الشايجي: العالم يتجه للتعددية القطبية وسلاح النفط لن يضر أميركا
تاريخ النشر: 8th, May 2024 GMT
استضاف برنامج "ما بعد النفط" على منصة أثير رئيس قسم العلوم السياسية السابق في جامعة الكويت الدكتور عبد الله الشايجي في حلقة تناولت التغيرات الواقعة في مستوى النظام العالمي ومدى تأثير تنامي المنافسة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين على دول الخليج العربي حاضرا ومستقبلا.
وتطرق ضيف "ما بعد النفط" إلى مراحل توغل الولايات المتحدة الأميركية في منطقة الشرق الأوسط موضحا أهدافه الحقيقية، وأيضا ما تمتلكه دول الخليج من هامش للمناورة والتأثير على واشنطن ومواقفها من النزاعات الدائرة في المنطقة، على رأسها القضية الفلسطينية.
ومن جهة أخرى، ناقش البروفيسور جدوى التقارب بين الصين ودول الخليج وآفاقه.
بداية اهتمام القوى الكبرى بمنطقة الخليجوانطلق الشايجي بعرض تاريخ اهتمام القوى الكبرى بمنطقة الخليج العربي، مشيرا إلى أنه بدأ منذ القرن الـ19 حينما هيمنت بريطانيا على المنطقة، ووقّعت جملة من معاهدات الحماية مع الحكام العرب، على غرار توقيع معاهدة الحماية مع الكويت في عام 1899.
وتواصلت الهيمنة البريطانية في المنطقة إلى غاية إعلان نيتها الانسحاب من شرق السويس عام 1968 ليتحول النفوذ في دول الخليج إلى الولايات المتحدة الأميركية، بحسبه.
وأشار الشايجي إلى أن بداية الاهتمام الأميركي بمنطقة الخليج كانت مع الرئيس الأميركي نيكسون في نهاية الستينيات، حينما اعتمد "مبدأ العمودان التوأمان" والتي بمقتضاها عولت أميركا على الدولتين الحليفتين لها حينها (إيران والسعودية) للقيام بمهمة حفظ الاستقرار في المنطقة.
وأضاف الشايجي أن "سقوط نظام الشاه في إيران عام 1979 أدى إلى خلل في موازين القوى في المنطقة" بما تسبب في غزو السوفيات لأفغانستان، بالإضافة إلى إعلان الرئيس الأميركي كارتر منطقة الخليج منطقة نفوذ ومصالح حيوية أميركية في عام 1980، مشيرا إلى أن واشنطن مستعدة لاستخدام جميع الوسائل المتوفرة لديها لحماية مصالحها في الخليج بما فيها القوة العسكرية.
ولاحقا أنشأت أميركا قوات التدخل السريع وطلبت تأسيس قواعد عسكرية في دول الخليج العربي، بحسب الشايجي، وأصبح عام 1987 نقطة تحول جديدة في مراحل توغل الأميركان في المنطقة، حين طلبت الكويت من أميركا حماية ناقلات نفطها التي تعرضت إلى القصف الإيراني أثناء حرب الخليج الأولى.
View this post on InstagramA post shared by Atheer – أثير (@atheerplatform)
غزو الكويت الخطيئة التي عززت وجود أميركا في المنطقةوتطرق الشايجي إلى الغزو العراقي للكويت في أغسطس/آب 1990، قائلا: "عبارة غزو لا تكفي لوصف ما حدث حينها، حيث ألحقها صدام حسين بالعراق باعتبارها المحافظة 19 وشطبها من قائمة الدول، كما غير جنسية مواطنيها من الكويتية إلى العراقية".
وأشار إلى أن قيادة الولايات المتحدة الأميركية للتحالف الدولي لتحرير الكويت مكنها من التوغل أكثر في المنطقة، وكان سبب توجه دول الخليج لإمضاء ترتيبات أمنية مع واشنطن مكنتها من تركيز قواعد عسكرية لتحقيق الاستقرار في المنطقة، وأيضا لاعتمادها كمركز لقيادة عملياتها في المنطقة المركزية الوسطى.
الموقف الأميركي من محاولات التقارب الصينية الخليجيةوفي الحديث عن علاقات دول الخليج مع الصين، انطلق الدكتور بمقارنة بين الصين وأميركا على المستوى الفكري والثقافي، مبينا أن انغلاق الصين فكريا وسياسيا عرقل تقدمها في البروز كقوة عالمية جاذبة وأخر من ربط علاقات شراكة بينها وبين دول الخليج.
View this post on InstagramA post shared by Atheer – أثير (@atheerplatform)
وأوضح ضيف "ما بعد النفط" أن الصين الشعبية تركز على الجانب الاقتصادي حيث تريد من دول الخليج دعم اقتصادها وتوفير مصادر للطاقة بأسعار مقبولة، وأن بكين تستورد 40% من احتياجاتها من الطاقة من دول الخليج بما يجعلها شريكها التجاري الأول بقيمة 400 مليار دولار.
ويرى الشايجي أن هدف الصين من مشروع "الحزام والطريق" هو نشر قواعدها العسكرية حول العالم، لذا فهي تتجه لتعزيز استثماراتها وعلاقاتها مع دول الخليج من خلال إدماجها في المبادرة ومشروع طريق الحرير، وهو ما يثير حفيظة أميركا، بحسب رأيه.
وفي هذا الخصوص، أكد أستاذ العلوم السياسية أن الهدف من مشروع الممر الاقتصادي بين الهند وأوروبا مرورا بالشرق الأوسط، المقترح في قمة الـ20 المنعقدة في يوليو/تموز الماضي في الهند، هو الرد على طموحات الصين في المنطقة وعرقلة مبادرتها "الحزام والطريق".
وأضاف الدكتور أن قلق الغرب من المبادرات التوسعية الصينية بدأ منذ اتفاقية إمضاء ربع القرن بين الصين وإيران عام 2021، والذي تضمن عقودا واستثمارات بقيمة 400 مليار دولار، على مدى ربع قرن قادم، تتوزع ما بين النفط والتكنولوجيا والسلاح وأيضا البنى التحتية والعلمية.
View this post on InstagramA post shared by Atheer – أثير (@atheerplatform)
من سيحكم العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية؟وكشف ضيف "ما بعد النفط" أن الاستراتيجيات الأمنية والدفاعية الأميركية بالإضافة إلى تقارير مؤسساتها الاستخباراتية تؤكد، منذ عام 2012، أن العالم يتجه نحو التعددية القطبية وأن المنافس الرئيسي لواشنطن بحسب التقارير ذاتها هي بكين، مستبعدا أن تكون روسيا ضمن سباق الدول القادرة على الهيمنة على العالم بسبب ضعف اقتصادها.
وبحسب الدكتور الشايجي لا يمكن لروسيا أن تكون دولة عظمى متنفذة بدون اقتصاد قوي يدعم خططها العسكرية وصناعاتها الدفاعية وأيضا جهودها في مجال البحث العلمي، ففي حين يبلغ حجم اقتصاد الصين 18 تريليون دولار، ويصل اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية إلى 26 تريليون دولار، فإن حجم اقتصاد روسيا لا يتجاوز تريليونَي دولار.
وشدد خبير العلوم السياسية على أن الصين اليوم، بفضل ما تحققه من نقلة في المجال التكنولوجي، تنافس أميركا وتهدد أمنها القومي، متداركا أن الولايات المتحدة ما زالت القوة الأولى عالميا باعتبارها الاقتصاد الأكبر في العالم كما تمتلك أساطيل في جميع البحار والمحيطات.
View this post on InstagramA post shared by Atheer – أثير (@atheerplatform)
حقيقة مواقف الدول الكبرى من القضية الفلسطينيةوحول مدى تأثر النظام العالمي بأحداث طوفان الأقصى وما لحقه من حرب إبادة على غزة، يشير الشايجي إلى أن الصين وروسيا تسعيان إلى الاستفادة من استياء العرب من موقف واشنطن المتواطئ مع إسرائيل، مشددا على أن موقفهما من الصراع العربي الإسرائيلي في ظاهره يحمل تعاطف مع الفلسطينيين ولكن في واقعه لا يتجاوز مجرد معارضة الموقف الأميركي.
ويرى الدكتور أن روسيا مستفيدة مما يحدث في غزة حيث حولت اهتمام العالم عن الحرب في أوكرانيا، ومن جهة أخرى فإن ما تقوم به الصين في حق مسلمي الإيغور يمكن أن يكشف موقفها الحقيقي من جرائم الاحتلال في غزة.
فاعلية سلاح النفطوفي نهاية الحلقة تطرق عبد الله الشايجي إلى ما تمتلكه دول الخليج من وسائل للضغط على القوى الكبرى خدمة للحق الفلسطيني.
ولا يرى الشايجي جدوى من استخدام سلاح النفط للضغط على الولايات المتحدة الأميركية اليوم، مذكرا أن واشنطن لا تستورد سوى 2% من احتياجاتها من النفط من الخليج على خلاف ما كان عليه الوضع إبان حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، حينما كانت تستورد 50% من حاجياتها النفطية من المنطقة.
View this post on InstagramA post shared by Atheer – أثير (@atheerplatform)
وأشار الدكتور الشايجي إلى أن علاقة دول الخليج مع الولايات المتحدة الأميركية الأمنية والإستراتيجية والعسكرية لن تتغير في السنوات العشر القادمة، في المقابل يتوقع "أن تتنامى العلاقة الاقتصادية مع الصين في قادم السنوات لأنها ستصبح الاقتصاد الأول في العالم"، في حين تجمع الخليج بروسيا "علاقة مهمة لتحقيق أمن الطاقة النفط والغاز".
ويستنتج ضيف "ما بعد النفط" أنه على دول الخليج المحافظة على علاقة متوازنة مع الدول الثلاث، مرجحا أن تشهد السنوات القادمة صراعات ومواجهات بينها.
ويتوقع الشايجي أن يتراجع النفوذ الأميركي عسكريا واقتصاديا مستقبلا في المنطقة لعدة أسباب من بينها حجم الخسائر التي تكبدتها على امتداد أكثر من 20 عاما بالإضافة إلى تركيز جهودها مستقبلا في منطقة المحيطين الهندي والهادي، مرجحا عدم الانسحاب الكلي لواشنطن من المنطقة نظرا لتواصل رغبتها في الهيمنة على الأمن الطاقي في العالم، بحسبه.
وختم رئيس قسم العلوم السياسية السابق في جامعة الكويت قوله إن الخيار الأفضل لدول الخليج هو عدم الاعتماد الكلي على أميركا أو الصين أو روسيا وإنما العمل على تطوير قدراتها الذاتية وتعزيز التنسيق الأمني بينها، منبها إلى أن الحليف الضعيف يكون عرضة للتبعية والتهميش.
يذكر أن الدكتور عبد الله الشايجي كاتب مختص في الشأن الأميركي وصدر له أكثر من كتاب حول تطور مبادئ مختلف رؤساء الولايات المتحدة في بلورة السياسة الخارجية الأميركية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الولایات المتحدة الأمیرکیة العلوم السیاسیة منطقة الخلیج ما بعد النفط الشایجی إلى فی المنطقة دول الخلیج الخلیج من إلى أن
إقرأ أيضاً:
ارتفاع مخزونات النفط الخام والبنزين ونواتج التقطير في أميركا
قالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، اليوم الأربعاء، إن مخزونات النفط الخام ومخزونات البنزين ونواتج التقطير ارتفعت في الأسبوع المنتهي في أول نوفمبر.
وأضافت أن مخزونات الخام ارتفعت 2.1 مليون برميل إلى 427.7 مليون برميل في الأسبوع المشار إليه، مقارنة بتوقعات محللين في استطلاع أجرته رويترز بارتفاعها 1.1 مليون برميل.
وذكرت الإدارة أن مخزونات النفط الخام في مركز التسليم في كاشينغ بولاية أوكلاهوما ارتفعت 522 ألف برميل.
وارتفع استهلاك الخام في مصافي التكرير 281 ألف برميل يوميا. وزادت معدلات تشغيل المصافي 1.4%.
وقالت الإدارة إن مخزونات البنزين في الولايات المتحدة ارتفعت 412 ألف برميل إلى 211.3 مليون، مقارنة بتوقعات محللين استطلعت آراءهم بهبوطها 878 ألف برميل.
وأظهرت بيانات الإدارة زيادة مخزونات نواتج التقطير التي تتضمن الديزل وزيت التدفئة 2.9 مليون برميل إلى 115.8 مليون برميل مقابل توقعات بانخفاضها 1.1 مليون.
وقالت الإدارة إن صافي واردات الولايات المتحدة من الخام ارتفع1.7 مليون برميل في اليوم خلال نفس الأسبوع.
النفط يتراجع مع ارتفاع الدولار وتقييم المستثمرين لتبعات فوز ترامب
انخفضت أسعار النفط، اليوم الأربعاء، مع اتجاه الدولار لتسجيل أكبر ارتفاع يومي له منذ مارس 2020 بعد إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة.
ويعتقد المستثمرون أن إدارة ترامب ستعزز قيمة الدولار إذ سيلزم إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة لمكافحة التضخم الذي قد ينتج عن فرض رسوم جمركية واتباع سياسات جديدة قد تزيد الضغط على اقتصاد الصين، مما قد يضعف الطلب هناك.
وانخفضت أسعار النفط للعقود الآجلة لخام برنت 33 سنتا أو نحو 0.44% ليجري تداولها عند 75.20 دولار للبرميل بحلول الساعة 16:54 بتوقيت غرينتش، في حين نزل خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 13 سنتا أو 0.18% إلى 71.86 دولار للبرميل. وخسر كلا العقدين أكثر من دولارين في وقت سابق.
وإلى جانب ارتفاع الدولار الذي يلقي بظلاله على أسعار السلع الأولية، فإن رئاسة ترامب قد تشهد تبني سياسات من شأنها أن تزيد الضغوط على اقتصاد الصين أكبر مستورد للنفط الخام في العالم وبالتالي إضعاف الطلب، وفقا للمحللة المستقلة تينا تنج.
ويتجه الدولار لتحقيق أكبر ارتفاع يومي منذ مارس 2020 مقابل نظرائه الرئيسيين وسط انطلاق ما يسمى "التداولات المراهنة على سياسات ترامب".
ويجعل ارتفاع الدولار السلع الأولية المقومة به -مثل النفط- أعلى تكلفة لحائزي العملات الأخرى.