القوات المسلحة السودانية .. سنوات العزة الأخيرة .. معارك الجيش والدعم
تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT
ياسر عرمان
الحزن يخيم على بلادنا يعتصر أهلها الطيبين أينما كانوا وهم يشهدون ويدفعون الثمن من دمار للانسان والمجتمع والدولة والأرض والنسيج الاجتماعي الغالي والقيم النبيلة والبنية التحتية والمؤسسات التي شيدها الشعب من دمه وعرقه بجهد الاجيال.
حل محل كل ذلك القتل المجاني وطلقة هي ثمن الانسان تأتيه داخل منزله الآمن وفي مدن وقرى يعبد أهلها الله فأصبحت خالية من كل شيء إلا الانتهاكات التي يوثق لها طرفي الحرب ويعلنون عنها بالتباري في وسائل التواصل الاجتماعي وجرائم أخرى غير معلنة من النهب والاغتصاب، ان أطراف الحرب ينحدرون إلى الحضيض ويا أسفي وحزني على بلادنا وإنسانها المقدام وعلى ثورتها المجيدة التي تحولت إلى نهر من الدماء بتخطيط واصرار عجيب من إسلاميي المؤتمر الوطني الذين يحلمون بعد كل ذلك بأن تحمل وثيقة للحل السياسي توقيعات قوى الثورة تكافئهم على الحرب وتعيدهم إلى دست الحكم منفردين أو مشاركين وان بعض الحلم إثم! وهيهات وتلك احلام لا تشترى.
في الحروب الطويلة والضروس بين القوات المسلحة والجيش الشعبي على مدى أكثر من (٢٠) عاماً تعاقب على قيادتها رموز تاريخيّة من قادة القوات المسلحة، وقاد الجيش الشعبي والحركة الشعبية الزعيم جون قرنق دي مابيور اتيم ضابط القوات المسلحة السابق والمتمرد المضئ في كل الأزمنة والمفكر الأول في مبحث السودان الجديد ووحدته ورائد التأهيل النظري والعملي في قضايا المواطنة بلا تمييز والتهميش والتنمية العضوية بين الريف والمدينة ونقل المدينة إلى الريف لا الريف إلى المدينة.
التقى الجيش الشعبي برجال شجعان وعصيين على النسيان من ضباط وجنود القوات المسلحة وعلى الأرض، من منا ينسى عبدالرحمن بلاع وسيف الدولة الأمين وازايا بول وفرح ادم فرح وسالم سعيد محي الدين وهاشم الخضر، وفي الجو من منا ينسى عثمان عبدالرسول الضو والمقدم محمد الأمين وغيرهم. ولأن التضخم وانخفاض قيمة الأشياء والإنسان قد شمل كل شيء حتى تسيد مسرح الحرب جماعات ساحات الفداء سابقاً وأمثال وإسحاق أحمد فضل الله الذي يبدأ كل شيء وينتهي عنده بكذبة من القرود التي تعمل كاسحات للالغام والغمام الذي يظلل (المجاهدين) والمشروع نفسه كان قد بدأ بكذبة وخدعة بين (القصر) و(السجن)، وإسحاق نفسه كذبة كبيرة فقد حاولوا أن يمجدوا (المجاهدين) على حساب الجيش وعلا صوت الدفاع الشعبي بعدسات وكاميرات لامعة في تطفيف سرديات الحرب فيما عدا استثناءات نادرة اجترحها دكتور محمود شريف وابو فاطنة.
اليوم انخفض سعر ساحات الفداء ودعاية الجيش يتصدرها رشان والماجدي وام وضاح وسهير والانصرافي والسفيرة ام حمد (المحققة/ شارلوك هولمز) كلهم قرع الكيزان (عشرة بقرش والمية هوادة).
كل ذلك وقد تناقصت أوتاد الجيش واضمحلت تقاليده العريقة وقادته نافخين للدعاية السياسية بعيدين عن التقاليد العسكرية الرصينة.
في تقاليد الجيش وهي بمثابة قانون لا تُسلم قيادة القوات المتجهة إلى جبهات القتال لقائد تمت هزيمته وخسر معركة هامة مثل ما حدث للعقيد (جودات) وهو ضابط شجاع قاد حامية نيالا ببسالة وخسر معركتها، والمحير والغريب ان يدفع به قادة الجيش الى معركة استراتيجية أخرى، حيث ان القائد المهزوم يحتاج لتأهيل نفسي وبدني على طريق قادة من أمثال عبد الماجد حامد خليل ابن كردفان الغرة التي دارت بها المعركة، والأدهى والأمر ان تتطاول رداحات الأجهزة الامنية على العقيد الشجاع جودات في وضح النهار وتحت سمع وبصر قادة الجيش وفي صمت تام من ضباط القوات المسلحة، والطلقة التي اتت إلى جودات من الرداحات في الخلف ستأتيكم من الف خلف.
الإسلاميون ورداحاتهم اتباع هند بنت عتبة أكلة الأكباد يتسيدون دعاية الحرب تعجبهم هند ولا يمر بخاطرهم سيد الشهداء حمزة ابن عبد المطلب، يقرؤون من كتاب هند لا من كتاب حمزة. الجيش لا مستقبل له ان لم يفرز عيشه من عيش الإسلاميين الذين يتخذونه جناح عسكري لهم، ان كان له ان يرجع لحضن الشعب وتقاليد الجيوش النظامية لابد ان يحقق في حادثة أكل الأكباد وبقر البطون ورفع الرؤوس المقطوعة وان يحاسب عليها لا ان ينكرها فهي لا ترهب خصومه بقدر ما تسئ اليه وتحرض عليه الخارج وتغضب الداخل وتجعله صنواً للدواعش.
القوات المسلحة تستحق ان يعاد بناءها من جديد كمؤسسة مهنية ملك للشعب وان تستذكر من دفاتر عبد الفضيل الماظ لا من بذاءة رشان وسهير والماجدي وام وضاح والانصرافي فتسيدهن ايذناً بانقضاء سنوات العزة. الجيش يحتاج لمعالجة الاختلالات التاريخية سيما حروب الريف اما المؤتمر الوطني فسيدفع ثمن هذه الحرب عاجلاً قبل أجلاً، ما يهمنا هو عودة الجيش من ضلال الاسلاميين إلى حضن الشعب وتصالحه مع ثورة ديسمبر المجيدة.
أهدى مكتوبي هذا إلى ضباط الجيش الشجعان الذين جسدوا شيم وشجاعة السودانيين جميعاً فكل ارجائه لنا وطن، أهديها للعقيد عبدالرحمن بلاع ابن النهود والى العميد طيار اركان حرب عثمان عبد الرسول الضو ابن طابت الشيخ عبد المحمود لقد كانوا فرساناً التقوا بفرسان أخرين من الجيش الشعبي، والشجاعة قيمة إنسانية خالدة، والخزي والعار لجماعة هند بنت عتبة.
٩ مايو ٢٠٢٤
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: القوات المسلحة الجیش الشعبی
إقرأ أيضاً:
الطلقة الأولى،، اعترافات الميليشيا.. أقرّ بها عبد الرحيم دقلو بعد مراوغة استمرت نحو عامين
مهَّدت لها من خلال عدة مواقف ومؤشرات،،
الطلقة الأولى،، اعتـرافـــات الميليشيا..
أقرّ بها عبد الرحيم دقلو بعد مراوغة استمرت نحو عامين..
حشدت الميليشيا قواتها، واستعرضت قواها في شوارع الخرطوم..
أعادت الانتشار، وخالفت الأوامر، واستولت على مطار مروي..
تصريحات دقلو إخوان، أكدت على أن أسوأ الاحتمالات هو الأرجح دائماً..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
قبيل دخول حرب الخامس عشر من أبريل 2023م عامها الثالث، كان الجدل كثيفاً بشأن من أطلق الرصاصة الأولى وأوقد نار هذه الحرب الوجودية التي أكلت ولم تستبقِ شيئاً، وتيبست معها عروق الحياة في جسد الوطن، حيث ظلت الاتهامات متبادلة بين القوات المسلحة وميليشيا الدعم السريع، كلٌّ يرمي باللائمة على الآخر بأنه وراء إشعال ثقاب الحرب وإطلاق الرصاصة الأولى، ليأتي اليوم الثاني من شهر أبريل الجاري، ويقطع قائد ثاني ميليشيا الدعم السريع عبد الرحيم دقلو قول كل خطيب، ويعترف بغباء يُحسد عليه عن دور الميليشيا في ابتدار هذه الحرب، حيث أقرَّ دقلو بخطأ قيادة ميليشيا الدعم السريع بعدم إشعال نار الحرب في “الشمالية ونهر النيل”.
مؤشرات ما قبل الحرب:
واستبق اعتراف قائد ثاني ميليشيا الدعم السريع عبد الرحيم حمدان دقلو، بدور الميليشيا في إشعال فتيل حرب الخامس عشر من أبريل 2023م، مؤشراتٌ كان لسانها ينطق بضلوع ميليشيا آل دقلو في إطلاق الرصاصة الأولى عطفاً على الكثير من المعطيات التي بدأت حتى قبيل الثالث عشر من أبريل يوم أن اقتحمت الميليشيا مطار مروي بالولاية الشمالية وأعلنت سيطرتها عليه رغم أنف قيادة القوات المسلحة التي تفاجأت بخطوة إرسال قيادة الدعم السريع نحو 200 سيارة قتالية مدججة بالأسلحة الثقيلة والخفيفة ومحملة بالجنود إلى منطقة مروي التي تشكل بُعداً أمنياً واستراتيجياً بالغ الأهمية للقوات المسلحة باعتبارها قاعدة جويةً تضم في جُعبتها مطارين أحدهما عسكرياً وآخر مدنياً، وتكتسب قاعدة مروي الجوية أهميتها لكونها بديلاً مسانداً وداعماً للقواعد العسكرية السودانية المهمة والقادرة على استقبال الطائرات العسكرية المقاتلة وطائرات النقل الجوي، وكثيراً ما شهدت قاعدة مروي الجوية مناورات عسكرية مشتركة للقوات الجوية السودانية ونظيراتها في عدد من الدول الصديقة والشقيقة كالسعودية ومصر.
ناقوس الخطر:
قطعاً كان استيلاء ميليشيا الدعم السريع لمطار مروي بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، ورفعت من ثيرمومتر التوتر داخل البلاد، ليسارع الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة العميد نبيل عبد الله إلى إصدر بيان دقَّ بموجبه ناقوس الخطر قال فيه إن البلاد تمر بمنعطف تأريخي وخطير تزداد مخاطره بقيام قيادة الدعم السريع بتحشيد القوات والانفتاح داخل العاصمة وبعض المدن، مبيناً أن القوات المسلحة يقع على عاتقها دستورياً وقانونياً مهمة حفظ أمن وسلامة البلاد، وأكد الناطق الرسمي أن تحركات الدعم وانفتاحاتها تمت دون موافقة قيادة الجيش أو مجرد التنسيق معها، منوهاً إلى أن انفتاح قوات الدعم السريع وإعادة تمركزها يخالفان نظام عملها، وفيهما تجاوز للقانون ومخالفة لتوجيهات اللجان الأمنية المركزية والولائية، محذراً من حدوث مزيد من الانقسام والتوتر في حال استمرار الدعم السريع في الانفتاح، وقال إن ذلك ربما يقود إلى انفراط عقد الأمن بالبلاد، وإن محاولات الجيش لإيجاد الحلول السلمية لتجاوزات الدعم السريع لم تنقطع، حفاظًا على الطمأنينة العامة وعدم الرغبة في نشوب صراع مسلح يقضي على الأخضر واليابس.
تصريحات دقلو إخوان:
والواقع أن جسد العلاقة بين الجيش والدعم السريع لم ينعم بالعافية منذ أن غسل قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو حميدتي يده من الإجراءات التصحيحية التي قام بها القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر 2021م، وفضّ بموجبها الشراكة مع المكون المدني المتمثل في تحالف قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، حيث أعلن حميدتي في فبراير 2023م، ندمه عن المشاركة في ” الانقلاب” الذي وصفه بالخطأ، مشدداً على أن “الاتفاق الإطاري” الموقع بين القوى السياسية والمكون العسكري، هو “مخرج البلاد من الأزمة الراهنة، والأساس الوحيد للحل السياسي المنصف والعادل، لتزيد هذه التصريحات الفجوة بين الجيش والدعم السريع، قبل أن يأتي عبد الرحيم دقلو نائب القائد العام للدعم السريع ويصب الزيت على النار بتصريحاته النارية التي اطلقها في الرابع من مارس 2023م ” قبل أحد عشر يوماً من إشعال الحرب ” حيث هدد قيادة الجيش بقوله ” سلموا السلطة للشعب بدون لف ولا دوران”، وأسوأ الاحتمالات هو الأرجح دائماً، وهو ما حدث صبيحة السبت الخامس عشر من أبريل 2023م.
خاتمة مهمة:
على كلٍّ فقد كانت نية ميليشيا الدعم السريع “مُبيَّتة” على قلب ظهر المِجَن على القوات المسلحة والاستيلاء على السلطة بالتنسيق مع قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي لصالح الاتفاق الإطاري، وقد مهّدت الميليشيا للخطوة بعمليات التحشيد وإعادة الانتشار ومخالفة أوامر قيادة الجيش اعتماداً على ما كانت تمتلكه ميليشيا الدعم السريع من قوة عسكرية واقتصادية ضاربة، ولكنها أصبحت بين عشية وضحاها خاوية على عروشها، وأصبح دقلو إخوان يقلبان كفيهما على انفقا فيها، وأسرَّا الندامة فكان الندم حين لا ينفع الندم.