معركة رفح : تمهيد للتسوية أم تصعيد نهائي؟
تاريخ النشر: 8th, May 2024 GMT
غزة – لم ترضِ التسوية المطروحة على الطاولة في القاهرة الحكومة الاسرائيلية حتى اللحظة، وبالرغم من موافقة حركة الفصائل الفلسطينية عليها بالتوافق مع الوسطاء بمن فيهم الاميركيون.
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قرر البدء بحملة عسكرية برية على منطقة رفح، الامر الذي اوحى بأن المفاوضات انتهت وان الكلمة اليوم باتت حصراً للميدان، فهل هذا يعني أن التصعيد سيطال مختلف الجبهات؟ وان توسع المعركة اصبح احتمالاً وارداً بشكل خطير؟
وبحسب مصادر مطلعة فإن ما قام به الجيش الإسرائيلي في رفح، ليس الا مناورة برية بسيطة على المستوى العسكري، اذ قام بعملية إلتفافية واضحة ولم يدخل ابداً إلى الأحياء والمخيمات، بل حاول السيطرة على المنطقة الحدودية بين مصر وغزة اضافة الى السيطرة على معبر رفح من الجانب الفلسطيني.
وترى المصادر أنه في الوقت الذي بدأ التصعيد الاسرائيلي في رفح أرسلت الحكومة الاسرائيلية موفدا إلى القاهرة لمتابعة المفاوضات ما يوحي بأن تل ابيب لا تريد كسر الجرة مع الولايات المتحدة الاميركية، لكن في الوقت نفسه لا يوجد أي نية بإيقاف الحرب بشكل نهائي كما تطالب حركة الفصائل، لذلك فإن الرسالة الاولى التي ارسلها نتنياهو تقول بأن لا يمكن له الموافقة على وقف نهائي لإطلاق النار، فالهدنة مهما طالت ستكون محدودة بعدد من الايام يتم خلال تبادل الاسرى.
وتشير المصادر إلى أن تل ابيب مصرة على فرض شروطها، وهذا يتطلب بشكل حاسم العمل على اضعاف حركة الفصائل اكثر فأكثر، من هنا يصبح “تخويف” الحركة بعملية برية في رفح، أو القيام فعلاً بهذه العملية أمرا لا مفر منه للوصول الى صيغة ترضي الرأي العام الاسرائيلي وتجعل نتنياهو لا يخرج بصورة المنهزم من الحرب التي دفعت اسرائيل ثمنها غالياً على مستوى العالم وحتى على المستوى الداخلي، اقتصادياً وشعبياً ومالياً. اذا بات يمكن النظر للحراك العسكري الحالي بوصفه محاولة لضبط ايقاع حركة الفصائل التفاوضي.
لكن، كل ما تقوم به اسرائيل يواجهه المحور بتصعيد نوعي من عدة جبهات اهمه التصعيد من جبهة جنوب لبنان الذي وجه عدة ضربات نوعية أمس نقلت المعركة الى مستوى آخر، وقد يكون الامر عبارة عن رسالة واضحة تقول بأن التصعيد في رفح سيعمق أزمة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ولن يفتح له أبواب الحل، خصوصا ان لن تكون بدورها قادرة على تقديم تنازلات كبرى مهما كان الثمن في الحرب الحالية ومهما طال موعد وقف اطلاق النار.
كل ما يجري اليوم لا يزال يخدم المفاوضات، ولم تنتقل المنطقة الى مرحلة الخطر الفعلي الذي قد يطل برأسه في حال قررت إسرائيل اجتياح رفح بالكامل، لكن الى جانب هذا الرأي هناك من يعتقد أن مستويات التصعيد لن ترتفع كثيراً حتى لو سيطر الجيش الاسرائيلي على كامل رفح، لان الاتفاق الايراني – الأميركي يكمن في عدم الذهاب الى مواجهة كبرى في الشرق الاوسط.
المصدر: “لبنان 24”
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: حرکة الفصائل فی رفح
إقرأ أيضاً:
معركةُ الوعي
غيداء شمسان
في متاهات الحياة، حَيثُ تتشابك المصالح وتتصارع الأفكار، تظل معركة الوعي هي المعركة الأبدية، هي شرارة لا تنطفئ، ونار لا تخمد.
ليست معركة بالسيوف والرماح، بل هي حربٌ تخاض في عقولنا وقلوبنا، حرب تحدّد مساراتنا وقراراتنا، حرب ترسم ملامح مستقبلنا، إنها معركة مُستمرّة لا تتوقف، معركة تستنزف طاقاتنا، ولكنها في الوقت ذاته، تشحذ هممنا وتوقظ فينا طاقة التغيير.
الوعيُ هو البوصلة الداخلية التي توجّـهنا في بحر الحياة المتلاطم هو النور الذي يبدد ظلام الجهل والتضليل، هو السلاح الذي نحارب به الأفكار المغلوطة والقيم الزائفة، الوعي، هو القدرة على التفكير النقدي، هو التساؤل والبحث، هو عدم الاستسلام للجاهز والمسلم به هو أن نرى الواقع بعيون مفتوحة، وأن نفهم القوى التي تحَرّك هذا العالم.
معركة الوعي لا تنتهي؛ لأَنَّها معركة ضد الذات، ضد ميولها نحو الراحة والاستسلام، إنها معركة ضد القوى التي تسعى إلى تضليلنا، وتشويه الحقائق، وغرس الأفكار التي تخدم مصالحها، إنها معركة ضد التلقين الأعمى، وضد الخرافات والأوهام، وضد كُـلّ ما يقيد عقولنا ويحد من حريتنا.
في هذا العصر الذي تتسارع فيه وتيرة الأحداث، وتتزايد فيه وسائل الإعلام والتواصل، أصبحت معركة الوعي أكثر أهميّة من أي وقت مضى نحن نعيش في عالم مليء بالمعلومات المضللة والأخبار الكاذبة، عالم يسعى فيه الكثيرون إلى التحكم في أفكارنا وآرائنا في هذا العالم، يصبح الوعي هو الدرع الواقي، هو السلاح الفتاك، هو الأمل في غد أفضل.
معركة الوعي، هي معركة فردية وجماعية في آن واحد، إنها معركة تبدأ في ذواتنا، عندما نختار أن نكون واعين، وأن نفكر بأنفسنا، وأن نرفض الاستسلام للقطيع وهي معركة جماعية عندما نتحد معًا، ونتبادل الأفكار، ونعمل؛ مِن أجلِ بناء مجتمع واعٍ، مجتمع يؤمن بالحرية والعدالة والمساواة.
إن طريق الوعي ليس سهلًا، فهو يتطلب جهدًا وتضحيةً وتفانيًا، ولكنه الطريق الوحيد نحو التحرّر الحقيقي، والتقدم الحضاري، والعيش الكريم، إنها معركة تستحق أن نخوضها بكل قوة وإصرار؛ لأَنَّها معركة؛ مِن أجلِ المستقبل، ومستقبل أجيالنا القادمة.
معركة الوعي لا تنتهي، ولكنها تستمر وتتجدد مع كُـلّ جيل جديد، ومع كُـلّ شرارة أمل تنبعث في الظلام هي معركة مُستمرّة، لا تعرف الهزيمة؛ لأَنَّها معركة؛ مِن أجلِ الإنسانية ذاتها.