د. إيمان المحلاوي للجزيرة نت: الدراسة الأكاديمية علم وعمل
تاريخ النشر: 8th, May 2024 GMT
"أستاذ الجامعة ليس موظفا يؤدي عمله خلال عدد ساعات عمل محدد، ومن لا تتخطى طموحاته هذا الأمر فعليه عدم قبول منصب الأستاذية".
هكذا بدأت الدكتورة "إيمان المحلاوي" الأستاذ المتفرغ في كلية الهندسة جامعة القاهرة حديثها خلال مقابلة خاصة مع "الجزيرة نت" عن رحلتها الأكاديمية والعملية، وأهم المراحل التي مرت بها وصولا إلى مكانتها المرموقة بين الطلاب والأكاديميين وخبراء صناعة الصلب في مصر والشرق الأوسط.
ونظرا لما قدمته من إسهامات علمية وعملية أدت إلى تطوير إنتاج الصلب في مصر، كرّمها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في يوم المرأة الذي جرت فعالياته خلال شهر مارس/آذار الماضي.
تنصح د. إيمان المحلاوي (وسط) بضرورة دمج مشروعات الطلاب خلال السنوات النهائية مع تلك الخاصة بالأساتذة أو طلاب الدراسات العليا (الجزيرة) الأستاذ الجامعي إنسان مؤثرتصف الدكتورة إيمان الخصائص الرئيسية التي ينبغي للأستاذ الجامعي أن يتسم بها، بأنه فرد "مكلف بعمل عظيم على الأرض يتمثل في تطوير منتج ناجح، وهو إنسان متعلم قادر على ممارسة التفكير العلمي السليم، لا مجرد العمل بضع ساعات ونقل مجموعة من المعلومات فقط".
وتؤكد أن هذه الصفات لا غنى عنها في التدريس الجامعي عامة، وفي المجالات العلمية البحثية خاصة، فالأستاذ في كليات الهندسة عليه تأهيل الطلبة كي يتمكنوا من تقديم "حلول لمشكلات التصميم والتصنيع والتشغيل للمنتجات الهندسية في التخصصات المختلفة".
ولتأهيل ذلك الطالب المفكر الذي يتمكن من تحويل النظريات إلى واقع مادي ملموس، تنصح الدكتورة إيمان بضرورة "دمج مشروعات الطلاب خلال سنوات دراستهم النهائية مع تلك الخاصة بالأساتذة أو طلاب الدراسات العليا الذين يعملون بالفعل على حل مشكلات تواجهها الصناعة في أرض الواقع".
أما التعليم التقليدي الذي لا يزيد عن استعراض بعض التعريفات وشرح تاريخ العلوم فيؤدي إلى تحويل الطلاب إلى "زر لا يعمل إلا عبر ضغط شخص آخر عليه"، وهو ما ينتج منه إنسانا غير مفكر يتحكم الآخرون فيه.
د. إيمان المحلاوي شاركت الطلاب والمهندسين عددا من المشروعات البحثية لحل مشكلات صناعة الحديد والصلب في مصر (الجزيرة) الأسرة المتماسكة أحد معايير النجاحلم يكن تخصص هندسة "المواد والفلزات" من التخصصات المعروفة في مصر أو منطقة الشرق الأوسط، إلا أن الدكتورة المحلاوي تعرفت إليه من خلال فردين من أفراد عائلتها. إذ "تعرفتُ إلى هذا التخصص المهم من خلال والدي الذي عمل أستاذا في تخصص الهندسة الميكانيكية سباكة المعادن، والذي بدأ حياته في المصانع الحربية ثم انتقل إلى الجامعة، وشجعني على الالتحاق بهذا القسم أثناء دراستي بالمرحلة الثانوية".
وكان الملهم الثاني لرحلة الدكتورة إيمان الأكاديمية، خالها الأستاذ الدكتور يوسف إسماعيل رئيس مجلس إدارة مصنع 63 الحربي، ومؤسس كل من معهد التبيّن للدراسات المعدنية، ومصنع نجع حمادي لصناعة الألومنيوم.
ولا تدين المحلاوي بالفضل لوالدها وخالها فقط، فهي ترى أن عاملا مهما من عوامل تفوقها الأكاديمي تمثل في والدتها التي حرصت على تربية الأحفاد وتقديم مختلف صنوف الرعاية إليهم، إلى جانب زوجها أستاذ طب الفم والأسنان الذي قدم إليها كافة سبل الدعم خلال رحلتها العلمية، وهو ما صرحت به خلال لقاء نشره المجلس القومي للمرأة في مصر.
دراسة الفلزات بدأت في مصر علما مستقلا في العام 1958 (شترستوك) تخصص علمي جديد مهم ودائم التطوربدأت دراسة الفلزات في مصر علما مستقلا -طبقا للدكتورة المحلاوي- في العام 1958، مع دخول الدولة عصر الصناعة في محاولة للحاق بركب التقدم الصناعي في الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية.
ويهدف علم المواد والفلزات إلى اكتشاف بنية المواد المختلفة -التي تتضمن المعادن- وتحديد خصائصها، ومن ثم دراسة التطبيقات العملية لهذه المواد في الحياة الواقعية وتعديلها طبقا للمتطلبات الصناعية.
وتشرح الدكتورة إيمان دور المهندسين المهم في هذا العلم الذي يتمثل في "تحويل المواد إلى منتجات تُستخدم في التطبيقات الحياتية مثل الصناعات المدنية والطبية وتوليد الطاقة، فصناعة هذه المنتجات تحتاج إلى تحديد متغيرات العملية الإنتاجية مثل الحرارة والطاقة والتركيب، إلى جانب ضبطها من أجل الحصول على منتج قابل للتصنيع والاستخدام".
رحلة طويلة من تخطي عوائق الصناعةنشرت الدكتورة إيمان خلال رحلتها الأكاديمية أكثر من 100 دراسة في مجال صناعة الصلب، وهي الدراسات التي هدف معظمها إلى حل المشكلات التصنيعية التي تواجه صناعة الصلب في المنطقة.
وحصلت المحلاوي على الدكتوراه عام 1987 في جامعة ليدز البريطانية، حيث تعرفت إلى قواعد تصميم سبائك الحديد وتطويرها، إلى جانب تصميم العملية الإنتاجية ذاتها، واختبار مدى كفاءة هذه العمليات في تحقيق النتائج المطلوبة.
و"سبيكة الحديد" منتج معدني يُستخدم كمادة مضافة أثناء بعض مراحل تصنيع الصلب لتحقيق غرض معين، مثل زيادة متانة الصلب وقوته.
تقول المحلاوي: "بعد الدكتوراه عدت إلى مصر وشاركت في عدد من المشروعات البحثية لخدمة صناعة الحديد والصلب في مصر بتمويل من أكاديمية البحث العلمي بهدف تسخير العلم لحل المشكلات الصناعية، إضافة إلى مشروعات بحثية أخرى لتطوير مسابك شركة السكر المصرية التي تنتج قطع الغيار المستخدمة في آلات تصنيع السكر، عندما كان إنتاج هذه القطع مصريا 100%".
لم تكتف الدكتورة إيمان بالخبرة التي حصلت عليها في تطوير صناعة الحديد والصلب، فبدأت مرحلة علمية جديدة في العام 2006 عندما التحقت بإعارة في الجامعة البريطانية بمصر من أجل تأسيس قسم الهندسة الميكانيكية، ومركز الطاقة المتجددة، ومثَّل الأخير تحديا جديدا.
تقول: "بدأتُ البحث عن التطبيقات الحديثة للمواد المستخدمة في إنتاج الطاقة، الأمر الذي استدعى حضور دورات عدة لاكتشاف خصائص المواد المستخدمة في إنتاج الطاقة الشمسية وكيفية تصنيعها".
د. إيمان المحلاوي نشرت أكثر من 100 دراسة عن صناعة الصلب بالتعاون مع شركات ومصانع وهيئات مختصة (الجزيرة) دراسات حققت طفرة صناعية كبرىتفخر الدكتورة إيمان بكل الدراسات التي أنجزتها خلال رحلتها البحثية الملهِمة، خاصة تلك التي اشتركت فيها مع طلاب درجتي الماجستير والدكتوراه في مصانع الصلب.
ففي العام 1997 نشرت ورقة بحثية -بالتعاون مع أحد الطلاب- عن كيفية تصميم خطوط التبريد السريع المستخدمة في صناعة حديد التسليح، وهي وسيلة لم تكن مستخدمة في المصانع المصرية قبل هذا التاريخ.
وفي العام 2007 نشرت ورقة بحثية بهدف تحديد متغيرات الإنتاج المناسبة (مثل كمية الماء المستخدمة في عملية تصنيع الحديد ومدة التبريد) التي تضمن إنتاج حديد مطابق للمواصفات المطلوبة، وهي دراسة أجريت بالتعاون مع مصنع حديد عز في مدينة السادات المصرية.
وتتضيف: "أعتز أيضا بدراستين إضافيتين؛ الأولى أجريتها في العام 2009 وأسهمت في الحد من كمية الكالسيوم المطلوب استخدامه في عمليات تصنيع الحديد بما يضمن منتج عالي الجودة ويحقق عائدا اقتصاديا، أما الثانية فأجريتها مع الدكتور أحمد رمضان (طالب دكتوراه آنذاك) عن علاج آثار زيادة نسبة النحاس في الصلب بهدف الحد من أضراره".
وتوصي الدكتورة إيمان المحلاوي كلا من أساتذة كليات الهندسة وطلابها بأن "التعليم والتعلم في كليات الهندسة عمليتان متكاملتان، من خلالهما يكتسب الطالب الأسس العلمية السليمة، ويعرف آلية تطبيقها بما يخدم العلم والمجتمع، برعاية الأستاذ الأكاديمي الذي يشرف على نمو عقلية الطالب المعرفية، ويدعم تطوره العملي بتطبيق النظريات في المعامل والشركات والمصانع".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات الدکتورة إیمان المستخدمة فی الصلب فی مصر صناعة الصلب فی العام
إقرأ أيضاً:
محمد صلاح.. «الفرعون» الذي لا يخشى «لعنة» الإصابات
عمرو عبيد (القاهرة)
يتألق النجم المصري محمد صلاح منذ بداية الموسم مع فريقه، ليفربول، ويتصدر وحده قائمتي الهدافين والصُنّاع، بالمشاركة في إجمالي 20 هدفاً خلال 17 مباراة، في مختلف البطولات، ولم يغب «ملك الريدز» عن أي مباراة للفريق حتى الآن، وفي عُمر تجاوز الـ32 عاماً، وبأداء متميز مؤثر جداً، يظهر التزام صلاح بالمحافظة على لياقته البدنية والذهنية، داخل وخارج الملعب، وهو ما ترك أثره الإيجابي القوي على الأداء الذي يقدمه في هذه السن، ليؤكد صلاح أنه «الفرعون» الذي لا يخشى «لعنة» الإصابات.
ولا يقتصر هذا الوضع على الموسم الحالي فقط، إذ أن متوسط مشاركات النجم المصري مع «الريدز» خلال المواسم الماضي، يبلغ 50 مباراة/ الموسم، وبالطبع تجاوز هذا الرقم في مواسم عدة، كان أبرزها خطوات البداية، 2017/2018 و2018/2019، إذ لعب في كل موسم 52 مباراة، مقابل 51 مباراة في 3 مواسم أخرى بين 2020 و2022 على التوالي، بينما كان أقل مواسمه ظهوراً في العام الماضي، الذي لعب خلاله 44 مباراة، مقابل 48 في نُسخة 2019/2020.
وبتلك المشاركات المُستمرة توالياً، بلا توقفات طويلة إلا فيما ندر، نجح «ملك الريدز» في تحطيم عشرات الأرقام القياسية الإنجليزية والأوروبية، ويحتاج هذا الأمر الاحتفاظ بالقوة البدنية التي تُمكنه من خوض تلك الأعداد الكبيرة من المباريات، في مواسم مزدحمة تزداد تلاحماً وصعوبة في كل عام، بسبب «الروزنامة» الأوروبية والعالمية، التي أسقطت عشرات النجوم بسبب الإصابات، لاسيما في الموسم الحالي.
وتشير الإحصائيات الخاصة بإصابات «الفرعون»، إلى أنه يُعد نموذجاً مثالياً للاعبي كرة القدم في الحقبة الحالية، لأن إصاباته كانت محدودة ولم تؤثر على معدلات مشاركته في مباريات ليفربول خلال 8 مواسم حتى الآن، وحتى عندما تعرض لإصابتين عضليتين في النُسخة الماضية، 2023/2024، التي شهدت خوضه العدد الأقل من المباريات طوال مسيرته مع «الريدز»، لم تكن الغيابات طويلة، إذ ابتعد عما يقرب من 7 أو 8 مباريات فقط مع الفريق الإنجليزي، خلال فترتين، امتدت الأولى لـ25 يوماً بين يناير وفبراير 2024، مقابل أسبوعين بين منتصف فبراير حتى مطلع مارس من نفس العام.
2023/2024 هو الموسم الوحيد الذي شهد مثل تلك الفترات من الغياب «المتوسط» للنجم المصري، لأنه لم يتعرض لأي إصابة طوال موسمي، 2021/2022 و2022/2023، اللذين شهدا مشاركاته في 102 مباراة، ولم يختلف الأمر كثيراً في نُسخة 2020/2021، التي شارك خلالها في 51 مباراة أيضاً، إذ أن تعرضه لـ«فيروس كورونا» لم تُبعده عن ليفربول إلا في مباراة واحدة فقط، خلال 11 يوماً من الغياب، وهو ما حدث كذلك في موسم 2019/2020، الذي تعرض خلاله لإصابتين بسيطتين في الكاحل، أبعدته عن مباراة واحدة فقط مع «الريدز»، بينما كان الغياب الأكبر من نصيب المنتخب المصري، وكان ذلك خلال فترتين لم تتجاوز أيهما الأسبوعين في شهري أكتوبر ونوفمبر 2019.
موسم 2018 /2019 هو الآخر شهد غيابه عن مباراة واحدة فقط مع ليفربول، بسبب إصابة بسيطة في الرأس خلال بضعة أيام في شهر مايو، مقابل أيام معدودة للتعافي من إصابة بسيطة في الفخذ خلال أكتوبر 2018، لم تبعده عن أي مباراة للفريق الإنجليزي، وحتى إصابته الشهيرة في الكتف، التي تعرض لها في نهائي دوري أبطال أوروبا 2017/2018، تعافى منها سريعاً ولم تؤثر بالطبع على مشاركاته مع ليفربول، لأنها أتت خلال فترة العطلة الصيفية.