(اعتقدنا اننا بمواجهة 200 فرقة عادية ولكننا الآن أمام 360 فرقة.... ولكننا لو دمرنا اثنتي عشر فرقة منها لاستطاع الروس أن يأتوا بغيرها . فالزمن لصالحهم لقربهم من مصادرها , في حين اننا نبتعد عن مصادرنا أكثر فأكثر)
-مراسيم السلام
بينما كانت رحى الحرب العالمية الأولى ( 1914- 1918م) لا تزال تدور قامت الثورة البلشفية في روسيا عام 1917م , وسرعان ما أعلن الزعماء البلاشفة الجدد ما سمى بمراسيم السلام والتي تضمنت فضح الاتفاقيات السرية ومن بينها إتفاقية سايكس – بيكو 1916م , والتي أبرمتها حكومات الدول الاستعمارية الأوروبية وعلى رأسها بريطانيا وفرنسا , والتي كانت حكومة روسيا القيصرية قد وافقت عليها في مقابل حصولها على المضائق التركية بعد هزيمة الدولة العثمانية , كما أعلنوا كذلك تنازلهم عن المعاهدات غير المتكافئة والامتيازات التي كانت قد فرضتها حكومة روسيا القيصرية على بلدان الشرق الأوسط المتاخمة للاتحاد السوفيتي ( تركيا - ايران ) .
وبالطبع فقد كان الهدف من وراء ذلك هو التشهير بالدول الغربية وفضح أهدافها الاستعمارية أمام الرأي العام العالمي .
وما بين الحربين قامت روسيا بدعم الحركات التحررية في الوطن العربي ضد الاستعمار الاوروبي وسياسيا اجرت العديد من مد جسور العلاقة الدبلوماسية ومنها اليمن فقد اعترفت موسكو بحكومة صنعاء في عام 1928م .
-حلم الرايخ الثالث
كان النظام النازي يعتاش على الغزو وهتلر يستدير من ضم اقاليم هنا إلى اقاليم هناك .
لقد اوحى له منطق جنون عظمته انه ما من دولة اوروبية أخرى ينبغي ان ترتدي قفاز التحدي لألمانيا وربما في العالم .
بهذه الوسيلة لا غيرها سيقضي على خصومه وسيقف رايخ الالف عام على اسس صلبة .
فكان الفوهرر الالماني مختلفا تماما عن سلفيه فريدريك وبسمارك في مشاريعه المجنونة للتسلط على العالم واستهانته المطلقة بكل العوائق التي تقف في طريق تنفيذ مخططه .
وهكذا انكب هتلر كشأن اليابانيين على محاولة تغيير النظام العالمي بأسرع ما يمكن بعد ان سكنت في نفسه هذه الاطماع الجنونية طويلة الامد .
فقد سارت الحوادث الأوروبية بسرعة نحو اشتعال الحرب العالمية الثانية (1939- 1945م) , بدأت بغزو اليابان لمنشوريا عام 1931م , وأقامت دولة مانشوكو وتاخمت بذلك سيبيريا السوفيتية من ناحية والصين من ناحية أخرى إلى جانب هجوم اليابان على الصين .
واختلال إيطاليا للحبشة عام 1935م وتوسيع الاحتلال الايطالي لليبيا على أمل إحياء الامبراطورية الرومانية ولكن بزعامة الحزب الفاشستى الذي كان على رأسه ( موسوليني ) .
فيما قامت المانيا الهتلرية النازية بخرق لمعاهدة فرساي لعام 1919م , بالتسلح الكبير مع احتلال أراضي الراين ثم ضم النسما إلى الرايخ عام 1938م , وبدأت تعمل على إنشاء المانيا العظمي باحتلال تشيكوسلوفاكيا.
هذا إلى جانب مساهمة كل من المانيا النازية وايطاليا الفاشية في إسقاط الجمهورية الاسبانية فقد تدخلت ايطاليا بأرسال 50 ألف جندي ايطالي في الحرب الاهلية الاسبانية (1936-1939م) ,
-تسابق التسلح
لقد اغوى اعادة تسلح القوات المسلحة الالمانية بسرعة هائلة انهكت معها الاقتصاد الالماني فقام هتلر باللجوء الى الحرب من اجل تجاوز هذه المصاعب الاقتصادية فأتي له ضم النمسا بخمس فرق حربية ليستولي على 200 مليون دولار على شكل ذهب واحتياطيات من العملة الصعبة , ثم تشيكلوسلوفاكيا عام 1939م فاستولي الالمان على مناجم المعادن الكبيرة فضلا عن موجودات الذهب واموال البنك الوطني التشيكي وبحلول ابريل / مايو عام 1939م كان واضحا ان بولندا هي المحطة التالية لكن ذلك سوف تواجه فرنسا وبريطانيا اي الانغماس في حرب عالمية ستخلق تهديدا مهولا لاقتصاد المانيا الكبرى .
فلقد امتلك الجيش الميداني الالماني البالغ عدد افراده 2 مليون 75 ألف رجل في مطلع الحرب . فيما انتجت في عام 1937م من الطائرات 5606 طائرة .
ومع نشبوب ازمة منشوريا بغزو اليابان لها عام 1931م وارتقي هتلر العرش في المانيا عام 1933م , ازداد حجم الجيش الروسي فبلغ 940 ألف رجل عام 1934م و1,3 مليون عام 1935م .
وصنعت اعداد كبيرة من الدبابات والطائرات . وحاز الاتحاد السوفيتي في مطلع الثلاثينات ليس على تشكيلات دروع فحسب بل قوة مظلية كبيرة , بينما بقيت القوة البحرية صغيرة وغير فعالة ,
واقيمت صناعة طائرات عظيمة في اواخر العشرينات انتجت إلى حين معلوم عددا من الطائرات سنويا أكثر من انتاج باقي القوى مجتمعة فقد بلغ عددها عام 1939م , ما يقارب 10382 طائرة , وانتجت روسيا اعداد هائلة من الطائرات والدبابات في مطلع الثلاثينيات والواقع ان الاتحاد السوفيتي انتج بحلول عام 1932م اكثر من 3 آلاف دبابة وما يربوا على 2500 طائرة وهو اعلى رقم في العالم اطلاقا آنذاك .
-عملية بارباروسا
قبيل اشتعال الحرب العالمية الثانية ( 1939- 1945م) عقد الاتحاد السوفيتي معاهدة عدم اعتداء مع النظام النازي في المانيا في اغسطس 1939م , غير أن تبدل سير الحرب في أوروبا وقيام المانيا بإعلان الحرب على الاتحاد السوفيتي أدي إلى تحول السوفيت عن التحالف مع دول المحور إلى تحالفهم مع الحلفاء .
وفي مقابل ذلك طالب السوفيت بتعديل بنود إتفاقية ( مونترو) الخاصة بتنظيم الملاحة في المضائق التركية . ومن ناحية أخرى ونتيجة لتصاعد النفوذ الألماني في إيران إتفق السوفيت والبريطانيون عام 1941م على مهاجمة إيران من الشمال والجنوب حيث كانت إيران تمثل آنذاك معبرا لنقل الإمدادات إلى ألالمان في حربهم ضد السوفيت وبالفعل فقد نجح الغزو البريطاني - السوفيتي المشترك لإيران .
ان قرار هتلر بغزو روسيا في يونيو 1941م غير ابعاد الصراع والحرب فلو أرسل هتلر ربع القوات والطائرات المستخدمة في عملية بارباروسا لامكن له احتلال بريطانيا بعد سقوط فرنسا تحت سيطرته .
ان الامتداد الجغرافي الواسع لروسيا قد قلل من شت هجمات ضمن مناطق محددة من اجل الهيمنة على العدو ثم ان حرب الشتاء لم يعرها اخد اهتماما لان الافتراض كان ان الحرب ستنتهي في فضون ثلاثة اشهر .
بالرغم من ان أوامر ستالين بنشر القوات بشكل خاطئ في وجه الهجوم الالماني الوشيك قد اتاحت للألمان قتل وأسر ثلاثة ملايين روسي في الاشهر الاربعة الاولى من القتال .
لقد عانت روسيا من خسائر مرعبة في الرجال والمعدات وتخلت عن مليون ميل مربع من ارضها , بيد انها بقت حية لم تمت , وأمل الاستيلاء على موسكو او حتي القبض على ستالين نفسه فلن يؤدي إلى الاستسلام , بالنظر لاحتياجات البلد الضخمة .
فقد كانت هذه حربا لا حدود لها ولم يكن الرايخ الثالث متهيئا لها بشكل مناسب بالرغم من كل النجاحات الساحقة والبراعة العملياتية . -معركة الدبابات ففي مطلع اغسطس 1941م , كان عدد من المراقبين قد شعروا بدنو أجل روسيا كقوة عظمى دون ( هالدر) في يوميات اركان الحرب : ( أعتقدنا اننا بمواجهة 200 فرقة عادية ولكننا الآن أمام 360 فرقة غير مسلحة ومجهزة بمثلما عليه فرقنا , وقيادتها التكتيكية ضعيفة غالبا .... ولكننا لو دمرنا اثنتي عشر فرقة منها لاستطاع الروس أن يأتوا بغيرها .
فالزمن لصالحهم لقربهم من مصادرها , في حين اننا نبتعد عن مصادرنا أكثر فأكثر ) .
لقد اضحت مجموع الخسائر التي تكبدها العالم في الحرب العالمية الاولى رقما متواضعا حال مقارنتها مع ما أسفر عنه هذا القتال الجناعي الطاحن , إذ ادعى الالمان انهم قتلوا وجرحوا وأسروا في الاشهر الخمسة الاولى أكثر من ثلاثة ملايين روسي .
ومع ذلك امتلك الجيش الأحمر في اللحظة الحاسمة حين خطط ستالين وستافكا لأول هجوم مضاد حول موسكو 4,2 مليون رجل في جيوش الميدان , وبمعيتهم اعداد أكبر من الدبابات والطائرات .
ان ما امتلكه الجيش الأحمر من قوات بشرية لم تكن متمتعة بالخبرة العملية مثل خصمها الالماني سواء في البحر او في الجو . وحتي عند نهاية عام 1944م كان الروس يفقدون خمسة إلى ستة رجال مقابل كل الماني واحد .
واستطاعت ماكنة هتلر الحربية بمجرد انتهاء الشتاء (1941- 1942م) ان تستأنف هجماتها تجاه ستالينغراد لتتعرض لأطول حصار في تاريخ الحروب .
ومن ثم حاول الجيش النازي تارة ثانية بعد حصار ستالينغراد أن يجرب صيف 1943م , فسحب قواته المسلحة من اجل قيام فرق البانزر السبع عشرة بتطويق (كورسك) .
فدارت رحى اعظم معركة دبابات في تاريخ الحرب العالمية الثانية . وقاتل الجيش الاحمر بما لديه من فرق مدرعة بلغ عددها 34 فرقة مه 4 آلاف عجلة مقابل 2700 المانية .
ومع ان عدد الدبابات الروسية تقلص إلى النصف في غضون اسبوع واحد , فقد أفلحت في تحطيم الجزء الاكبر من جيش الدروع الهتلري وأضحت الآن مستعدة لشن الهجمات المقابلة الشرسة باتجاه برلين .
-مقاومة الروس
ان احتلال الالمان لموسكو في ديسمبر 1941م , كان مقدرا له أن يحطم مجهود روسيا الحربي ونظام ستالين ولكن أكان الشعب السوفيتي سيستسلم ومصيره الوحيد الابادة ولا تزال لديه احتياطات انتاجية وعسكرية وفيرة على بعد آلاف الأميال إلى الشرق .
فبالرغم من الخسائر الاقتصادية التي سببتها عملية بارباروسا إلا ان روسيا انتجت أربعة آلاف طائرة أكثر من المانيا سنة 1941م , وبأكثر من 10 آلاف طائرة سنة 1942م , فقد قدر الجنرال ( يودل ) في نوفمبر1943م أن 3,9 مليون الماني ومعهم 283 ألف جندي محوري حليفي كانوا يحاولون الوقوف بوجه 5,5 مليون روسي في الجبهة الشرقية .
وكان هذا حساب جبهة واحدة مقابل ثلاث جبهات المانية . وكان بوسع الجيش الأحمر بما يتمتع به من تفوق متزايد في اعداد الرجال والدبابات والمدفعية والطائرات ان يتحمل الخسائر بمعدل خمسة او ستة مقابل واحد .
وبقي يندفع إلى الأمام ضد الالمان الآخذين بالضعف . حتي أصبح التفوق السوفيتي بحلول عام 1945م في جبهتي أوكرانيا وروسيا البيضاء مطلقا ومرعبا متمثلا بامتلاكه خمسة أضعاف ما لدى خصمه من القوة البشرية , وخمسة أضعاف عدد دروعه وسبعة أضعاف أعداد مدفعيته ومع سبعة عشر ضعفا في القوة الجوية .
لقد حطم الجيش الاحمر ما مجموعة 506 فرقة المانية , وان 10 مليون من بين 13,6 مليون قتيل وأسير الماني لقوا حتفهم في الجبهة الشرقية وتوجيه فرق الجيش الاحمر نيرانها صوب برلين وفينا لتسقط برلين معقل هتلر الذي كان يحلم بالرايخ الثالث في أيدي الجيش الأحمر في نهاية الحرب وانهيار المشروع الالماني لفرض السيادة على ربوع اوروبا .
فلقد استسلمت المانيا بدون قيد او شرط في 7 مايو 1945م , واستسلمت اليابان بعد أن القت الطائرات الامريكية قنبلتين ذريتين على هيروشيما في 6 اغسطس وعلى نجازاكي في 9 أغسطس من نفس العام .
وفي 2 سبتمبر وقع مندوبو اليابان وثيقة الاستسلام على ظهر البارجة الامريكية ( ميسورى ) الراسية في خليج طوكيو. -تضحيات جسيمة كانت خسائر روسيا البشرية مروعة ذلك انها فقدت 7,5 مليون نسمة في صفوف القوات المسلحة , وما بين 6- 8 مليون مدني لقوا حتفهم على يد الالمان , اضافة إلى خسائر الحب الغير مباشرة التي نشأت عن تقليص حصص التموين والعمل الاجباري وزيادة ساعات العمل كثيرا ولذلك وكتحصيل حاصل مات ما يقارب 20- 25 مليون مواطن روسي قبل أوانهم في الاعوام (1941-1945م ) , ولما كان الرجال يشكلون معظم التضحيات ترك انعدام التوازن الجنسي تأثيره السلبي العميق على البنية الديمغرافية للبلد وخلف انخفاضا شديدا في نسبة المواليد .
أما التدمير المادي الذي لحق بالاجزاء الاوروبية نمن روسيا واوكرانيا وروسيا البيضاء التي احتلها الالمان فقط كان عصيا على التصور الاعتيادي .
فقد قتل 7 ملايين حصان من مجموع 11,6 مليون في الاقاليم المحتلة , وكذلك كان مصير 20 مليون خنزير من مجموع 23 مليونا . وتعرض للتدمير 137 ألف جرار زراعي , و49 ألف حاصدة دارسة .
واصابت الاضرار قطاع النقل بسبب اندثار 65 ألف كيلو متر من خطوط السكك الحديدية , مع فقدان أو تعطل 15800 مركبة , و428 ألف عربة نقل , اضافة إلى 4280 قارب نهري ونصف عدد جسور السكك الحديدية في الاقاليم المحتلة .
مع تلف 50% من مجمل الاقاليم السكنية وتهدم 1,2 مليون دار , فضلا عن تقوض 3,5 مليون دار في المناطق الريفية , واحيلت بيوت كثيرة إلى اشلاء , ودمرت بضعة آلاف من القري .
وعاش الناس في أنفاق تحت سطح الأرض .رغم التضحيات الجسيمة الا أن روسيا بجيشها الأحمر لم تنتصر فقط على نازية هتلر , بل انها حررت دول اوروبا بأسرها من سيادة المشروع النازي الالماني عليها . واليوم ومنذ اكثر من عامين تكافئ دول اوروبا وبالذات - فرنسا وبريطانيا - روسيا بدعمها للنازيين الجدد في أوكرانيا من خلال دعمهم سياسيا واقتصاديا وعسكريا وإعلاميا .
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: الاتحاد السوفیتی الحرب العالمیة الجیش الأحمر فی مطلع أکثر من
إقرأ أيضاً:
التمديد الحتمي لقائد الجيش.. السيناريو نفسه سيتكرّر؟!
قبل نحو شهرين من انتهاء الولاية "الممدّدة" لقائد الجيش العماد جوزيف عون، المفترض مطلع العام المقبل، عاد الحديث عن "التمديد" للرجل لسنة ثانية، ليتصدّر الكواليس السياسية، باعتبار أنّ إنجاز الاستحقاق الذي كان "متعذّرًا" قبل عام، في ظلّ الفراغ الرئاسي المتمادي، أصبح "شبه مستحيل"، بعدما تحوّلت "جبهة الإسناد" التي كانت محصورة ضمن قواعد اشتباك محدّدة، إلى "حرب" إسرائيلية عبثيّة بأتمّ معنى الكلمة.انطلاقًا من ذلك، بدأت اقتراحات ومشاريع القوانين تتوالى لضمان التمديد لقائد الجيش، حيث خطت "القوات اللبنانية" الخطوة الأولى في هذا المسار بتقديم اقتراح بالتمديد للعماد جوزيف عون، ليبدأ الحديث عن اقتراحات أخرى يتمّ العمل على بلورتها، من أجل عدم "حصر" الأمر بقائد الجيش دون غيره من قادة الأجهزة الأمنية، حتى لا يكون القانون معرّضًا للطعن، بداعي "الشخصنة"، بوصفه "مفصّلاً على قياس" شخص واحد هو عون.
وإذا كانت هذه النقاشات تذكّر بالجدل الذي دار العام الماضي، ولا سيما أنّها تبدو "مستنسَخة" بالكامل عنها، فإنّ ما قد يكون "مُستنسَخًا" أيضًا يتمثّل في موقف "التيار الوطني الحر" برئاسة الوزير السابق جبران باسيل، الذي وإن لم يتبلور بوضوح بعد، إلا أنّه يتمسّك في المبدأ بمعارضة أيّ توجّه للتمديد، لأسباب يصفها المحسوبون عليه بـ"المبدئية"، وباعتبار أنّ قانون المؤسسة العسكرية لا يسمح أساسًا بأيّ "شغور" في قيادتها..
أسباب "موجبة" للتمديد
في المبدأ، يقول العارفون إنّ ما تتّفق عليه كلّ القوى السياسية هو أنّ "الشغور" ممنوع في قيادة الجيش في الأيام العادية، فكيف بالحريّ في مثل هذه الظروف الدقيقة والاستثنائية، وفي ضوء الحرب الإسرائيلية المفتوحة، والتي تتوجّه فيها الأنظار إلى الجيش بقوة، بالنظر إلى الدور الذي يتوقع أن يكون مطلوبًا منه في "اليوم التالي" لها إن صحّ التعبير، وبالتالي فإنّ التمديد لقائد الجيش سيُبَتّ في الأيام المقبلة، وقبل نهاية العام، تفاديًا لسيناريوهات صعبة.
يتحدّث هؤلاء عن العديد من الأسباب الموجبة للتمديد التي تجعل الأخير خارج النقاش، على رأسها الحرب الإسرائيلية بطبيعة الحال، وذلك من أكثر من زاوية، فأيّ فراغ في المؤسسة العسكرية في هذا الوقت بالتحديد ستكون له تداعيات "كارثية"، خصوصًا أنّ الجيش قد يشكّل "مفتاح" الحلّ والتسوية، كما أنّ من غير المنطقيّ تغيير القادة في ذروة المعركة، وطالما أنّ الحرب مستمرّة، ولا أحد يستطيع أن يتكهّن بموعد نهايتها.
وفي السياق، يضيف العارفون إلى الأسباب الموجبة أيضًا، "تعذّر" تعيين قائد جديد للجيش في المرحلة المقبلة، في ضوء "أولوية" وقف إطلاق النار، قبل إنجاز أيّ استحقاق آخر، ولكن أيضًا في ضوء استمرار الفراغ الرئاسي، ورفض شريحة واسعة الذهاب إلى تعيينات في قيادة الجيش وغيرها من المراكز الأساسية قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهو الاستحقاق الذي يبدو أنّه سيبقى مؤجَّلاً لما بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية.
ماذا عن "الإخراج"؟
استنادًا إلى ما تقدّم، وبالنظر إلى ظرف الحرب الإسرائيلية المفتوحة، وسيناريوهات المرحلة المقبلة، والدور المطلوب من الجيش، وتعذّر تعيين قائد جديد للجيش، يصبح التمديد لقائد الجيش "حتميًا" برأي كثيرين، بمعزل عن موقف "التيار الوطني الحر" المعارض، ولو أنّ هناك من المحسوبين على "الثنائي الشيعي" خصوصًا، من يقول إنّه لا يزال هناك متّسع من الوقت لبتّ هذا الموضوع وحسمه، قبل انتهاء ولاية العماد جوزيف عون.
بهذا المعنى، فإنّ ما يبقى هو حسم "الإخراج" المحتمل للأمر، وسط توقّعات بأن يتكرّر السيناريو نفسه الذي اعتُمِد العام الماضي، في ضوء تعدّد وتنوّع المشاريع المطروحة، مع أرجحية للذهاب نحو توافق نيابي على إقرار مشروع قانون يشمل العديد من قادة الأجهزة الأمنية، وبالتالي لا يكون محصورًا بقائد الجيش وحده بما يعرّضه للطعن، علمًا أنّ ثمّة مشروعًا بهذا المعنى للحزب التقدمي الاشتراكي، كما أنّ كتلة "الاعتدال" تبلور اقتراحًا في هذا السياق.
في كلّ الأحوال، ومهما كان الإخراج النهائي للموضوع، يقول العارفون إنّ ما هو محسوم هو أنّ التمديد لقائد الجيش "حتميّ"، وأنّ الحرب الإسرائيلي تعزّز الذهاب إليه، إلا في حالة واحدة، وهي التوصّل إلى وقف لإطلاق النار قريبًا، والتوافق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، عبر "سلّة متكاملة" قد تشمل تعيينات سريعة، بما في ذلك في قيادة الجيش، وهو أمر يبقى مُستبعَدًا حتى الآن، رغم الرهان على الانتخابات الأميركية في هذا السياق.
لا شغور في قيادة الجيش. هذا ما يؤكده الجميع، بمعزل عمّا إذا كانت قوانين المؤسسة العسكرية تسمح بالفراغ، أو تؤمّن "البدائل" كما يقول المعارضون للتمديد. بالنسبة إلى مؤيدي التمديد، فإنّ الأمر ليس متعلّقًا بـ"شخص" العماد عون، ولا بكونه مرشحًا محتملاً لرئاسة الجمهورية، بل بمصلحة وطنية بتحصين المؤسسة العسكرية، التي لا يخفى على أحد "ثقل" الدور المُنتظر منها في المرحلة المقبلة!
المصدر: خاص "لبنان 24"