تفاصيل وقوع شباب مغاربة بفخ العصابات الإلكترونية في شرق آسيا
تاريخ النشر: 8th, May 2024 GMT
الرباط- لم يكن يدور في خلد المغربي لحسن مازوز أن يقود حب السفر شقيقه يوسف (27 سنة) إلى مصير غامض ومجهول في بقعة قصية عن بلده وموطنه. وتعيش أسرة مازوز لحظات عصيبة بعدما اكتشفت أن يوسف وقع ضحية إحدى عصابات الاتجار بالبشر بعد سفره إلى تايلند للعمل في مجال التجارة الإلكترونية.
يقول لحسن للجزيرة نت إن شقيقه سافر للسياحة إلى تركيا وفيها التقى شخصا عرض عليه العمل لحسابه وسهل له الإجراءات ووفر له مصاريف السفر إلى دبي ثم ماليزيا وصولا إلى تايلند، حيث انقطعت أخباره عن العائلة.
ويضيف أنهم علموا بعد مدة أن شخصا التقى يوسف عند وصوله بانكوك ونقله إلى مكان العمل المنتظر ليجد نفسه محتجزا في بناية رفقة أشخاص آخرين من جنسيات مختلفة، مرغمين على العمل في مجال الاحتيال الإلكتروني والقرصنة في ظروف قاسية وممنوعين من المغادرة.
استطاع يوسف التواصل مع شقيقته عبر واتساب ليخبرها بوضعه ويحثها على طلب المساعدة من السلطات المغربية لإنقاذه من الشبكة التي تحتجزه. وبحسب لحسن، فإن هذه الشبكة خيرت شقيقه بين الاستمرار في العمل في ظروف وصفها بالعبودية، أو تقديم فدية قدرها 10 آلاف دولار مقابل حريته.
قدمت العائلة شكاية لدى الشرطة القضائية بإقليم أزيلال، وهناك -يقول لحسن- تم تحديد موقع أخيه في بورما، ثم قدموا شكاية أخرى لدى وزارة الخارجية بالرباط يلتمسون فيها التدخل لإنقاذ يوسف من براثن تلك الشبكة الإجرامية.
ويوضح لحسن أنهم اكتشفوا أنه تم تسجيل 140 شكاية قبلهم لدى الوزارة من عائلات شباب آخرين تعرضوا للمأساة نفسها، وأن أخاه "ليس المغربي الوحيد المستعبد لدى هذه العصابات".
وسلطت الصحافة المغربية الضوء على قضية استدراج شباب مغاربة تتراوح أعمارهم بين 19 و27 سنة تحت ستار التجارة الإلكترونية لإرغامهم على القيام بأعمال إجرامية إلكترونية وطلب فدية من العائلات مقابل إطلاق سراحهم.
وطلبت النائبة البرلمانية عن فدرالية اليسار فاطمة التامني من وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، توضيحات عن الخطوات التي اتخذتها الحكومة لإنقاذ الشباب المغاربة.
وأفادت النائبة بأن هؤلاء الشباب استلموا عروض عمل قانونية وغادروا البلاد بطريقة شرعية ثم انقطعت أخبارهم، ليتبين أنهم محتجزون في مبان مغلقة مرغمين على العمل ضمن شبكات للاحتيال الإلكتروني في ظروف قاسية دون الحق في الراحة الكافية أو الخروج أو التواصل مع عائلاتهم.
وأضافت للجزيرة نت أن هؤلاء الشباب وجدوا أنفسهم في فخ عصابات إجرامية تتاجر في البشر في مناطق في جنوب شرق آسيا.
ووفق البرلمانية، فإن وزارة الخارجية باعتبارها مسؤولة عن شؤون المغاربة المقيمين بالخارج، معنية بالتفاعل مع هذا الموضوع باستعجال لأن فيه تهديدا لسلامة هؤلاء الشباب. ولفتت إلى أنها تعمل على التواصل مع عدد من أسر الضحايا التي تجد صعوبة في الحصول على معلومات كافية عن أبنائها.
توضيحبدوره، وجه رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الحركة الشعبية بمجلس النواب إدريس السنتيسي سؤالا كتابيا إلى وزير الخارجية بخصوص اختطاف واحتجاز هؤلاء الشباب على الحدود بين تايلند وميانمار. وساءل الوزير عن الإجراءات التي ستتخذها الحكومة لإنقاذهم.
وأصدرت سفارة تايلند في الرباط بيانا توضيحيا قالت فيه إن "الادعاء بأن الاحتجاز غير القانوني لمواطنين مغاربة وقع في تايلند غير دقيق".
وأوضحت أن "استدراج الشبكات الإجرامية لبعض الرعايا الأفارقة إلى بعض المناطق في جنوب شرق آسيا ظاهرة حديثة نسبيا، وأنها حالات تخص مواطنين من عدة جنسيات وقعوا ضحايا للشبكات الإجرامية الدولية وعمليات الاتجار بالبشر التي تقيم منشآت بشكل غير قانوني في المناطق الحدودية النائية جنوب شرق آسيا".
وأفادت بأن "مواطنين من مختلف البلدان الأفريقية -وليس من المغرب فقط- وقعوا ضحايا لمثل هذه العصابات ومن الصعب التحقق من عددهم الدقيق وجنسياتهم وأماكن وجودهم". وبأن الحكومة التايلندية أصدرت تعليمات لسفاراتها في أفريقيا بتطبيق تدابير احترازية إضافية في منح التأشيرات لتقليل فرصة وقوع مواطنين أفارقة ضحايا لهذه الأنشطة الإجرامية واستخدام تايلند كطريق عبور.
وأكدت أن الحكومة التايلندية مستعدة للتعاون مع حكومات جميع البلدان التي تم استدراج مواطنيها أو احتجازهم من قبل هذه الشبكات، وتعمل بشكل وثيق مع الوكالات الحكومية المعنية في تلك البلدان.
وعلمت الجزيرة نت أن وزارة الشؤون الخارجية المغربية تجري بحثا بتنسيق مع جهات أخرى للتحقق من المعطيات الرائجة في مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام بخصوص ظروف وملابسات احتجاز شباب مغاربة، وأنها بمجرد اتضاح الصورة ستتفاعل رسميا مع هذا الملف بالشكل الذي تراه مناسبا.
تحذيراتونشطت في السنوات الأخيرة ظاهرة استدراج شبكات الاتجار بالبشر بدول جنوب شرق آسيا للشباب الباحثين عن فرص عمل واستغلالهم في الجرائم الإلكترونية. ويرى الطيب مضماض عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن مثل هذه الشبكات تستعمل وسائل غير قانونية وغير إنسانية للوصول إلى أهدافها.
وصرح للجزيرة نت بأن الضحايا المغاربة الذين وقعوا في فخ هذه الشبكة هم من الفئات الهشة، وكانوا يبحثون عن فرص عمل بأجور تتناسب مع مؤهلاتهم "وهي الفرص التي لم يجدوها في بلادهم".
ولفت إلى أن الدولة التايلندية اعترفت عبر سفارتها في الرباط بالظاهرة ومن واجبها العمل على تحرير المواطنين المغاربة وغيرهم من قبضة هذه الشبكات. وأكد مضماض مسؤولية السلطات المغربية في حماية مواطنيها داخل البلاد وخارجها.
وكان تقرير صادر عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان العام الماضي، قد نبه إلى أن مئات الآلاف من ضحايا العصابات الإجرامية المنظمة يُجبَرون بالقوة على ارتكاب الجرائم عبر الإنترنت في جنوب شرق آسيا، وتتراوح الجرائم بين عمليات الاحتيال في العملات المشفرة والمقامرة غير القانونية، وفي "الاستثمار الرومانسي" ، وفق تعبير المفوضية الأممية.
ونقل التقرير شهادات الضحايا الذين نجوا من هذه الشبكات، وصرحوا بتجنيدهم بطريقة مخادعة حيث كانوا يعتقدون أنهم سيعملون في وظائف مشروعة، وقال الكثيرون إنهم شاهدوا إعلان العمل على إحدى منصات التواصل الاجتماعي، أو مواقع عمل مشروعة. وتتضمن الشروط المقدمة في الإعلانات الاحتيالية وعودا برواتب مرتفعة ومكافآت منتظمة وإقامة مجانية وطعاما.
في المقابل، رجح التقرير أن بعض الضحايا كانوا على علم بأنهم سيشاركون في عمليات احتيال عبر الإنترنت ولكن تم خداعهم فيما يتعلق بالظروف، حيث لم يكونوا على علم بأنهم سيُحتجزون في المجمعات، أو يتقاضون أجورا زهيدة أو بدون أجر، وأنهم سيتعرضون للضرب وغيره من ضروب المعاملة القاسية وأشكال العنف، أو الإجبار على دفع فدية من أجل الرحيل.
ونقل التقرير ذاته عن مصادر موثوقة أن ما لا يقل عن 120 ألف شخص في جميع أنحاء ميانمار قد يكونون محتجزين في ظروف يضطرون فيها إلى تنفيذ عمليات احتيال عبر الإنترنت، مع تقديرات مماثلة في كمبوديا تبلغ 100 ألف شخص تقريبا، إلى جانب الفلبين وتايلند، باعتبارها بلدان المقصد أو العبور الأساسية لما لا يقل عن عشرات الآلاف من الأشخاص.
وأوضح التقرير أن العديد من الضحايا من المتعلمين والمثقفين، ومنهم من يأتي من وظائف مهنية أو يحمل شهادات عليا أو حتى شهادات ما بعد التعليم العالي، وهم متعددو اللغات ويُجيدون استخدام الحاسوب. كما يأتون من جميع أنحاء رابطة أمم جنوب شرق آسيا ومن الصين وهونغ كونغ وتايوان وجنوب آسيا، ومن أفريقيا وأميركا اللاتينية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات جنوب شرق آسیا هؤلاء الشباب هذه الشبکات فی ظروف
إقرأ أيضاً:
«المشاط»: معدلات التشغيل وتنمية مهارات الشباب أحد أكبر التحديات التي تواجه قارة أفريقيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ألقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ومحافظ مصر لدى مجموعة البنك الدولي؛ كلمة محافظي مجموعة الدول الأفريقية لدى البنك، وذلك خلال اجتماع المجموعة مع أجاي بانجا، رئيس مجموعة البنك الدولي. جاء ذلك خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي والمنعقدة بواشنطن حتى 26 أبريل الجاري.
التحديات التي تواجه أفريقيا
وفي كلمتها، أشارت الدكتورة رانيا المشاط إلى أحد أكبر التحديات التي تواجه أفريقيا، وهي ضرورة ضمان وجود مسارات رئيسية لخلق فرص العمل وتجهيز القوى العاملة بالمهارات اللازمة التي تتطلبها السوق، لافتة إلى أن نحو ثلث الأفراد في سن العمل الذين لا يمتلكون وظائف يعيشون في أفريقيا.
وقالت «المشاط»، إنه بالرغم من الجهود التي تقوم بها مجموعة البنك الدولي لخلق فرص عمل، إلا أننا بحاجة لحجم أكبر من تلك الوظائف بما يتناسب مع التحديات الحالية، ولذلك، نحث مجموعة البنك الدولي على تعزيز أجندة الوظائف والتحول الاقتصادي من خلال بعض المسارات الحيوية، ومنها تمويل البنية التحتية المادية والرقمية، من خلال تقديم مجموعة البنك دعم إضافي في بناء وتجديد وتوسيع وتحديث السكك الحديدية، والطرق، والجسور، والموانئ والمطارات، وأنظمة إمداد المياه، ومعالجة مياه الصرف الصحي، وشبكات الكهرباء، أنظمة الري وغيرها من البنى التحتية في مجال التكنولوجيا الزراعية، وشبكات الاتصالات الرقمية وخدمات الإنترنت، المنصات، الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، ومراكز الابتكار التي ستفتح الفرص في قطاعات التكنولوجيا والخدمات.
أهمية تمويل التصنيع المحليكما أشارت "المشاط" إلى أهمية تمويل التصنيع المحلي، مطالبة كذلك بدعم مجموعة البنك الدولي لتطوير مناطق اقتصادية وتجارية وصناعية، وتعزيز الصناعات المحلية مثل المنسوجات، والإلكترونيات، والكيماويات، وكذلك المصانع الخاصة بمكونات الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية، والتوربينات الهوائية والمائية، وأنظمة القياس.
وأكدت أن تعزيز الصناعات ذات القيمة المضافة تمثل كذلك فرصة رئيسية، فمن الممكن أن يقوم البنك أيضًا بدعم تلك الأنشطة، خاصة في القطاعات الاستخراجية، الزراعية، والطاقة لمعالجة المواد الخام محلياً للحفاظ على القيمة المحلية؛ وكذلك في مجالات السياحة البيئية وإدارة النفايات لتوليد فرص العمل مع الحفاظ على الأهداف البيئية، هذا فضلًا عن أهمية تمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومبادرات ريادة الأعمال في أفريقيا، والتي يمكن دعمها من خلال الدعم المالي، والائتمان الميسر، والمصادر التمويلية البديلة (مثل رأس المال الاستثماري) التي يمكن أن تساعد الشركات على توسيع فرص العمل، وتمكين رواد الأعمال الأفارقة الشباب من الحصول على الأدوات اللازمة لبدء وتطوير أعمالهم الخاصة.
تقرير "مستقبل الوظائف 2025"وحول تقرير "مستقبل الوظائف 2025" الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، والذي يسلط الضوء على التركيز المشترك على المهارات المعتمدة على التكنولوجيا والقدرات البشرية؛ قالت "المشاط" إنه من المهم أن تكون تدخلات مجموعة البنك الدولي في مجال رأس المال البشري متعددة القطاعات وفعالة في الاستفادة من نهج التعاون المتكامل داخل مجموعة البنك الدولي، من خلال تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، موضحةً أنه بالنظر إلى أن خلق فرص العمل يتطلب قوة عاملة ماهرة، لذا من الضروري أن تقوم مجموعة البنك بتمويل برامج التدريب المهني والإرشاد لتمكين الأفراد والمجتمعات من تلبية احتياجات الصناعة، مما سيحول الوظائف غير الرسمية إلى رسمية، ويعزز الديناميكية الاقتصادية.
وأوضحت "المشاط"، أنه من الضروري معالجة الحاجة إلى جمع وتحليل بيانات دقيقة وقوية لدعم اتخاذ القرارات السياسية والتنموية، مطالبة مجموعة البنك الدولي بتسريع تنفيذ وتقديم البيانات والتحليلات الجديدة ضمن "جدول أعمال المعرفة" لمواكبة التطورات الاقتصادية وتحقيق أهداف التنمية. ولفتت إلى أنه استنادًا إلى تحليل مجموعة البنك الدولي نفسه، يجب أن نأخذ في الاعتبار نتائج تقرير التنمية العالمية لعام 2023 حول "المهاجرين، واللاجئين، والمجتمعات" للتأكيد على الحاجة إلى إدارة فعالة للهجرة الاقتصادية للمساعدة في موازنة التباينات السكانية وضمان التنمية المستدامة.
وفي ختام كلمتها؛ أكدت "المشاط"، أن نجاح هذه المسارات يتطلب التعاون القوي، معربة عن تأييد مجموعة محافظي الدول الأفريقية استمرار تعاون مجموعة البنك الدولي مع "مختبر استثمارات القطاع الخاص" و"المجلس الاستشاري رفيع المستوى المعني بالوظائف" لتطوير وتنفيذ الأدوات المبتكرة وأدوات تقليل المخاطر، مع ضمان تحديثات منتظمة وتواصل شفاف، بالإضافة إلى تعزيز الشراكات والفرص للتعاون والتكامل من خلال منصات التمويل المشتركة الحالية والجديدة.