مقترحات بتعديلات تشريعية لحظر المخدرات التكنولوجية

 

موسيقى تشبه «حبوب الهلوسة» تخدر العقل بموجات متناغمة بطبقات مختلفة تؤثر على الخلايا العصبية، لها نفس تأثير المخدرات المعروفة، بل أشد فكتاً وتنصب فخاً للإدمان، فتبث ترددات معينة فى الأذن اليمنى وترددات أقل إلى الإذن اليسرى، وتكون قوة الصوت من 1000 إلى 1500 هيرتز كى تسمع منها الدقات، أما الجانب المخدر من هذه النغمات فيكون عبر تزويد طرفى السماعة بدرجتين مختلفتين من الترددات الصوتية، ويكون الفارق ضئيلاً يقدر من 30 هيرتز، يتعرض لها الأطفال والمراهقون عبر الشبكة العنكبوتية، من خلال ملفات صوتية وموسيقية ملغمة بمحتوى خطير يؤثر على الدماغ، ويسيطر على الحواس، ويؤدى إلى اختلال التركيز وتشويش الذهن.

 وسلط مسلسل المداح، الضوء على مشكلة المخدرات الرقمية وتأثيرها على عقول الشباب، حيث تجعل الشخص يستمع بشكل دائم إلى نوع معين من النغمات التى تحتوى على تأثيرات معينه، تجعل الشخص مغيب ولا يستريح إلا بالاستماع إليها.

خطر يزحف

«خطر يزحف إلى بيوتنا عبر مواقع الإنترنت تبحث عن فرائسها لتدمر الصحة وتسلب الوقت وتضعف النشاط».. هكذا بدأ وليد هندى استشارى الصحة النفسية وعلاج الإدمان، حديثه عن آفة العصر، قائلًا: «المخدرات الرقمية عبارة عن ملفات صوتية يتم سماعها عن طريق مواقع إلكترونية معينة ويتم تعاطيها عن طريق سماع النغمات ووضع سماعات فى كلتا الأذنين، فالإيقاعات الموسيقية الصادرة من هذه الملفات تكون متباينة بين الأذنين، ومن خلال العصب السمعى تنتقل الإشارات إلى الدماغ لتؤثر على مستوى التفاعل الكهروكيميائى للنواقل العصبية بين خلال الدماغ والجهاز العصبي، لافتًا إلى أنها تحتاج إلى أجواء خاصة بها للحصول على التأثير المرغوب والنشوة، كالانزواء فى غرفة منفردة، والاسترخاء، وتغطية العينين، وهى تحاكى فى تأثيرها المخدرات التقليدية التى يتم تعاطيها عن طريق الفم أو الحقن أو الاستنشاق، فيمكن للمخدرات الرقمية أن تحدث ذات الأثر المترتب على تعاطى الكوكايين من نشوة وتأثير نفسى. 

وليد هندى استشارى الصحة النفسية وعلاج الإدمان

ولفت «هندي»، إلى أن الخلل الذى تسببه المخدرات الرقمية فى الدماغ تنتج عنه أعراض انفعالية، مثل تهيج الدماغ بدرجتين متضادتين تتراوح بين العصبية والانبساطية بدرجة تسبب المتعة والعبث بالحالة الانفعالية، مما يتسبب فى إفراز هرمون الدوبامين وهو هرمون السعادة، بينما تسبب العصبية إفراز هرمون الأدرينالين والنورأدرينالين وهو هرمون الانقباض والخوف وتوقع المخاطر»، منوهًا إلى أن المخدر الرقمى له خطورة كبيرة على الأعصاب، حيث يجعل المدمن فى حالة انطواء ودائم الإرهاق، وتسيطر عليه عصبية مفرطة، وأحيانًا تظهر لديه سلوكيات عدوانية، ويكون مشوش التركيز والتفكير غير متجاوب مع الآخرين وخجول من الناس ويشكو من الإمساك ويعانى من اضطراب الشهية.

وتابع هندي: إذا فقد المدمن السماعة أو الجهاز تظهر لديه علامات توتر وقلق وعصبية، وهناك علامات أخرى، حيث يبرز قصور واضح فى دراسته ونشاطاته الرياضية وعلاقاته الأسرية مع أهله، ويكون دائم الانزواء فى غرفته، ويسهر كثيراً، ولا يفارقه الجهاز و يتصفحه باستمرار من وقت لآخر، مشيراً إلى أن النصح والإرشاد لا يؤدى إلى نتيحة معهم، وذلك لوقوعهم فى فخ قوة خفية تسيطر على سلوكهم وتعمق لديهم هذا الإدمان، مؤكدًا أنه من السهل اكتشاف أعراض الإدمان الإلكتروني، من خلال تصفح الطفل أو المراهق أجهزة الموبايل والآيباد طويلًا، وملاحظة وضع سماعات الأذن لوقت طويل وظهور انفعالات غريبة على ملامحه.

ولفت الخبير النفسي، إلى وجود العديد من الطرق التى يمكن استخدامها لعلاج الإدمان على المخدرات الرقمية، منها: البرامج العلاجية فهناك العديد من البرامج العلاجية التى يمكن أن تساعد المدمنين على التعافي، مثل العلاج السلوكى المعرفى والعلاج الجماعي، وهناك أيضًا الأدوية التى يمكن أن تساعد فى علاج الإدمان على المخدرات، مثل مضادات الاكتئاب ومضادات القلق، والدعم الاجتماعى، حيث يلعب دورًا مهمًا فى علاج الإدمان، حيث يمكن أن يساعد المدمنين على التعافى من الإدمان والوقوع فى الانتكاس.

كما يمكن للآباء حماية أبنائهم من خطر المخدرات الرقمية من خلال تعريفهم بها ومناقشة خطورتها عليهم، وملء أوقات فراغهم بالأنشطة الرياضية والفنية، ومشاركة الأفكار معهم وتبادل الآراء وخلق حالة من الثقة والصداقة، وتجنب العنف فى التعامل معهم لأنه المبرر الأول للهرب والانعزال، ومراقبة نوعية الموسيقى التى يسمعونها عبر الإنترنت لفترات طويلة ومشاركتهم فيها، بالإضافة إلى دور الأسرة والمدرسة فى التوعية، حيث يمكن للأسرة والمدرسة أن توعى الأطفال والشباب حول مخاطر المخدرات الرقمية وكيفية الوقاية منها، بالإضافة إلى أنه من المهم أن تتواصل الأسرة والمدرسة مع الأطفال والشباب حول استخدامهم للأجهزة الرقمية، وذلك للتعرف على مشكلاتهم وتقديم الدعم لهم.

آفة العصر

مصطفى محمد إخصائى علاج نفسى وإرشاد أسرى‏

وتعليقًا على تلك المشكلة، أشار مصطفى محمد إخصائى علاج نفسى وإرشاد أسرى‏، إلى أن «المخدرات الرقمية» باتت تمثل مشكلة كبيرة فى الوطن العربي، ذلك لأن الشباب يقضون معظم الوقت فى منازلهم، حيث لا توجد لديهم عناصر تسلية أو نشاطات اجتماعية أو رياضية، لهذا يقعون ضحايا لهذا النوع من الموسيقى الخطيرة، حيث تكون بمثابة متنفس لهم، فهى عبارة عن نوع خاص من الموسيقى ترتكز على مبدأ الطنين والنقر لتعطى صاحبها شيئاً من البهجة والمتعة».

ولفت «محمد»، إلى أن هناك طقوسًا للتعاطى للحصول على النشوة من الاستماع للمقاطع الموسيقية، والتى تعطى إيحاء بالمتعة والنشاط، منها غلق النوافذ والإضاءة والاكتفاء بضوء خافت أو ملون، وارتداء ملابس واسعة، وتعصيب العينين، والاستلقاء والاسترخاء التام، منوهًا إلى أن هذه المخدرات الرقمية تؤدى إلى العديد من الاضطرابات النفسية، مثل الاكتئاب والقلق والفصام، والمشكلات السلوكية مثل العنف والجريمة، وهناك إيضًا المشكلات الصحية الجسدية مثل أمراض القلب والسكرى والسرطان.

وينصح الخبير الأسري، الآباء بحماية أطفالهم من التعرض للمخدرات الرقمية، خاصة عند اكتشافهم شغفا زائدا لديهم تجاه الموسيقى الصاخبة، لهذا يجب توجيه هواياتهم نحو تعلم الموسيقى لتفريغ طاقاتهم فيها، معتبراً أن ذلك يسهم فى بناء حاجز صد ضد أى ملوثات موسيقية وتجنبهم التعرض إلى أنواع المخدرات الرقمية

وأكد مصطفى أن المخدرات الرقمية لها أنواع منها: «الأسطورة البللورية» وهى نوع من النغمات الهادئة التى  تسبب الهلوسة، و«الموجة العالية» وهى نغمات صاخبة تؤدى إلى تحفيز جميع خلايا الجسم والعقل بصورة تزيد من نشاط الفرد بطريقة مذهلة.

ويتوقع الخبير الأسرى أن هذه المخدرات الرقمية ستستمر فى الانتشار فى السنوات القادمة، وذلك بسبب عدة عوامل، منها: انتشار الأجهزة الرقمية بين جميع الفئات العمرية، وسهولة الوصول إليها من خلال شبكة الإنترنت، بالإضافة إلى قلة الوعى حول المخاطر لذا من المهم أن نكون على دراية بمخاطرها وأن نحمى أنفسنا منها. 

مكافحة المخدرات الرقمية 

«لم تقتصر المخدرات على الكوكايين والحشيش والماريجوانا وغيرها من المواد المخدرة الملموسة، بل أصبح هناك خطر أكبر منها، يتمثل فى نوع آخر من المخدرات غير الملموسة، وهو ما يعرف بالمخدرات الإلكترونية».. بتلك الكلمات تحدث عمر الحطاب المحام والمحاضر القانونى عن خطورة تلك المخدرات وعقوباتها الجنائية، قائلًا: «تكمن خطورة هذا النوع من «المخدرات»، فى سهولة الحصول عليه، حيث بالإمكان انتقاء المقطوعات الموسيقية وتحميلها من الإنترنت، والاستماع إليها عبر سماعات الأذنين»، حيث يقوم المستمع بكل سهولة بالجلوس بغرفته مع إطفاء الأضواء ثم يقوم بوضع سماعاته وإغماض عينيه.

ولفت  إلى أن أغلب الدول لا تعترف بوجود هذا النوع من المخدرات التى يصنف بأنها مخدرات سمعية عكس المخدرات التقليدية التى توصف بأنها مخدرات كيميائية، ويتم الكشف عنها بإجراء التحاليل، مشيرًا إلى أن الدول العربية لا تعترف بها لأسباب كثيرة جدًا منها أن طبيعتها غير واضحة وهى عبارة عن موسيقى يتبادر لذهن أى شخص أنها مجرد أصوات عادية ناتجة عن إيقاع موسيقى، بالإضافة إلى أن التشريع فى أغلب الدول العربية يعتمد فى سياسة التجريم على أن تكون الجريمة مادية لها وجود ملموس فى الواقع وواضحة وضوح يقينى، مشيرًا إلى أنه إذا تجاهلنا هذا النوع من المخدرات سيكون هو «المخدرات المستقبلية» التى تستخدم بكثرة، مشيراً إلى غياب مدمني هذه المخدرات الرقمية فى العالم العربى، لكن ما يوجد هو متعاطون وبعد فترة سنصل إلى مرحلة الإدمان، مؤكدًا أن دولنا العربية فى أشد الحاجة إلى عمل جدار من الأمن المعلوماتى لحماية شبابنا من هذا النوع من المخدرات الرقمية التى أصبحت لها مواقع إلكترونية لترويجها من خلال مواقع التواصل الاجتماعى.

وأضاف أن ما يزيد الأمر خطورة هو الافتقار للرقابة الرسمية على هذه المواقع والمقاطع الصوتية فى مصر، بالإضافة لعدم وجود تشريعات تمكن الدولة من الرقابة الإلكترونية على من يقوم ببيع هذه النغمات المخدرة حتى بعد إقرار قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية المصرى.

وتابع الخبير القانونى أن أغلب الدول ما زالت ما بين معترف بها كجريمة وغير معترف بيها، وما زال الأمر تحت الدراسة، ولكن هذا الأمر تناولته الأمم المتحدة بتقرير مفصل يحث الدول على الاعتناء بالأمر، خصوصًا أنه أصبح دارجًا وملحوظًا، مشيرًا إلى أنه من ضمن إجراءات المكافحة، اهتمام السياسة الجنائية للمشرع بهذا الأمر ودراسته دراسة واقعية تعتمد على أسلوب المسح الميدانى والاجتماعى والاستماع الى الغالبية العظمى من المجنى عليهم فى هذا الأمر وهم الشباب والبنات فى سن المراهقة، ثم إدراج هذا النوع من الجرائم فى قانون مكافحة جرائم الإنترنت وتكنولوجيا المعلومات، وذلك لأن مصر أرض خصبة لهذا النوع من الجرائم خاصة مع قلة الوعى الإلكترونى، ولكن بعد إصدار القانون رقم ١٧٥ لسنة ٢٠١٨ الخاص بجرائم تقنية المعلومات، أصبح هناك طريق من الممكن أن يسلكه المشرع المصرى لمعالجة هذا النوع من الجرائم بنصوص قانونية تحدد نموذج الجريمة والعقاب عليها لا سيما، وأنها من الجرائم المنظمة شديدة التعقيد.

وطالب الحطاب أجهزة الدولة المختصة بسرعة فلترة مواقع الويب، وتحديدا وسائل التواصل الاجتماعى التى تطرح هذه النوعية من المخدرات الرقمية أو غيرها، وحجبها بشكل نهائى، لحماية شبابنا العربى من هذا الخطر الجسيم، مشددًا على ضرورة الرقابة الأسرية على الأطفال والمراهقين وتقنين استخدام وسائل التكنولوجيا فى الموضوعات المفيدة، وتكاتف كل مؤسسات الدولة المعنية، ووسائل الإعلام لمحاربة هذا الخطر، وتوعية الأفراد بخطورته وتوفير طرق العلاج والوقاية، وتبنى منظمات المجتمع المدنى لمبادرات شغل وقت فراغ الشباب بأعمال مفيدة لهم وللمجتمع.

دور مصر 

وكانت لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس الشيوخ قد ناقشت مقترحًا برغبة مقدمًا من النائب محمود القط، أمين سر لجنة الثقافة والإعلام بالمجلس، حول خطر المخدرات الرقمية والإلكترونية والتى تتجسد فى ملفات سمعية غير ملموسة مصحوبة ببعض الأشكال والحركات التى تعمل على خداع العقل وتستفزه وتتسبب للملتقى فى شعور بالنشوة مثلما يحدث فى المخدرات التقليدية، وينتج عنها هلوسة وشرود ذهنى وتشنجات وانفصال تام عن الواقع.

وقال النائب محمود القط فى كلمته باجتماع اللحنة، إن العديد من دول الجوار استطاعت إصدار قوانين تحد من هذه الظاهرة مثل السعودية ولبنان، فيما نظمت دول مثل الكويت والإمارات والأردن عددًا من ورش العمل لمناقشة الظاهرة وسبل مواجهتها، مضيفًا: «خطورة المخدرات الرقمية والإلكترونية على الأطفال كبيرة، وتهدد الاستقرار الأسري، لأنها تفصل شبابنا عن الواقع المحيط به وتجعله يعجز عن إدراك واقعة وتحدياته»، وطالب القط بتشريع يجرم هذه الظاهرة، لما تمثله من تنامى واضح فى السنوات الأخيرة، وحملات توعية للأسر المصرية بأهمية متابعة ومراقبة الأبناء أثناء استخدامهم التقنيات الحديثة.

«المخدرات المستقبلية» 

محمد محسن رمضان مستشار مركز المعلومات والتحول الرقمي

 ومن زاوية جديدة، تحدث معنا محمد محسن رمضان، مستشار مركز المعلومات والتحول الرقمي، مؤكدًا أن المخدرات الرقمية انتشرت  دون وجود كيان مادى ملموس، فلا أدوية يتم تعاطيها أو استنشاقها أو حقن الجسم بها، لكنها تحاكى مفعول المخدر المادي، وقد ارتبط مفهوم هذه المخدرات مع الحياة المعاصرة والعالم الافتراضى الذى استحوذ على حياة الناس وربطهم بشبكة اتصال عنكبوتية يتم من خلالها التسويق للمخدرات الرقمية فى أى مكان فى العالم، فهى آفة خطيرة تتحمل مسئوليتها بالدرجة الأولى (الأسرة ومن بعدها المدرسة)، وينبغى على الجهات المعنية والإعلام والتوعية بخطرها وتأثيرها بكونها فخًا جديدًا للإدمان من خلال المحتوى الرقمي.

 وتابع «رمضان»، نشأت المخدرات الرقمية واعتمدت على تقنية قديمة تسمى «النقر بالأذنين» اكتشفها العالم الألمانى «هينريش دوف» عام 1839 واستخدمت لأول مرة فى السبعينات لعلاج بعض الحالات النفسية لشريحة من المصابين بالاكتئاب الخفيف، واستخدم فى حالة المرضى الذين يرفضون العلاج السلوكى والعلاج بالأدوية، ولهذا تم علاجهم عن طريق ذبذبات كهرومغناطيسية لفرز مواد منشطة للمزاج، كما أنها استخدمت فى مستشفيات الصحة النفسية، نظراً لأنه هناك خلل ونقص فى المادة المنشطة للمزاج لدى بعض المرضى النفسيين، ولذلك يحتاجون إلى حث الخلايا العصبية على إفرازالهرمونات، وكان هذا يحدث تحت الإشراف الطبي، بحيث لا تتعدى عدة ثوان أو جزء من الثانية ويجب ألا تستخدم أكثر من مرتين يومياً وتوقف العلاج بهذه الطريقة بعد فترة.

وأشار الخبير إلى أنه توجد فيديوهات تسمى بـ«موسيقى الهلوسة» تحظى على «يوتيوب» بمشاهدات عالية، فهناك مقطع بعنوان مخدرات رقمية عالية الجودة تخطت الـ100 ألف مشاهدة مع تعليقات لمدمنين من جنسيات عربية، فتلك الأرقام تعتبر أرقام مخيفة تحمل مؤشرًا على انجراف الشباب والمراهقين لهذا الصنف الموسيقى الذى يؤثر نفسياً على سلوك الأفراد وصحة المجتمعات.

وبالتالى فلا بد من رقابة الأسرة على الأطفال والمراهقين وتقنين استخدام وسائل التكنولوجيا إلا فى الموضوعات المفيدة، وتكاتف كل مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني، والمدارس والجامعات ووسائل الإعلام لمحاربة هذا الخطر، وتوعية الأفراد بخطورته وتوفير طرق العلاج والوقاية ونشر الوعى التكنولوجى لدى المستخدمين.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الخلايا العصبية مسلسل المداح المخدرات الرقمية المخدرات الإلكترونية المخدرات الرقمیة علاج الإدمان هذه المخدرات بالإضافة إلى هذا النوع من من المخدرات من الجرائم العدید من ا إلى أن عن طریق إلى أنه من خلال نوع من

إقرأ أيضاً:

الهُوية الرقمية للأطفال والناشئة منصة «عين للطفل»

تستمد سياسات سلامة الأطفال شرعيتها من منهاج الحقوق التي تفرض أهمية حمايتهم وصون حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية، وتعزيز بيئتهم بالثقافة الداعمة للمرتكزات الأصيلة، التي تقدِّم لهم نطاقا واسعا من المعرفة والتعلُّم، ولعل التطورات التقنية المتسارعة قد أحدثت نقلات نوعية بشأن تلك الحقوق وجعلت الدول تقدِّم الكثير من البرامج والمبادرات والخدمات التي تُسهم في سلامة الأطفال وحمايتهم.

لقد أتاح الانتشار الواسع للتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي والبرامج الرقمية المفتوحة، إضافة إلى توفُّر الأجهزة الإلكترونية لدى الأطفال، فرصا واسعة للتواصل، والمشاركة والتعلُّم والنفاذ إلى المعلومات والبيانات وفتح آفاق متعددة للمعرفة، الأمر الذي وسَّع من فرص تعرُّضهم للمخاطر والتهديدات؛ فعلى الرغم من أهمية العالم الرقمي وارتباط الأطفال والناشئة به، وإمكاناته المتعددة للتعلُّم والتعليم والترفيه، إلاَّ أنه يمثِّل بابا مفتوحا من مخاطر التضليل والعنف والاستمالة والاستغلال وغير ذلك.

ولأن المجتمعات تُدرك أهمية التقنيات الرقمية الحديثة وقدرتها على فتح آفاق المعرفة والتعلُّم، ومدى ارتباط الأجيال الحديثة بتلك التقنيات (بدءا من جيل الألفية وجيل زد وحتى جيل ألفا)، الذين يولون أهمية كبرى للتقنيات الحديثة ويُدخلونها في يومياتهم ويعتمدون عليها في الكثير من إنجازاتهم العلمية والعملية بل وحتى الاجتماعية، فإنه لا يمكن الاستغناء عن التقنيات الحديثة ولا يمكن التراجع عن استخدامها وتطويرها والاعتماد عليها، لذلك وجب على الدول إعداد المحتوى الوطني الذي يقدِّم المعرفة والتعلُّم ضمن مجموعة من المحددات والضوابط الاجتماعية والأخلاقية التي تحمي الأطفال والناشئة وتصون حقوقهم.

إن نطاق حماية الأطفال والناشئة في ضوء التطورات التقنية لا تعني إدارة واحتواء الأنشطة غير القانونية التي تضر بهم وحسب، بل تنطلق من إيجاد بيئة رقمية صحيَّة من خلال توفير المحتوى الرقمي الآمن، الذي يضمن لهم تعلُّما وترفيها وتواصلا ضمن بيئة رقمية تحرص على ترسيخ القيم والآداب والثقافة المجتمعية من ناحية، وتغرس مفاهيم المعرفة القائمة على التفكير المرن وحُرية الرأي والتقييم والتحليل من ناحية أخرى، الأمر الذي يوفِّر مجالات خصبة للتعلُّم المرن القائم على الاستجابة والدعم والمساعدة الذاتية والوقاية من المخاطر.

لذا فإن توفير المحتوى الرقمي الآمن يُسهم في تحقيق التوازن بين حماية الأطفال والناشئة من مخاطر المحتوى المضلِّل، ويوفِّر فرصا لبناء مواطنين رقميين مسؤولين عما يقدمونه لاحقا من محتوى وما يسهمون به في بناء مجتمعهم. إن تنافس الدول وتسابقها من أجل تقديم المحتوى الرقمي لشعوبها وخاصة للأطفال والناشئة، ينطلق من تلك التحديات التي أصبحت تتزايد في ظل التطورات المتسارعة للتقنية والذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث شَهِد العالم إنشاء منصات رقمية لإنتاج المحتوى الرقمي وتقديمه بصور بصرية وسمعية تعتمد على التقنيات الحديثة وتستفيد من تطوراتها.

إن هذه المنصات تتيح للأطفال والناشئة اكتشاف هُويتهم الشخصية، ومهاراتهم وقدراتهم وإمكاناتهم التواصلية في بيئة آمنة، توفِّر لهم فرص امتلاك مهارات خاصة ذات صلة بقضايا المجتمع وتطلعاته وأهدافه المستقبلية لتحقيق ما يُسمى بـ(الأمان الرقمي)، الذي يرسِّخ المفاهيم والقيم، ويمنح بيئة داعمة للتفكير والإبداع والابتكار وفق منظومة ترفيهية تفاعلية ذات أبعاد تعليمية واجتماعية وثقافية قادرة على جذب انتباههم وإمتاعهم في الوقت نفسه.

ومن تلك المنصَّات اللافتة المتخصصة للأطفال والناشئة منصة (عين للطفل)؛ التي تم تدشينها قبل أيام قليلة تزامنا مع افتتاح معرض مسقط الدولي للكتاب 2025 في نسخته التاسعة والعشرين، حيث قدَّمت وزارة الإعلام هذه المنصة ضمن (منصة عين) الإعلامية الثقافية، وقد تركَّزت المنصة على تقديم محتوى ثقافي قائم على التعليم والترفيه، الذي يؤمِّن للمستخدمين الصغار بيئة تعلُّم جاذبة من خلال برامج ثقافية واجتماعية ذات طابع مرن ومسلٍ.

إن منصة (عين للطفل) توفِّر المحتوى الثقافي الآمن، الذي يعبِّر عن الطفل العماني وتطلعاته وإمكانات ولوجه إلى عوالم من المعرفة والتعلُّم والإمتاع. إنها منصة تقوم على مفاهيم التربية الحديثة المعتمدة على بناء المواطن الإيجابي المرتبط بمجتمعه وحضارته الضاربة في القِدم والمتطلِّع إلى العالمية بانفتاحها وآفاقها الواسعة اعتمادًا على الإبداع والابتكار والتفكير الناقد، ولهذا سنجد أن المنصة لا تقوم على التعليم المباشر بقدر ما ترتكز على فكرة الإمتاع النافع.

إذ تحتوي المنصة على برامج وطنية وأخرى عربية وعالمية، تفتح أمام المستخدم الصغير آفاقا من التعلُّم والمعرفة والإمتاع بما يتناسب وتطلعاته وميوله؛ حيث نجد برامج ذات طابع محلي ثقافي منها برنامج (الأغاني الشعبية للأطفال) الذي يتصدر قائمة (الأكثر مشاهدة في سلطنة عُمان)، وبرنامج (أسماء من عُمان)، و(ثمرات النخيل)، و(رحلات وسام)، وسلسلة (حكايات قبل النوم)، وغيرها، وبرامج تربط الأطفال بتطلعاتهم الوطنية المستقبلية كما هو الحال في برنامج (فرقة 2040)، و(لوطني أنتمي)، إضافة إلى العديد من البرامج المحلية العلمية مثل (أستوديو ألفة)، والبرامج التي تنمي لديهم الفكر الاقتصادي كبرنامج (ريادة الأعمال للأطفال)، و(همام في عالم التجارة)، وغيرها الكثير.

كما توفِّر منصة (عين للطفل) محتوى عالميا متنوِّعا من خلال العديد من البرامج والمسلسلات الدرامية القائمة على الحكايات العالمية مثل (نساء صغيرات)، و(أبطال الكرة)، و(هايدي) وغيرها، وكذلك دراما المغامرات مثل مسلسل (ماركو باولو)، و(تنانين فلوري)، وبالإضافة إلى المسابقات والتسالي المتنوِّعة القائمة على مستويات التعلُّم المتقدمة (التحليل والتقويم والبحث)، فإن المنصَّة تقدِّم لمستخدميها الصغار ممن يبدعون في صناعة المحتوى مساحة لتقديم محتواهم الإبداعي، فيعرِّفون بهذا المحتوى ويحظون ببيئة رقمية آمنة تحفظ حقوقهم وتدعم مواهبهم من ناحية، ويسهمون في توفير محتوى ثقافي وطني للأطفال من ناحية أخرى.

إن منصة (عين للطفل) فضاءً تقني آمن للأطفال والناشئة بما تقدمه من برامج تتناسب مع مفاهيم التنشئة الرقمية الحديثة، التي تعتمد على التربية في بيئة إلكترونية آمنة قادرة على منحهم ما يحتاجونه من آفاق معرفية وتواصلية، وضمان تنمية مهاراتهم وتطبيقها في نطاق اجتماعي وثقافي آمن، إضافة إلى حماية هُويتهم الرقمية من المخاطر التي يمكن أن يتعرضوا لها في الفضاءات الرقمية الشاسعة؛ حيث تتيح لهم التسجيل واختيار الهُوية الرقمية المناسبة، وتوفِر لهم إمكانات البحث والتحميل المباشر للبرامج وغير ذلك.

لذا فإن هذه المنصة توفِّر بيئة رقمية ثقافية، ذات محتوى يعتمد على التوازن بين البصري والسمعي، التعليمي والترفيهي، لما توفِّره من برامج ومواد وكُتب سمعية ومسابقات وتسلية تعزِّز الهُوية الرقمية للأطفال والناشئة وتدعم تطلعاتهم المستقبلية، وهي في ذلك تعتمد على هُوية بصرية لافتة من حيث التصميم والألوان المستخدمة وتصنيف المحتوى والإخراج الفني، بما يجذب انتباه مستخدميها الصغار.

وعلى أهمية منصة (عين للطفل)، فإنها تحتاج إلى تكثيف الإعلان عنها وتسويقها عبر وسائل الإعلام ، وكذلك عبر المنصات والمواقع المتعددة، بما يُسهم في وصولها إلى الأطفال والناشئة ليس في عُمان وحسب بل للعالم العربي لتكون إضافة مهمة في التربية الرقمية للأجيال العربية، إضافة إلى أهمية زيادة المواد والبرامج والكتب السمعية والاستفادة من الكتابات العمانية في أدب الطفل في إنتاج تلك القصص والروايات وتحويلها إلى أفلام أو مسلسلات أو برامج تثري الفضاء المعرفي للأطفال والناشئة.

إن تدشين منصة متخصصة للأطفال يقدِّم إثراء للفضاء الرقمي الخاص بالأطفال والذي يتطلَّع إلى المزيد من الاهتمام والدعم، لما له من خصوصية في ظل الانفتاح المتسارع للعالم الإلكتروني وارتباط هذه الأجيال بالتقنية وتأسيس هُويتهم الرقمية منذ نعومة أظفارهم، لذا فإن منصة (عين للطفل) تُعد عتبة مهمة وأساسية في التربية الحديثة وفاتحة للعديد من المنصات الثقافية التي تُسهم في تنشئة مواطني المستقبل على القيم والأخلاق والمبادئ من ناحية والانفتاح المتوازن والتطلُع نحو المستقبل المشرق من ناحية أخرى.

عائشة الدرمكية باحثة متخصصة فـي مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة

مقالات مشابهة

  • حكاية أطفال الأنابيب (٢)
  • العزلة الرقمية
  • باحث كوردي فيلي يبتكر علاجا لدعم التخلص من إدمان المخدرات ومعالجة أضراره
  • صحة الدقهلية: غلق 16 منشأة طبية مخالفة بشربين وضبط مركز إدمان غير مرخص بأجا
  • كريمة أبو العينين تكتب: الموت من الداخل
  • ضجيج بلا طحين
  • بعد واقعة التجمع .. كيف نظم القانون حيازة الكلاب الخطرة
  • الهُوية الرقمية للأطفال والناشئة منصة «عين للطفل»
  • وزير الاتصالات:نتوسع فى البرامج التدريبية التى تهدف إلى بناء قاعدة عريضة من المهارات الرقمية والمتخصصة فى مجال الذكاء الاصطناعى
  • أطعمة غنية بالألياف قد تغيّر حياة مرضى السكري من النوع الثاني