طهران- حمل المؤتمر الدولي الأول للعلوم والتكنولوجيا النووية الإيرانية، المنعقد في أصفهان وسط البلاد، أهمية خاصة في ظل مشاركة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، الذي أجرى مباحثات مع رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيراني محمد إسلامي بشأن العلاقات بين الجانبين.

وشهد المؤتمر مشاركة ممثلين من عدة دول مثل المجر وروسيا وفنزويلا وزيمبابوي وغيرها، وجرت خلاله مناقشة مسألة الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وترتيبات السلامة في المنشآت النووية.

ويأتي المؤتمر، الذي يُختتم اليوم الأربعاء أعماله، في وقت تشهد منطقة غرب آسيا تحديات في هذا الصدد، حيث أثارت مسألة السلامة النووية الكثير من الضجيج خلال العامين الماضيين.

وبعد هجوم روسيا على أوكرانيا واستيلاء الروس على محطة زابوريجيا للطاقة النووية، أصبحت "السلامة النووية" واحدة من أكثر القضايا تحديا على مكتب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي.

أجرى غروسي (يسار) مباحثات مع رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيراني محمد إسلامي (الأناضول) ظل الحرب

ومن ناحية أخرى، يأتي انعقاد هذا المؤتمر بإيران في حين لم تخرج منطقة غرب آسيا بعدُ بشكل كامل من الظل الثقيل لاحتمال نشوب حرب واسعة النطاق بين إيران وإسرائيل.

وبحسب تقارير، نفذت إسرائيل هجوما خفيفا ومنضبطا، على ما يبدو، على إحدى القواعد العسكرية في أصفهان التي احتضنت المؤتمر، بعد الرد المباشر لإيران على هجوم تل أبيب على القنصلية الإيرانية في سوريا.

وفي الوقت نفسه الذي تصاعد فيه التوتر بين إيران وإسرائيل، برزت تكهنات حول إمكانية تكرار الهجوم الإسرائيلي ضد المنشآت النووية الإيرانية، وما يستتبع ذلك من إمكانية تحرك إيران نحو تغيير العقيدة النووية، وبالتالي إنتاج الأسلحة النووية.

وعلى الرغم من التكهنات، أكد العديد من المسؤولين الإيرانيين، ومن بينهم المتحدث باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني، أنه لم يطرأ أي تغيير على عقيدة الدفاع الإيرانية، ولا مكان للأسلحة النووية في هذه العقيدة.

وتأتي زيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى إيران بعد عدة أيام من تصريحه بأن أسابيع معدودات فقط وليس أشهر، هي كل ما يفصل إيران عن السلاح النووي.

انفراجة

وأجرى غروسي، في زيارته الأولى لإيران منذ مارس/آذار 2023، محادثات "مهمة" مع السلطات التي أبدت "استعدادها لاتخاذ تدابير ملموسة" بعد عام ونيف على تدهور العلاقات بين الطرفين.

وأدى تدهور العلاقات، في وقت سابق بين طهران والوكالة المسؤولة عن التحقق من الطبيعة السلمية لبرنامج إيران النووي، إلى تقليص عمليات التفتيش بشكل كبير، وفصل كاميرات مراقبة، وسحب اعتماد مجموعة من الخبراء.

وتتضارب قراءات المشهد في الملف النووي الإيراني قبيل موعد الاجتماع الثاني لمجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، المقرر عقده في العاصمة النمساوية في يونيو/حزيران المقبل، بينما تصف الجهات الإيرانية المباحثات بينها وبين غروسي بـ"الإيجابية".

من جانبه، اعتبر أستاذ العلاقات الدولية هادي محمدي أن دعوة إيران لغروسي وتلبيته الدعوة تشيران إلى أن الطرفين يرغبان بحلحلة القضايا الشائكة بينهما، والتعامل البنّاء على الرغم من الضغوط الغربية تجاه غروسي، محاولين منعه من السفر إلى إيران حتى تغير الأخيرة سلوكها.

وأضاف في حديثه للجزيرة نت أن غروسي لديه مطالب من إيران، بعضها لا تتوافق مع الدستور الإيراني، وبعضها الآخر يعود إلى قرار السلطات في طهران بشأن مدى فتح المجال لحضور مراقبي الوكالة الدولية، مشيرا إلى أن هناك 130 مراقبا دوليا موجودون حاليا في إيران.

وفي السياق، أشار محمدي إلى نسبة تخصيب اليورانيوم، حيث إن إيران استأنفت التخصيب بنسبة 60% بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، مما أدى إلى عدم التزام إيران ببنود الاتفاق.

توترات سياسية لا نووية

واعتبر أستاذ العلاقات الدولية عباس أصلاني أن التوترات الأخيرة بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية هي توترات سياسية أكثر من كونها تقنية ونووية، متأثرة بالأحداث السياسية في العالم والمنطقة.

وأضاف، في حديثه للجزيرة نت، أن المباحثات التي جرت مع المسؤولين الإيرانيين كانت مهمة للغاية، حيث تناولت قضايا تقنية وكذلك سياسية.

وتابع أن طهران تعتقد بأن على الوكالة الالتزام بالقضايا التقنية وعدم التدخل بالسياسة، بينما الغرب يضغط على الوكالة لتتعامل مع طهران بمستوى مراقبة تراه طهران غير مشروع.

وبين الجانب التقني والجانب السياسي، يقول أصلاني إن طهران تريد الحفاظ على أبواب الدبلوماسية مفتوحة لرفع العقوبات عنها، وتريد الوكالة الحفاظ على أبواب المنشآت النووية الإيرانية مفتوحة أيضا، وبينهما جهود وساطات مستمرة لإحياء الاتفاق النووي.

ووفق أصلاني، لا يريد الغرب حلحلة القضايا الشائكة بين إيران والوكالة في هذا التوقيت تحديدا، لأنهم غير مستعدين على الصعيد السياسي لإحياء الاتفاق النووي، كما أن الولايات المتحدة أيضا لا تريد اتفاقا نوويا قبيل الانتخابات الأميركية المقبلة.

واعتبر الأكاديمي الإيراني أن "المرحلة المقبلة رُسمت بكلام إيجابي، ولكن ستحددها الخطوات العملية من الجانب الإيراني على الصعيد التقني، ومن الجانب الغربي على الصعيد السياسي".

مناقشة التفاصيل

وفي مؤتمرهما الصحفي المشترك في اليوم الثاني من المؤتمر النووي الدولي في أصفهان، صرح رافائيل غروسي ومحمد إسلامي، رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد على الفور خلال الاجتماع، وأشارا إلى البيان المشترك الصادر في مارس/آذار 2023 باعتباره وسيلة للمضي قدما في التعاون بين الوكالة وإيران.

ويتضمن بيان 2023 التزام إيران بحل القضايا المحيطة بالمواقع التي لم يجب فيها المفتشون حتى الآن على أسئلة حول الأنشطة النووية الإيرانية المحتملة غير المعلنة، وسيسمح للوكالة "بإجراء تحقق إضافي وأنشطة مراقبة مناسبة".

وقدم غروسي وإسلامي في بيانهما تفاصيل قليلة عن المناقشات الجارية، على الرغم من أن غروسي قال إن الفرق التقنية من الجانبين تناقش التفاصيل.

وبحسب وكالة "إيسنا" الإيرانية، قال غروسي "إننا في مرحلة حرجة، وهذه بداية أنشطة جديدة بين إيران والوكالة"، وأضاف "قدمت لإيران مقترحا يتضمن خطوات عملياتية، وتقوم فرق الطرفين بتحديد هذه الخطوات العملياتية الثنائية في اجتماع منفصل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الدولیة للطاقة الذریة النوویة الإیرانیة بین إیران

إقرأ أيضاً:

عراقجي: أي اتفاق نووي بين طهران وواشنطن سيختلف عن 2015

أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الاثنين، أنّ أي اتفاق نووي محتمل بين بلاده والولايات المتحدة الأمريكية، سيكون مختلفا عن اتفاق عام 2015، والذي تخلت عنه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأولى.

وقال عراقجي بعد يومين من الجولة الثالثة من المحادثات النووية: "من حسن الحظ أن حلفاء نتنياهو في فريق بايدن الفاشل، والذين فشلوا في التوصل إلى اتفاق مع إيران، يصورون زورا مفاوضاتنا غير المباشرة مع إدارة ترامب، على أنها خطة عمل شاملة مشتركة أخرى"، في إشارة إلى اتفاق 2015.

وكتب الوزير الإيراني عبر موقع التواصل الاجتماعي قائلا: "لم يعد الكثير من الإيرانيين يعتقدون أن خطة العمل الشاملة المشتركة كافية. إنهم يسعون إلى مكاسب ملموسة. لن يغير أي شيء يقوله أو يفعله حلفاء نتنياهو في فريق بايدن الفاشل فهذا الواقع".

وكان ترامب قد صرّح بأن الاتفاق الذي يعتزم التوصل إليه مع إيران، سيكون أقوى من خطة العمل الشاملة المشتركة التي جرى توقيعها في عهد إدارة أوباما.

وفي وقت سابق، قال جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي السابق في البيت الأبيض في عهد بايدن، إنه يعتقد أن ترامب قادر على التوسط في اتفاق بين إيران والولايات المتحدة، يُشبه الاتفاق الذي أُبرم في عهد أوباما.



وفي حديثه لشبكة ABC News، قال: "أعتقد أن هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق. أعتقد أن هذا الاتفاق، في عناصره، لن يختلف كثيرًا عن الاتفاق الذي توصل إليه الرئيس أوباما ووزير الخارجية كيري في عهد إدارة أوباما والذي مزقه دونالد ترامب".

وفي تصريحات سابقة، أوضح عراقجي موقفه من مسألة العودة لاتفاق 2015، قائلا: "على الرغم من أن الاتفاق النووي يُعد إنجازًا كبيرًا، إلا أنني أود أن أوضح أن الكثيرين في إيران يعتقدون أن الاتفاق النووي لم يعد كافيًا لنا. إنهم يطالبون باتفاق جديد يضمن مصالح إيران ويعالج مخاوف جميع الأطراف".

وتابع قائلا: "أميل إلى الموافقة على هذا المطلب. الآن، لا يمكنني التحدث نيابة عن الرئيس ترامب، ولكن بالنظر إلى أفعاله السابقة، يمكن الافتراض بثقة أنه لا يريد اتفاقًا آخر أيضًا".

مقالات مشابهة

  • عراقجي: أي اتفاق نووي بين طهران وواشنطن سيختلف عن 2015
  • خبراء الوكالة الذرية في طهران لمناقشة القضايا الفنية مع اقتراب جولة جديدة من المحادثات
  • إيران تستقبل فريقا فنيا من الوكالة الدولية للطاقة الذرية في طهران
  • اليوم.. فريق فني من وكالة الطاقة الذرية يجري محادثات في طهران
  • نتنياهو: سندمر المفاعلات النووية الإيرانية ومراكز التخصيب ولن نقبل إلا بتدمير قدرات إيران
  • مسؤول أمريكي كبير: المحادثات النووية مع إيران في مسقط كانت إيجابية وبناءة
  • جولة ثالثة من المباحثات النووية بين إيران والولايات المتحدة اليوم في مسقط
  • جهود عمانية متواصله.. الجولة الثالثة من المحادثات النووية الإيرانية الأمريكية
  • جهود عمانية تتواصل.. الجولة الثالثة من المحادثات النووية الإيرانية الأمريكية
  • إيران: المفاوضات مع الولايات المتحدة تقتصر على القضية النووية