شارك الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية د. نظير عياد في فعاليات مؤتمر الدّوحة الخامس عشر لحوار الأديان، والذي يعقد بعنوان: (الأديان وتربية النشء في ظلّ المتغيرات الأسرية المعاصرة)، تحت شعار «التكامل الأسري .. دينٌ وقيمٌ وتربية»، في الفترة (7 – 8 مايو 2024م).


أشار الأمين العام الى أن الأسرة هي الحصن المنيع لقيم المجتمع وأخلاقه، وهي حائط الصّدّ لجميع المحاولات المشبوهة التي تريد أن تنال من هذه القيم وتلك الأخلاق؛ لذا اهتمّت جميع الأديان بالأسرة ، بدايةً من الزواج، والإنجاب، والتّنشئة، ومنظومة الحقوق والواجبات بين جميع أفرادها؛ 

 

أسرٍ قويّةٍ ومستقرّةٍ

 

تابع نحتاج إلى تعزيز قيم التكامل والوحدة الأسريّة التي تشكّل أساسًا قويًّا ومتينًا لبناء أسرٍ قويّةٍ ومستقرّةٍ، نستطيع من خلالها مواجهة التحديات الشاذّة والمنحرفة، رابعًا: أهميّة الدّور المركزيّ والمحوريّ الذي تقوم به الأسرة في تربية النّشء والأطفال؛ وأنّها بمثابة المدرسة الأولى التي يتلقّى فيها النّشء التربية الأوّليّة والأساسيّة التي تؤثّر على تطوّره الشخصيّ والاجتماعيّ، وتسهم في تنميته عاطفيًّا ومعنويًّا لبناء ثقته بنفسه، وتشكيل هويّته الدينيّة والثقافيّة،


أشار الأمين العام إلى أن التّحديات الجسيمة التي تواجه الأسرة والنّشء اليوم تلزمنا بضرورة تضافر الجهود بيننا جميعًا؛ حتى نستطيع مواجهتها وكبح جماحها، والحدّ من آثارها السيّئة على الأسرة والمجتمع، فقد بدأت هذه التحديات بدايةً من تغيير مفهوم الأسرة في الأساس، فمفهومها الصحيح – كما نعلم جميعًا - أنّها عبارةٌ عن زوجٍ وزوجةٍ، ثم أولادٍ، شريطة أن تكون وفق علاقةٍ دينيّةٍ وشرعيّةٍ وقانونيّةٍ، يتلقّاها المجتمع بالقبول والرّضا.

 

اضاف ما نشاهده اليوم عيانًا بيانًا لمعاناة الأسرة الفلسطينيّة بشكلٍ عامٍّ وقطاع غزّة بشكلٍ خاصٍّ، دليلٌ واضحٌ على مدى تأثير هذه الحروب على كيان الأسرة واستقرارها، حيث إنّ الأسرة الفلسطينيّة هناك تقبع تحت آلة الحرب الصّهيونيّة الغاشمة، فتقتل فيها وتؤسر، وتشرّد وتجوع، حتى ينتهي بها المطاف إلى إبادتها واستئصالها بشكلٍ كاملٍ من على وجه الأرض، ونحن من موقع المسؤوليّة الدينيّة المشتركة اليوم يجب علينا جميعًا أن نبدي رفضنا القاطع لهذه الحرب وتداعياتها السلبيّة على الأسرة والنّشء، ثمّ نبدي – أيضًا - تساؤلاتنا حول موقف المنظّمات الأمميّة الدوليّة، ممّا تعانيه الأسرة الفلسطينيّة اليوم في قطاع غزّة؟


أكد الأمين العام  ان معركتنا الآن هي إنتاج أسرةٍ قادرةٍ على أن تنهض بهذا المجتمع وتتحمّل مسئوليّته. مشيرا على تعدد وتنوّع جهود الأزهر في مواجهة هذه التّحديات على النّحو الآتي: أولًا: رفض المبادئ الغربيّة المناهضة للقيم الدينيّة والأخلاقيّة الخاصّة بالأسرة، وبذل الجهود الكبيرة في توجيه الرأي العامّ الشّعبيّ والرّسميّ نحو رفض هذه المبادئ، واعتبارها مبادئ دخيلةً من شأنها زعزعة استقرار الأسرة والمجتمع .

ثانيًا: تقرير الحقائق الدينيّة في قضايا الأسرة المعاصرة، مثل: العنف الأسري، والتحرّش الجنسيّ، والطلاق التعسّفيّ، وظلم المرأة، والتفكّك الأسري، وظلم العادات والتقاليد للمرأة باسم الدّين، والحكم الصحيح في تعدّد الزّوجات، وسفر المرأة دون محرمٍ، وختان الإناث، والإجبار على الزواج، وضرب الزّوجات، وزواج القاصرات، وحرمان المرأة من الميراث، ونصيب المرأة في ثروة زوجها التي أسهمت في تنميتها، ورفض المثليّة والشذوذ الجنسي، وغير ذلك من القضايا التي حرص الأزهر على أن يبدي الرأي الشرعيّ الصحيح فيها تصحيحًا للمفاهيم الأسريّة المغلوطة، وإسهامًا منه في تعزيز الاستقرار الأسريّ المعاصر،  .


ثالثًا: ردّ الشّبهات المثارة حول الأسرة في الإسلام: فعلى سبيل المثال ردّ الأزهر على  اعتبار ما تعانيه المرأة الشرقية من تهميشٍ إنّما هو بسبب تعاليم الإسلام، وأكّد أنّه زعمٌ باطلٌ، والصحيح أنّ هذه المعاناة إنّما لحقتها بسبب مخالفة تعاليم الإسلام الخاصّة بالمرأة، وإيثار تقاليد عتيقةٍ وأعرافٍ باليةٍ لا علاقة لها بالإسلام، .


رابعًا: الدّعم الماديّ للأسر الفقيرة والمعوزة، وذلك من خلال "بيت الزكاة والصدقات المصري" والذي يشرف عليه فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر بنفسه، وكلّنا نعلم مدى تأثير الدّعم الماديّ في حلّ المشكلات الأسريّة، والإسهام في زيادة تماسكها واستقرارها، كما يجب أن نشيد في هذا المقام بالدّور الكبير الذي قام به "بيت الزّكاة والصدقات المصريّ" في دعم الأسرة الفلسطينيّة في قطاع غزّة، وتقديم كافّة أنواع الدّعم والإغاثة لها، وذلك بالتنسيق التامّ مع الجهات السياديّة والمعنيّة في الدّولة المصريّة.


خامسًا: يقظة الأزهر الشريف لكلّ ما يحاك بالأسرة المسلمة في الواقع المعاصر، فعلى سبيل المثال: أعلن الأزهر عن تقديره لما تقوم به المؤسّسات الدوليّة ومنظّمات المجتمع المدنيّ من جهودٍ في دعم الدّول الأكثر احتياجًا وتوفير سبل العيش الآمن، والارتقاء بمستوى التعليم والأنظمة الصحيّة في هذه الدول، والتعريف بحقوق الإنسان والمرأة والطّفل، إلّا أنّه حذّر وبشدّةٍ من أن تتّخذ هذه الجهود للتسلّل إلى داخل المجتمعات المسلمة واستهداف الدّين الإسلامي؛ خاصّةً فيما يتعلّق بمنظومة الأسرة وقواعد الميراث التي حدّدها القرآن الكريم وفسّرتها السّنّة النّبويّة الشريفة، وذلك من خلال محاولة تشويه العدل الإلهيّ الممثّل في قواعد الميراث في الإسلام، وتصويرها بالظالمة للمرأة، والمغتصبة لحقوقها، والزجّ بهذه الدعوات في المؤتمرات والندوات، والمطالبة بتغييرها بدعوى إنصاف المرأة ومساواتها في الحقوق مع الرجل، وغير ذلك من الجهود المبذولة والتي سيبذلها الأزهر الشريف في قضايا الأسرة المعاصرة، والتي تعدّ أنموذجًا حقيقيًّا وواقعيًّا لأهميّة الدّور الذي تقوم به المؤسّسات الدينيّة في دعم الأسرة.


ذكر الأمين العام مجموعة  من التوصيات، منها: ضرورة التعاون الجادّ والبنّاء بين جميع أتباع الأديان، وكذلك المؤسّسات الدينيّة المتنوّعة في تدشين البرامج التوعويّة والتثقيفيّة في كلّ ما يخصّ الأسرة والنّشء في الواقع المعاصر،

معلنا   استعداد الأزهر الشريف ورغبته الجادّة في التعاون مع جميع المؤسّسات الدينيّة في هذه البرامج وتفعيلها على أرض الواقع؛ نظرًا لخبرته الكبيرة في مجال التوعية الأسرية، ولمّ شمل الأسرة، ودعم تماسكها، من خلال قطاعاته الرئيسة والفرعية، مع ضرورة سنّ التشريعات ووضع القوانين التي تنظّم شؤون الأسرة وتربية النّشء بشكلٍ يتوافق والقيم والثوابت الدينيّة والحضاريّة، ضرورة تقديم كافّة أنواع الدّعم للمؤسّسات التعليميّة بهدف تعزيز القيم التربويّة والدينيّة للنّشء والشباب، وترسيخ قيم التفاهم والاحترام بين جميع أفراد الأسرة والمجتمع، ضرورة أن يضطلع الإعلام بمسؤوليّته الكبيرة نحو تعزيز القيم الأسريّة والمجتمعيّة الرشيدة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الأسرة الأمين العام البحوث الإسلامية حوار الأديان الأسرة الفلسطینی ة الأمین العام المؤس سات الأسری ة الدینی ة جمیع ا ة التی الن شء

إقرأ أيضاً:

أخلاقنا.. إصدار جديد للأزهر بمعرض الكتاب لتعزيز القيم الإسلامية

يقدم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 56، كتاب "أخلاقنا" بقلم الدكتور محمد ربيع الجوهري، عضو هيئة كبار العلماء، وهو إصدار مميز من مجمع البحوث الإسلامية.

يسلط الكتاب الضوء على أهمية الأخلاق في الإسلام باعتبارها الأساس لعلاج التحديات التي تواجه الأمة، مستعرضًا مقارنة دقيقة بين الأخلاق الإسلامية والأخلاق الفلسفية، التي يرى المؤلف قصورها عن تقديم منهج عملي يعالج واقع المجتمعات.

ينقسم الكتاب إلى قسمين: نظري يعالج مصادر وخصائص الأخلاق الإسلامية، وعملي يركز على تطبيقات أخلاقية مثل الرحمة، العدل، والحياء. ويعتمد في تناوله على نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية.

جدير بالذكر أن جناح الأزهر بالمعرض يقع في قاعة التراث رقم "4" ويضم أركانًا متعددة، من بينها ركن للفتوى وقاعة للندوات، بهدف نشر الفكر الإسلامي الوسطي.

مقالات مشابهة

  • حكم أخذ القرض في الشريعة الإسلامية.. أمين الفتوى يوضح
  • أسرة عبد الرحمن القرضاوي تطالب بالكشف عن مصيره في الإمارات
  • البحوث الإسلامية: لجنة تحكيم مسابقة «القدس بين المزاعم الصهيونية» تناقش الأعمال المقدمة
  • وفد من البحوث الإسلامية يزور المفتي الأسبق
  • وفد من «البحوث الإسلامية» يزور الدكتور نصر فريد واصل
  • أمين «البحوث الإسلامية» يكرم عددا من مديري التوجيه بمناطق وعظ الجمهورية
  • أمين «البحوث الإسلامية» يكرِّم مديري التوجيه بمناطق وعظ الجمهورية
  • أمين البحوث الإسلامية يكرِّم عددًا من مديري التوجيه بمناطق وعظ الجمهورية
  • أخلاقنا.. إصدار جديد للأزهر بمعرض الكتاب لتعزيز القيم الإسلامية
  • من السجن إلى الحكم الجائر.. قصة مأساوية لعائلة يمنية في الحديدة