سودانايل:
2025-02-02@16:13:12 GMT

لنجرِّب لجان الجُودِية والصُلْح لوقف الحرب

تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT

واحد من طرق وقف الحرب دفعُ الجنود و المقاتلين علي التمرد ضد قياداتهم العسكرية. يستند هذا التصور للحل علي الجوهر الإنساني للمقاتلين و حقيقتهم الإجتماعية دون شيطنة. ينتمي الجنود إلي عائلات و هي أجزاء من النسيج الإجتماعي للسودان و لهذه العائلات درجة من التأثير الإيجابي علي أبنائهم المقاتلين في صفوف الدعم السريع و الجيش.


لجعل ذلك ممكنا نحتاج جُهدَ الجميع من قيادات المجتمع المدني من النساء، السياسيين، النقابيين، المهنيين و الناشطين في المنظمات الأهلية هذا بالإضافة للإدارات الأهلية أين ما كان ذلك ممكنا و الأهم لجان المقاومة و مجموعات المتطوعين. بالإمكان بناء لجان كبري للجودية و الصلح لإيقاف الحرب في الحضر و البادية قوامها ذلك النفر الموصوف أعلاه. تقوم هذه اللجان بمخاطبة العائلات التي ينتمي إليها الجنود و الضباط بضرورة إعلاء قيمة الحياة و احترامها و عدم الإنجرار وراء الإنتقام و و غيره من الأفكار الهادمة للحياة و السلام و التعايش. و التركيز علي كشف حقيقة المستفيدون من هذه الحرب المجرمة من قيادات الجيش و الدعم السريع و أعوانهم ممن يبيعون موارد البلد لمصلحتهم الخاصة.
لأهلنا أرث عميق في هذ النوع من الممارسة لحل النزاعات و لقد اثبتت جدواها مقارنة بآليات حل النزاعات التي التي تتبناها المنظمات الدولية و الوسطاء الأجانب. آليات حل النزاعات المعتمدة عن المنظمات الدولية و الوسطاء الأجانب من حكاية قسمة السلطة و الثروة بين الفرقاء.
أساليب الأمم المتحدة في حل النزاعات المسلحة لم تأت من فراغ. هي توظيف للإرث الإنساني في إتمام السلام بعد الحرب. ما عند الأمم المتحدة الآن من بروتوكولات علي شكلة نزع السلاح، إعادة الإنتشار و الإدماج المعروف إختصاراً (دي دي ار) مناسب جدا إذا توفرت الإرادة عند قيادات القوي المتحاربة لإتمام السلام و إيقاف الحرب و هو ما لا يتوفر في حرب 15 ابريل 2023م المجرمة و القذرة. يمكننا أن نستخدم هذه الآلية و معيناتها بعد إتمام أعمال الجودية و الصلح و نشر فكرة الإمتناع عن القتال لما له من كلفة باهظة يدفع ثمنها المواطنون المدنيون.
سيكون من نتائج عمل لجان الجودية و الصلح إبطال المفعول الهدام لخطاب الكراهية علي أسس إثنية و مناطقية. و علي هذه االجان أيضا إرساء قواعد العدالة و المحاسبة عبر آليات جبر الضرر و طلب العفو و الإعتذار و توفير الأمان.
عندما يدرك الجنود أن المستفيد من الحرب هو قياداتهم و ليس الوطن بفهم ما يتم في مسألة بيع موارد البلد المعدنية و غيرها لمصلحتهم الخاصة، أظن أنهم سيدركون أنهم مجرد أدوات يتحكم في مصائرهم مجموعة من القادة الفاسدين. هذه الحقيقة العارية هي ما ستفتح عيون الجنود فيروا الصراع علي حقيقته الإقتصادية و السياسية.
يجب أن يسبق إنشاء لجان الجودية و المصالح حملات للتوعية بالحقيقة العميقة لهذه الحرب الإجرامية و تسمية المستفيدون منها علي المستوي الإقتصادي. هذا واجبنا جميعا و لتكن هذه شغلتنا الشاغلة في مداولاتنا في السوشيال ميديا و في كتاباتنا. و أقصد توضيح الحقائق حول المستيفيدون من هذه الحرب.

طه جعفر الخليفة
اونتاريو- كندا
10 مايو 2024م

taha.e.taha@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

الحرب في السودان: بعض تحديات الاستقرار والتعافي الاقتصادي واعادة الاعمار

بروفيسور حسن بشير محمد نور

بعد تقدم الجيش السوداني وحلفائه في جبهات الحرب وقرب احكام السيطرة علي المركز في العاصمة القومية وولاية الجزيرة، يراود كثير من المواطنين السودانيين العودة الي منازلهم التي هجروا منها قسرا، علي امل معاودة الحياة بشكل طبيعي. لكن واقع الحال والدمار الكبير للبنية التحتية المتواضعة اصلا يضع كثير من التحديات، من حيث توفر الخدمات الاساسية ومقومات الحياة في حدها المقبول. لذلك هناك متطلبات وتحديات عديدة تواجه تحقيق تلك الامال المرتبطة بشكل اساسي بتوفر الاستقرار السياسي والامني الضروري للتعافي الاقتصادي واعادة الاعمار، التي تعتبر شروطا اولية نحو تحقيق مقومات العيش الانساني الطبيعي من سكن ومأكل ومشرب، علاج وتعليم، مواصلات سالكة وتوفر الماء والكهرباء، باعتبار ان هذه احتياجات اولية لا غناء عنها.
اول المتطلبات هي تحقيق السلام المستدام كخطوة حاسمة نحو التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار. من منظور اقتصادي، يتطلب هذا السلام معالجة جذرية للأسباب الهيكلية التي أدت إلى الحروب والنزاعات، مع التركيز على الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في حزم سياسية متكاملة ومتسلسلة.
من اهم تلك الأصلاحات او بالاصح المتطلبات، تحقيق العدالة وضمان عدم الإفلات من العقاب، اذ ان تاريخ السودان مليء بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والجرائم المنظمة، خاصة خلال فترة حكم نظام الإنقاذ بقيادة عمر البشير وما اضافته الحرب الحالية من تعميق لتلك الانتهاكات وتصعيدها لمستويات بالغة الخطورة علي الامن والاستقرار الاجتماعي. استمرار الإفلات من العقاب يقوض أسس الدولة ويؤدي إلى استمرار دوامة الأزمات السياسية والاقتصادية. لذا، فإن تعزيز سيادة القانون وتحقيق العدالة والعدالة الانتقالية يُعَدَّان من الأولويات الاساسية لضمان مستقبل مستقر.
جانب اخر في غاية الاهمية هو معالجة الأزمة الهيكلية للدولة، فمن المعروف ان الدولة السودانية نشأت في ظل سلطة استعمارية وديكتاتوريات متسلطة، تعمقت أزماتها خلال فترات الحكم الوطني بسبب سوء السياسات والرشد الاداري أو غيابها. هذا أدى إلى ضعف قدرة الدولة على أنجاز التنمية وتفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية بشكل متراكم. لذا، فإن إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس ديمقراطية وتعزيز سيادة القانون عبر اصلاح مؤسسي شامل يعتبر من الخطوات الضرورية لتحقيق الاستقرار الضروري للتعافي واعادة الاعمار.
كذلك الامر فيما يتعلق بالتحديات الاقتصادية، اذ تسببت الحرب في أضرار كبيرة ودمار واسع النطاق للبنية التحتية والمرافق الحيوية يقدر بمئات مليارات الدولارات، مما أثر سلبًا على الاقتصاد السوداني. بالإضافة إلى ذلك، أدت السياسات الاقتصادية غير الفعالة إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. لذا، فإن ايجاد حكم مقبول وحكومة تتبني وقادرة علي تنفيذ سياسات اقتصادية تعزز التنمية المستدامة وتوفر فرصًا اقتصادية للمواطنين، يُعَدُّ أمرًا حيويًا للتعافي الاقتصادي. هذا يحتاج لمقومات القبول الداخلي والخارجي للحكم الذي يفتح الطريق نحو وصول الاعانات الخارجية وجذب الاستثمار الاجنبي والوصول الي مؤسسات التمويل، وتيسير التجارة اقليميا ودوليا وامكانية الوصول دون عوائق للاسواق العالمية تصديرا واستيرادا.
من المهم اداراك ان مصير الاستقرار السياسي والأمني ومعالجة المشاكل الاجتماعية، اللازمة لتحقيق استقرار سياسي وأمني يعالج المشاكل الاجتماعية والتناقضات العميقة بين المكونات المجتمعية في السودان، يتطلب اتباع نهج شامل يتضمن:
- تعزيز العدالة والعدالة الانتقالية: اذ يجب تحقيق العدالة بمحاسبة المسؤولين عن الجرائم والانتهاكات السابقة، لضمان عدم تكرارها وبناء ثقة المجتمع في النظام العدلي والقضائي. قد يعتبر البعض ان هذا امرا صعب التحقيق، وهو كذلك، لكن رغم صعوبته فهو شرط لا مناص من تحقيقه كشرط للتعافي الاجتماعي والاستقرار.
- الإصلاح المؤسسي الضروري لإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس ديمقراطية، تضمن المشاركة الشعبية والشفافية والمساءلة واجتثاث الفساد الهيكلي المتوطن في مفاصل الدولة السودانية بجميع مؤسساتها.
- تبني سياسات اقتصادية موجهة نحو التنمية وتعزيز النمو المستدام وتوفر فرص عمل، مع التركيز على تنمية المناطق المهمشة والمتضررة من النزاعات.
- إدارة التنوع: الاعتراف بالتنوع الثقافي والعرقي والديني في السودان واعتماده كعامل قوة، من خلال سياسات تضمن التمثيل العادل والمساواة بين جميع المكونات الاجتماعية ووضع هذا الهدف ضمن المناهج التعليمية والتربية الوطنية.
- ضرورة تبني سياسات قطاعية مؤسسة باستراتيجات شاملة تستخرج منها خطط وبرامج ومشاريع تنموية مخططة بشكل واقعي ومنظم، يتفق مع المنهجيات المتبعة لاهداف التنمية المستدامة المعتمدة عالميا، ويشمل ذلك بالطبع السياسات التجارية والوفاء بشروط عضوية منظمة التجارة العالمية (WTO) للاندماج في النظام التجاري العالمي وامكانية الوصول لعضوية المنظمات الاقليمية والدولية بشكل فعال مفيد وليس عضوية شكلية.
- اطلاق الحريات العامة وسيادة حكم القانون واتباع سياسة اعلامية حرة ومنفتحة علي التطورات الكونية للاعلام المهني المتخصص، كعامل اساسي لتحقيق جميع ما تم ذكره.
- تبقي بعد ذلك اهمية الاصلاح العسكري والامني واتفاقيات السلام التي يجب مناقشتها ضمن حزم متكاملة للسلام المستدام وتحقيق الاستقرار المنشود واستدامته ولضمان عدم تكرار الحروب والنزاعات عبر عقائد مستحدثة.
في الختام، ما احدثته الحرب من دمار وتصدعات شاملة في الدولة السودانية يعتبر مهمة بالغة التعقيد، ويعتبر انجازها شرطا للاستقرار والتعافي الاقتصادي واعادة الاعمار، وهي مهمة لا يمكن ان يقوم بها طرف واحد او حتى عدة اطراف، دون توافق بثقل كبير ومشروع وطني يستوعب الغالبية المطلقة للمكونات السودانية. بذلك يتطلب تحقيق السلام المستدام في السودان، الذي يعتبر شرطا اوليا للاستقرار والتعافي، يتطلب نهجًا شاملاً يعالج الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مع التركيز على بناء دولة ديمقراطية تعزز سيادة حكم القانون، وتوفر فرصًا متساوية لجميع مواطنيها. بدون تحقيق تلك المطالب والجوانب المكملة لها، لن تمضي الامور الي الامام، ولا يتوهم البعض ان انحسار الصراع او تراجع مستويات القتال او احكام السيطرة علي مواقع استراتيجية، يمكن ان تؤدي وحدها بسلاسة لتوفير مقومات الحياة الطبيعية، ولا حديث الان بالطبع عن الازدهار والرفاهية علي شاكلة شعوب الامم المستقرة المتطورة.

mnhassanb8@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • جيش المليشيات.. كتاب صادم لضابط إسرائيلي يفضح آلة الحرب الإسرائيلية
  • كيف ردت الصين على الحرب الجمركية الأمريكية؟.. السر في آلية تسوية النزاعات
  • الرئيس الأوكراني يدعو إلى تكثيف الحوار مع أمريكا لوضع خطة لوقف إطلاق النار
  • لجان المقاومة بتنسيقية «تقدم»: تشكيل حكومة في ظل الحرب يعمّق الانقسام ويطيل أمد الأزمة
  • أوربان: واشنطن تسعى الآن من أجل السلام في أوكرانيا وبروكسل تسعى لاستمرار الحرب
  • تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم
  • خالد عمر يوسف يؤكد معارضة حزبه للحكومة الموازية
  • الحرب في السودان: بعض تحديات الاستقرار والتعافي الاقتصادي واعادة الاعمار
  • حزب الأمة القومية السوداني يقدم مبادرة سياسية لوقف الحرب
  • سردية السلام لمناهضة الحرب وخطاب الكراهية