اتفق ضيفا برنامج "ما وراء الخبر" على أن الموقف الغربي والأفريقي إزاء انقلاب النيجر جاء بصورة أكثر صرامة من المواقف تجاه الانقلابات السابقة، وأرجعا ذلك لأسباب مختلفة، لكنهما تشككا في أن يجبر ذلك الانقلابيين على التراجع.

وقال الدكتور إدريس آيت الأكاديمي والباحث المتخصص في الشؤون الأفريقية إن الإدانات والتهديدات الغربية جاءت أكثر صرامة وقسوة تجاه انقلاب النيجر من أي مواقف تجاه أي انقلاب سابق في المحيط الإقليمي، ويرجع ذلك إلى مجموعة الإجراءات التي اتخذت مطلع العام الجاري، لضمان اعتبار أن الانقلابات باتت تاريخا ماضيا في القارة الأفريقية.

جاء ذلك خلال الحلقة التي خصصها برنامج "ما وراء الخبر" بتاريخ (2023/7/31) لتوالي المواقف الغربية الصارمة ضد الانقلاب في النيجر، ومن ذلك تجديد الاتحاد الأوروبي رفضه الاعتراف به، وتأكيده دعم إجراءات مجموعة إيكواس العقابية ضد قادة الانقلاب الذين أمهلتهم أسبوعا للتراجع عنه، فيما أمهلهم الاتحاد الأفريقي أسبوعين لتحقيق ذلك.

ومع تجديد فرنسا عدم اعترافها بالوضع الجديد في النيجر الذي علقت مساعداتها الاقتصادية له -تماما كما فعلت واشنطن- انضمت دول غربية أخرى حتى من بين تلك التي لا تربطها مصالح مباشرة مع النيجر، فقد أعلنت كل من بريطانيا وألمانيا تعليق مساعداتهما الاقتصادية لنيامي، فيما دعت موسكو لاستعادة حكم القانون.

أسباب الإجماع

وتساءلت حلقة ما وراء الخبر عن أسباب هذا الإجماع الغربي الأفريقي على رفض الانقلاب في النيجر وتأثيراته المحتملة على مسار الأحداث في البلاد، وعن خيارات القادة العسكريين للتعامل مع العزلة الإقليمية والدولية التي تتشكل ضدهم، ومع التبعات المحتملة لوقف برامج الدعم الأوروبية والأميركية لبلادهم.

وفي حديثه لما وراء الخبر أوضح الدكتور إدريس أن الرئيس المنقلب عليه محمد بازوم كان ضمن مجموعة إيكواس التي توافقت على قرارات، من ضمنها أن تكون هناك قوة إقليمية تدحض الانقلابات غير الدستورية وحالات التمرد في المنطقة، وذلك ما يفسر حديث رئيس المجموعة عن أن أحد الموقعين هو رهينة لدى مجموعة انقلابية ولا بد من تحريره.

ولفت كذلك إلى أن النيجر تعد آخر معقل للغرب في أفريقيا، مما يدفع دوله إلى هذا الموقف المتشدد، مشيرا إلى أن دافع دول مثل ألمانيا وبريطانيا -رغم عدم وجود مصالح مباشرة- هو الجانب الأمني وتخوفها من استفحال أزمة الهجرة غير النظامية لموقع النيجر الجيوإستراتيجي في المنطقة.

واستبعد إمكانية تجاوب الانقلابيين مع تلك الضغوط، حيث يرى أنهم وصلوا لنقطة اللاعودة، معتبرا أن فرنسا ستكون هي الخاسر الأكبر في حال حصول أي تدخل عسكري، وأن خيارها الأمثل هو الذهاب لمفاوضات مع الانقلابيين.

تراكمات سابقة

بدورها، قالت ليزلي فارين مديرة معهد "اليقظة" لدراسة العلاقات الدولية والإستراتيجية في فرنسا والخبيرة في الشأن الأفريقي إن مواقف الغرب المتشددة وغير المسبوقة تأتي على خلفية تراكمات ما بعد الانقلابات السابقة، ولما تمثله النيجر من أهمية بالغة، حيث لا يقتصر الوجود العسكري فيها على فرنسا وحدها بل يشمل جميع الدول الغربية.

ورأت فارين أن هذا الموقف معقد وعاطفي، فتحقيق مطلب عودة الرئيس لمنصبه ليس بالأمر المتوقع، خاصة في ظل كون الانتخابات التي جاءت به لم تكن ديمقراطية بشكل كبير، وبالتالي فهي ترى أن الانقلاب كان متوقعا.

واعتبرت أن الموقع الجيوإستراتيجي للنيجر هو السبب الرئيسي لهذا الموقف المتشدد من قبل دول الغربية، حيث الخوف المتزايد من خسارة النفوذ والوجود في غرب أفريقيا بعد الخسارات نتيجة الانقلابات السابقة، خاصة فرنسا التي تخشى أن يحدث الانقلاب تغيرا جذريا في البلاد كما حصل في مالي.

ورأت أن التهديدات الغربية تأتي في سياق استعراض القوة، وتمثل ردا عاطفيا وليس سياسيا ودبلوماسيا، ويحركها بشكل كبير الخوف من تدخل روسيا التي بدورها اتخذت موقفا أكثر بساطة كونها غير منخرطة في تلك البلد حاليا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ما وراء الخبر

إقرأ أيضاً:

أميرة الفاضل تؤيد التفاوض وحزبها يدعو لإستمرار الحرب !

أ. بابكر فيصل
رئيس المكتب التنفيذي للتجمع الاتحادي

15 سبتمبر 2024

في حوار صحفي نشر يوم الخميس 12 سبتمبر الجاري، سُئلت القيادية بالحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني أميرة الفاضل عن موقفها من الحوار والتفاوض كوسيلة لإيقاف الحرب، وجاءت إجابتها كالتالي:

"أنا لا أفهم أن كل من ينادي بوقف الحرب يُخوَّن ويُجرَّم, بالنسبة لي الإعلام ينبغي أن يلعب دوراً في تصحيح هذه المسألة والحرب ستنتهي بالتفاوض ... التفاوض لا يعني التنازل عن حقوقك، أنت من خلال التفاوض بالإمكان أن تكسب حقوقك وتثبت للعالم وجهة نظرك الصحيحة، ولكن إذا أغلقت أبواب التفاوض والحوار، العالم والمجتمع الدولي سيتحرك من غيرك فأنا من أنصار الحوار".

وعندما سُئلت عن الأطراف التي يجب التفاوض معها قالت : "مع الميليشيا وكل الجهات التي ثبت دعمها للتمرد سواءً كانت دول جوار أو الإمارات أو الخليج، يعني أنا حينما أتفاوض وأتمنى أن تذكر هذه الجملة (عندما تتفاوض لا تتفاوض مع صديقك وإنما العدو)، بالنسبة لي إذا حددت العدو "الدعم السريع" لا بد أن أتفاوض معه، وإذا حددت الإمارات أو تشاد أو أي دولةٍ أخرى لا بد".

إجابة الأستاذة أميرة أعلاه تتطابق تماماً مع ما ظلت تقوله قوى الحرية والتغيير وتنسيقية القوى المدنية الديمقراطية (تقدم) منذ اليوم الأول لإنطلاق الحرب, وهى إجابة صحيحة تجد منا كامل الإشادة, ومع ذلك فهى تثير العديد من الأسئلة :

لماذا يتم تخوين قوى الحرية والتغيير و (تقدم) وكافة القوى المدنية التي رفعت شعار "لا للحرب" عندما تدعو للحوار والتفاوض بين الطرفين المتقاتلين وتقول أنه لن يكون هناك نصراً عسكرياً حاسماً في هذه الحرب ؟

لماذا يتم إتهام (تقدم) بالعمالة عندما تطالب بمشاركة دولة الإمارات في التفاوض بإعتبارها طرفاً مؤثراً في معادلة الحرب؟ علماً بأن قيادة الجيش قد وافقت على ذلك وشاركت عملياً في التفاوض الذي تم في المنامة في شهر يناير 2024 الذي كانت دولة الإمارات طرفاً أصيلاً من أطراف وساطته !

هل العدو الحقيقي للمؤتمر الوطني هو الدعم السريع أم قوى الحرية والتغيير وتقدم؟ وتجدُر في هذا السياق الإشارة لحديث القيادية الأخرى بالمؤتمر الوطني سناء حمد التي قالت أنهم لا يمانعون في التفاوض مع الدعم السريع ولكنهم لن يجلسوا مع قوى الحرية والتغيير؟

غير أن الأمر الذي لا يدعو للتفاؤل بتصريحات الاستاذة أميرة هو أن التيار الحربي في الحركة الإسلامية، وهو التيار صاحب الشوكة الذي أشعل الحرب، يرى أن الصراع الحالي يمثل معركة وجودية فاصلة يتحدد بموجبها مستقبله، وهى الفرصة الأخيرة للقضاء المبرم على ثورة ديسمبر وقضية التحول الديمقراطي.

ولبلوغ هدفه أعلاه لن تردع التيار الحربي أي مآلات خطيرة للصراع الجاري بما فيها موت الآلاف ونزوح الملايين و تفكك البلد وانقسامه ( بدأت نذره بالتلويح بتشكيل حكومة) وفتح الباب واسعاً أمام الفوضى الشاملة والتدخل الخارجي السالب بما في ذلك الحركات الإرهابية العنيفة.  

مقالات مشابهة

  • الخارجية : إن الجمهورية العربية السورية، التي عانت على مدى ال ۱۳ سنة الماضية، من حرب كونية هدفت لتدمير دولتها وكسر إرادة شعبها بذريعة ادعاء الغرب الكاذب بحماية الديمقراطية وتعزيزها من خلال ممارساته الإرهابية المماثلة لتلك التي مارسها الصندوق الوطني للديمق
  • شقيق زوجة ضحية أحمد فتوح يكشف مستجدات التفاوض بقبول الدية
  • إلى جميع السائقين.. هذا الخبر يهمكم!
  • من بينها الشرقية.. ضباب خفيف على أجزاء من 5 مناطق
  • الرئيس الإيراني يضع شرطا لإجراء محادثات مع أميركا
  • أميرة الفاضل تؤيد التفاوض وحزبها يدعو لإستمرار الحرب !
  • غليان في تونس قبل أسابيع من انتخابات الرئاسة.. الاحتجاجات تقلب الموازين
  • الحوثيون يصدرون قرار الإتهام بحق مغتصب الطفلة ”جنات” بعد ضغوط قبلية (قرار)
  • أي مشهد سياسي بتونس قبل أسابيع من الاقتراع الرئاسي؟
  • أزمة السيادة الوطنية، الفيل الذي في الغرفة… (1)