كابوس رفح.. لوتان: الخط الأحمر المتذبذب لجو بايدن
تاريخ النشر: 8th, May 2024 GMT
قالت صحيفة لوتان إن إسرائيل كان يفترض أن ترد بشكل حاسم على هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ولكنها بعد 7 أشهر من الحرب لا تزال متعثرة في ذلك، وها هي تخلف كابوسا برفح، في حين أن الرئيس الأميركي جو بايدن ما زال مكتفيا بالطلقات التحذيرية.
هذا ما يمكن أن يلخص ما جاء في تقريرين بهذه الصحيفة السويسرية، التي استغربت قيام الجيش الإسرائيلي بالهجوم على رفح رغم قبول حماس أول أمس الاثنين بهدنة مقابل إطلاق سراح المحتجزين في غزة.
وفي أحد تقريريها، ذهبت الصحيفة إلى أن إسرائيل لو كانت راغبة حقا في محاربة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وتحرير المحتجزين وتهدئة المنطقة، لقامت بأمرين من الناحية المنطقية، أولهما استهداف زعماء حماس فقط، ثم تقديم ضمان لكل الفلسطينيين بأن أحوالهم سوف تتحسن إذا اختفت حماس.
وكان ينبغي أن يحدث ذلك -كما تقول الصحيفة- من خلال الاستجابة الواسعة للاحتياجات الإنسانية للسكان، وإطلاق مبادرات سياسية تحدد بشكل ثابت "اليوم التالي" وهو ما قالت الصحيفة إن الفلسطينيين لم يكونوا ليعارضوه، ولكن إسرائيل فعلت العكس تماما طيلة 7 أشهر، وفقا للوتان.
ولا شك أن الدبابات التي دمَّرت في الساعات الأخيرة آخر علامة للحياة والأمل عند معبر رفح على الحدود المصرية، وهي تلوح بأعلام إسرائيلية ضخمة بالقرب من السكان الذين يتضورون جوعا، تمثل أحدث تطبيق لهذه النية المعلنة من إسرائيل في استئصال "الإرهاب" وتحقيق "النصر الكامل" في غزة.
هل بايدن مستعد لإسماع صوته؟
غير أن العمليات الإسرائيلية لها عواقب تتجاوز قطاع غزة المدمر، إذ إنها تدرج الأمم المتحدة والحرم الجامعي بالولايات المتحدة في معسكر "معاداة السامية" وحتى واشنطن التي صرفت للتو 14 مليار دولار لتزويد إسرائيل بالقنابل، بعيدة كل البعد عن الهدف في نظر الإسرائيليين.
ويبدو أن منطق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن إسرائيل عازمة على "الدفاع عن نفسها" حتى لو كان عليها "البقاء بمفردها" وأنها على حق ضد الجميع، ولكن المفارقة أنه وغيره من المسؤولين الإسرائيليين لا يتوقفون أبدا عن السعي للحصول على موافقة الغرب التي لا تتزعزع.
وخلصت الصحيفة -في تقريرها الأول- إلى أن أمام أصدقاء الإسرائيليين والفلسطينيين خيارين متاحين اليوم، إما أن يعملوا على إدارة التداعيات المتتالية للسياسة الإسرائيلية التي يعتبرونها في أعماقهم كارثية، أو سيتعين عليهم، قبل أن تنتهي رفح وغزة من الاحتراق، أن يتحركوا بكل قوتهم، لوضع حد لهذا الكابوس.
وذهبت الصحيفة -في مقالها الثاني- إلى أن بايدن، الذي يعارض مهاجمة رفح، على خلاف مع جزء متزايد من ناخبيه بسبب دعمه الثابت لإسرائيل، وقد ظل يعتقد أن الحل الدبلوماسي لا يزال ممكنا قبل أن يفاجئه الجيش الإسرائيلي بقصف رفح، لتتساءل: هل هو مستعد لإسماع صوته لنتنياهو؟
وأشارت الصحيفة إلى الوثيقة التي وافقت عليها حماس، وقالت إن إسرائيل قابلتها بمزيد من الضغط العسكري، ومع ذلك وافقت على إرسال وفد إلى القاهرة لمحاولة التوصل إلى اتفاق أكثر إيجابية.
ورغم الأحداث المتسارعة -كما تقول الصحيفة- لا تزال واشنطن تعتقد أن العملية الإسرائيلية في رفح محدودة، ووفقا لنص مقتضب أصدره البيت الأبيض، أكد بايدن مجددا لنتنياهو معارضته لغزو رفح خلال مكالمة هاتفية صباح الاثنين، وقالت الخارجية الأميركية إنها لم تر أي خطة ذات مصداقية لحماية وإجلاء المدنيين، وقد حذر ملك الأردن عبد الله الثاني في البيت الأبيض من وقوع "مذبحة" و"كارثة جديدة" في غزة.
طلقات تحذيرية
وتساءلت الصحيفة إلى أي مدى يرغب بايدن في الذهاب لكبح جماح حليفه الإسرائيلي؟ مشيرة إلى أنه لم يتجاوز الطلقات التحذيرية، لكن وسائل إعلام أميركية ذكرت أن إدارة بايدن علقت سرّا تسليم الذخائر، كما أن الخارجية سوف تصدر تقريرا هذا الأسبوع حول المساعدات العسكرية لإسرائيل لفحص ما إذا كانت الأسلحة الأميركية تنتهك القانون الدولي.
غير أن العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين ذوي النفوذ، على العكس من الإدارة، دعوا الحكومة إلى معارضة الملاحقات القضائية المحتملة للقادة الإسرائيليين من قبل المحكمة الجنائية الدولية التي ليست واشنطن جزءا منها.
وعلى الصعيد الداخلي، يحتاج الرئيس الذي يخوض الحملة الانتخابية إلى وقف إطلاق النار والإفراج عن المحتجزين أكثر من أي وقت مضى -حسب الصحيفة- في وقت تشهد فيه الجامعات الأميركية حالة من الاضطراب، ويشعر جزء من الشباب، الذين دعموا هزيمة الرئيس السابق دونالد ترامب، بالغضب من المذبحة في غزة.
وختمت لوتان بأن الجامعات ربما تكون مؤيدة للفلسطينيين بصوت عالٍ، ولكن الرأي الأميركي يؤيد إسرائيل بنسبة 80%، بحسب استطلاع حديث أجراه معهد هاريس وجامعة هارفارد، مع الإشارة إلى انخفاض هذا التأييد بين الشباب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات ترجمات إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
محلل إسرائيلي: هذه التغيرات التي عجّلت بإنجاز صفقة تبادل الأسرى
بات واضحا أن مخطط صفقة تبادل الأسرى الحالية بين الاحتلال وحماس يعتمد على النسخة التي تم تقديمها بالفعل في شهر أيار/ مايو، لكن أشياء كثيرة تغيرت منذ ذلك الحين، أهمها انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وانهيار المحور الإيراني، بجانب الاعتبار الحزبي داخل الاحتلال، حيث سيتم تمرير الصفقة عبر الائتلاف الحكومي بسهولة، فيما لا يمنح ترامب "إسرائيل" وحماس أي فرصة للتراجع.
نداف آيال مراسل الشؤون الدولية بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أكد أن "الاتفاق الذي يجري التفاوض عليه بين إسرائيل وحماس لا يختلف بشكل أساسي عن اقتراح نتنياهو وبايدن في أيار/ مايو 2024، بل إن الخطوط العريضة متشابهة، حتى في الأرقام المذكورة: 33 مختطفًا سيتم إطلاق سراحهم معظمهم على قيد الحياة، لكن الفرق أنه منذ ذلك الحين مات العديد من المختطفين، وسقط أكثر من 120 جنديًا في المعارك، واتسع نطاق الدمار في غزة، وأسفر عن مقتل آلاف الفلسطينيين، وضعفت مكانة إسرائيل الدولية".
وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" إن "الإنجازات العسكرية التي حققها الاحتلال كان يمكن أن تتحقق في وقت أبكر لو تم توجيه الاهتمام للاعتبارات الاستراتيجية، وليس لسباق القط والفأر في غزة، مع ما يعنيه ذلك من مصالح سطحية للحكومة، مما أظهر إخلاء محور نتساريم وعودة الفلسطينيين لشمال القطاع، على أنها إنجازات لحماس، لكن الحركة حينها لم توافق على الصفقة برمتها خشية ألا تؤدي لوقف الحرب".
وأشار إلى أنه "كانت هناك فرصة للتوصل لاتفاق مع حماس من قبل، وبالتالي فإن الاحتلال لم يحقق أي إنجازات كبيرة خلال الأشهر الماضية، مقارنة بالظروف التي تحدثنا عنها قبل أشهر قليلة، لكن الظروف تغيرت تماما، وبثمن باهظ للغاية، فيما تمثلت أمامنا ثلاثة مكونات رئيسية: أولاها أن ترامب الفائز في الانتخابات قرر وقف حرب غزة، وكان موقفه منها ثابتا طوال الوقت، وينبغي النظر بجدية لتهديده بـ"الجحيم" إذا ظل المختطفون، صحيح أنها في ظاهرها رسالة لحماس، لكنها أيضًا رسالة لإسرائيل".
وأشار إلى أن "مبعوث ترامب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف علم تفاصيل الصفقة بسرعة، وهو يتمتع بقدرة على عدم الاستماع لـ"الهراء، ولذلك لم يوافق على منح الوسطاء وإسرائيل وحماس لحظة من الراحة، وبسبب فعاليته، نشأ أساس للتقدم السريع، وإزالة أي شك".
وأوضح أن "التغير الثاني الذي عجّل بالصفقة هو الأضرار الكبيرة التي لحقت بالمحور الإيراني، حيث لم يتبق الكثير منه، وتلاشت آمال حماس بأن يحرك الطوفان المنطقة بأسرها، وتحطّمت الحرب الشاملة ضد إسرائيل، التي رأت هي الأخرى خسائرها الفادحة، كما تعيش حماس في غزة وضعاً صعباً، تخسر مقاتلين بمعدل مرتفع للغاية، ومع ذلك فلم يكن ممكنا دفعها للتوصل إلى اتفاق عبر الضغوط العسكرية".
وأشار إلى أن "حماس لديها مصلحة علنية كبيرة بوقف القتال الآن، خاصة مع تسريب جيش الاحتلال بتحضيره لتنفيذ عمليات عسكرية واسعة النطاق إذا فشلت المفاوضات، وشعورها بأن ترامب قد يضرّ بالمساعدات الإنسانية المقدمة لغزة، وتضاؤل الاهتمام العالمي بما يحدث في غزة".
وأكد أن "العنصر الثالث لإبرام الصفقة يتعلق بالسياسة الإسرائيلية الداخلية، حيث يستمتع نتنياهو بالنجاحات في الشمال وضد إيران، وتم تعزيز مكانته بشكل كبير، وتوسّع ائتلافه بشكل كبير، مع إضافة كتلة غدعون ساعر، وبذلك فلا يمكن لاستقالة بن غفير الإطاحة به، وأصبحت تقديرات عدم اجتياز بتسلئيل سموتريتش لنسبة الحسم الانتخابي ثابتة في استطلاعات الرأي، ولذلك اعتقد نتنياهو أن معارضي الصفقة من اليمين المتطرف لن يقدموا على الانسحاب من الحكومة".
وكشف أن "تصريحات نتنياهو العدوانية كانت منسقة مع فريق التفاوض؛ بما فيها تلك المهدّدة بتجديد الحرب، ويكفي أن نلقي نظرة واحدة على استطلاعات الرأي التي كشفت أن الغالبية العظمى من الجمهور الإسرائيلي تريد وقف الحرب بالكامل لصالح عودة المختطفين".
وختم بالقول أن "نتنياهو يدرك جيداً أن صور قادة حماس وهم يرفعون أيديهم ويخرجون من الأنفاق ليست هنا، ولن تكون في المستقبل القريب، ويعلم أن إعادة المختطفين تحقيق لأهداف الحرب، وبالتالي فإن نافذة واسعة انفتحت للتوصل للصفقة، وإن تجاهل هذه الحقيقة الآن، في نظر الإسرائيليين، أمر مستحيل، ولا يغتفر".