خرج هيبة الله أخونزاده، القائد الأعلى لطالبان، في رسالة صوتية صدرت في 24 مارس، وأعلنها بشكل واضح : "سنجلد النساء... ونرجمهن حتى الموت علناً كعقوبة على جرائمهن".

وأكد أخوندزاده - الذي لم يظهر علنًا منذ عقد من الزمان - موقف الجماعة السابق بشأن الجلد والرجم العلني، وخاصة ضد النساء، وبدا أن البيان الصوتي الذي بثته شبكات الإذاعة والتليفزيون الحكومية الأفغانية كان موجها إلى الحكومات الغربية والديمقراطية التي كثيرا ما تنتقد سياسات طالبان.

وذكر القائد الأفغانى: "يمكنك أن تسمي ذلك انتهاكًا لحقوق المرأة عندما نرجمها أو نجلدها علنًا لارتكابها الزنا لأنها تتعارض مع مبادئك الديمقراطية، ولكن أنا أمثل الله وأنت تمثل الشيطان".

ومنذ صدور تلك التصريحات، كان الأمر محل جدل كبير داخل الصحفة الأجنبية، وفى محاولة لفهم طبيعة تلك العقوبة، وما مدى انتشارها فى البلدان المختلفة، والأصل التشريعى لها، نشرت صحيفة NPR الأمريكية، تقريرا مفصلا عن تلك القضية، وكان هناك سؤالان أساسيان تبحث عن الإجابة لهما وهما: "هل هناك أساس لهذا التفسير للشريعة الإسلامية؟"، و"هل يشير ذلك إلى أن طالبان كانت – أو ستبدأ – في تطبيق هذه العقوبة على الزناة، وخاصة النساء؟".

موضوع مثير للجدل

تحدثت الصحيفة الأمريكية مع سارة الطنطاوي، الأستاذة المشاركة في الإسلام الحديث في قسم اللاهوت بجامعة فوردهام، التي قالت لـ NPR، إن الدعوة إلى الرجم كعقوبة في الإسلام مثيرة للجدل ومتنازع عليها من قبل العلماء، وتضيف: "الأمر ليس واضحًا فهناك الكثير من المراجع الإسلامية التي تستبعد الرجم كعقاب تمامًا، لجميع المقاصد والأغراض، لأن القرآن لا يذكر عقوبة الرجم على الإطلاق، والإشارة الوحيدة في القرآن هي رجم الشيطان رمزيًا". .

ولكن تضيف الطنطاوي أنه في حين أن الرجم كعقوبة مذكور في الأحاديث - وهي تسجيلات لأقوال وأفعال النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - والتي يعتقد أنها توجه أسلوب الحياة الإسلامي - فإن شروط الملاحقة القضائية على جريمة أخلاقية مثل الزنا تتطلب "أربعة شهود مسلم عاقل على الإيلاج الفعلي، وعلى حد تعبير الفقهاء بدقة قلم في محبرة"، أما بالنسبة لتخصيص المرأة في رسالة طالبان، فيقول الطنطاوي: "ليس هناك على الإطلاق أي وسيلة لتبرير ذلك من الناحية الإسلامية، ولا توجد قراءة محتملة للقرآن، أو الشريعة الإسلامية، أو أي مدرسة فقهية تخص المرأة بهذا الأمر كعقاب مخصص للمرأة فقط مهما كانت الجريمة".

 

حقيقة تاريخية .. والإشكالية فى الإثبات

وهناك وجهات نظر مختلفة حول تاريخ الرجم، ويقول عبد الله علي ، باحث الشريعة الإسلامية في كلية الزيتونة، بيركلي، كاليفورنيا: "إن الرجم عقوبة فعلية للزنا. وهذه حقيقة تاريخية، فأقوال وأفعال النبي محمد - وهي مجموعة من الأعمال المعروفة باسم السنة - تظهر أنها كانت تمارس خلال حياة النبي، ولكنه قال مثل الطنطاوي، فإن عبء إثبات الفعل يكاد يكون مستحيلاً، فمطلوب أربعة رجال مستقيمين يشهدون فعل الاختراق، وإذا شهدوا ذلك، كما يقول علي، فهذا يعني أن هذا كان حدثًا عامًا لدرجة أنه كان فظيعًا لدرجة أنه كان لا بد من فعل شيء حياله".

ويضيف أن الجريمة كان من الصعب إثباتها لدرجة أن معظم من عوقبوا بجريمة الزنا في عهد النبي اعترفوا بها بأنفسهم، وفي مجتمع لا يوجد فيه الكثير من الفاحشة العامة، لا يوجد سبب للتخيل أنه من الممكن أن يحدث الرجم كعقوبة على الزنا، إلا إذا كان الناس يتجسسون على أشخاص آخرين، وهذا في حد ذاته حرام – مصطلح يعني المحرم شرعا - ويشير أيضًا إلى أن الإسلام لا يجيز انتهاك خصوصية الناس، ويؤكد علي والطنطاوي على أنه بما أن الزعماء الدينيين يعتقدون أنه سيكون من الصعب إلى حد ما إصدار الإدانة، فإن للقانون غرضًا آخر، ويقولان: "لذلك يعتقد علماء الإسلام أن هذه العقوبة نشأت، مثل أشياء كثيرة في الشريعة الإسلامية، كرادع للحفاظ على الأخلاق العامة".

لذلك يقول علي: "إن الهدف الأساسي للشريعة الإسلامية هو إدارة المجتمع بتوازن لمساعدة الإنسان على التحول إلى إنسان فاضل، وبطبيعة الحال، يصبح المجتمع مجتمعًا فاضلاً"، فيما تحث الطنطاوي الدول الإسلامية على توبيخ طالبان على تفسيرها، قائلة إن تصريحات قائدها الأعلى تمثل إهانة للشريعة الإسلامية.

 

هل لا يزال الرجم يحدث؟

وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن حركة طالبان ليست الهيئة الحاكمة الوحيدة التي أيدت الرجم، ففي السنوات الأخيرة، أيدت بعض البلدان الرجم كعقوبة - إيران والسودان ونيجيريا، على سبيل المثال، وقد فرضت نيجيريا والسودان، اللتان تطبقان الشريعة الإسلامية كعنصر من عناصر نظامهما القضائي، الرجم كعقوبة على الزنا والمثلية الجنسية في العامين الماضيين، وفقا لتقارير نشرتها رويترز والجارديان، ووفقًا لعدة تقارير في مواقع إخبارية أفغانية مثل Etilaatroz وكذلك وسائل الإعلام النسائية مثل Rukhshana Media، قامت حركة طالبان في كثير من الأحيان برجم الرجال والنساء المتهمين بالزنا في جميع أنحاء أفغانستان، وفي بيان صدر العام الماضي ، قال نائب طالبان في المحكمة العليا، عبد الملك حقاني، إن المحكمة أصدرت منذ توليها السلطة، من بين عقوبات أخرى، 37 حكما بالرجم، في حين تم دفن أربعة مدانين أحياء في جدار.

وما يجعل تصريح أخونزاده الأخير مثيرا للقلق بالنسبة للناشطين الذين يراقبون أفغانستان هو أنه خص النساء كأهداف مستقبلية لهذه العقوبات، ويشيرون إلى أنه لم يعد هناك نظام قضائي فعال حيث يمكن للنساء الدفاع عن أنفسهن، وهنا تقول ناجية محمودي، والتي كانت المدعي العام الرئيسي المعني بالقضاء على العنف ضد المرأة في مكتب المدعي العام في أفغانستان: "منذ عامين ونصف العام فقط، كنا نحاكم بعناية آلاف القضايا كل عام التي تنطوي على انتهاكات لحقوق المرأة، ولكن منذ سيطرة طالبان على السلطة، انهار النظام القانوني برمته في أفغانستان".

 

خلل منظومة القضاء تضع الشبهات حول تطبيق تلك العقوبة

وما يضع شبهات حول عدالة تطبيق تلك العقوبة، هو الخلل في منظومة القضاء الأفغانى، وهنا تقول ناجية: "إن غياب إطار قانوني فعال في أفغانستان يقوض سيادة القانون وإمكانية الوصول إلى العدالة لجميع الأفراد، ولكن النساء على وجه الخصوص معرضات للخطر في هذا السيناريو، لأن تفسير طالبان للشريعة الإسلامية غالبا ما يؤدي إلى مثل هذه الطرق التمييزية التي يمكن تستخدم ضد النساء".

وتوضح أنه إذا اتهم شخص ما امرأة زورا، على سبيل المثال، بالزنا، فلا توجد أي مؤسسة أو هيئة يمكن أن تسعى فيها إلى تحقيق العدالة - أو أي محامين يمكنهم الدفاع عنها لأنه لم يعد مسموحا للمحاميات بالعمل، فمنذ الاستيلاء على أفغانستان في أغسطس 2021، لم تفرض الجماعة الأصولية العديد من القيود على حقوق المرأة وحرياتها فحسب، بل قامت أيضًا بتعليق الدستور، الذي يتضمن أقسامًا لحماية المرأة، فضلاً عن قوانين ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي.

 

غياب أو تعطيل منظومات الدعم للمرأة من قبل طالبان

تتذكر سميرة حميدي، إحدى كبار الناشطين في منظمة العفو الدولية، أنه في الماضي، كان بإمكان النساء الأفغانيات اللاتي واجهن اتهامات باطلة أو تعرضن للتهديد بالعنف القائم على النوع الاجتماعي أو المنزلي اللجوء إلى عدد من المؤسسات: وزارة شؤون المرأة، وهيئة حقوق الإنسان الأفغانية المستقلة، وهيئة الحقوق، وحدات القضاء على العنف ضد المرأة في المحكمة العليا، وزارة الداخلية، وزارة العدل، مكتب النائب العام، وتقول: "كانوا يقدمون الخدمات والمساحات لدعم وحماية المرأة من مختلف أشكال العنف والتمييز. لكن هذه الخدمات لم تعد موجودة".

وفي الوقت الحالي، يقوم كل قاض من قضاة طالبان بوضع تفسيراته الخاصة للشريعة الإسلامية في كل قضية ــ على الرغم من أن علماء الدين يطعنون في أحكامهم بانتظام، وفي مقال نشرته صحيفة يورو نيوز، كتب محمد بن عبد الكريم العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، أن سياسات طالبان التي تعتمد على التزامهم المزعوم بالشريعة الإسلامية، وتستند إلى نهج انتقائي ومعيب بشكل أساسي، والتفسير المتطرف للنصوص الإسلامية".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: للشریعة الإسلامیة الشریعة الإسلامیة

إقرأ أيضاً:

غداً الاجتماع الفني لألعاب القوى

يعقد غداً الاجتماع الفني لمسابقة ألعاب القوى، التي ستقام على شاطئ الحيل الشمالية خلال الفترة من 8 إلى 10 أبريل، حيث تنطلق المنافسات بعد غد الثلاثاء بإقامة 4 سباقات وهي الوثب العالي للرجال و 60 متر عدو للرجال، و 60 متر عدو للنساء والوثب الطويل للنساء، أما بعد غدا الأربعاء فستقام كذلك 4 مسابقات وهي الوثب الطويل وللنساء وسباق الميل للرجال والوثب الثلاثي للرجال وسباق الميل للنساء، بينما يوم الخميس وهو اليوم الأخير للمسابقة، فستقام 4 مسابقات وهي الوثب الثلاثي للنساء والوثب العالي للنساء وسباق التتابع 4 في 60 متر للرجال وسباق التتابع 4 في 60 متر للنساء.

وحول جاهزية المنتخب الوطني، أعربت لاعبة المنتخب للفتيات هناء القاسمية عن حماسها الكبير واستعدادها التام للمشاركة في منافسات دورة الألعاب الشاطئية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية "مسقط 2025"، مؤكدة أن تمثيل الوطن في هذا الحدث الخليجي الكبير مسؤولية ووسام فخر تسعى من خلاله لتقديم أداء مشرّف.

وقالت القاسمية: أشعر بسعادة كبيرة لمشاركتي في هذه الدورة المهمة، وسأشارك في سباق 1500 متر، وسباق التتابع لمسافة 60 مترًا، وقد حرصت على الاستعداد بشكل جيد خلال الفترة الماضية، من خلال برنامج تدريبي مكثف، حتى في شهر رمضان المبارك، حيث واصلنا التمارين اليومية بإشراف الجهاز الفني الذي بذل جهودًا كبيرة في تجهيزنا بدنيًا ونفسيًا.

وأضافت: الاستعدادات كانت على مستوى عالٍ من الجدية، وتم التركيز على تعزيز القوة والتحمل والسرعة، إلى جانب تقنيات التتابع، وأتطلع من خلال هذه المشاركة إلى تحقيق مركز متقدم، يليق بطموحاتي وطموحات الفريق، ويعكس العمل الكبير الذي قام به المدربون طوال فترة التحضير.

كما أشادت هناء القاسمية بحفل افتتاح الدورة الذي أُقيم مؤخرًا، واصفةً إياه بـ"الرائع والمبهر"، وقالت: حفل الافتتاح كان متميزًا بكل تفاصيله، حيث عكس التنظيم الفني الدقيق لدورة الألعاب، وتضمّن عروضًا بصرية رائعة أظهرت حجم الاهتمام والاحترافية التي بُذلت في تنظيم هذا الحدث الرياضي الخليجي، وأعطى الحفل انطباعًا إيجابيًا لكل الوفود المشاركة، وكان خير بداية لانطلاقة قوية للمنافسات، ومثل هذه البطولات تشكّل منصة مهمة لصقل مهارات اللاعبات وتبادل الخبرات مع المشاركات من مختلف دول الخليج، كما أنها تعزز من روح التنافس الشريف تحت مظلة رياضية خليجية موحدة.

بينما أكد سالم اليعربي، لاعب المنتخب الوطني لألعاب القوى -تخصص الوثب الطويل-، أن مشاركته في دورة الألعاب الشاطئية الخليجية الثالثة تشكّل مرحلة تنافسية جديدة يطمح من خلالها إلى تقديم أداء قوي وتحقيق نتائج نوعية تعكس مستواه الحقيقي، مشيرًا إلى أنه في أتم الجاهزية لمواجهة أبرز لاعبي ألعاب القوى من مختلف الدول الخليجية.

وقال اليعربي: أشعر بحماس كبير لخوض هذه الدورة التي أعتبرها منصة رياضية بارزة، خصوصًا أنها تُقام على أرض سلطنة عُمان، وبين جماهيرنا، وهو ما يمنحنا دفعة معنوية كبيرة، وهدفي هو تحقيق أرقام قياسية جديدة في مسابقة الوثب الطويل، وتقديم مستوى مشرّف يليق بسمعة المنتخب الوطني ويعكس حجم التحضيرات التي خضناها خلال الفترة الماضية.

وأضاف: الاستعدادات جاءت مكثفة ومبنية على خطة واضحة، شملت تحسين الأداء البدني والتركيز على التفاصيل الفنية الدقيقة للوثب الطويل، كما عملنا على تطوير قدرتنا على التكيّف مع أجواء المنافسات، سواء من ناحية التوقيت أو الضغوط النفسية، وهذا ما يجعلني واثقًا من قدرتي على تقديم مستوى مميز.

وأعرب اليعربي عن شكره للاتحاد العُماني لألعاب القوى على منحه هذه الفرصة، قائلًا: أشكر الاتحاد على ثقته ودعمه المتواصل، ومثل هذه البطولات تُعزز تطورنا وتفتح أمامنا آفاقًا جديدة للتعلم والتميز، إلى جانب كونها فرصة لبناء علاقات أخوية مع رياضيي دول الخليج، مما يُثري الجانب التنافسي والاجتماعي في آنٍ واحد.

وختم اليعربي حديثه مؤكدًا عزمه خوض المنافسات بروح قتالية عالية، قائلًا: سنقدّم كل ما لدينا من أجل تمثيل سلطنة عُمان بأفضل صورة، ولدينا الثقة بأن القادم سيكون أفضل.

مقالات مشابهة

  • مستشفى الفاشر للنساء والتوليد والهلال الأحمر السوداني يتفقان علي تنفيذ نشاط النقد مقابل الولادة الآمنة
  • نصف مليون قطعة سلاح من المخلفات الأمريكية فقدت بأفغانستان
  • خطوات ضبط الهاتف على التوقيت الصيفي 2025.. «موعد تطبيقه في مصر»
  • غداً الاجتماع الفني لألعاب القوى
  • هل تعود أوروبا إلى التجنيد الإجباري؟
  • مجلس حقوق الإنسان بجنيف يعتمد قرارا قدمه المغرب بشأن تمكين النساء في المجال الدبلوماسي
  • الهاكا" توجه انذارا لراديو شدى إف إم بسبب برنامج ديني انتقد خروج المرأة للعمل والاختلاط في المدارس
  • الشعبة البرلمانية الإماراتية تشارك في منتدى النساء البرلمانيات بطشقند
  • خارجية الشيوخ: مصر ملتزمة بمسؤوليتها تجاه القضية الفلسطينية.. وثوابتها لم تتغير
  • إصابة طالبين في انقلاب سيارة بمدينة الشيخ زايد