تضمن رسائل للمسلمين.. ماذا يحمل البرنامج الجديد لحزب ميركل؟
تاريخ النشر: 9th, May 2024 GMT
برلين – بعد ترقب كبير في ألمانيا، صادق حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، في وقت متأخر من مساء أمس الثلاثاء، على برنامجه الجديد الذي سيعمل به للسنوات العشر القادمة.
ورغم الانتقادات الكبيرة، فإن الحزب مرّر فقرة يحدّد من خلالها نوع الإسلام الذي يريده في ألمانيا، إذ تقول الصيغة "المسلمون جزء من التنوع الديني في ألمانيا ومجتمعنا (.
ولم تكن هذه هي الصيغة المقترحة في البداية، بل كانت في المسودة على الشكل التالي "المسلمون الذين يشاركوننا قيمنا ينتمون إلى ألمانيا"، لكنها تغيّرت قبل المؤتمر بأسابيع إلى الصيغة التي تمت المصادقة عليها، في وقت لم يكن فيه القانون الأساسي للحزب -الصادر عام 2007 والمعتمد في السنوات الماضية- يشير إلى هذه النقطة.
ميرتس هاجم المسلمين في خطابه بحجة أنهم يقدمون الشريعة على القانون (أسوشيتد برس) تخصيص المسلمين"منذ مدة طويلة نشهد في ألمانيا تعبئة متزايدة لليمين المحافظ وكذلك لليمين المتطرف، تحاول أن تضع تصورًا للإسلام كذلك (الآخر) في مقابل الغرب المسيحي"، يقول الدكتور يورغن زيميرر، المؤرخ في جامعة هامبورغ ومدير مركز هامبورغ لأبحاث التراث ما بعد الاستعماري، للجزيرة نت.
ويعتبر زيميرر أن من حق المجتمع الألماني القول إنه يرحب بالذين يحترمون القانون والدستور، لكن المشكلة -برأيه- تبدأ عندما يتم تمييز المسلمين، إذ إنهم المجموعة الدينية الوحيدة التي تم ذكرها في هذا البرنامج بهذه الصيغة، متسائلا "لماذا لا توجد أيّ فقرة تخصّ المسيحية أو اليهودية أو البوذية وغيرها؟".
وتحاشى الحزب تماما ما كانت تقوله رئيسته السابقة والمستشارة السابقة للبلاد أنجيلا ميركل بأن الإسلام ينتمي إلى ألمانيا، وهي مقولة صدرت لأول مرة على لسان الرئيس الألماني الأسبق كريستيان فولف، المنتمي للحزب نفسه.
وتعرّضت الصيغة الجديدة حول المسلمين إلى انتقادات كبيرة، وصرّح رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا أيمن مزيك بأنها تعدّ "محاولة جديدة من الاتحاد المسيحي الديمقراطي للصيد في المياه العكرة ووصم المسلمين"، مضيفا لشبكة "إن آر دي" (NRD) الألمانية أن هذا "النهج الانتقائي يخدم القوالب النمطية المعادية للمسلمين".
تصويت متوقععموما، كان متوقعا أن يصادق الحزب على الصيغة الجديدة بالبرنامج بعد كل الرسائل التي وجهها رئيسه الجديد فريدرش ميرتس، الذي رفع حدة هجومه على من يسميهم "المسلمين المتطرفين" منذ خروج المظاهرات الداعمة لقطاع غزة، التي شهدت حوادث صنفتها السلطات الألمانية بأنها "معادية للسامية ولإسرائيل".
وصرّح ميرتس، الذي أعيد انتخابه على رأس الحزب، "في ألمانيا لدينا فصل واضح بين الدين والدولة، لكن بعض المسلمين في ألمانيا لا يريدون قبول هذا، والشريعة بالنسبة لهم أهم من القانون"، وقال خلال المؤتمر إنه لا يجب تكرار خطأ التقليل من خطر التطرف اليميني في ألمانيا مع قياديي الإسلام السياسي "الذين يهددوننا علانية والذين ليسوا على استعداد لقبول قواعد بلادنا والتعايش السلمي في ألمانيا".
وذكر ميرتس بمظاهرتين في مدينتي إيسن وهامبورغ، رفع فيهما بعض المشاركين لافتة تطالب بالخلافة، ومع أنها كانت في إطار الاحتجاج على الحرب على قطاع غزة وانتشار الإسلاموفوبيا في ألمانيا، إلا أنها أدت إلى ضجة بالغة، وخرج محتجون في هامبورغ في مظاهرة مناوئة لما اعتبروه "خطر المتطرفين الإسلاميين".
"ثقافة ألمانية مهيمنة"ويركز الحزب في برنامجه الجديد كذلك على ما يسميها "ثقافة ألمانية مهيمنة" يجب على كل المهاجرين الالتزام بها دون أيّ اعتراض، ومن معالمها الالتزام بالقوانين والوعي المشترك بالوطن والانتماء، وفهم التقاليد والعادات، وتعلّم اللغة الألمانية.
واللافت في هذه التصوّرات هو الحديث عن الإسلام كـ"مجموعة متجانسة"، مما يقترب بشكل خطير من إساءة استخدام المصطلح لـ"أغراض عنصرية ومعادية للإسلام، وربما يؤدي إلى نتائج خطيرة"، حسب ما يقول المؤرخ يورغن زيميرر.
ويضيف زيميرر أن هذا الحزب "يلعب بالنار في محاولة يائسة لكسب أصوات اليمين المتطرف، وقد يكون الثمن هو المزيد من الانقسام، والمزيد من الكراهية، وفي نهاية المطاف صعود اليمين المتطرف".
وبرأي المتحدث نفسه، فإن اليمينيين يستخدمون حاليا كلمة "الإسلام" أو "المسلم" بديلا لكلمة "العرق"، لأن الإسلام يرتبط بسكان أو قادمين من منطقة البحر الأبيض المتوسط أو الشرق الأوسط، فعوض أن يقولوا "نحن لا نحب الأشخاص ذوي البشرة السمراء"، يقولون "نحن نختلف مع الإسلام السياسي الراديكالي".
المستشارة السابقة أنجيلا ميركل انتهجت سياسة مرحبة بالمهاجرين لكن حزبها لم يرغب في الاستمرار على نهجها (غيتي) نهاية الترحيب باللاجئينوفي رسالة واضحة تبيّن تغيّر موقف الحزب من قضايا الهجرة، ينصّ البرنامج الجديد على أن "كل من يتقدم لطلب اللجوء في أوروبا يجب أن يتم نقله إلى بلد ثالث آمن (خارج الاتحاد الأوروبي) لأجل اتباع مسطرة اللجوء هناك"، مما ينسجم مع مواقف سابقة عبّر عنها قياديون داخل الحزب، أيدوا فكرة ترحيل طالبي اللجوء إلى دول مثل رواندا، وطالب الحزب كذلك بمنع اللاجئين الذين مُنحوا حق اللجوء في دول أوروبية أخرى من الاستقرار في ألمانيا.
ومع أن ميركل قادت في الفترة بين عامي 2015 و2018 سياسة مرحبة باللاجئين السوريين الذين وصل أكثر من 800 ألف منهم إلى ألمانيا، إلا أن ميرتس -الذي أخفق أمام ميركل أكثر من مرة في انتخابات الحزب- يريد القطع تماما مع إرث سلفه، ويريد وقف استقبال طالبي اللجوء، خصوصا المسلمين منهم، وقد سبق له أن أعلن بوضوح رفض استقبال فلسطينيين من قطاع غزة، بحجة أنهم "معادون للسامية".
وهذه هي المرة الرابعة فقط في تاريخ الحزب يُصدر فيها برنامجا جديدا، حيث يرغب بالعودة إلى سدة الحكم في ألمانيا، وقد قاد 17 حكومة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، آخرها حكومات ميركل بين 2005 و2021، قبل هزيمته في آخر انتخابات أمام الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي يقود الحكومة الحالية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات إلى ألمانیا فی ألمانیا
إقرأ أيضاً:
جنبلاط يجول على القيادات.. ماذا في جعبته؟
برزت في الأيام الماضية الحركة اللافتة لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط باتجاه القيادات السياسية.مصادر مشاركة في اللقاءات أشارت عبر "لبنان24" إلى أنَّ جنبلاط يسعى الى تحسين الوضع الداخلي بعد وقف اطلاق النار والابتعاد عن الخطاب الطائفي وتأجيج الصراع الداخلي، هذا فضلاً عن سعيه الى ايجاد نقاط مشتركة لانجاز الاستحقاق الرئاسي بأسرع وقت ممكن. ولفتت المعلومات إلى أنّ زيارة جنبلاط الاخيرة لقيادة الجيش ولقائه ووفد الحزب قائد الجيش العماد جوزف عون تأتي في إطار دعمه للأخير من دون تبني ترشيحه. ماذا عن جنبلاط الأب؟
وسبق أن قالت مصادر مُطلعة على أجواء "الإشتراكي" إنَّ الرئيس السّابق للحزب وليد جنبلاط كان دعم تمديد ولاية عون لمدّة عامٍ إضافي بشكل كبير.
وذكرت المصادر أن "الإصرار الجنبلاطي" على اتخاذ مسار التمديد جاء لاعتبارين، الأول وهو أن جنبلاط يريد تماسك قيادة الجيش في ظلّ المرحلة الدقيقة التي يمرّ بها لبنان لاسيما بعد وقف إطلاق النار مع إسرائيل وضرورة تطبيق القرار 1701 بحذافيره.
أما الاعتبار الثاني، بحسب المصادر، فيرتبط بأن جنبلاط لا يريدُ "تحميل" رئيس الأركان "وزرَ" القيادة الحالية في حال أُحيل قائد الجيش إلى التقاعد، باعتبار أنّ المرحلة تحتاج قائداً فعلياً للمؤسسة العسكرية يكون على علمٍ ودراية بكافة الألوية بالإضافة إلى سنين متراكمة على رئيس القيادة، علماً أن رئيس الأركان الحالي تم تعيينه في منصبه قبل فترة ليست بطويلة.
المصدر: خاص "لبنان 24"