ياسر عرمان

الحزن يخيم على بلادنا يعتصر أهلها الطيبين أينما كانوا وهم يشهدون ويدفعون الثمن من دمار للانسان والمجتمع والدولة والأرض والنسيج الاجتماعي الغالي والقيم النبيلة والبنية التحتية والمؤسسات التي شيدها الشعب من دمه وعرقه بجهد الاجيال.
حل محل كل ذلك القتل المجاني وطلقة هي ثمن الانسان تأتيه داخل منزله الآمن وفي مدن وقرى يعبد أهلها الله فأصبحت خالية من كل شيء إلا الانتهاكات التي يوثق لها طرفي الحرب ويعلنون عنها بالتباري في وسائل التواصل الاجتماعي وجرائم أخرى غير معلنة من النهب والاغتصاب، ان أطراف الحرب ينحدرون إلى الحضيض ويا أسفي وحزني على بلادنا وإنسانها المقدام وعلى ثورتها المجيدة التي تحولت إلى نهر من الدماء بتخطيط واصرار عجيب من إسلاميي المؤتمر الوطني الذين يحلمون بعد كل ذلك بأن تحمل وثيقة للحل السياسي توقيعات قوى الثورة تكافئهم على الحرب وتعيدهم إلى دست الحكم منفردين أو مشاركين وان بعض الحلم إثم! وهيهات وتلك احلام لا تشترى.


في الحروب الطويلة والضروس بين القوات المسلحة والجيش الشعبي على مدى أكثر من (٢٠) عاماً تعاقب على قيادتها رموز تاريخيّة من قادة القوات المسلحة، وقاد الجيش الشعبي والحركة الشعبية الزعيم جون قرنق دي مابيور اتيم ضابط القوات المسلحة السابق والمتمرد المضئ في كل الأزمنة والمفكر الأول في مبحث السودان الجديد ووحدته ورائد التأهيل النظري والعملي في قضايا المواطنة بلا تمييز والتهميش والتنمية العضوية بين الريف والمدينة ونقل المدينة إلى الريف لا الريف إلى المدينة.
التقى الجيش الشعبي برجال شجعان وعصيين على النسيان من ضباط وجنود القوات المسلحة وعلى الأرض، من منا ينسى عبدالرحمن بلاع وسيف الدولة الأمين وازايا بول وفرح ادم فرح وسالم سعيد محي الدين وهاشم الخضر، وفي الجو من منا ينسى عثمان عبدالرسول الضو والمقدم محمد الأمين وغيرهم. ولأن التضخم وانخفاض قيمة الأشياء والإنسان قد شمل كل شيء حتى تسيد مسرح الحرب جماعات ساحات الفداء سابقاً وأمثال وإسحاق أحمد فضل الله الذي يبدأ كل شيء وينتهي عنده بكذبة من القرود التي تعمل كاسحات للالغام والغمام الذي يظلل (المجاهدين) والمشروع نفسه كان قد بدأ بكذبة وخدعة بين (القصر) و(السجن)، وإسحاق نفسه كذبة كبيرة فقد حاولوا أن يمجدوا (المجاهدين) على حساب الجيش وعلا صوت الدفاع الشعبي بعدسات وكاميرات لامعة في تطفيف سرديات الحرب فيما عدا استثناءات نادرة اجترحها دكتور محمود شريف وابو فاطنة.
اليوم انخفض سعر ساحات الفداء ودعاية الجيش يتصدرها رشان والماجدي وام وضاح وسهير والانصرافي والسفيرة ام حمد (المحققة/ شارلوك هولمز) كلهم قرع الكيزان (عشرة بقرش والمية هوادة).
كل ذلك وقد تناقصت أوتاد الجيش واضمحلت تقاليده العريقة وقادته نافخين للدعاية السياسية بعيدين عن التقاليد العسكرية الرصينة.
في تقاليد الجيش وهي بمثابة قانون لا تُسلم قيادة القوات المتجهة إلى جبهات القتال لقائد تمت هزيمته وخسر معركة هامة مثل ما حدث للعقيد (جودات) وهو ضابط شجاع قاد حامية نيالا ببسالة وخسر معركتها، والمحير والغريب ان يدفع به قادة الجيش الى معركة استراتيجية أخرى، حيث ان القائد المهزوم يحتاج لتأهيل نفسي وبدني على طريق قادة من أمثال عبد الماجد حامد خليل ابن كردفان الغرة التي دارت بها المعركة، والأدهى والأمر ان تتطاول رداحات الأجهزة الامنية على العقيد الشجاع جودات في وضح النهار وتحت سمع وبصر قادة الجيش وفي صمت تام من ضباط القوات المسلحة، والطلقة التي اتت إلى جودات من الرداحات في الخلف ستأتيكم من الف خلف.
الإسلاميون ورداحاتهم اتباع هند بنت عتبة أكلة الأكباد يتسيدون دعاية الحرب تعجبهم هند ولا يمر بخاطرهم سيد الشهداء حمزة ابن عبد المطلب، يقرؤون من كتاب هند لا من كتاب حمزة. الجيش لا مستقبل له ان لم يفرز عيشه من عيش الإسلاميين الذين يتخذونه جناح عسكري لهم، ان كان له ان يرجع لحضن الشعب وتقاليد الجيوش النظامية لابد ان يحقق في حادثة أكل الأكباد وبقر البطون ورفع الرؤوس المقطوعة وان يحاسب عليها لا ان ينكرها فهي لا ترهب خصومه بقدر ما تسئ اليه وتحرض عليه الخارج وتغضب الداخل وتجعله صنواً للدواعش.
القوات المسلحة تستحق ان يعاد بناءها من جديد كمؤسسة مهنية ملك للشعب وان تستذكر من دفاتر عبد الفضيل الماظ لا من بذاءة رشان وسهير والماجدي وام وضاح والانصرافي فتسيدهن ايذناً بانقضاء سنوات العزة. الجيش يحتاج لمعالجة الاختلالات التاريخية سيما حروب الريف اما المؤتمر الوطني فسيدفع ثمن هذه الحرب عاجلاً قبل أجلاً، ما يهمنا هو عودة الجيش من ضلال الاسلاميين إلى حضن الشعب وتصالحه مع ثورة ديسمبر المجيدة.
أهدى مكتوبي هذا إلى ضباط الجيش الشجعان الذين جسدوا شيم وشجاعة السودانيين جميعاً فكل ارجائه لنا وطن، أهديها للعقيد عبدالرحمن بلاع ابن النهود والى العميد طيار اركان حرب عثمان عبد الرسول الضو ابن طابت الشيخ عبد المحمود لقد كانوا فرساناً التقوا بفرسان أخرين من الجيش الشعبي، والشجاعة قيمة إنسانية خالدة، والخزي والعار لجماعة هند بنت عتبة.

٩ مايو ٢٠٢٤  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: القوات المسلحة الجیش الشعبی

إقرأ أيضاً:

ماذا تعني انتصارات الجيش السوداني الأخيرة وتأثيرها على الحرب؟

سلطت صحف أمريكية، الضوء على انتصارات الجيش السوادني الأخيرة وتأثيرها على الحرب الأهلية الدامية مع قوات الدعم السريع، والتي اندلعت في نيسان/ أبريل لعام 2023.

وقال المعلق في صحيفة "واشنطن بوست" إيشان ثارور إنّ "الحرب الأهلية الدامية في السودان، ربما وصلت نقطة تحول"، مضيفا أنّ "الدبلوماسية الدولية فشلت بوضع حد لحرب في واحدة من كبرى دول القارة، لكن الأحداث الاخيرة تقترح تغيرا في الحظوظ العسكرية".

وتابع ثارور: "على مدار العامين الماضيين انزلق السودان إلى حرب أهلية مدمرة بين القوات المسلحة للبلاد وميليشيا شبه عسكرية. وهو ما خلف أكثر من 150,000 شخصا ما بين قتيل وجريح، وأدى إلى أكبر أزمة نزوح وجوع في العالم، فقد فر نحو 12 مليون شخص من مدنهم وقراهم، فيما يحتاج 30 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية، في ظل انهيار الاقتصاد السوداني وتدمير المدن الكبرى".

وذكر أن "الدبلوماسية الدولية فشلت في إنهاء الحرب في إحدى أكبر دول أفريقيا، لكن الأحداث الأخيرة تشير إلى تحول مطرد في ميزان القوى على أرض المعركة".

وأشار إلى سيطرة القوات المسلحة السودانية يوم الجمعة على القصر الجمهوري، وطرد عناصر الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو، المعروف بحميدتي.



 وأفاد مراسلو الصحيفة بأن "قوات الدعم السريع، استولت في الأيام الأولى للحرب على العديد من أهم معالم الخرطوم، بما فيها سوق الذهب والجسور الرئيسية ومقر التلفزيون والإذاعة الحكوميين، وقد استعاد الجيش السوداني جميعها تقريبا في الأشهر الأخيرة، ويمثل القصر آخر معقل رئيسي لقوات الدعم السريع. ومعظم المقاتلين شبه العسكريين المتبقين متمركزون الآن في شرق وجنوب المدينة، حيث يسيطرون على جسر واحد".

ويقول الكاتب إن القوات السودانية بقيادة الحاكم الفعلي عبد الفتاح البرهان عززت من مكاسبها نهاية الأسبوع وسيطرت على البنك المركزي. وأفاد سكان أم درمان، المدينة الشقيقة المجاورة للخرطوم، بارتفاع وتيرة القصف العشوائي. وحققت قوات البرهان مكاسب خلال النصف الأول من العام الماضي، ويعود ذلك جزئيا إلى الصعوبات التي واجهتها قوات الدعم السريع في إمداد قواتها في الخرطوم، بالإضافة إلى مساعدة إيرانية وتركية جديدة من المسيرات.

ووصف بيان من المتحدث باسم القوات السودانية استعادة القصر الجمهوري بأنه رمز السيادة والكرامة للأمة السودانية. إلا أن الحرب الأهلية في السودان دارت على مناطق واسعة. وتشير جماعات حقوق الإنسان إلى الفظائع التي ارتكبها كلا الجانبين، ففي كانون الثاني/يناير فرضت إدارة بايدن المنتهية ولايتها عقوبات على حميدتي وعدد من الشركات المرتبطة بقوات الدعم السريع، متهمة أمير الحرب بالتواطؤ في "الإبادة الجماعية الثانية في السودان خلال جيل"، حيث ارتكبت قوات الدعم السريع والفصائل التابعة لها مجازر جماعية واغتصابات بحق مجتمعات عرقية غير عربية في إقليم دارفور غربي البلاد.

إيصال الغذاء
وبعيدا عن العنف، عبرت منظمات الإغاثة عن قلقها من تعقيد عملية إيصال الغذاء إلى السكان الجياع، حيث تجوب الشاحنات أرضا باتت مقسمة بفعل الحرب بين الأطراف المتحاربة الرئيسية، بالإضافة إلى خليط من الميليشيات المحلية.

وصور الكاتب المشهد في السودان ودعم أطراف خارجية للمتحاربين فيه، فقد حصلت قوات الدعم السريع على دعم تكتيكي من دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تعتبر سوقا رئيسية للذهب المستخرج من المناطق التي تسيطر عليها الجماعة شبه العسكرية وإلى حد ما، روسيا. أما الجيش السوداني فقد حظي بدعم مصر وتركيا وإيران. وقد فشلت جهود التوسط في هدنة أكثر من مرة، حيث كان يتم انتهاك اتفاقيات وقف إطلاق نار محدودة بعد وقت قصير من التوصل إليها.



ويعتقد الكاتب أن الجيش السوداني وقائده الجنرال البرهان وإن باتا يملكان اليد العليا في ساحة المعركة، لكن الحرب ليست قريبة من النهاية.

ولا تزال قوات الدعم السريع تقاتل في محيط الخرطوم وتسيطر على مساحات شاسعة من جنوب وغرب البلاد، بما فيها معظم منطقة دارفور الشاسعة. وعلى الرغم من غضب خصومهم، اجتمعت مجموعة من مسؤولي قوات الدعم السريع وحلفائهم في كينيا الشهر الماضي واتفقوا على ميثاق يحدد إطار عمل حكومة موازية محتملة يمكن أن تنشأ في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.

ويشير ثارور إلى ترددات الحرب في السودان على دولة جنوب السودان، فقد انهار اتفاق تقاسم السلطة الهش بين القادة المتنافسين في الجنوب، ويعود هذا في جزء منه إلى تعطل خط الأنابيب الرئيسي الذي ينقل منه نفط جنوب السودان إلى الشمال. وتقوم الحكومات الأجنبية بإجلاء موظفيها من جوبا، عاصمة الدولة، وسط تجدد العنف.

العودة إلى الحرب الأهلية
وحذر مسؤول كبير في الأمم المتحدة في البلاد من أن جنوب السودان بات "على شفا العودة إلى الحرب الأهلية". وعلى الرغم من الظروف البائسة في كلا البلدين، إلا أنهما لا يزالان ضحايا للإهمال الدولي. وقد أشار محللون وحتى قبل التقليص الصادم للمساعدات الخارجية الأمريكية من قِبل إدارة ترامب، إلى عدم وفاء بقية العالم بالتزاماته.

من جانبها، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقرير مصورا لمراسلها ديكلان والش حيث كان هو ومصور الصحيفة أول صحفيين غربيين يزوران وسط الخرطوم منذ اندلاع الحرب الأهلية قبل عامين، وكان حجم الخسائر لا يُصدق.



في القصر الرئاسي، الذي خلّفت المعارك آثارها في قلب العاصمة السودانية الممزقة، تجمع الجنود تحت ثريا بعد ظهر يوم الأحد، حاملين بنادقهم وقاذفات الصواريخ على أكتافهم، يستمعون لأوامرهم.

ثم انطلقوا، على سجادة حمراء كانت تُستقبل في السابق كبار الشخصيات الأجنبية، إلى وسط المدينة المهجور في مهمة للقضاء على آخر جيوب المقاومة من مقاتلي الميليشيات شبه العسكرية الذين اشتبكوا معهم منذ عامين.

منذ أن استولى الجيش السوداني على القصر الرئاسي يوم الجمعة، في معركة شرسة خلّفت مئات القتلى، سيطر على معظم وسط الخرطوم، مُمثّلا بذلك تحوّلا جوهريا في المصائر من المُرجّح أن يُغيّر مسار الحرب الأهلية المُدمّرة في السودان.

بحلول يوم الأحد، كان الجيش قد استولى على البنك المركزي، ومقرّ جهاز المخابرات الوطني، وفندق كورنثيا الشاهق على ضفاف النيل.

كان صحفيو صحيفة نيويورك تايمز أول من عبر النيل من وسائل الإعلام الغربية، إلى وسط الخرطوم، أو زاروا القصر، منذ اندلاع الحرب في نيسان/ أبريل 2023. ما رأيناه هناك أوضح كيف غيّرت أحداث الأيام الأخيرة مسار الحرب بشكل حاسم، لكنه لم يُقدّم سوى القليل من الأمل في انتهائها قريبا.

قال محمد إبراهيم، ضابط القوات الخاصة، مُشيرا إلى قوات الدعم السريع - القوة شبه العسكرية التي رعاها الجيش السوداني سابقا، لكنها الآن تُنافسه على السيطرة العليا: "لن نترك بلدنا للمرتزقة أبدا".

بينما كانت سيارة المراسلين تنطلق في شارع مهجور على ضفاف النيل، كان حتى أيام قليلة ماضية تحت سيطرة قوات الدعم السريع، كان حجم الدمار في إحدى أكبر مدن أفريقيا جليا.



فقدت الأشجار التي تصطف على جانبي الطريق أوراقها بفعل الانفجارات. وامتلأ مسجد بوابل من الرصاص. ودُمرت الوزارات والمكاتب الشاهقة، التي بُني بعضها بأموال من احتياطيات السودان الهائلة من النفط والذهب.

وتعرض المقر العسكري، حيث حوصرت مجموعة من كبار الجنرالات خلال الأشهر الثمانية عشر الأولى من الحرب، للقصف بالقنابل.

وتعرضت جامعة الخرطوم، التي كانت في يوم من الأيام مركزا للحوار السياسي، للنهب.

وأصبحت المنطقة التي شهدت انتفاضة شعبية لعشرات الآلاف من الشباب السوداني عام ٢٠١٩، أطاحت بالزعيم الاستبدادي للبلاد، الرئيس عمر حسن البشير، مهجورة. كل ما تبقى من تلك الأوقات المفعمة بالأمل هو حفنة من الجداريات الباهتة التي تحمل آثار الرصاص.

بدلا من ذلك، حمل بعض المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية السلاح للقتال في الحرب، وقد تجمعوا في أنقاض القصر الرئاسي يوم الأحد.

القصر الرئاسي
القصر الرئاسي الذي بناه الصينيون، والذي كان يتشاركه القادة العسكريون المتحاربون في البلاد قبل بضع سنوات فقط، تحول إلى هيكل مهترئ. غطى الغبار والحطام الأجنحة الوزارية وقاعات الدولة. انهارت الأسقف. كانت هناك ثقوب واسعة تُطل على النيل.

على أرض قصر قديم مجاور، شيده المستعمرون البريطانيون قبل قرن من الزمان، كان الجنود ينامون تحت الأقواس المتفحمة لمبنى مُدمر.

بدأت الحرب كخصومة بين الجنرالين المتنافسين، لكنها سرعان ما اجتاحت البلاد بأكملها، جالبة معاناة على نطاق واسع. تقول الأمم المتحدة إن الصراع أجبر 12 مليون شخص على ترك منازلهم، وأودى بحياة عشرات الآلاف، وتسبب في أسوأ مجاعة في العالم منذ عقود.

تُؤجج قوى أجنبية، مثل الإمارات وروسيا، القتال بتزويد أيٍّ من الجانبين بالأسلحة، ويخشى الكثيرون من أن يتحول إلى صراع إقليمي بجرّ دول مجاورة هشة مثل جنوب السودان أو تشاد.

فشلت الجهود الأمريكية للتوسط في السلام في السودان العام الماضي. ومن غير الواضح ما إذا كان الرئيس ترامب سيُبدي أي اهتمام، على الرغم من أن مؤيديه يقولون إن الموارد المعدنية الهائلة للبلاد قد تلفت انتباهه.

شهدت أكوام الأنقاض الملطخة بالدماء على درجات القصر على ضراوة المعركة يوم الجمعة. وبينما كان الجيش يتقدم، أصدر قائد قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو، رسالة فيديو يحث فيها قواته على الصمود. وقال عدد من الضباط إنه عندما بدأ الهجوم الأخير، كان لا يزال بالداخل ما لا يقل عن 500 مقاتل من الميليشيات شبه العسكرية.

لكن عندما حاولوا الفرار، واجهوا كمائن قاتلة. أظهر مقطع فيديو صُوّر على بُعد نصف ميل من القصر، وتحققت منه صحيفة التايمز، عشرات الجثث متناثرة على طول الشارع، بجانب مركبات محترقة أو مثقوبة بالرصاص.

"هذا موسم صيد الفئران"، هذا ما أعلنه الضابط الذي صوّر الفيديو، مؤرخا إياه بتاريخ يوم السبت.

قال جنود إن مقاتلي قوات الدعم السريع المتمركزين في جزيرة توتي، عند ملتقى نهري النيل الأزرق والأبيض، حاولوا الفرار على متن قوارب. ولم يتضح عدد الذين نجوا.

دون تقديم تفاصيل، قال متحدث باسم الجيش السوداني إن "المئات" من المقاتلين شبه العسكريين قُتلوا. لكن العشرات من قوات الجيش لقوا حتفهم أيضا، كما قال جنود في تصريحات خاصة، في هجمات بطائرات مسيّرة شنتها قوات الدعم السريع وفي معارك أخرى.



قال آلان بوسويل، مدير مشروع القرن الأفريقي في مجموعة الأزمات الدولية، إنها "مسألة وقت فقط" قبل أن يستولي الجيش السوداني على المدينة بأكملها، مما أجبر قوات الدعم السريع على التراجع إلى معقلها في منطقة دارفور الغربية.

قال بوسويل: "إنه تراجع كبير عن وضعهم خلال العام والنصف الأول من الحرب، عندما كانوا يسيطرون على معظم الخرطوم".

لكن قليلين يعتقدون أن الحرب تقترب من نهايتها. فكل من قوات الدعم السريع والجيش السوداني مدعومان من قوى أجنبية قوية ضخت الأسلحة إلى السودان على مدار العامين الماضيين. وقدّر نائب رئيس السودان، مالك عقار، مؤخرا وجود 36 مليون قطعة سلاح صغيرة في البلاد، التي كان عدد سكانها قبل الحرب 48 مليون نسمة.

انهارت الجهود الدولية للتوسط في إنهاء الصراع عن طريق التفاوض، وصرح قائد الجيش السوداني، الجنرال عبد الفتاح البرهان، مؤخرا بأنه يفضل القتال على التفاوض.

على درجات القصر، تركت بقعة دم جديدة أثرا على المكان الذي قتل فيه صاروخ أطلقته طائرة مسيّرة تابعة لقوات الدعم السريع أربعة موظفين من التلفزيون الحكومي السوداني وضابطين عسكريين صباح الجمعة. أثناء زيارتنا يوم الأحد، حلقت طائرة مسيرة أخرى في السماء، مما دفع الجنود إلى الهرولة بين المباني. حثّونا على اللحاق بها بسرعة.

صرح العقيد ألغوني علي أسيل، القائد الذي قاد مجموعة من المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية الذين تحولوا إلى مقاتلين، بأن طائرات الدعم السريع تُقلع من قواعد في دارفور وتشاد، حيث تُشغّلها الإمارات، الراعي الأجنبي الرئيسي لقوات الدعم السريع. لم يُقدّم العقيد أسيل أي دليل يدعم هذه الادعاءات، لكن صحيفة التايمز ذكرت العام الماضي أن الإمارات تُشغّل طائرات وينغ لونغ 2 صينية الصنع من مهبط طائرات في تشاد يقع ضمن نطاق ضرب الخرطوم.

كما اعتمد الجيش السوداني بشكل كبير على الطائرات المسيرة وغيرها من المساعدات الأجنبية. ففي العام الماضي، حصل على طائرات مسيرة إيرانية ساعدته في السيطرة على أراضٍ في الخرطوم. وفي العام الماضي أيضا، حصل على ثماني طائرات مسيرة تركية الصنع من طراز بيرقدار TB2، والتي يقول المسؤولون الأمريكيون إنها ذات قيمة خاصة في النزاعات الأفريقية، وفقا لوثائق حصلت عليها صحيفة نيويورك تايمز. وكانت صحيفة واشنطن بوست أول من نشر هذه الوثائق.

بعد إخلاء مركز المدينة، انتقلت معركة الخرطوم الآن إلى المطار الدولي، على بُعد ميل ونصف من القصر. تُظهر صور الأقمار الصناعية أن مدارج المطار مليئة بقذائف المدفعية، ومليئة ببقايا طائرات الركاب التي دُمرت بعد اندلاع القتال عام ٢٠٢٣.

مع انتقال المدينة من سيطرة قوات الدعم السريع إلى سيطرة الجيش، يشعر مسؤولو حقوق الإنسان بالقلق من احتمال تعرض المدنيين المتهمين بالتعاون مع المتمردين لأعمال انتقامية. في كانون الثاني/ يناير، اتُهم الجيش بشن هجمات وحشية على من يُشتبه في تعاطفهم مع قوات الدعم السريع بعد استعادة مدينة ود مدني. وأعرب متطوعون في غرف الاستجابة للطوارئ، التي تُدير مئات من مطابخ الحساء في جميع أنحاء الخرطوم، عن خشيتهم من استهدافهم أيضا.

إذا نجح الجيش في الخرطوم، فمن المرجح أن ينتقل تركيز الحرب إلى دارفور، حيث يُحاصر مقاتلو قوات الدعم السريع مدينة الفاشر المنكوبة بالمجاعة، وهي المدينة الوحيدة في دارفور التي لا تخضع لسيطرتها. يوم الجمعة، سيطروا على بلدة المالحة، الواقعة على بُعد حوالي 130 ميلا شمال الفاشر. وقال سكان المدينة إن المقاتلين المحتلين منعوهم من المغادرة، وسط تقارير عن اعتقالات وقتل.

مقالات مشابهة

  • القوات المسلحة السودانية: العمل جار لإكمال السيطرة على المواقع المتبقية بالعاصمة
  • القوات المسلحة السودانية: تمكنا من إحراز تقدم كبير بالخرطوم وجار إكمال السيطرة على باقي المواقع
  • في بيان أصدرته: القوات المسلحة السودانية تستمر في عمليات تطهير البلاد من مليشيا الدعم السريع في طريق إنهاء التمرد ونشر الأمن والاستقرار
  • الشرطة تتولى تأمين المنشآت الحيوية بعد سيطرة الجيش على مركز العاصمة السودانية
  • تصريح صحفي من التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة حول غارة طيران القوات المسلحة السودانية على منطقة طرة بشمال دارفور
  • قوات الدفاع الشعبي تنظم زيارة لطلبة الجامعات ومدارس التأسيس العسكري لمستشفى 57357.. شاهد
  • قوات الدفاع الشعبي تنظم زيارة لعدد من طلبة الجامعات ومدارس التأسيس العسكري لـ «57357»
  • ماذا تعني انتصارات الجيش السوداني الأخيرة وتأثيرها على الحرب؟
  • الصومال ترحب باستعادة القوات السودانية السيطرة على القصر الجمهوري
  • بيان عاجل من القوات المسلحة السودانية: مستمرون في تطهير البلاد من المليشيات