نشرت مجلة "نيتشر كوميونيكيشن" دراسة تشير إلى أن الباحثين بدأوا في فك شفرة ما تقوله حيتان العنبر واللغة التي يستخدمونها فيما بينهم كشكل من أشكال التواصل.
وأوضحت صحيفة "نيويورك تايمز" أنه، في عام 2020، تعاون فريق من علماء الأحياء البحرية وعلماء الكمبيوتر لتحليل أصوات "طقطقة" حيتان العنبر، وهي حيوانات الطاغوت الرمادية ذات الشكل الكتلي التي تسبح في معظم محيطات العالم.
وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ عام 2005، تابع شين جيرو، عالم الأحياء البحرية في جامعة كارلتون في أوتاوا بكندا ومؤلف الدراسة، وزملاؤه عشيرة مكونة من 400 من حوت العنبر في جميع أنحاء دومينيكا، وهي دولة جزيرة في شرق البحر الكاريبي، للتنصت على الحيتان باستخدام ميكروفونات تحت الماء.
ووفقا للدراسة، اكتشف الباحثون الذين يدرسون آلاف المكالمات المسجلة نوعًا من "الأبجدية الصوتية لحوت العنبر" مدمجة في سلاسل أصوات "النقر" الخاصة بهم. وتشير النتائج إلى أن هذه الحيتان لديها نظام اتصالات أكثر تعقيدا بكثير مما كان يعتقد سابقا.
وبالنسبة لحيتان العنبر، أوضحت الدراسة أن دفعات النقرات المعروفة باسم الكودا تأتي بأنواع مختلفة وتشكل اللبنات الأساسية للكلام، تمامًا كما تنشأ اللغة البشرية من الأصوات الصوتية المختلفة التي نجمعها لتكوين الكلمات والجمل.
ووفقا للدراسة، تقوم الحيتان بتشكيل هذه الكودات إلى حوالي 300 نوع من خلال تغيير مدتها وإيقاعها، وأحيانًا بإضافة نقرة إضافية.
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن نتائج هذه الدراسة تُضيف إلى ما يقرب من قرن من الأبحاث حول الحيوانات والحشرات، والتي تخلصت من الفكرة السائدة منذ فترة طويلة بأن البشر وحدهم يمتلكون نظامًا معقدًا للتحدث مع بعضهم البعض.
ونقلت الصحيفة عن الأستاذ المشارك في الدراسة، جاكوب أندرياس، قوله: "يجب الإشارة إلى ما زلنا لا نعرف ما إذا كان من الممكن اعتبار الكودا على أنها كلمة، أو مثل جملة، أو مثل حرف علة فردي أو حرف ساكن".
وأضاف: "إن الاكتشاف الكبير في هذه الدراسة يتمثل في الطريقة التي تكتشف بها ما يتحدثون عنه بالفعل، وكيف يعمل نظام الاتصال هذا وما تعنيه الأشياء، هو من خلال محاولة ربط النداءات المحددة بسلوك الحوت". "وهذا شيء نعمل عليه بدأب الآن".
وأوضحت الصحيفة أن حيتان العنبر لا تغني مثل الحيتان الحدباء، إذ أنهم يقومون بنقرات لاكتشاف الفريسة وكذلك التواصل باستخدام شفاههم الصوتية، وهي أعضاء مكونة من الدهون والأنسجة الضامة الموجودة عند فتحة الأنف. وتفتح الشفتان الصوتيتان لفترة وجيزة جدًا وتجتمعان مرة أخرى، ما يؤدي إلى نقرة عالية يتم تضخيمها بعد ذلك في المجمع الأنفي.
وذكرت الصحيفة أن نقرات حوت العنبر تصل إلى ما يعادل حوالي 170 ديسيبل في المحيط، وهو ما يعادل صوت انفجار بندقية. ويمكن للأصوات التي تزيد عن 120 ديسيبل أن تسبب ضررًا فوريًا للأذن البشرية، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
وأثناء تجوالها في المحيط، تغوص حيتان العنبر على عمق أكثر من 3200 قدم تحت السطح بحثًا عن الحبار والفرائس الأخرى.
وبدراسة خوارزميات لتجميع رموز حيتان العنبر المسجلة، وجد هذا البحث الجديد 18 إيقاعًا مختلفًا، وخمسة إيقاعات، ونوعين مختلفين من النقرات الإضافية، والتي يسمونها الحلي. كما وجد الباحثون ثلاثة أنواع مختلفة مما يسمونه روباتو، وهو تغيير طفيف في مدة الكودا. ويخطط العلماء لاستخدام تحليلاتهم لإنتاج أدوات يمكن استخدامها في التعلم الآلي.
وذكرت "نيويورك تايمز" أنه أخيرًا، حدد الباحثون 156 كودا مختلفة، لكل منها مجموعات متميزة من الإيقاع والروباتو والوتيرة.
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
يا نفس ما تشتهي.. نكهة يمانية للم الشمل وتوطيد أواصر المحبة
«يا نفس ما تشتهي» عادة يمنية متجذرة في الشعب اليمني احتفالا بقدوم شهر رمضان وتختلف طقوسها من محافظة إلى أخرى، إلا أنها تتوحد في تحقيقها لمعنى التكاتف المجتمعي والأسري وتضفي جوا من لم الشمل وتبادل الأحاديث وتجاذب الأفكار والأذكار، وتقديم مختلف الأطعمة والمشروبات كل حسب طاقته وقدرته..
الثورة / أسماء البزاز
وبالرغم من الظروف المعيشية الصعبة وتدهور دخل العديد من الأسر نتيجة الحرب القائمة على اليمن منذ 2015م، إلا أن نكهة هذه المناسبة تظل عريقة في مختلف المحافظات بقدر الإمكانيات المتاحة، وتلقى اهتماما كبيرا لدى المواطنين، في محاولة للخروج من دائرة المعاناة التي تلازمهم، ويختلف الاحتفال بها من محافظة لأخرى، ويكون ذلك فيما بعد منتصف شهر شعبان من كل عام، لكن البعض لا يتقيد بيوم معين ويحتفلون بتناول المعجنات والحلويات التي يفضل البعض صنعها في المنزل، والمشروبات، وكذلك تقديم الأطباق الرئيسية المكونة من اللحوم البيضاء أو الحمراء، والذكر في المساجد غالبا للرجال، والمنازل للنساء، وكان الغرض منها سابقا استشعار عظمة شهر رمضان المخصص للعبادة، والابتعاد خلاله عن الملذات، عكس ذلك هو ما يحدث اليوم، ففي يوم “يا نفس ما تشتهي” يتم صنع أطعمة كثيرة أو شراؤها وتناولها، والأمر لا يتوقف بعد دخول شهر رمضان، فخلاله تقضي النساء ساعات طويلة في تحضير مختلف الأصناف، وتتزين فيه بعض النساء بالحناء كما كان يحدث سابقا.
حسب قدرتنا نحتفل
البداية مع بسمة الأصبحي، موظفة حيث تقول: بخصوص ما يسمى (يا نفس ما تشتهي) أولا وقبل كل شيء نحن نحتفي بهذه المناسبة وفق الآية الكريمة “لا يكلّف الله نفساً إلا وسعها))، فبحسب الإمكانيات يكون التجهيز بأطباق متنوعة نتفق عليها كل واحدة من أفراد الأسرة حسب قدراتها وإذا لم تتوفر لا مشكلة، لأن الأساس والهدف بالنسبة لي هو “اللمة”، والحب، والروح الجميلة التي تجمعنا مع الأخوات والصديقات وليس المكان والمظاهر المحيطة بنا، فأملنا دائما تحقيق “اللمة”، والحب، والروح الجميلة التي تجمعنا، وليس المكان والمظاهر المحيطة بنا.
مؤكدة أن لمّ الشمل هو الهدف الرئيسي والباقي إنما هو زيادة خير، وبعد هذا اللقاء الودي نودع بعضنا بالدعوات بسبب انشغالنا طوال شهر رمضان بالصيام والقيام.
عادة اجتماعية.. بين الماضي والحاضر
من ناحيتها تقول الناشطة والثقافية رجاء المؤيد: “يا نفس ما تشتهي” عادة اجتماعية كانت من مراسيم استقبال رمضان بين الأسر والجيران والصديقات، حيث تجتمع الأسر على غداء أو إفطار أو في العصر للصديقات والجيران ، يتم الاجتماع في احد المنازل وتحضر كل أسرة كالبنات ونساء الأولاد أو الأخوة طبقاً يسموها (خورة ) وهي نوع من أنواع الصلة بين الناس والتخفيف من التكلفة على من سيستقبل الضيوف في بيته، وأيضا في حال وجود حوامل في بداية حملهن تتناول الأكل بشيء من الاشتهاء لعدم قدرتها على طهو الطعام في بيتها وأحيانا يقمن بصنع بعض الحلويات والوجبات المتعددة وكان الغرض من ذلك أن الإنسان في شهر رمضان يحتاج إلى ان يريح معدته من الوجبات الثقيلة كالمحاشي وبنت الصحن ويتم الاكتفاء بعمل الشفوت والسلطة و”الزحاوق والحامضة وأيضا الشربة والفتة”، المهم وجبات خفيفة لا يعاني الصائم بعدها من التخمة حتى الحلويات الشعبية المعروفة.
مبينة ان الهدف من ذلك هو الجمع بين أفراد الأسرة أو الجيران والتزاور والصلة، اما في زماننا الحاضر أصبحت عادة دورية بحسب الحاجة في أي وقت الاجتماع في أحد البيوت وإحضار أطباق سواء في شعبان أو غيره عند البعض، واندثرت العادة لدى البعض، لأن الهدف صار أحيانا لدى البعض ليس الصلة والاجتماع وإنما أصبحت للمجاملات بين بعض الصديقات ومكلفة ماديا للبعض في مثل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة.
وتابعت: وأحيانا بيتم فرض وجبات معينة ليست بسيطة في التكلفة ووقت إعدادها والبعض اصبح مشغولاً بأعمال حيث أنه لم يعد بإمكانه عمل وجبة معينة والاستعاضة عنها بوجبات سريعة من المطاعم وأحيانا تكون مكلفة ماديا وكذلك بدأت تقل عند بعض الأسر بسبب اجتماع الأطفال بحجة كثرة الدوشة والإزعاج قليل من الناس لازال يحافظ على هذه العادة، لأن رمضان اصبح شهراً لصوم النهار وإعداد الأطعمة المتنوعة والثقيلة والتي تسبب تخمة والتي يعمل البعض على تناولها دفعة واحدة بعد الإفطار، فيعاني من التخمة والتعب ولذلك يصبح شهر رمضان شهر التعب والمرض وليس للصحة وراحة الجسم وكذلك العبادة صار الكثيرون يغفلون عنها، والأهم من ذلك التراحم وصلة الأرحام والإحسان والتكافل بين الجيران والتواصل والاجتماع على موائد النور والهدى التي أصبحت من عاداتنا في ظل المسيرة القرآنية التي يقدم فيها السيد القائد وجبات مهمة لحياة الناس وسعادتهم كل ليلة في رمضان .
وأضافت: حقيقة بدأنا نجد لذة أخرى لرمضان وهي الغذاء الروحي والسعادة في الدنيا والآخرة في اتباعها والسير على نهجها وجعلها أساسا ومنهاجا لحياتنا في بيوتنا وأسرنا ومجتمعنا الكبير وفي أعمالنا، عندها تستقيم حياتنا (وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا) .
وقالت المؤيد: رمضان شهر القرآن والتزود بالطاقة الروحية وفيه ليلة تعادل عمرا بأكمله، بل خير منه (ليلة القدر خير من ألف شهر) .
صلة الأرحام
فيما استهلت التربوية فايزة علي محسن الحمزي حديثها معنا بالقول : ها نحن الآن في أواخر الشهر الأقرب والأحب إلى الله; شهر شعبان الذي سمي بهذا الاسم لأن الخير يتشعب فيه وكثرة الصلوات على سيد الخلق والمرسلين محمد بن عبد الله وعلى آله، ليأتي بعده شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، وكلها أيام فضيلة تزينها هذه العادة المجتمعية ما تسمى بيوم (يا نفس ما تشتهي) والغرض من ذلك ليس لتبادل الأكلات بمختلف أنواعها وأشكالها وتقديمها لخلق جو ملؤه السعادة والفرحة ولكن الغرض الأكبر هو لخلق شيء إيجابي في أنفسنا ويتمثل في صلة الأرحام بين الأقارب والأصدقاء وتبادل الزيارات والود والتسامح والتصافح فيما بينهم.
وتابعت الحمزي: ولكي يأتي رمضان وهم في أحسن حالة ونفوسهم راضية مرضية يستعدون له بكل حب.