يومًا بعد يوم تثبت المملكة العربية السعودية محليًا وإقليميًا وعالميًا أن خطواتها في طريق التحول إلى الاستدامة البيئية كانت تسير وفقًا لخطط مدروسة في ظل توجهات رؤية 2030، وذلك عبر الحفاظ على الموارد الطبيعية، وحماية الغطاء النباتي وتنميته، وتقليل التعديات عليه، واستعادة التنوع الأحيائي، وتعزيز نمائه وازدهاره، وحماية الموائل الفريدة والمحميات الطبيعية؛ الأمر الذي يسهم في التخفيف من آثار التغير المناخي، والحد من التصحر، وكلها مرتكزات رئيسية لبيئة أكثر استدامة، ينعم فيها هذا الجيل والأجيال القادمة، وترتقي جودة حياتهم.

مؤسسات ترسخ التغيير
انطلقت مسيرة التحول في القطاع البيئي تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز؛ فقد تم إصدار أنظمة وتشريعات داعمة عدة؛ ففي عام 2016 أصدر سموه أمرًا ملكيًا بتغيير اسم وزارة الزراعة لتصبح “وزارة البيئة والمياه والزراعة”، ونقل المسؤولية عن البيئة والمياه إلى هذه الوزارة. وفي العام نفسه تم تنفيذ مبادرة برنامج الملك سلمان للتوعية البيئية والتنمية المستدامة، التي تهدف إلى زيادة الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة، وتعزيز التنمية المستدامة، كما أنشئ برنامج وطني لبناء قدرات الجهات الحكومية في رصد وقياس مؤشرات توطين التنمية المستدامة في المملكة، إضافة إلى تدشين الاستراتيجية الوطنية للبيئة، التي كانت بمنزلة خارطة طريق نحو التطور في القطاع البيئي
ولم يتوقف قطار الإنجازات يومًا منذ أن ولت المملكة وجهها شطر المجال البيئي فمنحته اهتمامًا كبيرًا، انعكس جليًا على المؤسسات والجهات التي كانت دعائم صلبة لعهد جديد، وتحول غير مسبوق في القطاع البيئي، فمثلاً تم إنشاء معهد الأمير سلطان لأبحاث البيئة والمياه والصحراء، الذي يعد واحدًا من أهم المشروعات النوعية في مجال دعم البحوث العلمية والتطبيقية في مجالات البيئة والمياه والصحراء، إضافة إلى إنشاء صندوق أبحاث للطاقة والبيئة، يدعم البحوث والابتكارات في مجال الطاقة المستدامة وحماية البيئة، كما تعد المملكة صاحبة أكبر مشروع إعمار بيئي في التاريخ، وهو المشروع المتعلق بإصلاحات ما بعد حرب الخليج؛ إذ استثمرت أكثر من 1.1 بليون دولار في إصلاح الأضرار البيئية الناجمة عن الحرب.

5 مراكز بيئية
تُوجت جهود الارتقاء بالقطاع البيئي في المملكة بخلق تحوّل جوهري في الأطر المؤسسية؛ بهدف ضمان جودة التنفيذ والاستدامة، وذلك عبر إنشاء خمسة مراكز متخصصة في المجالات البيئية، وإنشاء صندوق البيئة والقوات الخاصة للأمن البيئي، وشملت المراكز (المركز الوطني للأرصاد، والمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، والمركز الوطني للرقابة على الالتزام البيئي، إضافة إلى المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، والمركز الوطني لإدارة النفايات).

بيئة متنوعة لتوازن فعال
كما أصدر خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، أمرًا ملكيًا كذلك بإنشاء مجلس للمحميات الملكية في الديوان الملكي، برئاسة ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان، وذلك في إطار اهتمامه بالحفاظ على الثروة البيئية والحياة الفطرية في المملكة، والاهتمام بالتنوع البيولوجي، وتوفير توازن بين الحياة الحالية ومستقبل البيئة.
وقد مثل إنشاء المحميات الملكية خطوة سباقة ومهمة على طريق تعزيز الجهود الوطنية للحفاظ على البيئة في المملكة؛ إذ تعمل هذه المحميات على الحفاظ على النظم البيئية، وتوفير موارد الحياة، وتنمية المناطق الريفية المحيطة بها، كما أنها تزيد غطاءها النباتي، وتدعم صناعة العقاقير الطبية المستخرجة من النباتات العطرية الموجودة في هذه البيئات. وتدعم المحميات أيضًا دور المملكة في المحافظة على التنوع البيولوجي على المستوى الدولي، وتسهم في تطوير السياحة البيئية.

حقبة خضراء
منذ نهجت المملكة العربية السعودية نهج التحول إلى العصر الأخضر وهي ترفع راية التشجير بجد تأديةً لواجبها تجاه البيئة؛ إذ أطلقت مبادرتين خلاقتين، ستغيران الواقع المحلي والإقليمي (الشرق الأوسط) فيما يتعلق بالحقبة الخضراء، التي يشهدها العالم، وستقود فيها المملكة دفة التغيير عبر مبادرة السعودية الخضراء ومبادرة الشرق الأوسط الأخضر حمايةً للبيئة والحياة البرية والثروة الحيوانية، وتعزيزًا للاقتصاد الأخضر، ومكافحة التغير المناخي، وتطبيق الاقتصاد الدائري للكربون، والحفاظ على النظم البيئية، وزيادة المساحات الخضراء.
فمن خلال مبادرة السعودية الخضراء – مثلاً – تشهد المملكة زراعة 10 مليارات شجرة، أو ما يعادل إعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة، وهي خطوة مهمة للمحافظة على التنوع البيولوجي، وتحسين جودة الأراضي والموارد الطبيعية محليًا. كما تسعى إلى زيادة نسبة المناطق المحمية إلى أكثر من 30٪ من مساحة الأرض الكلية. إضافة إلى ذلك فإنه طبقًا لرؤية 2030 ستتم إعادة تشكيل المدن السعودية، وتحويلها إلى مدن خضراء وذكية بطريقة مستدامة، وتوسيع التخضير في المناطق الحضرية لتحسين جودة الهواء، وتشجيع نمط حياة صحي للمواطنين.

مبادرات “الغطاء النباتي”
أطلق المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر سبع مبادرات طموحة، تسعى لتحقيق أهداف مبادرة السعودية الخضراء، شملت أراضي الغطاء النباتي الواقعة تحت إشرافه. وتقسم تلك المبادرات كالآتي:

إدارة وتنمية الغابات
تهدف المبادرة إلى زيادة الغطاء النباتي من خلال إعادة تأهيل 300 ألف هكتار من مناطق الغابات المتدهورة، وإعادة تشجير الوديان والمناطق التي تعرضت لقطع الأشجار بشكل كبير. وتشمل جهود المبادرة زراعة 60 مليون شجرة محلية، مع التركيز على الإدارة المستدامة لمناطق الغابات والحفاظ على التوازن البيئي.

الحفاظ على المراعي
وتهدف إلى إعادة تأهيل 8 ملايين هكتار من المراعي في 26 موقعًا مختلفًا في المملكة، والتقليل من تأثير العواصف الرملية وتحسين الصحة العامة، وتوفير حلول قائمة على الطبيعة لاحتجاز الكربون ومكافحة تغير المناخ والتصحر.

اقرأ أيضاًالمجتمع“المياه الوطنية” تبدأ في تنفيذ 12 مشروعًا مائيًا وبيئيًا بقيمة 1.5 مليار ريال بالمنطقة الشرقية

تطوير 50 متنزهًا وطنيًا
تهدف المبادرة إلى تقليل انبعاثات الكربون بمقدار 4 ملايين طن ومكافحة التصحر، واستعادة التنوع البيولوجي، وتوفير حلول قائمة على الطبيعة لاحتجاز الكربون ومكافحة تغير المناخ. ومن خلال زراعة 10 ملايين شجرة تسهم هذه المبادرة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وفي حماية البيئة، وتعزيز قيم السياحة البيئية.

7 ملايين شجرة بالمحميات الملكية
تهدف المبادرة إلى التعاون مع المحميات الملكية لزراعة سبعة ملايين شجرة برية في المحميات الملكية؛ بهدف توفير حلول قائمة على الطبيعة لاحتجاز الكربون ومكافحة تغير المناخ، ومكافحة التصحر واستعادة التنوع البيولوجي النباتي، والتقليل من انبعاثات الكربون بمقدار 2.8 مليون طن، والمساعدة على تحسين نوعية الحياة، ودعم السياحة البيئية.

إشراك القطاع العام في التشجير
تهدف المبادرة إلى زراعة وحماية 18 مليون شجرة محلية في المناطق التابعة للقطاع العام على مدى 10 سنوات، وتستهدف تقليل انبعاثات الكربون بمقدار 7.2 مليون طن، وتوفير حلول قائمة على الطبيعة لاحتجاز الكربون ومكافحة تغير المناخ.

إشراك القطاع الخاص في التشجير
تهدف المبادرة إلى زراعة وحماية 40 مليون شجرة محلية في المناطق التابعة للقطاع الخاص على مدى 10 سنوات، وتستهدف تقليل انبعاثات الكربون بمقدار 16 مليون طن، والحفاظ على الأنظمة الإيكولوجية والتنوع البيولوجي.

دراسة زراعة 10 مليارات شجرة
تهدف المبادرة إلى دراسة زراعة 10 مليارات شجرة داخل المملكة خلال العقود القادمة، أي ما يعادل إعادة تأهيل ما يقارب الـ 40 مليون هكتار من أراضي الغطاء النباتي المتدهورة؛ ما يسهم في زيادة الغطاء النباتي، وتحسين جودة الحياة، وتوفير موائل طبيعية إضافية لأنواع الحيوانات المهددة بالانقراض، والمساهمة في التخفيف من الآثار والمخاطر الحالية لتغير المناخ.

المصدر: صحيفة الجزيرة

كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية تهدف المبادرة إلى المحمیات الملکیة التنوع البیولوجی فی القطاع البیئی ومکافحة التصحر البیئة والمیاه الغطاء النباتی إعادة تأهیل فی المملکة الحفاظ على إضافة إلى هکتار من زراعة 10

إقرأ أيضاً:

“الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب” تتسلم 8000 استبيان من القطاع الخاص

 

أكد سعادة حامد الزعابي، الأمين العام ونائب رئيس اللجنة الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة، أهمية دور القطاع الخاص في الدولة، في إنجاز التقييم الوطني للمخاطر، والذي تجلى من خلال تقديم أكثر من 8000 استبيان، عكست تفاعل هذا القطاع بصورة فاعلة مع المخاطر المتعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، ما أسهم في زيادة الوعي المجتمعي في هذا المجال، لافتا إلى أن التقارير المرفوعة من المؤسسات المالية وغير المالية والقطاع الخاص شهدت في عام 2024 الماضي زيادة بنسبة 26%، الأمر الذي عكس تعزيز الفهم الجماعي لهذه المخاطر.

وقال في تصريح لوكالة أنباء الإمارات “وام”، إن التقييم الوطني للمخاطر أسفر عن تعديلات قانونية هامة، أبرزها تحديث قانون غسل الأموال في عام 2024 ليواكب التطورات الحاصلة في أنواع الجرائم المالية، مشيرًا إلى أن الأصول الافتراضية تعد من المخاطر العالية على مستوى العالم، وأن الإمارات تواصل تحسين أداء القطاع المالي بفضل الفهم العميق والشامل لهذه المخاطر، ما يسهم في تعزيز قدرتها على المواكبة والتفاعل مع التحديات المالية المستقبلية.

وأضاف أن التقييم السابق لعب دورا كبيرا في دفع عجلة التقدم في عام 2024، وأسفر عن إطلاق الإستراتيجية الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح للأعوام 2024-2027، التي تتضمن 11 هدفًا رئيسيًا و200 هدف فرعي، بالإضافة إلى أكثر من 1000 مبادرة لتحقيق أهدافها بحلول عام 2027، ما يرسخ ريادة دولة الإمارات في هذا المجال على مستوى العالم، مشددا على حرص الدولة على تحديث التشريعات والسياسات الوطنية بما يوازي أعلى المعايير العالمية، وبما يعكس استعدادها وجاهزيتها للتقييم المتبادل مع مجموعة العمل المالي “فاتف” الذي يبدأ نهاية العام الجاري.

ونوه الزعابي إلى أن هذه الجهود مكنت من إصدار السياسات والتشريعات بصورة مستمرة وبما يسهم في الحفاظ على استقرار النظام المالي الوطني والعالمي، مؤكدا أن دولة الإمارات تواكب أحدث التطورات والتحديات وتواصل تعزيز مكانتها الرائدة على الساحة العالمية في مجال مكافحة الجرائم المالية والاقتصادية.

وشدد على أن الإستراتيجية لا تقتصر على الجوانب التشريعية فحسب، بل تتعداها لتشمل جميع الأبعاد الاقتصادية والأمنية والإعلامية، إضافة إلى تعزيز بناء القدرات الوطنية بفضل الكوادر الإماراتية التي تم تعيينها في اللجنة الوطنية والجهات الرقابية والقانونية والأمنية، ما يفتح آفاقًا واعدة للكوادر الوطنية في القطاع الخاص.

ولفت سعادته إلى أن تحديث لتقييم الوطني للمخاطر، تم بالشراكة مع مجموعة البنك الدولي وبمنهجية معتمدة من مجموعة العمل المالي “فاتف”، وأسفر عن نتائج استثنائية تمثلت في تحديد التحديات والفرص التي تم تحويلها إلى خطط عمل مستدامة، تشمل جميع القطاعات الحساسة مثل القطاع المالي، وقطاع الأصول الافتراضية، والمنظمات غير الربحية.

وحول دور الإمارات كنائب لرئيس مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا “مينافاتف” في 2025، أكد سعادته أن الدولة تلعب دورًا محوريًا ورياديًا في تقديم المبادرات الفنية لدول المنطقة فضلاً عن الإسهام الفاعل في ورش التدريب وتبادل الخبرات، وهو ما يسهم في دعم جهود تلك الدول للاستعداد لعمليات التقييم وفق المنهجية المحدثة لـ”فاتف”.

وشدد على أن دولة الإمارات تواصل لعب دور محوري في التصدي للجرائم المالية العالمية، بما في ذلك جرائم المخدرات والاحتيال المالي، عبر تدابير احترازية صارمة، لافتا في هذا الصدد إلى عقد اجتماعات مع الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا لمناقشة خطط عالمية لمكافحة هذه الجرائم، وأنه سيتم قريبًا عقد اجتماعات مع الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الأخرى لمواصلة تعزيز هذه الجهود.

وأعاد سعادة حامد الزعابي، التأكيد على أن الإمارات تواصل البناء على مكانتها كداعم رئيسي للاستقرار المالي والاقتصادي على المستوى الدولي، وتضع بصمتها المميزة في مجال مكافحة الجرائم المالية عبر الابتكار المستمر والتعاون الدولي، وانها تواصل العمل على تحقيق الأمن الاقتصادي والمالي في المنطقة والعالم، من خلال تدابير وقائية شاملة تضمن بيئة مستقرة وآمنة للجميع.


مقالات مشابهة

  • وزارة التعليم بالشراكة مع “الرياض الخضراء” تُنهي أعمال تأهيل وتشجير مدرستين بتعليم الرياض في حي العزيزية
  • القوات الخاصة للأمن البيئي تضبط (3) مخالفين لنظام البيئة لارتكابهم مخالفتي قطع مسيجات ودخول محمية دون ترخيص في محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية
  • «قمة البيئة» تناقش دور الهجرة في استدامة النظم البيئية
  • مركز معلومات مجلس الوزراء: الوظائف الخضراء تساهم في حماية البيئة
  • “الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب” تتسلم 8000 استبيان من القطاع الخاص
  • الوطنية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب تتسلم 8000 استبيان من القطاع الخاص
  • حصاد البيئة في أسبوع.. فؤاد: زراعة 850 شجرة من التوت العماني والخيار.. وزيرتا البيئة والتنمية المحلية تعلنان تسليم المدافن الصحية بسوهاج
  • مبادرة الطريق الأخضر.. البيئة تشارك المجتمع المدنى فى زراعة 1250 شجرة بالمحميات الطبيعية.. إمام: نصيب الفرد المصري من المساحة الخضراء سُدس توصيات الصحة العالمية.. وعيسي: التمويل المناخي فريضة غائبة
  • وزيرة البيئة من إيعات: طلبنا أن يتضمن البيان الوزاري التعافي البيئي ضمن الخطة الشاملة
  • جامعة قناة السويس تعزز ثقافة البيئة الخضراء بندوة توعوية لطالبات مدرسة الشاطئ الإعدادية