الخرطوم- ألقى توقيع 55 كتلة سياسية وقوى مدنية ومجتمعية على ميثاق لإدارة البلاد بعد نهاية الحرب في السودان، المستمرة منذ أكثر من عام، حجرا في بركة السياسة الراكدة، ويتوقع مراقبون أن تؤدي الخطوة إلى تحول التنافس السياسي إلى حوار حول البرامج والرؤى لحل الأزمة، بدلاً من الخصومة والإقصاء المتبادل.

وجرى توقيع الميثاق من قِبل القوى المساندة للجيش، الأربعاء الماضي في القاهرة، بهدف حل الأزمة والتأسيس لمرحلة انتقالية في البلاد، وإجراء حوار سوادني-سوداني لتحديد شكل ونظام الحكم، وإقرار شراكة عسكرية مدنية في مجلس السيادة، وحكومة بلا محاصصات حزبية.

ووقع على الميثاق كلٌّ من رئيس الكتلة الديمقراطية ونائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي جعفر الميرغني، ورئيس حزب الأمة مبارك الفاضل المهدي، ورئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي، ورئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، ورئيس حزب البعث السوداني يحيى الحسين، ورئيس كتلة الحراك الوطني التجاني سيسي، وتحالف الخط الوطني "تخطي".

كما وقّع على الوثيقة أيضا رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة محمد الأمين ترك، ومجلس الصحوة بزعامة موسى هلال، بجانب فصيلين إسلاميين هما حركة الإصلاح الآن برئاسة غازي صلاح الدين، وحزب المؤتمر الشعبي، إضافة إلى ممثلين لمجلس الكنائس، وممثلين للطرق الصوفية.

إجماع على الجيش

يرى ممثل "تنسيقية العودة إلى منصة التأسيس" والموقع على الميثاق محمد وداعة أن القوى التي وقعت تمثل أكبر تيار سياسي ومدني واجتماعي في البلاد، ولم يعد خارجها سوى تنسيقية القوى الديمقراطية والمدنية "تقدم"، وتحالف التغيير الجذري الذي يتزعمه الحزب الشيوعي.

ويبرر المتحدث للجزيرة نت وقوفهم مع الجيش بأنه أمر طبيعي، لأن المؤسسة العسكرية تمثل الشرعية وتمنع البلاد من الانهيار وتحمي السيادة بحكم قانونها، ويوضح أن الوثيقة الموقعة نصت على قومية القوات المسلحة وأن تقف على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية وألا تتدخل في الشؤون السياسية.

وعن إمكانية الحوار مع الأطراف الأخرى يقول وداعة إنهم يدعون إلى حوار سوداني-سوداني ومؤتمر دستوري، وبالتالي من حق كل مواطن المشاركة في صياغة الدستور.

ويوضح أن الحوار مع تحالف قوى "تقدم" مرتبط بتحديد موقفهم من قوات الدعم السريع وتمردها على الدولة والجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها بحق المواطنين، بالإضافة إلى الالتزام بمخرجات "إعلان جدة" المُوَقع بين الجيش والدعم السريع في مايو/أيار 2023.

خطوة جيدة

بدوره، يرى المحلل السياسي ورئيس تحرير صحيفة التيار عثمان ميرغني أن انعقاد مؤتمر "قوى ميثاق السودان" في القاهرة أسهل وأقل كلفة، لوجود غالبية المشاركين في مصر، مؤكدا أهمية القاهرة في حل الأزمة السودانية.

وبحسب حديث المحلل للجزيرة نت، فإن أغلب ما جاء في الوثيقة لم يخرج عن المتفق عليه بين كل ألوان الطيف السياسي، لكن الجزء الخاص بتشكيل هياكل الدولة أضاف للوثيقة بعدا جديدا.

ويعتقد أن المؤتمر أضفى حيوية على المسرح السياسي المتعطل، وفي حال استطاع الموقعون على الميثاق تعجيل خطواتهم بهيكلة المجموعة وإقناع مجلس السيادة بأهمية تشكيل الحكومة والبرلمان فسيحدث ذلك اختراقا كبيرا.

موقف "تقدم"

من جهة أخرى، يعتقد عضو في المكتب القيادي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" -طلب عدم الكشف عن هويته- أن غالبية القوى التي وقعت الميثاق بالقاهرة كانت تقف مع الجيش منذ إجراءات أكتوبر/تشرين الأول 2021، والآن تصطف خلفه، وهذا لا يساعد بأن تلعب دورا في إنهاء الحرب، لأنها تساند أحد طرفيها.

ويقول القيادي المعارض للجزيرة نت إن رؤية قوى "الميثاق الوطني" تدعو إلى شراكة عسكرية مدنية في مجلس السيادة، وهو أمر أثبتت التجربة في الفترة السابق فشله، كما أن اختيار رئيس وزراء من قبل مجلس السيادة يعني وضع الجهاز التنفيذي تحت إشراف قيادة الجيش، لكنه اعتبر أن دعوة هذه القوى لوقف الحرب خطوة إيجابية وتحركا في موقفها من الحسم العسكري.

تناقضات الوثيقة

أما المحلل السياسي محمد لطيف فاعتبر أن مؤتمر القاهرة حمل تناقضات عدة، وأن المشاركين فيه من داعمي الحرب، حيث يدعون إلى استنفار المواطنين للقتال إلى جانب الجيش في مواجهة قوات الدعم السريع، وأنهم من مساندي "حكومة الأمر الواقع" في بورتسودان.

وبحسب لطيف فإن التناقضات بين أقوال وأفعال أعضاء المؤتمر يعكسها إعلانهم رفض التدخلات الأجنبية بينما يعقد المؤتمر في "أرض أجنبية"، كما أنهم يدعون إلى إبعاد العسكر من العمل السياسي بينما تقترح الوثيقة شراكة مدنية عسكرية في مجلس السيادة.

غير أن الباحث السياسي عماد طه يعتقد أن مؤتمر قوى "الميثاق الوطني" حقق توازنا في المشهد السياسي، ببروز كتلة جديدة واسعة طرحت رؤية لإنهاء الحرب وحل الأزمة السياسية، وأعلنت أنها ستمارس نشاطها من داخل البلاد، بينما كانت تتحرك كتلة "تقدم" القريبة في مواقفها من قوات الدعم السريع في خارج البلاد وتجد رعاية من قوى إقليمية ودولية.

ويرى الباحث في حديث للجزيرة نت أن الكتلة الجديدة حرّكت الساكن السياسي، وستنقل المناكفات بين الفرقاء السودانيين من منصة الخصومة والإقصاء المتبادل، إلى حوار بشأن رؤى وأفكار ومقترحات لحل الأزمة السياسية، خصوصا أن هناك قواسم مشتركة تتجاوز 70% من مضامين الوثائق المطروحة من الكتل السياسية والقوى المدنية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات مجلس السیادة للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

المؤتمر الوطني ليس من اصحاب اليوم التالي.. قضية فك الارتباط بين الجيش والإسلاميين

ياسر عرمان  كشفت صحيفة سودان تربيون “الغراء” عن رؤية داخلية لتنظيم الحركة الإسلامية الارهابي المسماة بالمؤتمر الوطني لتأسيس مشروعية دستورية تمكن الجيش من تفويض شعبي وحملت الرؤيا عنوان (مقترح اجندة المستقبل اليوم واليوم التالي). ان اسوأ سنوات القوات المسلحة هي السنوات التي امتطى فيها الإسلاميون ظهرها، واسلمت قيادها وقيادتها لتنظيم مجرم شره في السلطة ونهب الموارد والارهاب. عمل المؤتمر الوطني المشؤم على اختطاف الدولة ومؤسساتها وقطع أوصال الجيش قتلاً وتشريداً لخيرة ضباطه وضباط صفه وجنوده، ان مأساة الجيش الحقيقية تكمن في سيطرة تنظيم سياسي على مؤسسة تابعة للدولة والشعب. اكبر جريمة ارتكبها الإسلاميون في حق الجيش هي ادخاله والدفع به في انقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩ و٢٥ أكتوبر ٢٠٢٢ وحرب ١٥ أبريل، وقد اعترف هاشم عبد المطلب رئيس هيئة الأركان السابق في إفادته المنشورة ان ولاءه ليس للجيش بل لشيوخ الحركة الإسلامية، والإسلاميين ليس لديهم قدرة للوصول للسلطة كحزب سياسي إلا باستخدام رافعة الجيش وتسييسه وتشويهه. ان كان اي احد يظن ان الإسلاميين يحبون الجيش فهو مخطئ، فإنهم يحبون انفسهم والسلطة والجاه قبل الله والرسول، ويعتقدون ان الجيش رزقاً ساقه الله لهم للوصول للسلطة وقد حاولوا تدميره سنوات طوال، وعلاقتهم بالجيش ملتبسة وقائمة على زواج المصلحة مع كبار الضباط. لن يكون هناك استقرار او تنمية او ديمقراطية في السودان إلا بفك الارتباط بين الاسلاميين والجيش، فما للدولة للدولة وما للحركة الاسلامية الكسيحة فكرياً والارهابية التي شوهت مؤسسات الدولة وعلى رأسها الجيش للحركة الإسلامية، ودون حل هذه القضية على نحو صحيح لن يتقدم السودان، على قوى الثورة والتغيير ان تضع شرطاً رئيسياً في اي عملية سياسية مقبلة بوجوب تصفية تمكين الاسلاميين في الجيش واستعادة مهنيته، فنحن ضد تصفية الجيش ومع تصفية وجود الحركة الاسلامية داخل الجيش. لابد من بناء جيش مهني يخدم الوطن ولا يخدم اي حزب، ان الجيش لا يمكن ان يكون جناحاً عسكرياً للحركة الاسلامية فهذا ضد طبيعة الاشياء وضد نزاهة وحيادية مؤسسات الدولة. المؤتمر الوطني حزب من الماضي وما كان أمامه اصبح خلفه، ان اليوم التالي ملك للشعب وللديسمبريات والديسمبريين والمؤتمر الوطني ليس من اصحاب اليوم التالي فهو من اصحاب اليوم السابق، انه لا يتوسل للسياسة بوسائل سياسية ويريد ان يختطف بندقية الجيش، الجيش مؤسسة تابعة للدولة فكيف يملكها حزب؟ لا سيما ان هذا الحزب نفسه هو من صنع الجيوش الموازية لعدم ثقته في القوات المسلحة. رؤية اليوم التالي هي وعد من لا يملك لمن لا يستحق، ان اليوم التالي هو يوم لوقف وانهاء الحرب وعودة الناس لبيوتهم التي اخرجوا منها بغير وجه حق وتقصير ظل الفضاء العسكري وعودة الفضاء المدني، ان امتطاء ظهر الجيش من قبل الاسلاميين سيعني انتاج الازمة التي ادخلت الجيش في الحرب وقامت على اساس تعددية الجيوش، المؤتمر الوطني حزب مفلس خالي الوفاض من فكرة جديدة او فقه سياسي رصين وهو (يلوك ويصقع الجرة) فهو عاجز سياسياً وعديم الخيال والابتكار إلا من الحلم بالسيطرة على بندقية الجيش التي ادخلت البشير للسجن، واذا عدتم عادت الثورة وعاد السجن. ٨ مارس ٢٠٢٥ وكل نساء السودان ونساء العالم بخير والثورة والنساء أبقى من الحرب الوسومياسر عرمان

مقالات مشابهة

  • ميثاق نيروبى قنبله نووية تهز الملعب السياسي السوداني الراكد فهل من مجيب
  • رئيس مجلس السيادة القائد العام يؤكد ضرورة ترقية علاقات السودان الخارجية
  •  مقتل 9 مدنيين في قصف مدينة استعادها الجيش السوداني  
  • المؤتمر الوطني ليس من اصحاب اليوم التالي .. قضية فك الارتباط بين الجيش والإسلاميين
  • العلمانية في السودان- بين الواقع والطموح السياسي
  • مقتل 20 عنصرا من مليشيات الإرهابيين على أيدي الجيش الوطني الصومالي
  • المؤتمر الوطني ليس من اصحاب اليوم التالي.. قضية فك الارتباط بين الجيش والإسلاميين
  • الثامن من مارس: والجالسات على أرصفة العدالة في السودان
  • سندباد التنورة.. أحمد عبد العظيم ينقل الفن التراثي إلى العالم العربي
  • الثامن من مارس: و الجالسات على أرصفة العدالة في السودان