صحيفة أثير:
2025-04-24@09:40:29 GMT

غسل الأموال: بين القانون والمفهوم العام

تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT

غسل الأموال: بين القانون والمفهوم العام

أثير – إعداد: خالد بن سالم المريكي – محامٍ، وباحث ماجستير في القانون الجزائي بجامعة السلطان قابوس.

كثير ما يتداول في الوسط الاجتماعي مصطلح غسل الأموال والذي يكاد نسمعه في حياتنا اليومية بشكل متكرر من بعض طوائف المجتمع، كأن يتم رمي سين من الناس بذلك المصطلح نتيجة ما شوهد عليه من تغيير مفاجئ في ذمته المالية (التغير في وضعه المادي)، بحكم قيامه مثلاً وكما ذكرنا بشكل مفاجئ بشراء مركبة فارهة أو شراء عقار بقيمة عالية أو شراء غير ذلك من الأموال سواءً المنقولة منها أو غير المنقولة، الأمر الذي يجعل بعض الأشخاص المحيطين به والمطلعين على أحواله الظاهرة بأن ينسبوا له ذلك الأمر نتيجة ما لديهم من معلومة (قد تكون ناقصة وقاصرة) عن هذا الشخص بأنه غير قادر على شراء ما قام بشرائه بتلك الطريقة المفاجأة، وذلك الرمي بلا شك ناتج عن عدم فهم هذا المصطلح (غسل الأموال) ونقص الوعي لدى تلك الفئة من الناس، لذا فإننا بصدد تبيان المفهوم العام لهذا المصطلح لعموم الفائدة بين أطياف المجتمع ممن هم على غير دراية بمضمونه، وذلك بهدف تجنب رمي الأخرين بذلك المصطلح الذي ولو فعلاً قام الشخص به لعُد مرتكباً لجريمة يعاقب عليها القانون، ألا وهي جريمة غسل الأموال، وفي المقابل من ذلك فإن رمي الأخرين بذلك المصطلح (فُلان يغسل أو غاسل للأموال) دون التحقق من صحة الشيء يجعل من أتى بذلك القول مرتكباً لجريمة القذف التي يعاقب عليها قانون الجزاء 7/2018م أو غيره من القوانين الخاصة إن تم الإتيان بذلك القول عبر برامج التواصل الاجتماعي.

كما لا بد لنا وقبل تبيان المفهوم العام لمصطلح غسل الأموال، أن نؤكد للعامة ممن هم على غير معرفة بذلك بأن المسمى الصحيح لهذا المصطلح والذي أخذ به المشرع العُماني وفق ما أورده في قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الصادر بالمرسوم السلطاني رقم: 30/2016م هو مصطلح غسل الأموال وليس غسيل الأموال (وهذه العبارة الأخيرة هي الدارجة في الوسط الاجتماعي لدى البعض).

لذا فقد عُرف مصطلح غسل الأموال من قبل بعض شرّاح الفقه والقانون بأنه: كل فعل يقصد منه إخفاء المصدر الحقيقي للأموال غير المشروعة، وإعطاء تبرير كاذب لهذا المصدر بأي وسيلة كانت، وتحويل الأموال أو استبدالها، مع العلم بأنها غير مشروعة لغرض إخفاء تمويه مصدرها، أو مساعدة شخص ضالع في ارتكاب الجرم على الإفلات من المسئولية وتملك الأموال غير المشروعة أو مصادرتها أو حيازتها أو استخدامها أو توظيفها لشراء الأموال المنقولة أو غير المنقولة، أو للقيام بعمليات مالية مع العلم بأنها غير مشروعة. وبشكل أكثر تبسيط يقصد بمصطلح غسل الأموال، قيام شخص أو مجموعة من الأشخاص سواءً كانوا أشخاصاً طبيعيين أو أشخاصاً اعتباريين، سبق لهم الحصول على مال بطريقة غير مشروعة يجرمها القانون (مثلاً، كأن يكون هذا الشخص موظف في إحدى مرافق الدولة وتحصل على المال باختلاسه من مجموع الأموال الموكلة إليه بحكم وظيفته، أو كأن يكون هذا المال ناتج من وراء بيع الخمور أو المخدرات أو غير ذلك من الممنوعات)، بالقيام على محاولة إخفاء وتمويه هذه الأموال لكيلا يتم التعرف على مصدرها غير المشروع بهدف إضفاء الشرعية عليها وبالتالي تصبح أموالاً مشروعة ومن ثم يسهل عليهم التعامل بها في السوق المالي بشكل علني ومريح ، وهذا الفعل وبمجرد اكتشافه من قبل السلطات المختصة يجعل هؤلاء مرتكبين لجريمة يعاقب عليها القانون، يطلق عليها بجريمة غسل الأموال، التي سارت غالبية دول العالم على محاربتها ومكافحتها بشتى الطرق وذلك من خلال تعظيم الجهود وتشديد الرقابة بغرض الحد منها، كون تفشيها في أي مجتمع يؤدي إلى الإطاحة باقتصاده وزعزعة أمنه واستقراره.

وحيث أنه ومن الأمثلة التي ينتهجها مرتكبي جريمة غسل الأموال لإضفاء المشروعية على المال المحرم الذي سبق لهم أن تم اكتسابه بطرق يجرمها القانون، هو قيامهم (مثلاً) بإيداع ذلك المال في إحدى المصارف (البنوك) المحلية أو حتى الأجنبية، ويتم ذلك ولكيلا تحوم حولهم الشبهات بتجزئة المبالغ الكبيرة إلى مبالغ صغيرة وقت إيداعها في المصارف، ولا تتم عملية الإيداع من حساب واحد، بل إنها تتم عن طريق حسابات متعددة وعائدة لأشخاص متعددين، كذلك كأن يقوم من لديه المال المجرم باستخدامه في شراء عقارات مرتفعة الثمن أو شراء غير ذلك من الأموال المنقولة، وهذا ما يعد أولى مراحل محاولة تغير شكل الأموال غير المشروعة إلى أموال مشروعة ويطلق عليها بمرحلة (الإيداع)، ثم يواصل مرتكبي هذه الجريمة مشروعهم الإجرامي بغية الوصل إلى الهدف المنشود (إضفاء المشروعية على المال المحرم)، فيتم (مثلاً) تحويل الأموال التي سبق أن تم إيداعها في حسابات معينة إلى حسابات أخرى سواءً تم ذلك عن طريق الطريقة التقليدية أو التحويل الإلكتروني، ناهيك عن تحويلها إلى مصارف خارجية عن البلد الموجودين فيه، الأمر الذي يزيد العملية تعقيداً ويقلل من فرص اكتشاف تلك الجريمة، وهذه المرحلة كما أطلق عليها تسمى بمرحلة (التمويه)، ثم تأتي بعد ذلك المرحلة الأخيرة التي تسمى بمرحلة (الإدماج) والتي إذا وصل إليها غاسلوا الأموال يجعل أمر اكتشافهم ضمن المستحيلات كون المال قد تم إدماجه واختلاطه بمال مشروع يصعب خلاله التفريق بينهم.

لذا فالواضح من البيان السالف بأن مصطلح غسل الأموال لا ينطبق إلا على من ارتكب جريمة غسل الأموال المتحققة لشروطها وأركانها التي نص عليها القانون، وبالنسبة للمشرع العُماني فإنه أورد حالات ارتكاب جريمة غسل الأموال بموجب نص المادة (٦) من قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الصادر بالمرسوم السلطاني رقم: ٣٠/٢٠١٦م، بقولها: (يعد مرتكباً لجريمة غسل الأموال كل شخص، سواء أكان هو مرتكباً للجريمة الأصلية أم شخص آخر، يقوم عمداً بأحد الأفعال الآتية، مع أنه يعلم، أو كان عليه أن يعلم أو يشتبه بأن الأموال عائدات جريمة: أ- استبدال أو تحويل الأموال بقصد تمويه أو إخفاء طبيعة ومصدر تلك العائدات غير المشروعة، أو مساعدة شخص قام بارتكاب الجريمة الأصلية للإفلات من العقوبة. ب- تمويه أو إخفاء الطبيعة الحقيقية للأموال أو مصدرها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها أو حركتها أو ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها. ج- تملك الأموال أو حيازتها أو استخدامها عند تسلمها)، لذا يتضح لنا من خلال الشروط والحالات التي ذكرتها المادة آنفة البيان والتي تدلل على ضرورة توافرها في الشخص حتى يُعد مرتكب لجريمة غسل الأموال بإنها حالات ليست بالأمر السهل الإتيان بها من قبل أي شخص إلا ما ندر منهم، كما أنه وفي حال قام أحداً ما بالإتيان بها فإن أمر اكتشافه سيكون سهلاً للسلطات المختصة المعنية بالبحث والتحري ومكافحة هذا النوع من الجرائم، وبالتالي ليس كل من تغير حاله المادي للأفضل في ليلة وضحاها أصبح يملك مالاً لم يكن يملكه من قبل، جدير بأن يطلق عليه مصطلح غاسل للأموال، فقد يكون هذا الشخص وفي حال تم اكتشاف سر التغير المفاجئ الذي طرأ عليه وأصبح يمتلك أموالاً لم يكن يملكها من قبل، بإن يكون ذلك المال ناتجاً لورث تحصل عليه مثلاً، أو هدية أتته من أحد الأثرياء، أو غير ذلك من الطرق المشروعة التي من خلالها يستطيع الشخص الطبيعي أو حتى الاعتباري الحصول عبرها على مال يزيد من ذمته المالية أضعافها، الأمر الذي يقودنا إلى عدم التسرع في الحكم على الآخرين بمجرد النظرة الأولى والتي تكون ظاهرية دون العلم بعمق وسبب الثراء الذي طرأ فجأة على ذلك الشخص.

كما إنه وكما ذكرنا بأن غالبية دول العالم سارت في مكافحة هذه الجريمة والحد منها بشتى الطرق وذلك من خلال إصدارها للقوانين التي تجرم من قام بارتكابها، وكذلك انضمامها للمعاهدات الدولية من أجل التعاون المشترك لقطع السبل أمام مرتكبي تلك الجرائم، وبلا شك فإن مشرعنا العُماني هو من ضمن التشريعات التي سابقت في اتخاذ التدابير الوقائية والاحترازية بل والعقابية من أجل مكافحة هذه الجريمة ومنع ارتكابها على أراضي السلطنة والعالم، وأنضمت سلطنة عُمان لغالبية المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي تدعو لمكافحة وتجريم هذا النوع من الجرائم، حيث قامت السلطنة بإصدار عدة قوانين تجرم جريمة غسل الأموال، وذلك بدءً من العام ١٩٩٩م عندما عالجت موضوع غسل الأموال بإفراد فصل خاص لذلك في قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية رقم ١٧/١٩٩٩م، يجرم غسل الأموال الناتج عن الاتجار غير المشروع في المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية، ثم أصدر لاحقاً المشرع العُماني قانوناً خاصاً معني بجريمة غسل الأموال بموجب المرسوم السلطاني رقم: ٣٤/٢٠٠٢م باسم قانون غسل الأموال، بعد ذلك ونتيجة للتطور المتسارع في الأساليب المستخدمة والمنتهجة لارتكاب هذه الجريمة فإن المشرع العُماني رأى ضرورة تحديث ذلك التشريع فأصدر المرسوم السلطاني رقم: ٧٩/٢٠١٠م الخاص بقانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ثم قام المشرع مؤخراً وفي العام ٢٠١٦م بإصدار قانون جديد يحث ما قبله لمكافحة وتجريم هذه الجريمة بموجب المرسوم السلطاني رقم: ٣٠/٢٠١٦م المعني بقانون مكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فالأمر لن يقف عند هذا الحد، بل أن السلطنة مستمرة في الالتزام بتنفيذ المبادرات الدولية للحد من جريمة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وذلك من خلال تكثيفها الجهود المحلية والتعاون الدولي للحد من تلك الجريمة، وذلك ما يقودنا وكما ذكرنا إلى عدم التسرع في الحكم على الآخرين، كون القيام بتلك الجريمة على أراضي السلطنة لن يكون بالأمر السهل الذي يعتقده البعض منا، بل الأكيد بأن من تسول له نفسه الإتيان بتلك الجريمة فلن يكون الأمر سهلاً بالنسبة له، كون جميع مؤسسات الدولة العامة منها والخاصة معنية بمكافحة هذا النوع من الجرائم، بل أن تسترها على مثل تلك الجرائم يجعلها (أو من يمثلها) في طائلة التجريم.

لذا وفي ختام حديثنا نود الإيضاح بإن الجهود العالمية والمحلية عظيمة في شأن مكافحة هذه الجريمة (جريمة غسل الأموال) لما ترتبه وتخلفه من آثار سلبية على الفرد والمجتمع ككل بما في ذلك الإطاحة بإقتصاديات البلدان، والمشرع العُماني وكما سلف تبيانه بإنه سباق لاتخاذ أشد الإجراءات الصارمة من أجل قطع الطرق والسبل أمام من يفكر بارتكاب مثل تلك الجريمة على أراضي السلطنة، لذلك فعلينا أن نكون أكثر وعياً وثقافة، ونتجنب رمي الآخرين بذلك حتى لا يتم الرجوع علينا بجريمة قذف الآخرين أو غير ذلك مما يجرمه القانون، ومن العقل والمنطق بأن نترك أمرهم (أن صح قيامهم بارتكاب مثل تلك الجريمة) للجهات المختصة كونها هي المعنية باتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم.

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: غسل الأموال وتمویل الإرهاب جریمة غسل الأموال قانون مکافحة غیر المشروعة هذه الجریمة تلک الجریمة غیر ذلک من من خلال من قبل أو غیر

إقرأ أيضاً:

منصور بن زايد: العدالة أساس الثقة بين المواطن والدولة

إيهاب الرفاعي ووام (أبوظبي)
احتفلت النيابة العامة الاتحادية بمرور خمسين عاماً على تأسيسها، وذلك تتوّيجاً لعقود من العمل القضائي الوطني المتواصل نحو ترسيخ العدالة وسيادة القانون في دولة الإمارات.
 وفي كلمة بهذه المناسبة، أكد سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، أن النيابة العامة الاتحادية كانت على مدى العقود الخمسة الماضية، نموذجاً للعمل الوطني المشرّف، الذي جسّد قيم العدالة، ورسّخ مكانة القانون مرتكزاً أساسياً في بناء دولة الإمارات.
وأضاف سموه: «مثّلت النيابة العامة عنواناً للعدالة، وسنداً للدولة والمجتمع في حماية الحقوق وصون الحريات، من خلال منظومة قضائية متطوّرة، ورجال قانون حملوا الأمانة بكفاءة وإخلاص». وأشار إلى أن العدالة ليست نظاماً قانونياً فحسب، بل مسؤولية وطنية وثقافة مجتمعية تنهض بها المؤسسات، وتعكس رُقي الدول وتحضّرها، مؤكداً أن سيادة القانون لا تكتمل إلا عندما يشعر بها كل فرد في حياته اليومية، ويجد فيها الإنصاف والحماية والكرامة. ونوّه سموه إلى أن ما تحقق في مسيرة النيابة العامة هو ثمرة لرؤية قيادية واضحة، وجهود وطنية متواصلة، أسست لمنظومة قضائية رائدة تواكب المتغيرات، وتؤمن بأن العدالة يجب أن تكون سريعة وشاملة وإنسانية، مشدداً على أن العدالة تمثل حجر الأساس في بناء الثقة بين المواطن والدولة.
وقال سموه: «نؤكد دعمنا المستمر لتطوير عمل النيابة العامة الاتحادية، من خلال تسخير الإمكانات، وتبني الحلول التقنية، واستقطاب الكفاءات، بما يرسّخ ريادة الدولة في العدالة وسيادة القانون».
وثمّن سمو الشيخ منصور بن زايد جهود كوادر النيابة العامة، ودعاهم إلى مواصلة رسالتهم السامية التي تمسّ حياة الناس، وتسهم في استقرار الوطن وصون مكتسباته، مؤكداً أن خمسين عاماً من العطاء القانوني ليست خاتمة المطاف، بل بداية لمرحلة أكثر طموحاً وتأثيراً.

وأقامت النيابة العامة الاتحادية الاحتفال بحضور معالي عبدالله بن سلطان بن عواد النعيمي وزير العدل، ومعالي المستشار محمد حمد البادي رئيس المحكمة الاتحادية العليا، ومعالي عبدالله بن محمد بن بطي آل حامد رئيس المكتب الوطني للإعلام ورئيس مجلس إدارة مجلس الإمارات للإعلام، ومعالي اللواء أحمد سيف بن زيتون المهيري قائد عام شرطة أبوظبي، والشيخ زايد بن حمد آل نهيان رئيس مكتب المؤسس في ديوان الرئاسة، وعدد من المسؤولين.
وفي كلمة بهذه المناسبة، عبر معالي المستشار الدكتور حمد سيف الشامسي النائب العام للاتحاد، عن اعتزازه بمسيرة النيابة العامة قائلاً: «نحن في حضرة يوم عظيم خالد في تاريخ بلدنا: إمارات الحلم، والعدل. منذ أكثر من خمسين عاماً مضت بدأت مسيرة بلد وهب الله مؤسسيه حكمة ورؤية وبصيرة، وحلماً بدولة يظلها العدل ويسودها القانون». 
وأضاف: «انطلاقاً من هذه الرؤية الراسخة، آمن قادة الإمارات بأن العدل أساس الملك، فأولوا العدالة اهتماماً كبيراً، وقدموا دعماً شاملاً للقضاء والنيابة العامة، مما جعل العدالة واقعاً ملموساً، ونموذجاً يُحتذى في تحقيق العدل والأمن والتسامح؛ ولتترسخ هذه القيم على أرض الواقع، جاء دور النيابة العامة لدولة الإمارات، لتكون قادرة على تحقيق العدالة اليسيرة الناجزة في إبلاغ الحقوق لأصحابها وطالبيها، وبطموح لا حدود له في أداء الأمانة، لتصبح نموذجاً يُقتدى به في كافة أرجاء الأرض».
واختتم معالي النائب العام حديثه قائلاً: «نجدد العهد، ونرفع رؤوسنا فخراً بما تحقق، وعزيمتنا بما هو آت. فالمسيرة مستمرة… والثقة راسخة… والعدالة باقية، ما بقيت الإمارات». كما أطلق معالي النائب العام للاتحاد «استراتيجية النيابة العامة 2025-2030»، معلناً مرحلة جديدة ترسخ مكانة النيابة العامة في المستقبل.
واستهل الحفل الذي تضمن الإعلان عن وثيقة استشراف مستقبل العمل الجنائي 2045 بباقة متنوعة من الفقرات المتميزة: السلام الوطني لدولة الإمارات، قبل أن يتم تقديم عرض تجريدي يروي رحلة رمزية يجتازها طفل يمثل المستقبل، يجمع خلالها أجزاءً لدرع النيابة العامة عبر محطات زمنية مختلفة حتى تكتمل الحقيقة، وتسطع شمس العدالة، كما تم عرض بصري يستعرض ملامح المسيرة المؤسسية والتقنية للنيابة بتقنية الضوء والحركة.
 وفي لفتة تعبِّر عن الامتنان العميق والتقدير الكبير، قدمت النيابة العامة الاتحادية أغنية طيب الفال وإهداءها إلى سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، وذلك عرفاناً بدور سموه الريادي في دعم مسيرة العدالة، وتعزيز مكانة النيابة العامة مؤسسةً راسخةً في خدمة القانون والمجتمع.
 وخلال الحفل، تم استعراض عرض لأبرز محطات تطور النيابة العامة منذ تأسيسها، بدءاً من تشكيلها القانوني وتعيين أول نائب عام، مروراً بترسيخ بنيتها المؤسسية، وصولاً إلى التحول الرقمي والتوسع في التخصصات، بجانب مبادرتها المجتمعية، كما تم أيضاً استعراض مسيرة تمكين المرأة في النيابة العامة، قدمتها وكيلة نيابة.

أخبار ذات صلة النيابة العامة الاتحادية تحتفل بيوبيلها الذهبي غباش: الإمارات ستظل داعمةً لأمن لبنان وسيادته ووحدة أراضيه

نيابة المستقبل
وحرصت النيابة العامة الاتحادية خلال الحفل على تقديم جهودها في استشراف المستقبل من خلال عرض تخيلي قدمه سالم علي الزعابي رئيس نيابة الطوارئ والأزمات والكوارث لرؤية النيابة خلال عام 2045، وذلك من خلال عرض تخيلي يفتح نافذة على نيابة المستقبل، حيث العدالة تدار عبر منظومات رقمية متكاملة مدعومة بالذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وتقنيات ناشئة؛ وتم خلال العرض توضيح كيفية الاستعداد للمستقبل، وذلك من خلال عرض استراتيجية النيابة العامة 2025 – 2030 التي تشكل خريطة طريق للمرحلة المقبلة وصولاً للريادة.
 ومن جانبه، أكد سلطان إبراهيم عبدالله الجويعد، النائب العام المساعد في النيابة العامة الاتحادية، أن النيابة العامة حريصة على مواصلة عملها نحو الريادة والتميز، تماشياً مع رؤية الدولة وأجندتها الوطنية واستراتيجيتها العامة لتحقيق الأمن والعدالة الناجزة.  وأضاف الجويعد أن هذه الاحتفالية تعكس حرص النيابة العامة على الاستدامة واستشراف المستقبل من خلال تطوير كوادرها الفنية وأعضائها ومنتسبيها وفق أرقى المستويات الفنية، وذلك في القانون والحوكمة والابتكار والعلاقة مع الشركاء والمتعاملين، وكذلك تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وثمَّن النائب العام المساعد في النيابة العامة الاتحادية عالياً الجهود المبذولة من قبل العاملين كافة في النيابة العامة على مر الأجيال، وأكد التطلع مع الجيل الحالي إلى نيابة المستقبل، ومزيد من التقدم والإنجازات تماشياً مع سيادة القانون، وتحقيق العدالة في دولتنا الحبيبة.
وقال خالد مبارك المدحاني، المحامي العام للنيابة الاتحادية لمكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية بمكتب النائب العام: «إننا نحتفل اليوم في النيابة العامة الاتحادية بمرور 50 عاماً من العمل والتميز، ونفخر ونعتز بالمبادرات والإنجازات التي تحققت على مدى السنوات الماضية».
وأضاف: «خلال الاحتفال تم إطلاق استراتيجية النيابة العامة، وهو ما يعد إيذاناً لأعضاء النيابة العامة للاستفادة واستغلال تقنيات الذكاء الاصطناعي في منظومة العمل القضائي لتحقيق العدالة الناجزة لجميع أفراد المجتمع، وكذلك لتوفير جودة حياة رقمية في الفضاء الرقمي والفضاء الإلكتروني».

50 عاماً من التميز والإنجاز
على مر السنوات، رسخت النيابة العامة الاتحادية مكانتها من خلال إنجازات نوعية، عززت بها دعائم العدالة الجنائية، وكرست من خلالها مبادئ سيادة القانون، وحماية الحقوق، وصون الحريات، في إطار من النزاهة والشفافية المؤسسية. ومنذ صدور الإعلان الدستوري لدولة الإمارات عام 1971، بدأت أول نقلة نوعية في العمل القضائي، حيث تضمن الدستور فصلاً خاصاً للقضاء في الاتحاد. وفي عام 1973 تم تشكيل النيابة العامة وتعيين أول نائب عام للاتحاد، وصدور المرسوم الاتحادي بتعيين أعضاء النيابة العامة الاتحادية، ورئيس المكتب الفني.
ومنذ ذلك التاريخ وإنجازات النيابة العامة مستمرة في رسم مسيرة من العمل والتفاني والجد والاجتهاد؛ لصون قيم المجتمع والحفاظ على مكتسباته وإعلاء راية العدل والحقوق. وخلال العام الماضي، تم إعداد وثيقة استشراف مستقبل العمل الجنائي لعام 2045، كما حصلت النيابة العامة على 5 شهادات لمواصفات عالمية، كما تمت رقمنة التشريعات، وذلك من خلال تحويل نصوص التشريعات إلى رموز رقمية يمكن قراءتها من خلال خوارزميات الذكاء الاصطناعي لدعم تبني التقنيات الحديثة في المنظومة الجزائية، كما تم إطلاق حزمة من تصفير البيرقراطية لإجراءات وعمليات وخدمات النيابة العامة.
وتحرص النيابة العامة على أداء رسالتها بثبات وكفاءة عالية، بما يعكس جاهزيتها المتقدمة لمواكبة تعقيدات الجرائم المستقبلية والتصدي لتحدياتها المتسارعة.

مقالات مشابهة

  • ما هي عقوبة من من يروج لجماعة منحلة قانوناً ؟
  • الغرفة الأمنية تواصل عمليات التمشيط في مزدة وتضبط 62 مهاجرًا
  • منصور بن زايد: العدالة أساس الثقة بين المواطن والدولة
  • النائب العام: غرفة بلاغات الاحتيال المالي خطوة رائدة في مواجهة الاحتيال بكل حزم وقوة
  • النائب العام: غرفة بلاغات الاحتيال المالي خطوة رائدة في مواجهة الاحتيال
  • النائب العام: غرفة بلاغات الاحتيال المالي خطوة رائدة
  • النائب العام: غرفة بلاغات الاحتيال المالي خطوة رائدة في مواجهة الاحتيال بكل حزم وقوة وضمان فاعلية الإجراءات وسرعتها
  • أبوزريبة وهويدي يُقيّمان الوضع الأمني وجهود مكافحة الجريمة
  • بوتين: الأسلحة التي تحصل عليها أوكرانيا تظهر في السوق السوداء
  • بعد الموافقة عليها.. ما شروط استمرار صرف الدعم النقدي "تكافل"؟