لوابل من الصواريخ والمُسيَّرات ضد مدنها وبلداتها أو بنيتها التحتية. تؤدي هذه الهجمات الكبيرة إلى إنهاك الدفاعات الأوكرانية وإجبارها على استخدام كميات كبيرة من الذخيرة.
بعيدا عن خط المواجهة، تمتلك أوكرانيا سبعة أنظمة باتريوت أمريكية حصلت عليها من الولايات المتحدة وألمانيا ورومانيا، ونظامين أوروبيين من طراز "SAMP/T" حصلت عليهما من روما وباريس لتنفيذ عمليات اعتراض على ارتفاعات عالية. ولدى كييف قدراتها الخاصة وحصلت على أنظمة أخرى تعمل على مدى أقل.
يقول الباحث الأوكراني ميخايلو ساموس، مدير شبكة أبحاث الجغرافيا السياسية الجديدة، وهي مؤسسة بحثية في كييف، إن "الصواريخ البالستية مهمة جدا لحماية مدننا، وليس قواتنا. لذا فإن ترامب سيساعد بوتين على قتل المدنيين".
ويشرح ليو بيريا-بينييه من مركز إيفري الفرنسي للأبحاث "مع الباتريوت، كما هي الحال مع جميع الأنظمة الأمريكية، لدينا مشكلتان، مشكلة الذخائر ومشكلة قطع الغيار للصيانة. في ما يخص قطع الغيار، هل سنتمكن من شرائها من الأمريكيين وتسليمها للأوكرانيين أم أن الأمريكيين سيعارضون ذلك؟ لا نعلم".
لتوفير ذخائر الباتريوت، تقوم ألمانيا ببناء أول مصنع لها خارج الولايات المتحدة، ولكن من غير المتوقع أن يبدأ الإنتاج قبل عام 2027. وسوف تجد أوروبا صعوبة في تعويض أي نقص في هذا المجال.
ويقول ميشال: "إن أوروبا تعاني من بعض القصور في هذا المجال؛ فأنظمة "SAMP/T" جيدة جدا ولكنها ليست متنقلة، ويتم إنتاجها بأعداد صغيرة جدا. لابد من زيادة الإنتاج، حتى ولو كان ذلك يعني تصنيعها في أماكن أخرى غير فرنسا وإيطاليا". لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت. ويؤكد بيريا-بينييه أن "العملية كان ينبغي أن تبدأ قبل عامين".
ويضيف يوهان ميشال: "إن إحدى طرق التعويض تتمثل في توفير مزيد من الطائرات المقاتلة لتنفيذ عمليات اعتراض جوي وصد القاذفات الروسية التي تضرب أوكرانيا"، فالأوروبيون زودوا أوكرانيا بطائرات "إف-16" و"ميراج 2000-5"، ولديهم مجال لزيادة جهودهم في هذا المجال.
ضربات في العمق
يمكن للمعدات الأمريكية توجيه ضربات من مسافة بعيدة خلف خط المواجهة، وهو ما يجعلها بالغة الأهمية بفضل صواريخ "أتاكمس أرض-أرض" التي تطلقها راجمات "هايمارز" التي أعطت واشنطن نحو أربعين منها لأوكرانيا.
ويشير ميشال إلى أنها "إحدى المنصات القليلة في أوروبا".
ويقول بيريا-بينييه: "إن أولئك الذين يملكونها يبدون مترددين في التخلي عنها، مثل اليونانيين". ويقترح ميشال أن "هناك أنظمة تشيكية، ولكنها أقل شأنا. يتعين على الأوروبيين أن يطوروا بسرعة أنظمة خاصة بهم، أو إذا كانوا غير قادرين على ذلك، أن يشتروا أنظمة كورية جنوبية".
ويشير ساموس إلى أن هناك إمكانية لتوجيه ضربات عميقة من الجو، ولدى "الأوروبيين والأوكرانيين الوسائل التي تمكنهم من ذلك"، مثل صواريخ "سكالب" الفرنسية، و"ستورم شادو" البريطانية.
ولكن بيريا-بينييه يشير إلى أن "المشكلة هي أننا لسنا متأكدين على الإطلاق من أن هناك أوامر أخرى صدرت بعد تلك التي أُعلن عنها".
القذائف المدفعية والأنظمة المضادة للدبابات
في هذا المجال، الأوروبيون في وضع أفضل.
يقول ميشال: "ربما يكون مجال الأسلحة المضادة للدبابات هو الذي طور فيه الأوكرانيون أنظمتهم الخاصة. فالصواريخ، مثل صواريخ جافلين الشهيرة التي زودتهم بها الولايات المتحدة، تكمل أنظمة المُسيَّرات "FPV" بشكل جيد".
وفي ما يتعلق بالمدفعية، يشير بيريا-بينييه إلى أن "أوروبا حققت زيادة حقيقية في القدرة الإنتاجية، وأوكرانيا في وضع أقل سوءا".
في أوروبا، تسارعت وتيرة إنتاج القذائف وتسليمها إلى أوكرانيا، ويخطط الاتحاد الأوروبي لإنتاج قذائف عيار 155 ملم بمعدل 1,5 مليون وحدة بحلول عام 2025، وهذا يزيد عن 1,2 مليون وحدة تنتجها الولايات المتحدة.
الاستطلاع/الاستعلام
تشتد الحاجة إلى الولايات المتحدة في هذا المجال الأساسي بفضل أقمارها الاصطناعية وطائراتها ومُسيَّراتها التي تقوم بجمع المعلومات ومعالجتها.
ويقول فيسينكو: "من المهم جدا أن نستمر في تلقي صور الأقمار الاصطناعية".
ويشير ميشال إلى أن "الأوروبيين لديهم بعض الأدوات، ولكنها ليست بالحجم نفسه على الإطلاق، والعديد منهم يعتمدون بشكل كامل على الولايات المتحدة في هذا المجال".