برلين – بعد ترقب كبير في ألمانيا، صادق حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، في وقت متأخر من مساء أمس الثلاثاء، على برنامجه الجديد الذي سيعمل به للسنوات العشر القادمة.

ورغم الانتقادات الكبيرة، فإن الحزب مرّر فقرة يحدّد من خلالها نوع الإسلام الذي يريده في ألمانيا، إذ تقول الصيغة "المسلمون جزء من التنوع الديني في ألمانيا ومجتمعنا (.

.) الإسلام الذي لا يشاركنا قيمنا ويرفض مجتمعنا الحر لا ينتمي إلى ألمانيا".

ولم تكن هذه هي الصيغة المقترحة في البداية، بل كانت في المسودة على الشكل التالي "المسلمون الذين يشاركوننا قيمنا ينتمون إلى ألمانيا"، لكنها تغيّرت قبل المؤتمر بأسابيع إلى الصيغة التي تمت المصادقة عليها، في وقت لم يكن فيه القانون الأساسي للحزب -الصادر عام 2007 والمعتمد في السنوات الماضية- يشير إلى هذه النقطة.

ميرتس هاجم المسلمين في خطابه بحجة أنهم يقدمون الشريعة على القانون (أسوشيتد برس) تخصيص المسلمين

"منذ مدة طويلة نشهد في ألمانيا تعبئة متزايدة لليمين المحافظ وكذلك لليمين المتطرف، تحاول أن تضع تصورًا للإسلام كذلك (الآخر) في مقابل الغرب المسيحي"، يقول الدكتور يورغن زيميرر، المؤرخ في جامعة هامبورغ ومدير مركز هامبورغ لأبحاث التراث ما بعد الاستعماري، للجزيرة نت.

ويعتبر زيميرر أن من حق المجتمع الألماني القول إنه يرحب بالذين يحترمون القانون والدستور، لكن المشكلة -برأيه- تبدأ عندما يتم تمييز المسلمين، إذ إنهم المجموعة الدينية الوحيدة التي تم ذكرها في هذا البرنامج بهذه الصيغة، متسائلا "لماذا لا توجد أيّ فقرة تخصّ المسيحية أو اليهودية أو البوذية وغيرها؟".

وتحاشى الحزب تماما ما كانت تقوله رئيسته السابقة والمستشارة السابقة للبلاد أنجيلا ميركل بأن الإسلام ينتمي إلى ألمانيا، وهي مقولة صدرت لأول مرة على لسان الرئيس الألماني الأسبق كريستيان فولف، المنتمي للحزب نفسه.

وتعرّضت الصيغة الجديدة حول المسلمين إلى انتقادات كبيرة، وصرّح رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا أيمن مزيك بأنها تعدّ "محاولة جديدة من الاتحاد المسيحي الديمقراطي للصيد في المياه العكرة ووصم المسلمين"، مضيفا لشبكة "إن آر دي" (NRD) الألمانية أن هذا "النهج الانتقائي يخدم القوالب النمطية المعادية للمسلمين".

تصويت متوقع

عموما، كان متوقعا أن يصادق الحزب على الصيغة الجديدة بالبرنامج بعد كل الرسائل التي وجهها رئيسه الجديد فريدرش ميرتس، الذي رفع حدة هجومه على من يسميهم "المسلمين المتطرفين" منذ خروج المظاهرات الداعمة لقطاع غزة، التي شهدت حوادث صنفتها السلطات الألمانية بأنها "معادية للسامية ولإسرائيل".

وصرّح ميرتس، الذي أعيد انتخابه على رأس الحزب، "في ألمانيا لدينا فصل واضح بين الدين والدولة، لكن بعض المسلمين في ألمانيا لا يريدون قبول هذا، والشريعة بالنسبة لهم أهم من القانون"، وقال خلال المؤتمر إنه لا يجب تكرار خطأ التقليل من خطر التطرف اليميني في ألمانيا مع قياديي الإسلام السياسي "الذين يهددوننا علانية والذين ليسوا على استعداد لقبول قواعد بلادنا والتعايش السلمي في ألمانيا".

وذكر ميرتس بمظاهرتين في مدينتي إيسن وهامبورغ، رفع فيهما بعض المشاركين لافتة تطالب بالخلافة، ومع أنها كانت في إطار الاحتجاج على الحرب على قطاع غزة وانتشار الإسلاموفوبيا في ألمانيا، إلا أنها أدت إلى ضجة بالغة، وخرج محتجون في هامبورغ في مظاهرة مناوئة لما اعتبروه "خطر المتطرفين الإسلاميين".

"ثقافة ألمانية مهيمنة"

ويركز الحزب في برنامجه الجديد كذلك على ما يسميها "ثقافة ألمانية مهيمنة" يجب على كل المهاجرين الالتزام بها دون أيّ اعتراض، ومن معالمها الالتزام بالقوانين والوعي المشترك بالوطن والانتماء، وفهم التقاليد والعادات، وتعلّم اللغة الألمانية.

واللافت في هذه التصوّرات هو الحديث عن الإسلام كـ"مجموعة متجانسة"، مما يقترب بشكل خطير من إساءة استخدام المصطلح لـ"أغراض عنصرية ومعادية للإسلام، وربما يؤدي إلى نتائج خطيرة"، حسب ما يقول المؤرخ يورغن زيميرر.

ويضيف زيميرر أن هذا الحزب "يلعب بالنار في محاولة يائسة لكسب أصوات اليمين المتطرف، وقد يكون الثمن هو المزيد من الانقسام، والمزيد من الكراهية، وفي نهاية المطاف صعود اليمين المتطرف".

وبرأي المتحدث نفسه، فإن اليمينيين يستخدمون حاليا كلمة "الإسلام" أو "المسلم" بديلا لكلمة "العرق"، لأن الإسلام يرتبط بسكان أو قادمين من منطقة البحر الأبيض المتوسط أو الشرق الأوسط، فعوض أن يقولوا "نحن لا نحب الأشخاص ذوي البشرة السمراء"، يقولون "نحن نختلف مع الإسلام السياسي الراديكالي".

المستشارة السابقة أنجيلا ميركل انتهجت سياسة مرحبة بالمهاجرين لكن حزبها لم يرغب في الاستمرار على نهجها (غيتي) نهاية الترحيب باللاجئين

وفي رسالة واضحة تبيّن تغيّر موقف الحزب من قضايا الهجرة، ينصّ البرنامج الجديد على أن "كل من يتقدم لطلب اللجوء في أوروبا يجب أن يتم نقله إلى بلد ثالث آمن (خارج الاتحاد الأوروبي) لأجل اتباع مسطرة اللجوء هناك"، مما ينسجم مع مواقف سابقة عبّر عنها قياديون داخل الحزب، أيدوا فكرة ترحيل طالبي اللجوء إلى دول مثل رواندا، وطالب الحزب كذلك بمنع اللاجئين الذين مُنحوا حق اللجوء في دول أوروبية أخرى من الاستقرار في ألمانيا.

ومع أن ميركل قادت في الفترة بين عامي 2015 و2018 سياسة مرحبة باللاجئين السوريين الذين وصل أكثر من 800 ألف منهم إلى ألمانيا، إلا أن ميرتس -الذي أخفق أمام ميركل أكثر من مرة في انتخابات الحزب- يريد القطع تماما مع إرث سلفه، ويريد وقف استقبال طالبي اللجوء، خصوصا المسلمين منهم، وقد سبق له أن أعلن بوضوح رفض استقبال فلسطينيين من قطاع غزة، بحجة أنهم "معادون للسامية".

وهذه هي المرة الرابعة فقط في تاريخ الحزب يُصدر فيها برنامجا جديدا، حيث يرغب بالعودة إلى سدة الحكم في ألمانيا، وقد قاد 17 حكومة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، آخرها حكومات ميركل بين 2005 و2021، قبل هزيمته في آخر انتخابات أمام الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي يقود الحكومة الحالية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات إلى ألمانیا فی ألمانیا

إقرأ أيضاً:

فريق الحوكمة والمراجعة بالصحة يتفقد 3 مستشفيات في الوادي الجديد.. ماذا وجد؟

كتب- أحمد جمعة:

تفقد فريق الحوكمة والمراجعة الداخلية بوزارة الصحة والسكان، مستشفيات باريس المركزي وحميات الخارجة وصدر الخارجة؛ لمتابعة سير العمل ورصد أي قصور في مستوى الخدمة الطبية المقدمة للمواطنين، واتخاذ الإجراءات التصحيحية على رأس العمل.

جاء ذلك خلال استكمال وزارة الصحة والسكان، تنفيذ المرحلة الرابعة من حملة المرور الميداني على المنشآت الطبية في جميع المحافظات، وذلك تنفيذا لتوجيهات الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، سعيا نحو التواصل المباشر مع المواطنين، ورفع كفاءة المنشآت الطبية وتقديم خدمة طبية ذات جودة.

وقال المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان الدكتور حسام عبدالغفار- في بيان، اليوم الأحد، إن جولة الفريق في مستشفى باريس المركزي، تضمنت تفقد جميع أقسام المستشفى، حيث تلاحظ عدم وجود أسطوانات أكسجين وسرير داخل غرفة الإنعاش القلبي الرئوي، وتم توفير سرير و2 أسطوانة أكسجين أثناء المرور، كما تبين وجود قسم علاج طبيعي مستحدث يستقبل حالات الأطفال والكبار على مدار الأسبوع، ويضم أجهزة زائدة عن الاحتياج وغير مستخدمة، حيث تم التنسيق مع المديرية لإعادة توزيع بعض الأجهزة الزائدة عن الحاجة على المستشفيات الأكثر احتياجاً.

وأشاد الفريق، بأداء فني المعمل المتواجد بالمستشفى، وتم التوصية بصرف مكافأة مالية نظرا لأدائه المتميز في العمل والالتزام بسياسات العمل في المعمل، كما أشاد الفريق بالطاقم الطبي الخاص بعيادة تنظيم الأسرة، والذي تميز بالتدريب الجيد على تقديم هذه الخدمات إلى جانب حفاظه على توافر جميع الوسائل وتقديم خدمات متابعة ما بعد تركيب الوسيلة باستخدام جهاز "سونار" حديث.

وطالب الفريق، بإحالة رئيسة التمريض ومشرف الاستقبال ورئيس مكافحة العدوى والجودة، للتحقيق بالمديرية نظرا لتقاعسهم عن أداء المهام المكلفين بها، كما تم مخاطبة المديرية لإعادة تدريب رؤساء الفرق وتمريض الاستقبال، مضيفا أن الفريق لاحظ خلال تفقد قسم الكلى، عدم توافر أطباء باطنة لمتابعة المرضى خلال جلسات الغسيل الكلوي، وتم مخاطبة المديرية والتوجيه بسرعة التعاقد مع طبيب باطنة.

واستكمل الفريق، جولته بالمرور على مستشفى حميات الخارجة، حيث تلاحظ عدم التزام الفريق الطبي بالتسجيل الصحيح طبقا لسياسات الجودة، واحتياج التمريض للتدريب على أدلة العمل التمريضية وسياسات الجودة ومكافحة العدوى، وتم التنسيق مع المديرية لسرعة إعداد خطة شاملة لتدريب جميع الفئات على رأس العمل، كما شملت الملاحظات عدم توافر تذاكر وبعض سجلات طبية، وتم تكليف مدير المستشفى بسرعة طباعة تذاكر وتوفير السجلات الطبية.

وتلاحظ عدم توافر أمصال ولقاحات للعقر، حيث اتخاذ إجراءات عاجلة بالتنسيق مع المديرية لسرعة توفير أمصال في قسم الاستقبال وتفعيل عيادة للعقر، كما لاحظ الفريق عدم توافر بعض الأدوية، وتم تكليف الصيدلي الأول لسرعة توفير الأدوية من المديرية، إلى جانب مخاطبة المديرية لسرعة توفير الاحتياج من مستلزمات قسم التعقيم، لعدم توقف الخدمة، كما تلاحظ تفعيل جهاز "مونيتور" واحد فقط في قسم الاستقبال، بالرغم من وجود أجهزة مخزنة بالقسم الداخلي وتم التوصية بتوفير الأجهزة من القسم الداخلي.

واستكمل الفريق جولته بالمرور على مستشفى صدر الخارجة، حيث تلاحظ عدم التزام الفريق الطبي بمعايير التسجيل الصحيح طبقا لسياسات الجودة، واحتياج التمريض للتدريب على أدلة العمل التمريضية وسياسات الجودة ومكافحة العدوى، وتم مخاطبة المديرية لعمل خطة شاملة لتدريب جميع العاملين ورفع كفائتهم الفنية والإدارية، كما تلاحظ وجود عجز شديد في تذاكر العيادات الخارجية والاستقبال والسجلات الطبية، وتم تكليف المستشفى بسرعة توفير التذاكر والسجلات الطبية.

وتبين عدم وجود معمل لمزارع الميكروبيولوجي وعدم وجود تعاقد مع أي معمل خارجي لعمل المزارع، حيث تم تكليف مدير المستشفى بسرعة التعاقد مع معمل خارجي لتوفير الخدمة للمواطنين، وتلاحظ وجود غرفة مخصصة لقسم الأشعة المقطعية جارٍ تجهيزها لتوفير جهاز أشعة مقطعية من أحد المستشفيات وتم مخاطبة المديرية لسرعة الانتهاء من التجهيزات واستلام الجهاز لبدء العمل.

يشار إلى أنه تم المرور بالتعاون مع القطاعات المعنية في الوزارة، وبمشاركة القطاع العلاجي، وقطاع الرعاية الأساسية، وإدارة الصيدلة، وتنظيم الأسرة، ومكافحة العدوى.

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

فريق الحوكمة والمراجعة الداخلية وزارة الصحة والسكان مستشفيات باريس المركزي

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

الأخبار المتعلقة

مقالات مشابهة

  • ألمانيا: ميرتس يسعى للتواصل مع فرنسا والمملكة المتحدة بشأن "تقاسم الأسلحة النووية"
  • حزب الله: لا اتفاق سري مع إسرائيل وعلى الاحتلال الانسحاب من جنوب لبنان
  • وسط اتهامات لحزب الله| انعدام الأمن في سوريا يصب في مصلحة إسرائيل.. ماذا يحدث؟
  • محمد رمضان يتسبب بزحام في محطة القطارات.. ماذا حصل؟
  • فريق الحوكمة والمراجعة بالصحة يتفقد 3 مستشفيات في الوادي الجديد.. ماذا وجد؟
  • بعد الهجمات الدامية.. حكومة ميرتس تشدد قواعد الهجرة في ألمانيا
  • ألمانيا: اتفاق مبدئي بين المحافظين والاشتراكيين على تشكيل حكومة
  • فيديو منسوب لـحزب الله يحمل تهديدات.. انتشرَ بكثافة وهذه حقيقته
  • مسجد قباء أول مسجد أسس في الإسلام يحمل في جنباته عبق السيرة النبوية
  • ألمانيا: حزبا ميرتس وشولتس يتوقعان مناقشات صعبة رغم الأجواء الجيدة