هل وصلت الحرب الأهلية بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان الى مرحلة الجمود؟
تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT
د. عبد المنعم مختار
أستاذ جامعي متخصص في السياسات الصحية القائمة على الأدلة العلمية
تمت صناعة هذا المقال بمساعدة فعالة من برنامج الذكاء الاصطناعي Chat GPT
مراحل الحرب الأهلية السودانية
يمكن أن تختلف الحروب الأهلية بشكل كبير في مراحلها، وخصائصها، ومدتها، وتأثيرها، مما يجعل من الصعب تقديم مراحل تناسب الحرب الأهلية الجارية حاليا بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان.
مرحلة البداية : تضمنت هذه المرحلة الاندلاع الأولي للعنف، وشملت المواجهات المسلحة فيها نطاق ولاية الخرطوم ومطار مروي وبعض ولايات دارفور واستمرت بضعة أسابيع. وكان التأثير خلال هذه المرحلة محليا، مع وجود عدد محدود من الضحايا واللاجئين لخارج البلاد.
مرحلة التصعيد : مع اشتداد الحرب، شهدت هذه المرحلة زيادة في العنف ومشاركة جهات أقليمية فاعلة عملت على دعم الجيش واسناد قوات الدعم السريع. وزادت في هذه المرحلة المعارك للسيطرة على الأراضي، وارتفعت وتيرة الانتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان. وامتدت هذه المرحلة لعدة شهور. وكان التأثير خلال هذه المرحلة عميقًا، مع حدوث خسائر كبيرة في الأرواح وتشريد السكان وتدمير البنية التحتية على نطاق واسع.
مرحلة الجمود : اذا وصلت الحرب الأهلية في السودان إلى نقطة عدم تمكن الجيش وقوات الدعم السريع من تحقيق نصر حاسم، اي إلى مرحلة الجمود، قد يؤدي ذلك إلى طريق مسدود طويل الأمد أو الى تسوية قريبة. تتميز هذه المرحلة بوجود خطوط قتال أمامية ثابتة، وصراع مستمر منخفض الحدة، ومحاولات للتفاوض نحو السلام. يمكن أن تطول مدة هذه المرحلة، وتستمر لسنوات أو حتى لعقود. ويتسم التأثير خلال هذه المرحلة باستمرار المعاناة والركود، مع احتمال ضئيل للحل.
المرحلة الانتقالية : إذا تم التوصل إلى وقف إطلاق للنار أو اتفاق للسلام، فقد تدخل الحرب الأهلية بين الجيش وقوات الدعم السريع في مرحلة انتقالية. وغالباً ستشمل هذه المرحلة تسريح المقاتلين، ونزع السلاح، وجهود رامية إلى إنشاء آليات العدالة الانتقالية. ويمكن أن تختلف مدة هذه المرحلة تبعا لمدى تعقيد عملية السلام ومدى استعداد الأطراف للالتزام بالاتفاق وغالباً ستستمر لعدة سنوات. إن التأثير خلال هذه المرحلة سيبعث على الأمل ولكنه سيكون هشا، مع وجود خطر تجدد العنف إذا تعثرت عملية السلام.
مرحلة ما بعد الحرب الأهلية : بمجرد تحقيق السلام المستدام بين الجيش وقوات الدعم السريع، سيتحول التركيز إلى إعادة البناء والتعمير. وغالباً ستشمل هذه المرحلة إعادة دمج المقاتلين السابقين في المجتمع، ومعالجة الأسباب الجذرية للحرب والصراعات الاخرى، وتعزيز المصالحة والتماسك الاجتماعي. ويمكن أن تمتد مدة هذه المرحلة لسنوات عديدة. إن التأثير خلال هذه المرحلة سيكون تأثير تحويلي، مع إمكانية كسر دورات العنف وإرساء الأساس للسلام والتنمية على المدى الطويل.
هذه المراحل ليست دائمًا خطية أو متميزة، ويمكن أن تشهد الحرب الأهلية بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان دورات من التصعيد وخفض التصعيد اعتمادًا على عوامل مختلفة مثل التغييرات في القيادة، أو التدخلات الخارجية، أو التحولات في التحالفات. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تختلف مدة كل مرحلة وتأثيرها بشكل كبير اعتمادًا على السياق المحدد للحرب.
قياس حالة الجمود في الحرب الأهلية السودانية
يتضمن قياس حالة الجمود في الحروب الأهلية تقييم مؤشرات كمية ونوعية مختلفة تعكس توازن القوى، وشدة الحرب، واحتمالات التسوية السلمية. على الرغم من عدم وجود منهجية موحدة للقياس، فإن الأدلة التجريبية عالية الجودة تشير إلى المؤشرات الرئيسية التالية لحالة الجمود:
السيطرة على الأراضي : قلة التغيرات في السيطرة الإقليمية على الأراضي من قبل الأطراف المتحاربة تشير إلى التوازن العسكري وزيادة احتمال الوصول إلى حالة الجمود. تسيطر قوات الدعم السريع على معظم اراضي ولاية الخرطوم وولايات دارفور وولاية الجزيرة وتتقاسم السيطرة مع الجيش والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الجنرال عبد العزيز الحلو وحركة تحرير السودان بقيادة الجنرال عبد الواحد النور على اراضي ولايات كردفان. ويسيطر الجيش على اراضي ولايات شمال وشرق السودان والجزء الجنوبي لوسط السودان. عند النظر لخريطة السيطرة لأطراف الحرب الصادرة من مرصد حرب السودان في فبراير 2024 ومضاهاتها بالسيطرة الحالية لا يمكن التعرف على اي تغييرات كبيرة. ويعتبر هذا مؤشر لوصول الحرب الجارية في السودان لمرحلة الجمود.
معدلات القتلى : يمكن أن تشير قلة التغير في أعداد القتلى، بما في ذلك القتلى العسكريين والمدنيين، إلى انخفاض شدة الحرب وقربها من الوصول إلى مرحلة الجمود. رغماً عن عدم توفر رصد منشور لعدد قتلى الجيش وقوات الدعم السريع عبر الزمن، الا اننا نلحظ زيادة في عدد القتلى العسكريين خاصة في معارك كردفان الأخيرة ولا نلحظ تغييرات كبيرة في عدد القتلى المدنيين. ويعتبر هذا مؤشر لعدم وصول الحرب الجارية في السودان لمرحلة الجمود.
مدة الحرب : يمكن أن يساعد فحص مدة الحرب في تقييم ما إذا كان قد وصلت إلى مرحلة الجمود. إن الحروب الأهلية ومرحلة الجمود تمتد غالباً لسنوات عديدة. مر عام فقط على الحرب الأهلية السودانية. ويعتبر هذا مؤشر لعدم وصول الحرب الجارية في السودان لمرحلة الجمود.
تقدم عملية السلام : يمكن لقلة التقدم المحرز في اتفاقات وقف إطلاق النار وفي المفاوضات حول التسوية السلمية أن يشير إلى ان الحرب قد وصلت إلى مرحلة الجمود. نلحظ في الحرب الجارية عدم إحراز تقدم وحدوث إخفاقات متكررة في تنفيذ اتفاقات وقف إطلاق النار وحماية المدنيين وايصال المساعدات الانسانية. ويعتبر هذا مؤشر لوصول الحرب الجارية في السودان لمرحلة الجمود.
الأثر الاقتصادي : يمكن لتزايد الأثر الاقتصادي السالب للحرب، بما في ذلك تزايد الأضرار التي تلحق بالبنية التحتية، وتفاقم تعطيل التجارة، واستفحال الأزمات الاقتصادية، أن تشير إلى وصول الحرب إلى مرحلة الجمود. نلحظ اثناء الحرب الأهلية السودانية انكماش اقتصادي متسارع وتجارة متراجعة وبنية تحتية متدهورة. ويعتبر هذا مؤشر لوصول الحرب الجارية في السودان لمرحلة الجمود.
الوضع الإنساني : يمكن أن يشير تدهور الوضع الإنساني، بما في ذلك مستويات النزوح وانعدام الأمن الغذائي والوصول إلى الخدمات الأساسية، إلى وصول الحرب إلى حالة الجمود. نلحظ تفاقم الأزمات الإنسانية اثناء الحرب الأهلية السودانية. ويعتبر هذا مؤشر لوصول الحرب الجارية في السودان لمرحلة الجمود.
التدخلات الخارجية : يمكن أن يساعد التوازن في الدعم الخارجي للأطراف المتحاربة او توقفه في وصول الحرب إلى مرحلة الجمود. نلحظ تنامي الدعم الخارجي للجيش السوداني مما قد يقود لتوازنه مع الاسناد الخارجي لقوات الدعم السريع. ويعتبر هذا مؤشر لوصول الحرب الجارية في السودان لمرحلة الجمود.
الرأي العام والضجر من الحرب : قد يؤدي الإرهاق من الحرب وانتشار خيبة الأمل على نطاق واسع بين السكان إلى الوصول إلى مرحلة الجمود. على الرغم من عدم وجود قياسات للرأي العام أثناء الحرب في السودان، الا أننا لا نلحظ تنامي السخط الشعبي ضد الحرب في السودان بصورة كافية. ويعتبر هذا مؤشر لعدم وصول الحرب الجارية في السودان لمرحلة الجمود.
الانقسامات داخل الأطراف المتحاربة : زيادة الانقسامات داخل الأطراف المتحاربة يمكن أن يشير إلى وصول الحرب إلى مرحلة الجمود. لا نلحظ انقسامات داخل الأطراف المتحاربة في السودان. ويعتبر هذا مؤشر لعدم وصول الحرب الجارية في السودان لمرحلة الجمود.
خلاصة
من خلال النظر في مؤشرات قياس حالة الجمود المذكورة أعلاه مجتمعة يمكن أن نخلص إلى أن الحرب الأهلية بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان لم تصل بعد إلى مرحلة الجمود وان ازدياد التصعيد متوقع..
moniem.mukhtar@googlemail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: بین الجیش وقوات الدعم السریع فی السودان الحرب الأهلیة السودانیة الأطراف المتحاربة وصول الحرب إلى حالة الجمود یمکن أن
إقرأ أيضاً:
قتيلا في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور
الخرطوم - قتل شخصان على الأقل في قصف نفذته قوات الدعم السريع طال مخيما للنازحين في شمال دارفور بغرب السودان، وفق ما أفاد ناشطون الإثنين2ديسمبر2024.
وأوضحت لجان المقاومة، وهي مجموعة من الناشطين المؤيدين للديموقراطية، أن مخيم زمزم الواقع جنوب الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، تعرض لقصف عنيف بالصواريخ والمدفعية صباح الأحد.
وأشارت تنسيقية لجان المقاومة في الفاشر الى أن القصف "العشوائي" أسفر عن "شهيدين" و12 جريحا على الأقل.
ويشهد السودان منذ منتصف نيسان/أبريل 2023 حربا بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف وفرار أكثر من 11 مليون شخص، انتقل بعضهم الى دول مجاورة مثل مصر وتشاد.
وشدد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ توم فليتشر في ختام زيارة الى السودان وتشاد، على ضرورة تحرك المجتمع الدولي للتعامل مع تداعيات الأزمة المتواصلة في السودان.
وقال فليتشر في بيان الأحد "أتحدث من دارفور في نهاية مهمة... كانت مهمة صعبة للغاية لأن الوضع صعب. إنها أكبر أزمة إنسانية في العالم".
أضاف "في نهاية المطاف، بدون سلام، لن يتمكنوا (الفارّون داخل السودان والى دول الجوار) من العودة إلى ديارهم وإعادة بناء حياتهم ومنح أطفالهم وأحفادهم الحياة التي يستحقونها"، مؤكدا أنه يتوجب على العالم "بذل المزيد من الجهد لدعمهم".
ونبه إلى ضرورة إيصال "سيل من الدعم" نظرا لوجود نحو 25 مليون شخص، أي زهاء نصف عدد سكان السودان، في حاجة إلى مساعدة، مضيفا "هذه الأرقام مذهلة، ولا يمكننا أن ندير ظهورنا".
Your browser does not support the video tag.