الجديد برس:

ما زال انخراط حركة «أنصار الله» في معركة «طوفان الأقصى» نصرة لفلسطين، يخلط الأوراق في الشرق الأوسط، ويُجبر الدول على إعادة حساباتها وفقاً للمعادلات الجديدة التي تُرسم بالنار في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، فضلاً عن مرحلة التصعيد الرابعة والتي تشمل البحر الأبيض المتوسط.

وإذ دفع العجز الأمريكي أمام الجرأة اليمنية على استهداف حاملات الطائرات والبوارج الغربية، بعض الدول إلى مراجعة العلاقة مع واشنطن، والتمهّل في الالتحاق بها كيفما كان، من دون درس النتائج، فقد أدى صمود المقاومة في قطاع غزة وجبهات المساندة، إلى تقليص المساحة التي كان يشغلها ما يُسمى «محور الاعتدال»، أي الدول المطبّعة مع إسرائيل أو التي على وشك التطبيع، ووضعه أمام خيارات صعبة.

ذلك أن الدخول الكامل في المعترك إلى جانب واشنطن وتل أبيب، ستكون نتائجه وخيمة على تلك الدول، وهو ما يرجّح تخلّي الأخيرة عن بعض الأدوار التي كانت مسندة إليها في السابق من قِبل الولايات المتحدة.

وكمثال على ما تَقدّم، فإن الدول الخليجية زوّدت واشنطن وتل أبيب بما لديها من معلومات استخباراتية بشأن عملية «الوعد الصادق» الإيرانية، ليلة 13 – 14 نيسان الماضي، بدعوى أن إيران يمكن أن تتحمّل خرقاً كهذا في العلاقات وتتجاوزه لمصالح أهم، لكن الدول نفسها ترفض استخدام القواعد الأمريكية في أراضيها للعدوان على دول في «محور المقاومة» خصوصاً اليمن والعراق، خشية عدم قدرتها على تحمّل تداعياته الخطيرة على أمنها ونموّها الاقتصادي.

وهكذا، أحدث مجموع الأعمال العسكرية في ساحات «محور المقاومة»، تغييراً في الأفكار والصور النمطية التي كانت سائدة قبل عملية «طوفان الأقصى»، حيث لم تعد البلدان المطبّعة تصرّ على صعود المركب الأميركي بأي ثمن، خصوصاً أنها لا تدافع عن قيم أو هوية أو أرض، بل هدفها الأول والأخير تثبيت أنظمة الحكم فيها.

وبحسب مصادر إعلامية غربية، فإن دولة الإمارات أبلغت الولايات المتحدة بأنها لن تسمح بعد الآن للطائرات الحربية والطائرات من دون طيار الأمريكية المتمركزة في قاعدة «الظفرة» الجوية في أبو ظبي، بتنفيذ ضربات في اليمن والعراق.

وقال مسؤولون أمريكيون إن ذلك دفع بالقادة الأمريكيين إلى إرسال طائرات إضافية إلى قاعدة «العديد» الجوية في قطر، التي لم تفرض قيوداً مماثلة.

وأوضح مسؤول إماراتي، بدوره، لصحيفة «وول ستريت جورنال»، أن قرار منع الطائرات الأمريكية المتمركزة في أراضيها من شن غارات جوية، «ينطلق من فكرة الدفاع عن النفس»، مشيراً إلى أن «الولايات المتحدة كانت بطيئة في اتخاذ إجراءات للدفاع عن الإمارات بعد تعرّضها لهجوم بالمسيّرات» من قبل «أنصار الله» مطلع عام 2022.

وبناءً عليه، فإن التجربة علّمت الإماراتيين درساً مفاده أن التنفيذ الحرفي للتعليمات الأمريكية يجعلهم رأس حربة في وجه خصومهم، ويضرّ بطموحهم إلى تعزيز دور بلادهم الاقتصادي. وعليه، فهي مجبَرة، هذه المرّة، على أن تقول للأمريكيين «لا»، تحت وطأة معادلة النار اليمنية والعراقية، والتي تشمل وكلاء واشنطن في المنطقة أيضاً.

على أن تلك «اللا» الإماراتية، والتي تعزّزها حقيقة أن الأمريكي فشل في رفع الحصار الجزئي عن إسرائيل، غير منعزلة، وليست بداية مسار رافض للسياسات الأمريكية، بقدر ما هي عتب على واشنطن التي تخلّت عن أبو ظبي أيام محنتها أثناء استهداف منشآتها، رغم أن الأخيرة في صلب التحالف الأمريكي، وتقوم بالدور الكامل فيه، وشريك في رفع الحصار عن تل أبيب بواسطة الطريق البرّي عبر السعودية والأردن.

وفي أعقاب الهجوم اليمني الشهير على الإمارات، أرسلت الولايات المتحدة عدداً من المقاتلات من طراز «إف – 22» للدفاع عن الأجواء الإماراتية.

ولكن القادة الإماراتيين شعروا بالإهانة عندما زار الملحق العسكري الأمريكي في أبو ظبي، وزارة الدفاع الإماراتية، بعد أيام قليلة من وصول الصواريخ والمسيّرات اليمنية إلى أهدافها في الإمارات.

وتقول مصادر أمريكية إن المسؤولين الإماراتيين أخبروه أنهم اعتقدوا أنه آتٍ لمناقشة هجمات «أنصار الله»، ليكتشفوا أن الاجتماع كان لتسليمهم فاتورة الوقود الذي زوّدت به الولايات المتحدة الطائرات الإماراتية المقاتلة، حين كانت تنفّذ مهمة اكتشاف واعتراض أي هجمات يمنية جديدة محتملة.

وتضيف المصادر أن الإماراتيين اعتبروا أن هجوم اليمن على منشآت حيوية في البلد، شبيه بـ11 أيلول 2001، مع الفارق في الحجم بين البلدين، متابعة أن محمد بن زايد الذي كان يشغل حينها منصب ولي العهد، حرد بعد ذلك، معتبراً الحادثة دليلاً على أن الولايات المتحدة تخلّت عن الإمارات في وقت الحاجة.

من جهتها، أشارت مصادر تحدّثت إلى موقع «أكسيوس» الأمريكي، في وقت سابق، إلى أن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، اعتذر لابن زايد، في لقاء جمعهما في المغرب، لامتناع بلاده عن الرد على هجمات «أنصار الله» على الإمارات.

وكشف الموقع أن «الإماراتيين شعروا بخيبة أمل إزاء ما اعتبروه رد فعل أمريكياً ضعيفاً وبطيئاً على الهجمات، في حين أصيبت إدارة الرئيس جو بايدن بخيبة أمل لاحقاً بسبب الرد الإماراتي على العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا»، مشيراً إلى أن «اعتذار بلينكن ساعد في تخفيف تلك التوترات».

*جريدة الأخبار اللبنانية

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: الولایات المتحدة أنصار الله التی ت

إقرأ أيضاً:

“إسرائيل” سترسل وفدها المفاوض للدوحة نهاية الأسبوع المقبل

يمانيون../ أعلن مكتب رئيس حكومة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، أن “إسرائيل” تعتزم إرسال وفدها المفاوض إلى العاصمة القطرية الدوحة نهاية الأسبوع المقبل، لبحث التفاصيل الفنية المتعلقة باستمرار تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى، ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وقال مكتب نتنياهو في بيان له: إن رئيس حكومة كيان الاحتلال “التقى في واشنطن مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والز، والمبعوث الخاص للرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، وكان اللقاء إيجابيا ووديا”.

وأشار إلى أن الكان الصهيوني يستعد عقب الاجتماع، لإرسال وفد إلى الدوحة نهاية الأسبوع المقبل، بهدف مناقشة التفاصيل الفنية المتعلقة باستمرار تنفيذ الاتفاق.

وأضاف: “عند عودة الوفد من الولايات المتحدة، سيعقد رئيس الوزراء اجتماعا للمجلس الوزاري السياسي والأمني (الكابينت) لبحث كافة مواقف “إسرائيل” بشأن المرحلة الثانية من الصفقة، وهو ما سيوجه استمرار المفاوضات”.

وكان نتنياهو قد وصل إلى الولايات المتحدة مساء الأحد، ومن المقرر أن يلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض مساء اليوم الثلاثاء، في إطار زيارة رسمية.. وبحسب تقارير صهيونية فإن نتنياهو سيغادر الولايات المتحدة مساء السبت.

وكان من المقرر أن تبدأ مفاوضات آلية تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق أمس الإثنين، أي في اليوم الـ16 من سريان اتفاق وقف إطلاق النار.

وقالت صحيفة “هآرتس” الصهيونية نقلا عن عضو بالوفد المرافق لنتنياهو في رحلته إلى واشنطن، لم تسمه: إن نتنياهو لن يلتزم بتنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة دون القضاء على حركة “حماس”.

وأضافت الصحيفة تعليقاً على مفاوضات المرحلة الثانية: “حتى وقت متأخر من السبت، كان المسؤولون في “إسرائيل” يقولون إن المحادثات ستبدأ بالصيغة المألوفة لمناقشة البداية بين رؤساء الفرق، والتي تعقد في قطر أو دولة أوروبية”.

ومساء الإثنين، قال ترامب ردا على أسئلة صحفيين في البيت الأبيض: إنه لا توجد ضمانات بشأن استمرار وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وفي 19 يناير المنصرم، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى من ثلاث مراحل تستمر كل منها 42 يوما، ويتم في الأولى التفاوض لبدء الثانية والثالثة، بوساطة قطر ومصر ودعم الولايات المتحدة.

وارتكبت قوات العدو الصهيوني بدعم أمريكي بين السابع من أكتوبر 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 159 ألف شهيد وجريح فلسطيني معظمهم أطفال ونساء وما يزيد على 14 ألف مفقود، وإحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.

مقالات مشابهة

  • رئيس الخارجية الأمريكي يرحب بخطوة بنما للخروج من خطة البنية التحتية الصينية باعتبارها “خطوة عظيمة إلى الأمام”
  • “إسرائيل” سترسل وفدها المفاوض للدوحة نهاية الأسبوع المقبل
  • مساعد الذكاء الاصطناعي “Meta AI” يُطرح رسمياً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
  • الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.. “منظمة إجرامية” تحت غطاء إنساني
  • “الدور الأمريكي” في اغتيال الشهيد الرئيس صالح علي الصماد
  • اتصال هاتفي بين وزير الخارجية والهجرة والمبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط
  • ترامب: هناك "تقدم" في المحادثات حول الشرق الأوسط
  • التصنيف الأمريكي.. تخبط وفشل واضح للسياسة الأمريكية
  • وزير الدفاع الأمريكي يعقّب على نتائج الضربة في الشرق الأوسط بعد صدور أمر ترامب
  • الشرق الأوسط..تشكلٌ جديدٌ