التحوُّل في القطاع البيئي في المملكة.. بوادر صياغة مستقبل الحقبة الخضراء
تاريخ النشر: 11th, May 2024 GMT
يومًا بعد يوم تثبت المملكة العربية السعودية محليًا وإقليميًا وعالميًا أن خطواتها في طريق التحول إلى الاستدامة البيئية كانت تسير وفقًا لخطط مدروسة في ظل توجهات رؤية 2030، وذلك عبر الحفاظ على الموارد الطبيعية، وحماية الغطاء النباتي وتنميته، وتقليل التعديات عليه، واستعادة التنوع الأحيائي، وتعزيز نمائه وازدهاره، وحماية الموائل الفريدة والمحميات الطبيعية؛ الأمر الذي يسهم في التخفيف من آثار التغير المناخي، والحد من التصحر، وكلها مرتكزات رئيسية لبيئة أكثر استدامة، ينعم فيها هذا الجيل والأجيال القادمة، وترتقي جودة حياتهم.
مؤسسات ترسخ التغيير
انطلقت مسيرة التحول في القطاع البيئي تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز؛ فقد تم إصدار أنظمة وتشريعات داعمة عدة؛ ففي عام 2016 أصدر سموه أمرًا ملكيًا بتغيير اسم وزارة الزراعة لتصبح “وزارة البيئة والمياه والزراعة”، ونقل المسؤولية عن البيئة والمياه إلى هذه الوزارة. وفي العام نفسه تم تنفيذ مبادرة برنامج الملك سلمان للتوعية البيئية والتنمية المستدامة، التي تهدف إلى زيادة الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة، وتعزيز التنمية المستدامة، كما أنشئ برنامج وطني لبناء قدرات الجهات الحكومية في رصد وقياس مؤشرات توطين التنمية المستدامة في المملكة، إضافة إلى تدشين الاستراتيجية الوطنية للبيئة، التي كانت بمنزلة خارطة طريق نحو التطور في القطاع البيئي
ولم يتوقف قطار الإنجازات يومًا منذ أن ولت المملكة وجهها شطر المجال البيئي فمنحته اهتمامًا كبيرًا، انعكس جليًا على المؤسسات والجهات التي كانت دعائم صلبة لعهد جديد، وتحول غير مسبوق في القطاع البيئي، فمثلاً تم إنشاء معهد الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء، الذي يعد واحدًا من أهم المشروعات النوعية في مجال دعم البحوث العلمية والتطبيقية في مجالات البيئة والمياه والصحراء، إضافة إلى إنشاء صندوق أبحاث للطاقة والبيئة، يدعم البحوث والابتكارات في مجال الطاقة المستدامة وحماية البيئة، كما تعد المملكة صاحبة أكبر مشروع إعمار بيئي في التاريخ، وهو المشروع المتعلق بإصلاحات ما بعد حرب الخليج؛ إذ استثمرت أكثر من 1.1 بليون دولار في إصلاح الأضرار البيئية الناجمة عن الحرب.
5 مراكز بيئية
تُوجت جهود الارتقاء بالقطاع البيئي في المملكة بخلق تحوّل جوهري في الأطر المؤسسية؛ بهدف ضمان جودة التنفيذ والاستدامة، وذلك عبر إنشاء خمسة مراكز متخصصة في المجالات البيئية، وإنشاء صندوق البيئة والقوات الخاصة للأمن البيئي، وشملت المراكز (المركز الوطني للأرصاد، والمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، والمركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي، إضافة إلى المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، والمركز الوطني لإدارة النفايات).
بيئة متنوعة لتوازن فعال
كما أصدر خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، أمرًا ملكيًا كذلك بإنشاء مجلس للمحميات الملكية في الديوان الملكي، برئاسة ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان، وذلك في إطار اهتمامه بالحفاظ على الثروة البيئية والحياة الفطرية في المملكة، والاهتمام بالتنوع البيولوجي، وتوفير توازن بين الحياة الحالية ومستقبل البيئة.
وقد مثل إنشاء المحميات الملكية خطوة سباقة ومهمة على طريق تعزيز الجهود الوطنية للحفاظ على البيئة في المملكة؛ إذ تعمل هذه المحميات على الحفاظ على النظم البيئية، وتوفير موارد الحياة، وتنمية المناطق الريفية المحيطة بها، كما أنها تزيد غطاءها النباتي، وتدعم صناعة العقاقير الطبية المستخرجة من النباتات العطرية الموجودة في هذه البيئات. وتدعم المحميات أيضًا دور المملكة في المحافظة على التنوع البيولوجي على المستوى الدولي، وتسهم في تطوير السياحة البيئية.
حقبة خضراء
منذ نهجت المملكة العربية السعودية نهج التحول إلى العصر الأخضر وهي ترفع راية التشجير بجد تأديةً لواجبها تجاه البيئة؛ إذ أطلقت مبادرتين خلاقتين، ستغيران الواقع المحلي والإقليمي (الشرق الأوسط) فيما يتعلق بالحقبة الخضراء، التي يشهدها العالم، وستقود فيها المملكة دفة التغيير عبر مبادرة السعودية الخضراء ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر حمايةً للبيئة والحياة البرية والثروة الحيوانية، وتعزيزًا للاقتصاد الأخضر، ومكافحة التغير المناخي، وتطبيق الاقتصاد الدائري للكربون، والحفاظ على النظم البيئية، وزيادة المساحات الخضراء.
فمن خلال مبادرة السعودية الخضراء – مثلاً – تشهد المملكة زراعة 10 مليارات شجرة، أو ما يعادل إعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، وهي خطوة مهمة للمحافظة على التنوع البيولوجي، وتحسين جودة الأراضي والموارد الطبيعية محليًا. كما تسعى إلى زيادة نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30٪ من مساحة الأرض الكلية. إضافة إلى ذلك فإنه طبقًا لرؤية 2030 ستتم إعادة تشكيل المدن السعودية، وتحويلها إلى مدن خضراء وذكية بطريقة مستدامة، وتوسيع التخضير في المناطق الحضرية لتحسين جودة الهواء، وتشجيع نمط حياة صحي للمواطنين.
مبادرات “الغطاء النباتي”
أطلق المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر سبع مبادرات طموحة، تسعى لتحقيق أهداف مبادرة السعودية الخضراء، شملت أراضي الغطاء النباتي الواقعة تحت إشرافه. وتقسم تلك المبادرات كالآتي:
إدارة وتنمية الغابات
تهدف المبادرة إلى زيادة الغطاء النباتي من خلال إعادة تأهيل 300 ألف هكتار من مناطق الغابات المتدهورة، وإعادة تشجير الوديان والمناطق التي تعرضت لقطع الأشجار بشكل كبير. وتشمل جهود المبادرة زراعة 60 مليون شجرة محلية، مع التركيز على الإدارة المستدامة لمناطق الغابات والحفاظ على التوازن البيئي.
الحفاظ على المراعي
وتهدف إلى إعادة تأهيل 8 ملايين هكتار من المراعي في 26 موقعًا مختلفًا في المملكة، والتقليل من تأثير العواصف الرملية وتحسين الصحة العامة، وتوفير حلول قائمة على الطبيعة لاحتجاز الكربون ومكافحة تغير المناخ والتصحر.
اقرأ أيضاًالمجتمع“المياه الوطنية” تبدأ في تنفيذ 12 مشروعًا مائيًا وبيئيًا بقيمة 1.5 مليار ريال بالمنطقة الشرقية
تطوير 50 متنزهًا وطنيًا
تهدف المبادرة إلى تقليل انبعاثات الكربون بمقدار 4 ملايين طن ومكافحة التصحر، واستعادة التنوع البيولوجي، وتوفير حلول قائمة على الطبيعة لاحتجاز الكربون ومكافحة تغير المناخ. ومن خلال زراعة 10 ملايين شجرة تسهم هذه المبادرة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وفي حماية البيئة، وتعزيز قيم السياحة البيئية.
7 ملايين شجرة بالمحميات الملكية
تهدف المبادرة إلى التعاون مع المحميات الملكية لزراعة سبعة ملايين شجرة برية في المحميات الملكية؛ بهدف توفير حلول قائمة على الطبيعة لاحتجاز الكربون ومكافحة تغير المناخ، ومكافحة التصحر واستعادة التنوع البيولوجي النباتي، والتقليل من انبعاثات الكربون بمقدار 2.8 مليون طن، والمساعدة على تحسين نوعية الحياة، ودعم السياحة البيئية.
إشراك القطاع العام في التشجير
تهدف المبادرة إلى زراعة وحماية 18 مليون شجرة محلية في المناطق التابعة للقطاع العام على مدى 10 سنوات، وتستهدف تقليل انبعاثات الكربون بمقدار 7.2 مليون طن، وتوفير حلول قائمة على الطبيعة لاحتجاز الكربون ومكافحة تغير المناخ.
إشراك القطاع الخاص في التشجير
تهدف المبادرة إلى زراعة وحماية 40 مليون شجرة محلية في المناطق التابعة للقطاع الخاص على مدى 10 سنوات، وتستهدف تقليل انبعاثات الكربون بمقدار 16 مليون طن، والحفاظ على الأنظمة الإيكولوجية والتنوع البيولوجي.
دراسة زراعة 10 مليارات شجرة
تهدف المبادرة إلى دراسة زراعة 10 مليارات شجرة داخل المملكة خلال العقود القادمة، أي ما يعادل إعادة تأهيل ما يقارب الـ 40 مليون هكتار من أراضي الغطاء النباتي المتدهورة؛ ما يسهم في زيادة الغطاء النباتي، وتحسين جودة الحياة، وتوفير موائل طبيعية إضافية لأنواع الحيوانات المهددة بالانقراض، والمساهمة في التخفيف من الآثار والمخاطر الحالية لتغير المناخ.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية تهدف المبادرة إلى المحمیات الملکیة التنوع البیولوجی فی القطاع البیئی ومکافحة التصحر البیئة والمیاه الغطاء النباتی إعادة تأهیل فی المملکة الحفاظ على إضافة إلى هکتار من زراعة 10
إقرأ أيضاً:
40 شركة كندية تبدي استعدادها للاستثمار بالقطاع الصحي في المملكة
أبدت 40 شركة كندية اهتمامها بالاستثمار في القطاع الصحي بالمملكة، وذلك خلال ملتقى الرعاية الصحية السعودي الكندي الذي نظمه اتحاد الغرف السعودية اليوم بمقره بمشاركة واسعة من المستثمرين من البلدين.
وأوضح رئيس مجلس الأعمال السعودي الكندي محمد بن ناصر آل دليم أن المجلس يضطلع بدور رائد في زيادة التبادل التجاري، وتطوير الاستثمار بين البلدين، مستعرضًا مشاريع رؤية 2030 وما تقدمه المملكة من محفزات وتسهيلات للمستثمرين الأجانب، داعيًا لإقامة شراكات نوعية في القطاع الصحي لنقل الخبرة الكندية إلى السوق السعودي، وتعظيم الفائدة من النمو المتزايد في الخدمات الصحية والطبية والمنتجات ذات الصلة.
بدوره، ثمن سفير كندا بالمملكة جان فيليب لينتو الجهود الكبيرة لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين ودور مجلس الأعمال المشترك، مشيرًا إلى اهتمام ورغبة الشركات الصحية الكندية للاستثمار بالمملكة بظل تطور القطاع الصحي السعودي.
وشهد الملتقى استعراضًا للفرص الاستثمارية المتاحة بالقطاع الصحي بالمملكة وتوجهاتها نحو رفع مشاركة القطاع الخاص في القطاع إلى 25% بحلول عام 2030.
مما يذكر أن المملكة وكندا تعملان على تعزيز علاقاتهما الاقتصادية وبخاصة في القطاع الصحي، في ظل النمو والتوسع الذي يشهده القطاع والمحفزات الكبيرة المقدمة للمستثمرين.