عمدة الدار البيضاء تدافع عن موظفة مثيرة للجدل في جماعتها رفض الوالي مهيدية تزكيتها لمنصب كبير
تاريخ النشر: 8th, May 2024 GMT
في خطوة مثيرة، دافعت نبيلة الرميلي رئيسة جماعة الدار البيضاء، الأربعاء، عن مهندسة معمارية، رفض والي جهة الدار البيضاء التأشير على تعيينها في منصب رئيسة قسم التعمير بهذه الجحاعة كما كانت ترغب في ذلك عمدتها.
هذه المهندسة كانت ستصبح رئيسة لقسم التعمير والإسكان والممتلكات بإدارة مجلس جماعة الدار البيضاء، إلا أن الوالي محمد امهيدية رفض التأشير على قرار العمدة تعيينها، وهي ال هذه القادمة من إقليم مديونة، كرئيسة لقسم التعمير والإسكان والممتلكات بإدارة مجلس جماعة الدار البيضاء.
واضطرت عمدة الدار البيضاء التطرق إلى هذا الموضوع، بعدما كالت هيئة المهندسين في الدار البيضاء، هذا الأسبوع، انتقادات واتهامات ضد العمدة، بسبب هذه الوظفة فضلا عن مطالب المعارضة في مجلسها بالتحقيق في صحة تلك الاتهامات.
وأوضحت الرميلي « أنها لم تتوصل بأي ملف يدين هذه الموظفة التي لا تزال تشتغل في جماعة الدار البيضاء ».
ودعت الرميلي أيضا المستشارين الذين ينتمون إلى أحزاب تحالفها الأغلبي، والذين دافعوا بشدة عن رئيستهم أمام هذه الاتهامات (دعت) إلى » أنه لا داعي للتصعيد في هذا الموضوع، وقالت » لا يمكن طرد هذه السيدة؛ فأنا لم أتوصل بأي ملف يدينوها، في الواقع عليها إرتكاب مخالفة لأقوم بذلك، هناك سلطة النيابة العامة والرقم الأخضر لماذا لم يلجؤون إلى هذه السلطة؟ ».
ونوهت العمدة بالموظفة المذكورة، وقالت مشددة: « خصني نجيب ليها حقها (..) إنها ذات كفاءة عالية، ومدققة، من حقها رفض ملفات إن رأت أنها غير مكتملة ». مشيرة إلى « أن الملاحظات تدون على الرخص المطلوبة في قطاع التعمير عبر منصة خاصة بذلك ».
وتابعت العمدة، « هي سيدة أدت عملها بكل أمانة، ومن يتهموها بالإبتزاز، عليه أن يقدم ما يفيد واللجوء إلى القضاء، ». إلى جانب ذلك، وجهت نبيلة الرميلي عبارات شكر وامتنان إلى جميع الموظفين بالجماعة، وأفات أنهم » يتقلدون بمسؤوليات جسيمة وقد يتعرضون إلى المساءلة القانونية في حالة ارتكابهم أية مخالفة جنائية ، وعلى رغم ذلك فهم يعملون بتفان، ونحن أحيانا نطالبهم بالتوقيع إن رأينا أن ذلك في مصلحة المواطنين ». وذكرت أنها، « لا يمكن السماح بمرور ملفات « فيها جنايات » » بحسب تعبيرها.
وكانت الرميلي توصلت برسالة جوابية من الوالي محمد امهيدية قبل أشهر تحمل توقيع الكاتب العام للولاية، يخبرها فيها برفض التأشير على تعيين الموظفة المعنية بالأمر لأنها كانت موضوع مذكرات بحث بالمنطقة الإقليمية مديونة، جراء “كثرة الشكايات المقدمة ضدها من بعض المنعشين العقاريين والمستثمرين في مجال العقار الراغبين في الحصول على رخص البناء، حول ابتزازها لهم ومماطلتها في إنجاز تصاميم البناء والوثائق الإدارية في الوقت المناسب ».
وصب المهندسون المعماريون بالدار البيضاء، جام غضبهم على العمدة بسبب ما سموه « البلوكاج » في شؤون التعمير في العاصمة الاقتصادية، متهمين العمدة بـ »تغطيتها على تجاوزات » الموظفة المذكورة.
كلمات دلالية التعمير الدار البيضاء الوالي محمد امهيديةالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: التعمير الدار البيضاء الوالي محمد امهيدية جماعة الدار البیضاء
إقرأ أيضاً:
العمدة صالح كوري: احرص على الموت توهب لك الحياة
العمدة صالح كوري:
احرص على الموت توهب لك الحياة
كتب – عثمان أبوزيد
حدثني الطيب الأمين من ولاية سنار عن مواقف إقدام وثبات لسكان بعض القرى حاربوا بالسهام وقليل من السلاح فاستطاعوا حماية أنفسهم وأموالهم من الجنجويد.
ذلك ما فعله مستنفرون شباب من قبائل الامبررو في جنوب الدندر وجنوب القضارف وجنوب النيل الأزرق، كان لهم دور بطولي في دحر وصد المليشيا المتمردة من الجنجويد والمتعاونين معهم بأسلحة بسيطة ومنها الأسلحة التقليدية الفتاكة.
يقول الطيب:
أذكر كنت في سفر بين الدمازين والكرمك والوقت في بداية الخريف والطرق شبه رملية، يعني العربات يمكنها السير ببطء وكنا من وقت لآخر ننزل من العربة ونمشي محاذين لها على الأقدام. في أثناء سيرنا وبعد منطقة باو وجدنا مجموعة من أبناء الامبررو يلعبون ويتبارون في إطلاق النشاب (السهام) على أشجار مستقيمة يسمونها (الطارايه) شبيهة بأشجار البان في وسط وشمال السودان، ولا تخطئ هذه السهام الأشجار لدقة التصويب فوقفت معهم مداعبا وقللت لهم من شأن هذه السهام، ولكن أحدهم حاول إقناعي بأن هذا السهم يقتل الفيل وقال لي: لو ما مصدق خذ رأس هذا السهم وضعه في لسانك ولم أفهم كلامه في البداية ولكني شاهدت أن هذه السهام موضوعة في جراب مكور وقيل لي إن به مادة قاتلة، ويمكن للسهم أن يقتل الفيل وهنا ضحكوا قليلا وتركتهم. ولحقت بعربتنا التي تترنح بين أشجار الطارايه وأنا أحدث نفسي أن هؤلاء قد حصنوا أنفسهم وأنعامهم من الحرامية والهمباتة.
ويروي حليم عباس قصة العمدة صالح كوري الرجل الذي واجه الدعامة عندما أوغلوا في المنطقة على متن عرباتهم القتالية المدججة بالدوشكا، فأتاهم الموت من حيث لم يحتسبوا… يأتي سهم في عنق سائق التاتشر فيرديه قتيلا دون أن يعرف من أين جاء وكيف؟ فهذا الشيء الذي ينغرز في العنق أو العين أو الرأس ما هو إلا قشة قاتلة.
بعد اجتياح مدينة سنجة ثم الدندر انتشر الجنجويد جنوبا وشرقا وبدأوا في نهب القرى في مناطق الدندر والرهد حتى تخوم ولاية النيل الأزرق دون أن يواجهوا أي قوة عسكرية. منطقة واسعة مفتوحة جنوب وشرق الدندر وعبر الجزء الجنوبي من ولاية القضارف إلى الحدود الأثيوبية. هناك حيث يستطيع الجنجويد أن يعيثوا فسادا دون أن يسمع بهم أحد. ولكن مقاومة العمدة صالح كوري غيرت المعادلة في تلك المنطقة. وجد الجنجويد أنفسهم أمام قوة ربما لم يتوقعوها، تفزع وتهجم وتتسلل وتطارد، وفي النهاية تم طردهم وتطهير المنطقة وتأمينها.
حلة إسمها “دبركي”، دخلها الجنجويد صباحا ونهبوها، بضائع السوق وسوق البهائهم؛ جمعوا البضائع بمهلة واطمئنان في كشك في السوق، وذهبوا إلى جزار وأخذوا منه بهيمة وأتوا بها إلى امرأة لتشويها لهم، فأكلوا ثم طلبوا منها أن تعمل لهم القهوة ولكن أحد المواطنين كان قد اتصل بالعمدة صالح، أفزعنا!
وصلت قوة صغيرة من قوات العمدة وانضم لها مواطنون مسلحين من الحلة وقع اشتباك وشهداء من المواطنين ولكن لم يخرج من الدعامة سوى ثلاثة لاذوا بالفرار.
أخبرني محدثي – والحديث ما يزال لحليم عباس – بأنه في تلك الأيام التي أعقبت سقوط سنجة والسوكي والدندر وقد نزح الآلاف، ومن لم ينزحوا في مناطق الرهد والحواتة بالذات كانوا قد حزموا أمتعتهم استعدادا للنزوح، وكلهم تقريبا نقلوا أموالهم وأسرهم وعرباتهم إلى مناطق أبعد، اتصل عليه أحدهم ليخبره: يازول ود عمكم دا قاطع ماش أم بقرة (يقصد قاطع نهر الرهد بالمركب). فسأله باستغراب واستنكار: ماش أم بقرة يا؛زول ماله ومال أم بقرة عمدة صالح؟ عنده نعجة هناك؟ عنده بقرة؟ عنده بيت؟ عنده شنو؟ قاطع بي جيش؟ قاطع بشنو؟
أجاب الرجل: والله قاطع معاه وليدات كدي ساي وماش.
قال محدثي: اتصلت عليه، عمدة صالح ياخ ما تكمل القبيلة. الناس ديل (يقصد الجنجويد) بتمشي بتهبشهم والله بجو يكملو القبيلة دي. يقصد مهاجمة الجنجويد ستجر الويلات على القبيلة كلها. (خوف منطقي في تلك اللحظات).
رد عمدة صالح: القبيلة خليها تكمل!
بقوة صغيرة راجلة، ثلاثة بنادق والباقي نشابات عبر العمدة صالح نهر الرهد إلى الضفة الأخرى. بلا سيارات وبذخيرة محدودة. في الضفة الأخرى توجد عربات لمواطنين هربوا من الدندر وتركوها لأنهم وجدوا النهر ممتلئا ونجوا بأنفسهم. جاء الدعامة لأخذ العربات ولكنهم وجدوا الموت في انتظارهم، وأنقذت العربات.
هكذا بدأت رحلة مقاومة طويلة للجنجويد من مناطق نائية بعيدة معزولة بظروف الطبيعية والخريف والأمطار والخيران انتهت بمطاردة الجنجويد حتى الدندر وما تزال مستمرة. معارك عديدة دارت في قرى غير معروفة مثل “دبركي”، “أم بقرة”، “عبدالبنات”، “الدليبة”، “منوفلي”، “حلة بلة” وغيرها، وصولا إلى كامراب قرية الجنجويد التي اشتهرت مؤخرا، ليتم تطهير القرية التي أصبحت جنجويدا بأكملها. في كامراب تم قتل وأسر العديد وهرب من هرب.
سعى العمدة نحو الجنجويد بنفسه بقدميه في البداية ثم على ظهر جمل وقاتلهم من على ظهر “تركتر زراعي”. رجل بسيط نحيف البنية يقود مجموعة شباب من أهله بإمكانيات قليلة ليطارد الجنجويد في مناطق لا يملك فيها لا مال ولا بيوت وليس لديه فيها عشيرة. ولم يستنفره أحد؛ مجرد غريزة فطرية ضد ظلم وإجرام الجنجويد. لذلك حظي بشعبية كبيرة في مناطق الرهد والدندر.
بدأ اسمه في الظهور في لحظة بلغ فيها الجنجويد أوج تمددهم بعد جبل مويا ثم سنجة والدندر وبدا أنهم سيزحفون نحو النيل الأزرق وربما القضارف. لحظة وصلت فيها الروح المعنوية للناس في مناطق الرهد والدندر إلى الحضيض؛ هزائم عسكرية ونزوح جماعي هربا من الجنجويد الذين ينتشرون مثل الطاعون، في تلك اللحظات بدأ الناس يسمعون أن رجلا اسمه صالح كوري قاتل الجنجويد في قرية تسمى أم بقرة واستطاع أن يسترد منهم تراكتورات زراعية كانوا قد نهبوها. خبر واحد جيد وسط المآسي والإحباط والخوف، فكرة مقاومة الجنجويد بواسطة مواطنين حتى لو كانوا مسلحين كانت تبدو غير منطقية مع الهزائم التي تعرض لها الجيش. من هنا بدأت قصة العمدة صالح كوري بالنسبة لأهل المنطقة.
في مناطق نفوذه دعا المزارعين للاستمرار في زراعتهم وطلب من سكان القرى عدم النزوح وتعهد بحمايتهم.
كانت تلك هي البداية، بعدها طلب العمدة الفزع بالذخيرة والرجال. طلب المساعدة من أهله ثم من الحكومة في لحظة كان يُمكن للدعم السريع أن يمده بما يريد من سلاح وعتاد وعربات، لو انضم لهم وهم حاولوا معه.
ولكن العمدة مقاتل قديم منذ التسعينيات. وعلاقة العمدة صالح مع الجيش تجددت مرة أخرى تقريبا في العام 2017 للمساعدة في تأمين الشريط الحدودي مع أثيوبيا من جنوب ولاية القضارف إلى النيل الأزرق حيث تنتشر قبائل الفلاتة الرعاة الذين يشكلون حائط صد طبيعي ضد (المليشيات الأثيوبية) الذين يعبرون الحدود في تلك المناطق ليحتلوا المشاريع الزراعية وينهبوا القرى المتاخمة للحدود ويشردوا أهلها. ويبدو أن هناك اتفاق ضمني يسمح الجيش بموجبه للمليشيات التابعة لعمدة صالح بحمل السلاح لتسرح وتمرح في المنطقة في مقابل تأمين الحدود من الأحباش.
استطاع العمدة صالح تكوين قوات هجومية تقدر ببضعة آلاف استطاعت التصدي لإجرام الجنجويد في مناطق واسعة بين الدندر وجنوب ولاية القضارف والنيل الأزرق. خاضت قواته معارك شرسة وكبدت الجنجويد خسائر واحتسبت شهداء. تطورت قواته لتضم قبائل أخرى من العرب الكنانة والمساليت وأولاد الصعيد وغيرهم، ليهبوا لحماية مناطقهم ويتقدموا إلى الدندر وقريبا سنجة ثم ضمن الزحف الكبير لجيوش سنار نحو الجزيرة ومدني.
قوات العمدة صالح حاليا تعمل كقوات عمل خاص تابعة للجيش وتحت إمرته تقاتل بوعي وطني ضمن ملحمة الكرامة التي تجري على امتداد التراب السوداني المترامي الأطراف، وفي كل جزء منه بطولات وتضحيات كلها تؤكد صلابة عود هذه الدولة وأنها لن تنكسر ولن تُهزم.
قصة تستحق التسجيل، فيها العبرة والفكرة لمن يتقاعسون أو ينكصون عن حماية أرضهم وعرضهم.
وقديما قال سيدنا أبوبكر الصديق لخالد بن الوليد رضي الله عنهم: احرص على الموت توهب لك الحياة.
وقال شاعر:
تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد
لنفسي حياة مثل أن أتقدما…