اكتشف باحثون أن كوكب الزهرة -جار الأرض الحارق وغير الصالح للسكن- أصبح "جافا جدا". ويسد الاكتشاف الذي جاء في دراسة نشرت يوم 6 مايو/أيار الجاري بمجلة نيتشر؛ فجوة كبيرة فيما يسميه الباحثون "قصة الماء على كوكب الزهرة".
وباستخدام المحاكاة الحاسوبية، وجد الفريق أن ذرات الهيدروجين الموجودة في الغلاف الجوي للكوكب تنطلق إلى الفضاء من خلال عملية تعرف باسم "إعادة التركيب الانفصالي"، مما يتسبب بفقدان كوكب الزهرة ما يقرب من ضعف كمية الماء يوميا مقارنة بالتقديرات السابقة.
وقالت "إيرين كانجي" الباحثة بمختبر فيزياء الغلاف الجوي والفضاء في جامعة كولورادو بولدر والمشاركة في الدراسة: "إن الماء مهم لتوفير فرص الحياة، لذلك نحن بحاجة إلى فهم الظروف التي تدعم وجود الماء السائل في الكون، والتي ربما تكون هي التي أنتجت الحالة الجافة جدا لكوكب الزهرة اليوم".
وأضافت كانجي في حديث مع "الجزيرة نت" أنه في مرحلة ما ربما كان كوكب الزهرة يحتوي على مسطحات مائية بحرية مثل محيطات الأرض، لكنه ربما تعرض لظاهرة دفيئة قوية أدت إلى رفع درجات الحرارة إلى 482 درجة سيليزية. وبعد ذلك تبخرت كل مياه الكوكب تاركة وراءها بعض القطرات. وحتى القطرات القليلة المتبقية ربما تكون اختفت بسبب أيون "الفورمايل" الموجود في الغلاف الجوي للكوكب.
ووفقا للدراسة، يتشكل هذا النوع من الجزيئات عندما يمتزج الماء مع ثاني أكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي، وقد يكون هذا الأيون هو السبب وراء جفاف المريخ وفقدانه لمياهه.
ويُنتَج الأيون في الغلاف الجوي لكوكب الزهرة، ولكنه لا يبقى هناك فترة طويلة، إذ تعيد الإلكترونات الموجودة في الغلاف الجوي تجميع أيونات "الفورمايل" لتقسيمها إلى قسمين، وعندما يحدث هذا تهرب أيونات الهيدروجين إلى الفضاء تاركة كوكب الزهرة من دون الهيدروجين، وهو أحد المركبين اللازمين لتكوين المياه. وتسمى هذه الظاهرة "إعادة التركيب الانفصالي"، وربما تتسبب بفقدان كوكب الزهرة ضِعف كمية الماء يوميا.
الأيون الخفيوعلى الرغم من أن الفريق البحثي يشتبه في كون أيون "الفورمايل" هو المسؤول عن جفاف كوكب الزهرة، فإن هذا الأيون نفسه لم يلاحَظ على الكوكب مطلقا، لذلك يسعى الباحثون إلى إرسال مجسات وأدوات يمكنها اكتشاف هذا الأيون.
وتضيف الباحثة المشاركة في الدراسة: "أحد الاستنتاجات المفاجئة لهذه الدراسة هو أن أيون الفورمايل يجب أن يكون في الواقع من بين الأيونات الأكثر وفرة في الغلاف الجوي لكوكب الزهرة، لكن لم نعثر عليه حتى الآن".
ومن المقرر أن تفحص بعثات أخرى مرسلة إلى كوكب الزهرة، الغلاف الجوي للكوكب بحثا عن علامات إذا كان صالحا للحياة. فعلى سبيل المثال ستدرس بعثة وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" المسماة "دافنشي" الغلاف الجوي العميق لكوكب الزهرة برسم خريطة للكوكب واستكشاف السحب في غلافه الجوي لرصد الأيون.
ولن تبحث المركبة الفضائية عن أيون "الفورمايل" على وجه التحديد، لكنها ستظل متيقظة لفهم تاريخ الماء على كوكب الزهرة، ويتوقع أن تنطلق المهمة في ثلاثينيات القرن الحالي، وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع "يوريك آلارت".
تقول كانجي: "لم يكن هناك العديد من المهام إلى كوكب الزهرة، لكن البعثات المخطط لها حديثا ستستفيد من عقود من الخبرة الجماعية والاهتمام المزدهر بكوكب الزهرة لاستكشاف أقصى درجات الغلاف الجوي الكوكبي والتطور والقابلية للسكن".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات فی الغلاف الجوی لکوکب الزهرة کوکب الزهرة
إقرأ أيضاً:
كيف نضحك أمام القتلة؟ وقصائد أخرى
1- حنين
الحزن قد يقذفُ بي إلى البئر
لا أحدَ من الأحياء يسمعُ صراخي
سأبقى وحيدًا في العتمة
أحلمُ بامرأةٍ لا أراها
أتذكّرُ الأشجارَ حين تبكي خوفًا
من وصولِ البشر فجرًا بالحبال
لتغدو غصونُها مشانقَ
للأغنامِ الهاربةِ من بهجةِ الأعياد.
2- دمُ الفراشة
أخذتُ من الفراشةِ
الوردةَ والدم
وكانت تلك
ليلتي الأخيرة على الأرض.
انصتي قبلَ النوم
قبلَ رحيلِكِ الأبديّ
إلى حديثِ الوردةِ الغافية
انصتي في سَيْرِكِ البطيءِ إلى الموت.
سيأخذكِ النسيانُ بعيدًا عنّا
الشمسُ زرقاءُ بلونِ الطفولة
زرقاءُ بلونِ الحب.
3- أتحدّثُ عن الزهرة
عن الزهرةِ أتحدّث
على بابِ البيتِ وهي تذوي
مثلما يذوي الزمنُ بي
ونغدو معًا في اليباسِ وفي اليباب.
هي الأسرعُ في الرحيل
الأكثرُ جمالًا وبراءةً ونقاء
اختارَها الملكُ
وأبقاني أذبلُ رويدًا رويدًا.
ذاتَ يوم سيطرقُ باب بيتي ملك
لا أراه ولا يحدّثني
فقط يقتادني صامتًا إلى الموت
لأرى الزهرة تنتشر في الكون
عبقًا وجمالًا لا يُضاهَى.
أتحدّثُ عن الزهرة
عمّا يعودُ ولا يفنى
أتحدّث أنا الراحل دون عودةٍ إلى التراب.
4-كيف نضحك أمام القتلة
امرأةٌ تتأمّل ملامحها في المرآة
خوفًا من رحيل الجمال
أمام مرور الزمنِ الغامض.
*
لم يجد الدموعَ
التي تجعلُهُ قادرًا على النسيان.
*
كل شيء مطفأ
كالرياح وهي تواجه عبث الأيام.
*
يرحل الحصان الميت
عن البيت الذي يختبئ به الألم والهجر
عن نوافذ المطر المبللة باللوعة والفراق.
*
يعود المهاجر إلى وطنه غريبًا
يشعل نارًا في ساقية الجفاف
ينتظر الرياحَ والمطرَ والغناءَ السحري
ينتظر بكاء الأمهات الذي افتقده في الرحيل.
*
ليس لتلك الطرق الموحشة
في الجبال البعيدة
غيرُ الحنين
غيرُ الجمالِ اللامرئي.
*
تعود المياه الجبلية متدفقة في القلب
تعود الرياح الجبلية حاملة ضوء الليل
موقظةً في الأرضِ الطلعَ والنسغَ
محبّةَ الشجرِ إلى النار.
*
يسير في شوارعها الغرباء
موتَى الندم وحنينُ الشجرِ إلى الماء.
*
لكنّكِ جميلةٌ في الهدوء الصامت
لم أركِ أبدًا جميلةً في الصخب.
*
يبقى لنا الحجرُ الجبليّ
وسادةَ الرأسِ
اللغةَ المقدسةَ للصمت
غطاءَ الأبديةِ
دمْعَ الأشجارِ خالقةِ الحب.
*
وحيدة في شرفات العتمة
في الطرق المظلمة إلى الحب وإلى الموت.
*
لا يسير الموتى إلى البحر
غَرِقوا في الحُفَرِ العميقةِ للأرض
حجرٌ وترابٌ كثيف
غطّى فُتات عظامهم.
*
وكنتُ كالدمعة
التي سقطَتْ على التربة…
وانطفأَت.
*
كم الحياة عابرة وقاسية
كغبار الرمال الزاحف على القرى
لا نرى بعده الماءَ والنخيل
لا نسمعُ الأنينَ والصّراخ.
*
لقد جعلتْنِي البحيرةُ عطشَى
إلى كأسِ نبيذ
والموسيقى أعطت قلبي
مزيدًا من الفرح والحزن في آن.
*
إلهي الذي يراني وحيدةً وعطشى إلى الحب
مَن أُحِبُّ خلف سياجٍ من الحديد
لن أصلَ إليه أبدًا.
*
أتحدّثُ: لِمَ تركَني الله وحيدًا بعد رحيل أمي؟
ليس في الأرض غيرُ الحنينِ إليها
بقعُ دمٍ تتناثر في أغطيةٍ صفراء
موتى وغرباء ونوارس
يجرفُها البحرُ إلى النسيان.
*
الشمسُ من حمل المحبّة
بعيدًا تركتْنا في ليلِ الأبدية.
*
تَبْدينَ أكثرَ جلالًا في الغياب
هادئةً كعصفورٍ ميّت.
*
امنحيني بعضَ بكائكِ
أيتها الحرية
امنحيني دمَ الغزالة
امنحيني جناحَ الطيرِ المهاجر
عبر البحارِ إلى المجهول.
*
لن أعود إليكِ أيّتها المدن الغبية
أيتها المدن حاملةُ الكآبة والعدم واللصوص
والمشوّهين من رداءةِ الأعماق.
*
التقيتُها وهي صبيّةٌ في جبال الجنوب الخضراء
في ذلك المساء الذي اختفتْ من ذاكرتي تفاصيله
بقيَ منه سمارُ لونِها وعذوبةُ ابتسامتِها
بقيَ مطرُ الجبالِ الناعم
يكسو قلبي بفراقٍ قادمٍ لا محال.
*
مع المطر يأتي صوتُ الصغيرة الغائبة
الصبية التي لن تعود
ولن يعود معها مطرُ الحقول.
*شاعر عُماني.
المصدر: ضفة ثالثة