لحرمانه من العمل والراتب.. بروفيسور يمني يهدد الحكومة بإحراق 40 مؤلفاً من إنتاجه أمام قصر معاشيق
تاريخ النشر: 9th, May 2024 GMT
توعد البروفيسور اليمني الدكتور عبدالواسع الحميري، بجمع حصيلة إنتاجه طيلة عقود من العمل الأكاديمي والأدبي تمثّلت في 40 كتابا، وإحراقها أمام قصر معاشيق بالعاصمة اليمنية المؤقتة عدن، احتجاجاً على التجاهل الحكومي وإيقاف راتبه، بعد سنوات من الخدمة.
ومؤخراً، صدر للباحث الحميري، المشروع النقدي الجامع في 32 كتابا، عن دار عناوين بوكس في القاهرة، واشتملت الموسوعة النقدية على عدة محاور تنوعت ما بين تحليل الخطاب النقدي والإبداعي والشعري والسياسي، وتحليل خطاب المعرفة والوجود ونقد الخطاب الفلسفي وتحليل الخطاب السردي قديما وحديثا.
وتحت مقال بعنوان: "أنا مضطر لأحرق كتبي الأربعين"، أكد البروفيسور اليمني الحميري، الأربعاء، أنه فشل في الحصول على حقه القانوني والدستوري في الراتب والعمل، رغم متابعته المستمرة للمسؤولين الحكوميين في مقار "اقاماتهم ومنتجعاتهم، وأماكن سياحتهم..". في إشارة ساخرة إلى عدم تواجد الحكومة داخل اليمن وانضباطها في العمل في مقار معروفة.
وأضاف الحميري: لذلك وجدت نفسي الآن مضطراً لحمل كومة الكتب التي اضطررت لاصطحابها معي لأخاطب بها أصحاب المعالي، والفخامة، ولم تعد قادرة على النطق بلساني والمطالبة بحقوقي، والتخلص منها حرقا أمام بوابة قصر المعاشيق، لتكون شاهدة أمام أحرار العالم من أكاديميين، ومثقفين على مدى المعاناة التي بات يكابدها أحرار اليمن.
ولفت إلى أن هذه المرحلة تعد تدشينا "لمرحلة أخرى من التصعيد لانتزاع الحقوق بالمطالبة أمام المحاكم ولدى منظمات حقوق الإنسان والحيوان".
ودعا جميع الاكاديميين، والمثقفين والموظفين إلى التضامن معه وإعلان انضمامهم للمطالبة بحقوقهم المشروعة بقوة القانون والدستور، داعيا في نفس الوقت وسائل الإعلام وناشطي التواصل إلى التفاعل مع دعوته.
يذكر أن الدكتور الحميري تقلّد العديد من المناصب الحكومية خلال الفترة الماضية، أبرزها عميد لكلية الآداب والتربية والعلوم في كل من صعدة ومأرب.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
إقرأ أيضاً:
السعودية تخلع معطفها القديم
في عالم السياسة، لا شيء يحدث مصادفة، وحين يتغير خطاب بحجم الإعلام السعودي الرسمي، فذلك لا يعد مجرد تعديل في النشرة، بل انقلاب في البوصلة، منذ شهور وأنا أتابع هذا التحول الغريب، جميل في بعضه، مربك في توقيته، ومذهل في إيقاعه المتصاعد، القناة السعودية الأولى، التي اعتادت لعقود أن تتجنب الاقتراب من حدود السياسة الإقليمية المشتعلة، باتت تتكلم كما لو أن داخلها قناة عربية ثائرة أطلق سراحها
في قلب شاشة الإخبارية الرسمية، تقرير عن هتلر العصر نتنياهو بلغة حادة، ويدك الكيان الصهيوني بلغة كانت محظورة في الإعلام الخليجي لعقود، باستثناء الإعلام القطري، واللافت أن هذا الخطاب لا يظهر عرضا، بل هو مستمر منذ أسابيع في هذه القناة تحديدا، التي تعبر بشكل مباشر عن التوجه الرسمي
وفي الوقت ذاته، كانت القناة تبث مقابلات مع معتمرين سودانيين من قلب الحرم المكي، يدعون للبرهان بالنصر، ويشاركهم الدعاء الصحفي السعودي ذاته، المشهد لا يحتمل التأويل، الرسالة واضحة، السعودية اختارت طرفا في الصراع، دون مواربة، ولا لغة رمادية، كما أن وزير الخارجية السوداني قال أن المملكة أبلغتهم أنها ستتكفل بكل احتياجات السودان لمدة ستة أشهر ،،
حتى المعرفات السعودية ذات الأعلى متابعة، بما فيها حسابات صحفيين بارزين، لم تعد تغرد خارج السياق الجديد، تحول خطابها بشكل لافت ليواكب التوجه الرسمي، تبنت نبرة دعم واضحة للجيش السوداني، وقبلها انفتاحا كبيرا تجاه السلطة السورية، هذا التحول في المزاج الرقمي يعكس أن التغيير لم يعد مقتصرا على القنوات الرسمية، بل أصبح يشمل الوعي العام الموجه أيضا
منذ متى تفعل السعودية ذلك، منذ متى يتحدث إعلامها بلهجة الجزيرة، دون أن تكون الجزيرة، هناك شيء يتغير، لا في الشاشة فقط، بل في القصر
منذ عام 2011، وأنا أتابع الإعلام السعودي حين أنشأت أول صفحة لي على تويتر،، كما عملت مراسلا لصحيفة الاقتصادية لعام ونصف من صنعاء ، كان الإعلام السعودي أقرب إلى متحف رسميات، لا يعادي ولا يناصر، كان حياديا إلى درجة البرود..
اليوم، لم يعد كذلك
الخطاب تغير
اللهجة تغيرت
كما أن تجربتي المهنية في مجال رصد وتحليل المحتوى، والتي امتدت لست سنوات، تجعلني أقرأ هذا التحول في الخطاب السعودي بدقة، ما يحدث في المنصات الرقمية، خصوصا عبر المعرفات الأعلى متابعة، بما فيها حسابات صحفيين وإعلاميين مؤثرين، ليس مجرد تفاعل لحظي، بل هو تحول موجه ومتدرج في المزاج العام، يعكس انسجاما مع التوجه الرسمي الجديد
هذا التغير لم يأت ارتجالا، بل يظهر بوضوح أن هناك إعادة تموضع شاملة في الخطاب، تتجاوز الإعلام الرسمي لتصل إلى وعي الجمهور عبر أدواته اليومية..
قبل أيام، ظهر عيدروس الزبيدي في خطاب تهديدي فج تجاه قبائل حضرموت، خطاب لم يأت من فراغ، بل من أزمة ثقة تتعمق بين مشروعه والمكون القبلي في الشرق، بعدها بأيام فقط، يظهر وزير الدفاع السعودي في لقاء مباشر مع رئيس حلف قبائل حضرموت
الرسالة لا تحتاج إلى محلل استراتيجي
في الملف السوري، الخطاب السعودي أقرب إلى نبض الشعب، منه إلى الخط الرسمي للدولة، أحيانا لا يمكنك أن تفرق بينه وبين خطاب قناة الجزيرة حين تتحدث عن القضايا الكبرى..
من كان يتوقع أن تتحدث القنوات السعودية بهذا الوضوح عن الغارات والاحتلالات والحق الفلسطيني، بهذا القدر من الحزم والصفاء، ما نراه ليس تغييرا في اللهجة فقط، بل تفكيك كامل للخطاب القديم
قد يقول البعض إن التغير نتيجة ظروف إقليمية بعد السابع من أكتوبر، وآخرون يرونه استجابة لحاجة واستدارة داخلية وخارجية واسعة، لكن مع ذلك، السعودية تغيرت.
من يراقب المشهد بعين أوسع سيدرك أن ما يحدث في الإعلام ليس سوى انعكاس لتحول جذري أعمق في السياسة السعودية مع صعود محمد بن سلمان، فقد نسجت المملكة خلال السنوات الأخيرة علاقة استراتيجية متنامية مع الصين، متجاوزة بذلك النمطية التقليدية التي حصرت توجهاتها لعقود في النفوذ الأمريكي، وكأن واشنطن كانت الخيار الإجباري الوحيد، هذا الانفتاح نحو الشرق أجبر واشنطن على إعادة النظر في تعاملها مع الرياض، بعدما تخلت الأخيرة عن موقع التابع واختارت أن تتصرف كقوة مستقلة وفاعلة في توازنات الإقليم والعالم، وكان اختيار السعودية كمقر للحوار الروسي الأمريكي دليلا واضحا على هذا التحول