منذ يوم الأحد 28 أبريل الماضي، حين أعلن نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، تأجيل الحسم في تشكيلة اللجنة التنفيذية، وإبقاء دورة المجلس الوطني لحزبه مفتوحة، دخل الحزب في حالة من الترقب لما يخطط له بركة، وسادت مخاوف لدى أوساط متعددة داخل الحزب بشأن استبعادهم من لائحة اللجنة التنفيذية التي سيقترحها الأمين العام في مسعى لـ »تنقية الحزب ».

يقول مصدر من الحزب، إن بركة خرج منتصرا من معركة المؤتمر، فقد نجح في ضمان انتخابه بالإجماع من طرف المجلس الوطني، ونجح في تمرير نص قانوني يسمح له بتقديم لائحة من 30 عضوا للجنة التنفيذية ليصادق عليها المجلس الوطني مرة واحدة، كما نجح في الخروج من ضغط المؤتمر، وأخذ الوقت الكافي لتدبير الحزب وخوض المشاورات والتداولات بشأن 107 ترشيحا لعضوية اللجنة. ويمكنه تشكيل قيادة جديدة بالاعتماد على الأغلبية التي يحظى بها في المجلس الوطني البالغ عدد أعضائه 1200 عضوا.

وحسب المصدر، فإن نزار لم يعد خاضعا لأي ضغط، فهو الشخصية الوحيدة الآن التي تملك الشرعية، وبيده قرار الدعوة إلى عقد المجلس الوطني حين يحسم لائحته. لكن كيف سيتصرف نزار بركة وماهي خططه؟ قبل الجواب لابد التذكير بتفاصيل وكواليس ما وقع في المؤتمر الوطني الـ18 في بوزنيقة من تجاذبات.

عاش المؤتمر ثلاث محطات صعبة عرف خلالها حالة توقف متكرر لساعات. كان يظهر أن المؤتمر له واجهتان، الأولى ظاهرة وتضم حوالي 3600 مؤتمر، وواجهة أخرى ضيقة تتفاوض خلف الأبواب المغلقة على الترتيبات.

أول توقف لأشغال المؤتمر وقع مباشرة بعد انتهاء الجلسة الافتتاحية مساء الجمعة 26 أبريل. مر الافتتاح في أجواء حماسية، بتلاوة النشيد الوطني ونشيد الحزب، وإلقاء كلمة اللجنة التحضيرية وكلمة الأمين العام، ثم أعطيت الكلمة لسفير فلسطين جمال الشوبكي الذي تفاعل معه الحضور، ولكن ما إن انتهت الجلسة الافتتاحية حتى توقف المؤتمر بسبب خلاف حول رئيس المؤتمر: نزار بركة اقترح عبد الصمد قيوح، عضو اللجنة التنفيذية سابقا وهو ما اعترض عليه حمدي ولد الرشيد وأنصاره، مقترحين اسما آخر هو فؤاد القادري، البرلماني في مجلس المستشارين. بسبب هذا الخلاف توقف المؤتمر لحوالي ثماني ساعات، ولم يتم الإعلان عن التوصل إلى اتفاق على لجنة ثلاثية ترأس المؤتمر تتكون من عبد الصمد قيوح وفؤاد القادري، وعبد الجبار الراشدي إلا في الساعة السادسة صباحا من اليوم الثاني للمؤتمر. ما خلفية ما حدث؟

حسب قيادي استقلالي فقد حصل اتفاق مسبق على تولي قيوح رئاسة المؤتمر، لكن أنصار حمدي انقلبوا عليه في المؤتمر. هناك من فسر ذلك بكون قيوح كان متحالفا مع حمدي وانتقل إلى مساندة نزار، ولهذا تم رفضه كرد فعل، وهناك من اعتبر بأن مخاوف تيار حمدي تجد مبرراتها في الخشية من أن يقوم رئيس المؤتمر بتسهيل مهمة نزار على حساب تيار ولد الرشيد؟

نزار وأنصاره كانوا يخشون من صعود شخصية موالية لحمدي إلى الرئاسة وعملها على تغيير ما تم الاتفاق عليه بالتخلي عن التوافق على بركة كأمين العام، والتراجع عن التعديلات في قوانين الحزب. ولهذا كان هناك حذر كبير.

بعد الخروج من أزمة رئاسة المؤتمر، تم استئناف الأشغال بتقديم التقريرين المالي والأدبي والمصادقة على أهم تعديل في قانون الحزب يحتاجه بركة وهو منح صلاحية للأمين العام لاقتراح لائحة اللجنة التنفيذية على المجلس الوطني. كل ذلك تم بسرعة في صبيحة يوم السبت.

ومساء نفس اليوم تواصلت أشغال اللجن واختتمت بتلاوة بيان ختامي. وهنا بدأت مفاوضات أخرى شاقة بين تياري ولد الرشيد وتيار نزار بركة حول طريقة تدبير انتخاب الأمين العام وأعضاء اللجنة التنفيذية. كان رفقة نزار كل من عبد الصمد قيوح وشقيقته زينب، بينما كان يحضر إلى جانب  حمدي ولد الرشيد، كل من ابنه محمد ولد الرشيد والنعم ميارة رئيس مجلس المستشارين.

نزار اكترى فيلا  قرب مركب بوزنيقة حتى يكون قريبا من مكان المؤتمر، لكن المفاوضات كانت تجري في مكان خاص منعزل داخل مركب بوزنيقة بعيدا عن أعضاء المجلس الوطني. حمدي كان يرغب منذ البداية في أن يتم الاتفاق على كل شيء بما في ذلك لائحة اللجنة التنفيذية، لكن بركة رفض متحفظا على الاتفاق مسبقا على اللائحة لأنه، حسب مصدر، « لا يمكن الاتفاق مسبقا على لائحة قد يتم تسريبها وإفشال كل شيء ». قدم له حمدي ولد الرشيد لائحة لكن بركة اشترط التصويت عليه أولا، في المجلس الوطني كأمين عام، ثم العودة للتفاوض على الأسماء لاقتراحها على المجلس. كانت المفاوضات صعبة لدرجة أن حمدي وأنصاره هددوا بالانسحاب من المؤتمر إذا لم يتم الاتفاق مسبقا على لائحة اللجنة التنفيذية.

كانت الأسماء المقترحة من حمدي تضم شخصيات مقربة منه من الصحراء مثل ابنه محمد ولد الرشيد، والنعم ميارة، والمباركي، وأيضا أسماء أخرى مثل رحال مكاوي، فؤاد القادري، محمد سعود، وعبد اللطيف أبدوح، وغيرهم. نزار اقترح على حمدي تقديم لائحة من الصحراء فقط، وتحفظ على عدد من الأسماء الأخرى، لكن حمدي رفض وقال إن لديه التزاما مع عدد من الأشخاص المرشحين، وهنا وصل التفاوض إلى الباب المسدود.

في حوالي الساعة الثانية صباحا من يوم الأحد 28 أبريل، تم الاتفاق بصعوبة على عقد دورة المجلس الوطني، وجرى انتخاب بركة بالإجماع وسط الهتافات. ومباشرة بعد انتخابه كان على أعضاء المجلس الوطني الانتظار لساعات للمرة الثالثة.

عاد بركة إلى التفاوض مع حمدي ولد الرشيد خلف الأبواب المغلقة، هذه المرة حرص أيضا على اللقاء مع عبد القادر الكيحل، عضو مجلس المستشارين، الذي شكل بدوره تيارا تقارب مع حمدي ولد الرشيد. كان هدف نزار هو التفاوض على لائحة تضمن له الانسجام داخل القيادة، بما يمكنه من تفادي الوضعية السابقة للجنة التنفيذية التي عانى فيها من ضغط كبير بسبب الأغلبية التي شكلها ولد الرشيد ضده، لدرجة أن بركة بدأ يتفادى عقد اجتماعات قيادة الحزب أشهرا قبل المؤتمر.

طال انتظار أعضاء المجلس الوطني لساعات، وفي حدود الساعة الخامسة مساء من يوم الأحد 28 أبريل، تمت دعوة أعضاء المجلس الوطني إلى الاجتماع، وتبين أن نزار حسم أمره برفض تقديم لائحة تضم أسماء كثيرة قدمها ولد الرشيد.

صعد بركة إلى المنصة وألقى كلمة قال فيها إنه يريد أخذ وقت للتشاور بشأن لائحة أعضاء اللجنة التنفيذية، وأن اجتماع المجلس الوطني سيبقى مفتوحا، وجاء في كلمته: « بعد مشاورات تبين أن التدافعات في المؤتمر قد تؤدي لانعكاسات على تشكيلة اللجنة التنفيذية، وقد اعتبرنا أنه من الضروري أن نوسع دائرة المشاورات وأخذ الوقت اللازم، وتقييم الترشيحات التي بلغت 107 ترشيحا، لأخذ القرار المناسب من خلال معايير موضوعية ». هذه المعايير حددها في « الكفاءة، المسار النضالي، الأخلاق، والإشعاع الفكري والترابي، ومعيار الوفاء لمبادئ وقيم حزب الاستقلال ».

قال أيضا، إن « الهدف هو فرز قيادة جديدة منسجمة، قوية، قادرة على النجاح في الانتخابات المقبلة، حتى نكون في صدارة المشهد السياسي في 2026 ».

وبعد إلقاء الكلمة، انفض اجتماع المجلس وسط غضب أنصار ولد الرشيد، في انتظار دعوته للانعقاد في أجل لم يحدد، في وقت خرج بركة فائزا للأسباب التالية:

أولا، بإمكانه تقديم لائحة أمام المجلس الوطني بعد مشاورات مع أطراف متعددة داخل الحزب قد تأخذ وقتا، وربما يشكل لجنة حكماء لتقديم المشورة بهذا الشأن، حتى يعطي شرعية للائحة التي سيقدمها.

ثانيا، تمكن بركة من الخروج من ضغط تيار حمدي ولد الرشيد ومن ضغط المؤتمرين، خاصة بعدما تبين أن حوالي 800 شخص دخلوا المؤتمر دون أن تكون لهم الصفة، حسب ما أفاد به مصدر من الحزب.

ثالثا، في حالة إجراء التعديل الحكومي قبل تشكيل اللجنة التنفيذية سيكون بركة هو الوحيد في الحزب الذي يدبر اقتراح الأسماء بالتشاور مع من يريد، وسيمكنه ذلك من تعزيز مكانته داخل الحزب بشخصيات مقربة منه تدخل إلى الحكومة.

رابعا، يخطط بركة لاستبعاد كل من صدرت في حقه أحكام قضائية أو متابعات مثل عبد اللطيف أبدوح أو من تحوم حولهم شبهات من عضوية اللجنة التنفيذية. وحسب مصدر من الحزب، فإن قائمة المستبعدين قد تضم أيضا قيادات سابقة تعاملت بطريقة سلبية مع الأمين العام. أما بخصوص تيار الصحراء، ممثلا في حمدي ولد الرشيد، فيرجح أن يبقى ممثلا في اللجنة التنفيذية لكن دون أن يكون له الأغلبية فيها.

لكن يبقى أمام نزار تحدي ضبط اجتماع المجلس الوطني المقبل البالغ عدد أعضائه 1200 عضوا. فحسب مصدر « اليوم24″، فإن التقديرات تشير إلى أن عدد الموالين لحمدي في المجلس الوطني يقارب 350 شخصا، أي أن الأغلبية تدعم بركة،  لكن هذا لا يعني استبعاد إمكانية حدوث فوضى أو انفلات في اجتماع المجلس، وهو ما يخشاه الاستقلاليون..

 

 

كلمات دلالية المؤتمر18 حزب الاستقلال نزار بركة

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: حزب الاستقلال نزار بركة لائحة اللجنة التنفیذیة أعضاء المجلس الوطنی اجتماع المجلس الأمین العام تم الاتفاق نزار برکة من ضغط

إقرأ أيضاً:

القومي لحقوق الإنسان ينظم مؤتمرا حول دور الإعلام في رفع الوعي

ينظم المجلس القومي لحقوق الإنسان، برئاسة السفيرة مشيرة خطاب، مؤتمرًا بعنوان "الإعلام وحقوق الإنسان: مقاربات حول دور الإعلام في رفع الوعي وحمايتها ورصد تنفيذها"، غدا الإثنين.

يعقد المؤتمر - بحسب بيان صادر عن المجلس اليوم الأحد، بالتزامن مع الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان.

يأتي هذا المؤتمر في إطار الجهود المستمرة للمجلس لتعزيز الحوار حول القضايا الحقوقية، وإبراز الدور المحوري للإعلام في نشر ثقافة حقوق الإنسان.

ويشارك في المؤتمر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ورؤساء المجالس والهيئة الوطنية للاعلام ونقابة الصحفيين والإعلاميين، ونخبة من الخبراء الإعلاميين، وصناع القرار، وممثلي منظمات المجتمع المدني، إلى جانب مجموعة من الأكاديميين المتخصصين في حقوق الإنسان والإعلام.

يناقش المؤتمر ثلاثة محاور رئيسية:

تعزيز دور المجلس القومي لحقوق الإنسان من خلال المعالجات الإعلامية المسؤولة.التحديات التي تواجه الإعلام والمسؤولية المشتركة بين المجلس والإعلام.حماية حقوق الإنسان في عصر الإعلام الرقمي.

فيما يهدف المؤتمر إلى تسليط الضوء على التحديات التي تواجه الإعلام في حماية حقوق الإنسان، ودور الإعلام والمجلس في تعزيز أوضاع حقوق الإنسان، بالإضافة إلى تقديم توصيات عملية لتحسين أداء الإعلام وتعزيز الشراكات بين المؤسسات الإعلامية ومنظمات حقوق الإنسان.

الجلسات الرئيسية:
تشمل الجلسة الأولى نقاشًا معمقًا حول أهمية تعزيز دور المجلس القومي لحقوق الإنسان والإعلام في دعم أوضاع حقوق الإنسان بالبلاد، بينما تركز الجلسة الثانية على التحديات المشتركة بين المجلس والإعلام وسبل مواجهتها. أما الجلسة الثالثة فتناقش حماية الحقوق الرقمية في ظل التحول الإعلامي الرقمي.

يهدف المؤتمر إلى الخروج بتوصيات عملية تُسهم في تطوير التعاون بين الإعلام والمجلس القومي لحقوق الإنسان، وتعزيز دور الإعلام كمدافع عن حقوق الإنسان، مع التركيز على مواجهة خطاب الكراهية والمعلومات المضللة التي أصبحت تهدد المجتمعات في العصر الرقمي.

مقالات مشابهة

  • المجلس الوطني الفلسطيني يوجه نداءً للمجتمع الدولي لرفع الحصار عن غزة
  • «الوطني» يطلع مسؤولة أممية على نهج الإمارات في تمكين المرأة
  • “المؤتمر السوداني” يدين استهداف المدنيين في الفاشر والكومة
  • "الوطني الاتحادي" يطلع مسؤولة أممية على نهج الإمارات في تمكين المرأة
  • رئيس المجلس الوطني الفلسطيني يدين جرائم الاحتلال في غزة
  • الوكرة يكشف لـ«الأسبوع» كواليس الاتفاق مع الأهلي على إعارة حمدي فتحي
  • القومي لحقوق الإنسان ينظم مؤتمرا حول دور الإعلام في رفع الوعي
  • القومي لحقوق الإنسان ينظم مؤتمرًا حول دور الإعلام في رفع الوعي
  • "الوطني الفلسطيني": ما يحدث في غزة جريمة إنسانية تعكس وحشية الاحتلال الإسرائيلي
  • المجلس الوطني يعقب على قصف مبنى بلدية دير البلح ومدرسة في غزة