أكدت الإدارة الأميركية، الجمعة، أنه "من المعقول تقييم" أن الأسلحة الأميركية قد استخدمت من قبل القوات الإسرائيلية في غزة في حالات "لا تتوافق" مع القانون الإنساني الدولي، لكنها لم تصل إلى حد القول رسميا إن إسرائيل انتهكت القانون.

واستعرض تقرير لوزارة الخارجية الأميركية قدمته إلى الكونغرس مدى التزام إسرائيل بمذكرة الأمن القومي فيما يتعلق باستخدامها الأسلحة الأميركية بشكل يتوافق مع القانون الإنساني الدولي والقوانين الأميركية.

وخلص التقرير إلى أنه "ليس لدى الولايات المتحدة معلومات كاملة للتحقق مما إذا كانت المعدات الدفاعية الأميركية NSM-20 قد استخدمت على وجه التحديد في الأفعال التي يُزعم أنها انتهاكات للقانون الدولي الإنساني أو حقوق الإنسان الدولي".

وأوضح التقرير أن "طبيعة الصراع في غزة تجعل من الصعب تقييم أو التوصل إلى نتائج قاطعة بشأن الحوادث الفردية" ولكنه أكد أنه "نظراً لاعتماد إسرائيل الكبير على المعدات الدفاعية الأميركية الصنع فإنه من المنطقي تقييم أن بعض المعدات قد استخدمت من قبل قوات الأمن الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر بطريقة لا تتلاءم مع القانون الإنساني الدولي أو أفضل الممارسات الراسخة للتخفيف من الأضرار التي تلحق بالمدنيين".

ولفت التقرير إلى أن الحكومة الأميركية راجعت التقارير التي تتمتع بالمصداقية الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام حول النشاطات العسكرية الإسرائيلية التي تؤثر على المدنيين والأهداف المدنية والتي أثارت أسئلة حول التزام إسرائيل بأفضل الممارسات لحماية المدنيين من الأذى .

وقال إنه "بسبب استخدام حماس للبنى التحتية المدنية لأسباب عسكرية والمدنيين كدروع بشرية فإنه من الصعب تحديد الوقائع على الأرض في منطقة حرب نشطة من هذا النوع ووجود أهداف عسكرية مشروعة في مختلف أنحاء قطاع غزة".

ولفت التقرير إلى أن الجيش الإسرائيلي "اتخذ خطوات لتنفيذ التزامات القانون الإنساني الدولي المتعلقة بحماية المدنيين... كما أكدت حكومة إسرائيل أنها تتخذ خطوات للتخفيف من المخاطر التي يتعرض لها المدنيون عند إجراء عمليات عسكرية".

وأوضح التقرير أن "الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية وخبراء القانون الدولي الإنساني ذكروا أن الجهود الإسرائيلية لتخفيف الأضرار التي لحقت بالمدنيين غير منسقة وغير فعالة وغير كافية، وتفشل في توفير الحماية للمدنيين الضعفاء الذين لا يستطيعون أو اختاروا عدم الانتقال إلى أماكن أخرى".

وأضاف أنه "بينما تمتلك إسرائيل المعرفة والخبرة والأدوات اللازمة لتنفيذ أفضل الممارسات للتخفيف من الأضرار التي تلحق بالمدنيين في عملياتها العسكرية إلا أن النتائج على الأرض، بما في ذلك المستويات العالية من الضحايا المدنيين تثير أسئلة حول ما إذا كان جيش الدفاع الإسرائيلي يستخدمها بفعالية في جميع الحالات".

واستعرض أحداث السابع من أكتوبر وذكر أن "حماس وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية وإرهابيين فلسطينيين آخرين شنوا حملة غير مبررة وهجوم واسع النطاق على إسرائيل من قطاع غزة مما أسفر عن مقتل ما يقدر بنحو 1200 شخص وإصابة أكثر من 5400 شخص، واختطاف 253 رهينة، بينهم مواطنون أميركيون".

وأشار في المقابل إلى أن إسرائيل شنت عملية عسكرية متواصلة في غزة أدت إلى مقتل ما يقدر بنحو 34,700 فلسطيني وجرح حوالي 78,200(بحسب أرقام وزارة الصحة التي تسيطر عليها حماس في غزة) وتسببت بنزوح الغالبية العظمى من الفلسطينيين في القطاع وإلى أزمة إنسانية حادة.

وذكر التقرير أنه "كان لزاما على إسرائيل أن تواجه تحديا عسكريا استثنائيا: حماس التي غرست نفسها عمدا داخل وتحت السكان المدنيين لاستخدامهم كدروع بشرية".

وختم التقرير أن "تسليم المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة  قد تحسن منذ السابع من أكتوبر لكنه يبقى غير كاف. وأشار إلى أن تقييم الحكومة الأميركية حاليا أن الحكومة الإسرائيلية لا تمنع أو تضع قيودا على نقل وتسليم المساعدات الإنسانية بشكل مخالف لقانون المساعدات الخارجية. وأوضح أن التقييم متواصل وستتابع الولايات المتحدة مراقبة الوضع والرد على أي تحديات تواجه إيصال المساعدات للمدنيين الفلسطينيين في غزة من الآن وصاعدا".

وتم إرسال تقرير الخارجية إلى الكونغرس بعد ظهر الجمعة، وفق ما ذكرته "سي إن إن"، وكانت هذه هي المرة الأولى التي يتعين فيها على الإدارة الأميركية إجراء تقييم بشأن سلوك إسرائيل خلال الأشهر السبعة من الحرب مع حماس في غزة، والتي أثارها الهجوم الذي شنته الحركة في 7 أكتوبر.

ونقلت الشبكة الأميركية عن مسؤول كبير في الخارجية الأميركية أن تجميع التقرير اعتبر أداة مفيدة لإدارة بايدن للضغط على حكومة إسرائيل والإصرار على الحصول على المعلومات وعلى تغيير السلوك. وقال المسؤول ذاته إنه ستتم مشاركة التقرير مع الحكومة الإسرائيلية.

اندلعت الحرب في السابع من أكتوبر بعدما نفذت حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1170 شخصا معظمهم مدنيون حسب تعداد لفرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيلية رسمية.

وخطف أكثر من 250 شخصا ما زال 128 منهم محتجزين في غزة توفي 37 منهم وفق مسؤولين إسرائيليين.

ردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل "القضاء" على حماس وتنفذ مذاك حملة قصف مدمرة وعمليات برية في قطاع غزة تسببت بسقوط 34 ألفا و943 قتيلا غالبيتهم مدنيون وفق وزارة الصحة التابعة لحماس.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: القانون الإنسانی الدولی السابع من أکتوبر مع القانون التقریر أن إلى أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

القانون الدولي ودروس التاريخ

لم يعد العالم يملك تلك القواعد التي توافق عليها بعد الحرب العالمية الثانية، وعادت إلى المشهد الدولي تلك الموازين التي تعتمد على السلاح والخطاب الإعلامي المتغوّل الذي لا يقيم أي اعتبار للقيم والمبادئ والأخلاق الإنسانية. ففي غزة -كما في مناطق أخرى في العالم- تسقط العدالة سقوطا كاملا ومدويا تحت وقع التفجيرات، والإبادة الجماعية والتجويع، وتغيب الشرعية القانونية خلف جدار من المسوغات الجاهزة التي باتت منكشفة أمام العالم أجمع رغم بقائها مكتوبة في المواثيق المعلقة على جدران المنظمات الدولية.

ولا يجد القانون الدولي طريقا للتطبيق إلا حين يتوافق مع مصالح الكبار الذين يملكون القوة المطلقة في العالم، سواء القوة العسكرية أو القوة الاقتصادية، ولا عزاء للضعفاء الذين يحاولون الاحتماء بالقوانين الدولية التي لم يشاركوا حتى في وضعها.

رغم ذلك فإن العودة مرارا للحديث عن القانون وعن أهمية أن يسود بين الدول ليست عودة الضعفاء؛ فالأمر في غاية الأهمية، وضرورة واقعية لتجنب الانحدار الكامل نحو عالم تسوده شريعة الهيمنة. وأظهرت التجارب الحديثة - من غزو العراق إلى تفكيك ليبيا - أن إسقاط الأنظمة من الخارج دون مسارات شرعية لا يمكن أن نتج ديمقراطيات، ولكنه يخلّف فراغا أمنيا يستدعي الفوضى بالضرورة، ويمنح القوى المتربصة فرصة لإعادة التشكل الأمر الذي يحول الدول إلى دول فاشلة قابلة لتشكيل بؤر إرهاب وتطرف وتراكم مع الوقت قدرا كبيرا من الأحقاد والضغائن التاريخية التي لا تتآكل بسهولة، ولكنها تتراكم مع تراكم الندوب والجروح والمآسي.

كان ميثاق الأمم المتحدة بكل ما فيه من قصور محاولة لتقييد اندفاع القوة، وإرساء حد أدنى من الضوابط التي تحول دون تكرار مآسي النصف الأول من القرن العشرين. لكن غياب الإرادة السياسية، وتغوّل المصالح، أضعفا هذا الإطار وجعلاه أداة انتقائية تُستخدم أحيانا لتسويغ التدخل، وتتجاهل في أحيان أخرى الإبادة، والتجويع، والتطهير العرقي.

وأكثر ما يزيد المشهد تعقيدا هو صعود سرديات جديدة تُضفي على التدمير شرعية إعلامية تحت عناوين كـ«الدفاع عن النفس»، أو «مكافحة الإرهاب» بينما تُهمّش جرائم الإبادة الجماعية، والتهجير القسري، وتُسكت أصوات الضحايا، وتُعاد صياغة الحقيقة؛ وفقًا لما تقرره غرف الأخبار في العواصم القوية.

ورغم ما في القانون الدولي من ثغرات فالحل ليس في سقوطه، ولكن في ترميمه؛ حيث يبقى المسار الوحيد الممكن لبناء علاقات مستقرة لا تقوم على موازين السلاح، بل على موازين المسؤولية والمساءلة. لكنه بحاجة إلى إرادة جماعية؛ لتجديد شرعيته، وتوسيع قاعدته الأخلاقية، ووقف استغلاله كسلاح إضافي في يد الأقوياء.

وإذا كان التاريخ لا يُعيد نفسه فإنه يعيد تحذيراته، ومن لا يستمع لها سيجد نفسه في الدائرة ذاتها من العنف، والفوضى، وغياب الأفق. فلنتعلم هذه المرة قبل أن يُصبح القانون ذكرى من الماضي، ومجرد حلم جميل في كُتب العلاقات الدولية.

مقالات مشابهة

  • القانون الدولي ودروس التاريخ
  • دبلوماسية التجارة لا المعونة.. إستراتيجية أميركية جديدة في أفريقيا
  • سيؤول تكثف تحركاتها لتفادي رسوم أميركية وشيكة
  • استراليا:إسرائيل تنتهك القانون الدولي “بكل وضوح” في غزة
  • أستراليا: إسرائيل تنتهك القانون الدولي في غزة
  • رئيس وزراء أستراليا: إسرائيل تنتهك القانون الدولي "بكل وضوح"
  • كوريا الجنوبية تكثف جهودها لتفادي رسوم أميركية وشيكة
  • كيف تعاطت المقاومة الفلسطينية مع التهديدات الإسرائيلية الأميركية؟
  • حماس تتخذ التدابير اللازمة لمنع عملية إسرائيلية-أميركية في غزة
  • تدابير مشددة.. حماس تخشى "عملية إسرائيلية-أميركية" في غزة