ديفيد هيرست: نتنياهو يبحث عن إعلان النصر بينما هزيمته وشيكة برفح
تاريخ النشر: 8th, May 2024 GMT
قال الصحفي البريطاني ديفيد هيرست، إنه في الوقت الذي يفكر فيه نتنياهو بإعلان النصر، عبر هجومه على مدينة رفح جنوب قطاع غزة، فإن هزيمته باتت وشيكة، خاصة أنه لن ينقذ الأسرى، ولم يتمكن من تدمير حماس.
وكشف في مقاله له بموقع "ميدل إيست آي"، ترجمته "عربي21" عن تفاصيل تتعلق بموافقة حماس على صفقة وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى، وما جرى من لقاءات قبل ردها على المقترح.
وفيما يلي النص الكامل للمقال:
هل كانت هناك صفقة؟ هل كانت، كما تقول الإدارة الأمريكية، عرضاً مقابلاً من قبل حركة حماس؟ هل يوجد على الطاولة عرضان أم هي صفقة تراجعت عنها الولايات المتحدة بعدما رأت الرد الإسرائيلي؟
ذلك هو مسار الأحداث الذي وردني من مصادري الذين لديهم معرفة تفصيلية بالمفاوضات الجارية في كل من القاهرة والدوحة.
كان وفد حماس متواجداً في القاهرة منذ بعض الوقت، وكانت هناك ورقة مبدئية قدمت حماس ملاحظاتها عليها، وذلك ما فعله الإسرائيليون أيضاً. ولكن لم يحصل اتفاق. فقررت حماس سحب وفدها.
تخبرني مصادري أن وفد حماس كان في المطار عندما خرجت مصر بعرض وافقت عليه الجماعة.
انتقل الوفد إلى الدوحة يوم الأحد، ثم أعلنت حماس إنها سوف تعقد اجتماعاً يوم الاثنين للنظر في العرض المقدم إليها من قبل المصريين والقطريين.
لحق مدير المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) بيل بيرنز بوفد حماس من القاهرة إلى الدوحة، وذلك بعد أن كان قد مكث في القاهرة ليومين اثنين.
وكان يتوقع منه أن يسافر إلى إسرائيل، ولكنه أخر مغادرته بانتظار رد حماس الذي كان متوقعاً يوم الاثنين.
ثم أُدخل تعديلان بسيطان على نص الوثيقة التي أرسلها المصريون إلى وفد حماس أثناء وجوده في المطار، ولكن اعتبر التعديلان غير أساسيان من أجل التوصل إلى اتفاق. ولقد اطلع موقع ميدل إيست آي على كلتا النسختين.
دور واشنطن
في تلك الأثناء، انتاب القلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن ما قد يفعله المصريون والقطريون بوجود بيرنز في عاصمتي البلدين.
قال نتنياهو إن إسرائيل سوف تمضي قدماً في العملية في رفح بغض النظر عما إذا كان هناك اتفاق حول تبادل الرهائن والسجناء.
ثم جاء قرار الحكومة الإسرائيلية بإغلاق الجزيرة مؤشراً آخر على رفض إسرائيل ليس مجرد العرض الأخير وإنما كذلك دور الدوحة كوسيط. ولكن تبقى الأسئلة قائمة حول دور واشنطن في الصفقة التي أرسلتها مصر إلى حماس أو حول علمها بها.
إن النسخة الإنجليزية من العرض، والتي وردتني، تنص بوضوح على أن ضامني الاتفاق هم قطر ومصر والولايات المتحدة والأمم المتحدة.
ناهيك عن توقيع الولايات المتحدة على الصفقة التي أقرتها حماس يوم الإثنين، أليس كذلك؟ وبحسب المصادر لم يكن بيرنز يقضي إجازة في القاهرة يتردد على نواديها الليلية أو في الدوحة من أجل السباحة فيها.
تفادى جون كيربي، الناطق باسم مجلس الأمن القومي، الإجابة على السؤال، ولكنه قال: "يمكننا أن نخلص إلى القول بأن رد حماس جاء نتيجة أو ثمرة لهذه المباحثات المستمرة التي كان المدير بيرنز جزءاً منها."
ولكن كيبربي مضى ليقول إن الولايات المتحدة كانت تقلب النظر في رد حماس، كما لو أن العرض الذي وقعت عليه الجماعة لم يقدم إليها من قبل الحكومتين الوسيطتين، مصر وقطر – وكما لو أن تواجد بيرنز في القاهرة والدوحة كان بصفته مراقباً لا أكثر.
بروز الانقسامات
عندما جاءت موافقة حماس على النسخة الأخيرة، كان لذلك وقع الصدمة على إسرائيل. كان الجميع يتوقع رفض حماس لها. أما رفض إسرائيل فلم يكن ليفاجئ أحداً.
إلا أن المفاجئ في الأمر كان الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في صياغة الصفقة التي رفضتها إسرائيل.
بعد تنقلات بيرنز المكوكية بين القاهرة والدوحة، لم يكن الاتفاق الذي جيء به "رداً مقابلاً" كما أخبرني أحد المصادر. "بل كانت تلك ورقة مصرية قطرية، مع الإدراك التام بأن الولايات المتحدة دعمتها من خلال التواجد الشخصي لبيرنز."
وبحسب ما نقلته وكالة الأسوشييتد بريس، قال مسؤول مصري ودبلوماسي غربي إن النسخة التي قبلتها حماس تضمنت فقط "تعديلات بسيطة في الصياغة" مقابل النسخة التي دفعت بها الولايات المتحدة قبل ذلك وسعت للحصول على موافقة إسرائيل عليها، وأن التعديلات أدخلت بالتشاور مع بيرنز، الذي أقر النسخة قبيل إرسالها إلى الجماعة الفلسطينية.
قد يفهم من ذلك وجود انقسامات داخل الإدارة الأمريكية، حيث تؤيد المخابرات الأمريكية صفقة ما لبثت عناصر أخرى في إدارة بايدن أن تراجعت عنها بعد أن رفضتها إسرائيل.
أياً كان الأمر، كما قالت لي مصادري، فإن حماس لا تعتبر ذلك مشكلة. أخبرني أحد المصادر بأن "هذه لم تكن النسخة من وقف إطلاق النار التي كانوا يريدونها. بل لقد قدموا تنازلات حتى يصلوا إلى ذلك، ولا يقلقهم أن تفشل هذه الصفقة."
كما صدر عنه تحذير واضح مفاده: "إذا لم يتسن حل هذه المشكلة، فقد تتخذ حماس قراراً بعدم المشاركة في أي مفاوضات إلى أن يتحقق وقف إطلاق النار. فحماس على استعداد للاستمرار في القتال، إلى أن يدرك الإسرائيليون إن عليهم أن يحصلوا على وقف لإطلاق النار."
إن الشيء الذي لم تتوقف عنده للتعامل معه بشكل معلن لا حكومة الحرب الإسرائيلية ولا واشنطن هو ثقة حماس بأن لديها القدرة على المضي قدماً في هذه الحرب. لو كانت حماس بحق محشورة في الزاوية، ولم يتبق لها سوى بضع كتائب في آخر معقل لها، أي في رفح، فلماذا تتصرف بكل هذه الثقة؟ فها هي مستمرة في ضرب الأهداف الإسرائيلية، حيث قتلت أربعة جنود وأصابت آخرين بجروح خطيرة في منطقة معبر كرم سالم يوم الأحد.
"بقيت أربع كتائب"
بعد سبعة شهور من القصف أحال جل غزة إلى حطام، كيف لم يمكن حتى الآن تركيع حماس وإجبارها على الاستسلام؟ لقد قال الجيش الإسرائيلي مراراً وتكراراً إنه أباد معظم مقاتلي حماس، وأنه لم يبق لها سوى أربع كتائب داخل منطقة رفح.
وجهت ذلك السؤال إلى مصدر لديه اطلاع جيد على قدرات حماس العسكرية، فأجاب: "في كل مكان ينسحب منه الجيش الإسرائيلي تعود حماس للظهور، في الشمال، وفي الوسط، وفي الجنوب. تحتل القوات الإسرائيلية ممر نتساريم، ولكن نقاط تفتيشهم هناك لم تزل، وبشكل متزايد، عرضة للهجمات، وهو ما جعلهم في المفاوضات يعرضون الانسحاب من ذلك الخط."
بعض الخبراء العسكريين في إسرائيل يوافقون، وهم على استعداد لشق الصف. كتب لواء الاحتياط إسحق باريك في صحيفة معاريف: "يعلم بيبي جيداً جداً بأننا وصلنا عسكرياً إلى طريق مسدود. فبعد أن استولى الجيش على 80 بالمائة من غزة (ولم يبق منها سوى رفح)، تراه يسحب قواته منها لأنه لا يوجد لديه قوات أخرى تحل محلها. والنتيجة هي عودة حماس بشكل كبير إلى جميع المناطق التي غادرها الجيش الإسرائيلي، حيث فرضت سيطرتها عليها من جديد."
لا التجنيد ولا المتفجرات تمثل أي مشاكل لكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، التي تعتبر مجموعة إرهابية في بريطانيا وفي غيرها من البلدان.
بعد معارضة أولية في بعض الدوائر داخل غزة لهجوم السابع من أكتوبر الذي شنته حماس، ما لبثت جميع الفصائل الفلسطينية أن وقفت صفاً واحداً خلف المقاتلين، حيث بات واضحاً أن حرب إسرائيل تمثل تهديداً وجودياً على الفلسطينيين بأسرهم.
هناك الآن موارد لا تنضب من المجندين في حماس – عشرات الآلاف – بعد سبعة شهور من القتال. لقد جرفت هذه الموجة من الدعم في زمن الحرب التاريخ المرير من التنافس السياسي بين فتح وحماس.
كما أن معين المتفجرات لا ينضب. فقد أسقطت كميات كبيرة من المتفجرات على غزة منذ السابع من أكتوبر، لدرجة أن إخلاء القنابل غير المنفجرة من المنطقة قد يحتاج إلى أربعة عشر عاماً من العمل الدؤوب، كما توقعت مؤخراً الأمم المتحدة. بمعنى آخر، بمعدل إخفاق يصل إلى خمسة عشر بالمائة، فإن المواد المتفجرة التي تستخلص من القنابل والصواريخ التي لم تنفجر قد تكفي حماس لوقت طويل جداً.
ولقد تم فعلاً إعادة تدوير بعض المتفجرات. تقول كتائب القسام إنها استخدمت المتفجرات والصواريخ التي أطلقتها الطائرات المقاتلة من طراز إف 16 في شن هجوم على منطقة المغراقة في وسط غزة. إذا تمكن مهندسو الشرطة من استخلاص خمسة أطنان من الذخيرة غير المنفجرة من خان يونس ورفح لوحدهما من آثار القصف الجوي في عام 2014 والذي استمر لأقل من شهرين، فكم يا ترى يمكن استخلاصه طوال سبعة شهور من القصف اليومي؟
العقبات الحقيقية
واجهت حماس محاولتين دبرتا لإسقاط حكومتها في غزة، وهذه تهديدات تأخذها على محمل الجد. ولكن المحاولتين فشلتا.
كانت الأولى في يناير (كانون الثاني) عبارة عن محاولة من قبل إسرائيل لتحريض زعماء العشائر على تقسيم غزة إلى مناطق تخضع لحكم القبائل، التي ستتولى شؤون الإدارة المدنية في قطاع غزة من خلال ترتيبات فردية مع إسرائيل.
ولكن قبل وقت طويل من وصولها إلى مستوى وزارة الحرب، رفضتها القبائل ذاتها، والتي بقيت على ولائها لحركة حماس. ولقد عبر عن ذلك عاكف المصري، المفوض العام للسلطة العليا للقبائل الفلسطينية، حين قال في تصريح له: "تسعى دولة الاحتلال إلى التغطية على فشلها في غزة من خلال إثارة البلبلة والصراع داخل المجتمع الفلسطيني."
ودعا المصري بدلاً من ذلك إلى إنهاء الانقسام السياسي بين حماس وفتح، مشيراً إلى الحاجة إلى قيادة وطنية موحدة "تعمل على تعزيز صمود الشعب وتقطع الطريق على أي فرص قد يستغلها الاحتلال في مخططاته."
أما المحاولة الثانية فكانت أكثر خطورة. يقال إن الخطة كانت من إعداد الأردن ومصر والمملكة العربية السعودية، وبتنفيذ من قبل ماجد فرج، رئيس جهاز المخابرات في السلطة الفلسطينية – وهو الرجل الذي رشح لاستلام مقاليد الأمور في غزة ما بعد الحرب، رشحه لتلك المهمة كل من وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت وزعيم المعارضة يائير لابيد. غابت من تلك الخطة الإمارات العربية المتحدة التي تفضل دعم رجلها، البارون الفتحاوي المنفي محمد دحلان، وتمكينه من العودة إلى غزة.
اخترق غزة العشرات من عملاء المخابرات التابعين للسلطة الفلسطينية، إذ تمكنوا من التسلل متخفين داخل قوافل المساعدات التي عبرت من الحدود المصرية. تمكنت بعض عناصر هذه المجموعة من الوصول إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة شمالاً، ويقال إنهم وفروا المعلومات الاستخباراتية للقوات الإسرائيلية، مما مهد السبيل نحو شن هجوم على المرفق الطبي. ولكن معظم عناصر المجموعة بقيت في رفح، حيث سعوا إلى إقامة مقر رئيسي لهم داخل بناية جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.
وبحسب مصدر مطلع نقلت عنه قناة الجزيرة، امتطت عشر فرق، تتكون كل فرقة من عشرة أشخاص، عشر شاحنات في معبر رفح، تحت ستار توصيل المساعدات إلى جمعية الهلال الأحمر.
انكشف وجود عناصر السلطة الفلسطينية في خضم الفوضى التي أحاطت بالشاحنات، وذلك أنه عندما هاجم الفلسطينيون الذين يعانون من المجاعة الشاحنات، شهرت قوات أمن ماجد فرج السلاح في وجوههم. تم فيما بعد اعتقال هذه العناصر من قبل حماس، وخضعوا للاستجواب. تم التعرف على أربعة من الضباط الذين ألقي القبض عليهم، وتبين أنهم دربوا في الأردن، وأرسلوا من قبل السلطة الفلسطينية، وما لبثوا أن أسقط في أيديهم حين واجهوا الواقع الذي تعيشه غزة.
صداع أكبر
كل ذلك يزيد من ثقة حماس أن بإمكانها النجاة ومواجهة أي محاولات أخرى قد تحيكها القوات البرية الإسرائيلية من أجل إبادتها.
قال أحد المصادر: "ثقتهم مرتفعة بأن لديهم القدرة على المضي قدماً في المقاومة. حاولت إسرائيل استخدام الدمار الذي ألحقته بالقطاع كذراع لإجبار الحركة على الاستسلام. ولكن ذلك الدمار تحول إلى سيف ذي حدين. فقد كشف إسرائيل بشكل غير مسبوق، حتى غدت إسرائيل نفسها الآن في مأزق، وليس حماس. بل إن الدعم الذي تحظى به حماس الآن هو الأعلى منذ أن بدأت الحرب. ولقد بدأ الرئيس الأمريكي جو بايدن يلمس ذلك، وكل هذا يمنح حماس الثقة التي تنعكس على الطريقة التي بها يفاوضون."
لا يمكن تجنب حقيقة أن المعركة القادمة على رفح سوف تكون سلسلة من المذابح، تتحمل المسـؤولية عنها بموجب القانون الدولي إسرائيل. سوف يكون الثمن البشري مرتفعاً للغاية.
إذا ما فعلت القوات الإسرائيلية برفح مثل ما فعلته بخان يونس، فسوف تسوى رفح بالأرض. وُصفت خان يونس من قبل بأنها المقر الرئيسي لحماس، ولكن القوات الإسرائيلية انسحبت بعد ما يزيد عن أربعة شهور من القصف دون أن تحقق شيئاً من حملتها سوى إلحاق الدمار الشامل بالمدينة.
بعد أن تنال رفح نفس المعاملة، سوف لن تتمكن إسرائيل من استرجاع الرهائن الذين مازالوا على قيد الحياة، ولن تتمكن من أسر أو قتل زعماء حماس، وحماس واثقة من ذلك.
وتلك هي النقطة التي أشار إليها باريك في مقاله حين قال: "كما يدرك بيبي أن دخول رفح لن يجلب له شيئاً. بل العكس هو الصحيح، حيث سوف يفاقم ذلك من المشكلة عشرات المرات. كما سوف نُجبر على مغادرة رفح بعد احتلالها. سوف يؤدي دخولنا إلى رفح إلى تدمير علاقاتنا بشكل كامل مع بلدان العالم ومع البلدان العربية التي صنعنا معها السلام. ولسوف يكون لذلك تداعيات بالغة الصعوبة، وفي مقدمتها عزل دولة إسرائيل في المجالات السياسية والاقتصادية، وفرض حظر على التسليح بدأنا بالفعل في رؤية تباشيره. كما أن دخول رفح لن يبقي أحداً من المختطفين على قيد الحياة، ولسوف يكون لدينا العديد من الضحايا."
بعد رفح، سوف يصاب نتنياهو بصداع أكبر من ذلك الذي يعاني منه اليوم: فكيف له أن يعلن النصر بينما الهزيمة وشيكة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية رفح غزة الاحتلال امريكا غزة الاحتلال رفح صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة فی القاهرة شهور من من قبل من ذلک بعد أن
إقرأ أيضاً:
وسام العباسي زعيم خلية سلوان الذي حاكمته إسرائيل بـ26 مؤبدا
وسام العباسي أسير مقدسي انضم عام 2001 إبان انتفاضة الأقصى إلى خلية سلوان التابعة لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، تحت قيادة وائل قاسم أحد أبرز قادة المقاومة الفلسطينية في القدس أثناء الانتفاضة.
شارك في تنفيذ عمليات فدائية وتفجيرات عدة ألحقت أضرارا بشرية ومادية كبيرة بإسرائيل، اعتقل عام 2002 وحكمت عليه المحكمة المركزية في القدس بالسجن 26 مؤبدا و40 عاما، وهدمت سلطات الاحتلال بيته بعد 5 أشهر من اعتقاله، ثم سحبت منه الإقامة وبطاقة هويته المقدسية.
الولادة والنشأةوُلد وسام سعيد موسى العباسي في 24 مارس/آذار 1977 في بلدة سلوان بالقدس.
توفي والده وعمره لم يتجاوز 13 سنة، مما اضطره إلى مغادرة مقاعد الدراسة للمساهمة في إعالة عائلته المكونة من 6 أفراد.
كان عمره 15 عاما عندما اعتقل لأول مرة، وسجن 5 أشهر بتهمة التخطيط لإلقاء قنبلة.
تزوج عام 2001 ورزق بابنته الوحيدة إيمان، وكان يعمل في مصنع "شيروت" للزجاج بمنطقة "ريشون ليتسيون" في تل أبيب.
المسار الدراسي
تلقى تعليمه الأساسي في مدرسة دار الأيتام، ثم انتقل بعدها إلى مدرسة راس العامود، ترك الدراسة في المرحلة الثانوية للعمل من أجل مساعدة عائلته.
تقدم بطلب استكمال دراسته في السجن، فدرس التوجيهي ثم التحق بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية والمهنية في غزة وحصل منها على دبلوم في الفقه، ثم اتجه لدراسة التاريخ في الجامعة نفسها.
التجربة النضاليةانضم إلى خلية سلوان القسامية عام 2001، ولم يتردد عندما عرض عليه وائل قسام أحد أبرز قادة المقاومة الفلسطينية في القدس أثناء انتفاضة الأقصى الانضمام إلى مجموعة عسكرية بهدف تنفيذ عمليات داخل إسرائيل ووافق فورا.
إعلانأوكلت له مهمة اختيار أماكن تنفيذ العمليات والاستطلاع والاستكشاف، نظرا لمعرفته بالداخل المحتل بحكم سنوات عمله في أحد مصانع الزجاج بتل أبيب.
الأسير المقدسي وسام العباسي مع والدته (مواقع التواصل الاجتماعي)
كانت أول عملية شارك فيها هي تفجير "مقهى مومنت" في تل أبيب، والذي لم يكن يفصله سوى 75 مترا عن بيت رئيس وزراء إسرائيل حينها أرييل شارون.
كان دور وسام هو استكشاف مكان العملية والطريق المؤدي إليه، قبل أن يفجر الاستشهادي فؤاد الحواري نفسه داخل المقهى في 9 مارس/آذار 2002، مما أدى إلى مقتل 11 إسرائيليا وإصابة 65 آخرين.
بعدها اقترح وسام على مسؤول الخلية وائل قاسم تنفيذ عملية في أحد نوادي منطقة "ريشون ليتسيون" حيث كان يعمل، وشرع في رصد النادي واستطلاع محيطه برفقة الأسير علاء الدين العباسي، واستمر ذلك أياما عدة.
وفي 7 مايو/أيار 2002 نقل وسام منفذ العملية الاستشهادية محمد جميل معمر بسيارته إلى النادي وهناك فجّر نفسه، وأسفرت العملية عن مقتل 17 إسرائيليا وإصابة 60 آخرين.
بعد ذلك فكرت الخلية في تنفيذ عمليات تعتمد على التفجير عن بعد عوض التدخل البشري المباشر، وكان وائل قاسم قد طور في تلك الفترة تكنولوجيا للتفجير عن بعد بالهاتف المحمول.
نفذت المجموعة أول عملية بالمرحلة الجديدة في مايو/أيار 2002 عندما استهدفت صهاريج الوقود الإسرائيلية بالعبوات الناسفة وفجرتها عن بعد بهاتف محمول، وكان وسام العباسي ورفيقه محمد عودة مسؤولين عن تتبع هذه الصهاريج.
انتقلت الخلية بعدها إلى التخطيط لتفجير القطارات وسكة الحديد الإسرائيلية، وكان وسام يذهب مع أحد رفاقه إلى موقع السكة للاستطلاع وفحص مكان زرع العبوة، ثم يعطي الإشارة لتفجيرها عن بعد عند اقتراب القطار من مكان زرع العبوة.
وهكذا فجرت الخلية سكة الحديد في مدينة اللد في يونيو/حزيران 2002، وأسفرت العملية عن جرح 4 إسرائيليين وتخريب السكة والقطار، كما نفذت عملية مماثلة في منطقة "كفار غبيرون" الواقعة شمال بلدة "يبنا" جنوب الرملة في يوليو/تموز من العام نفسه.
إعلان الاعتقال والتبادلاعتقل وسام العباسي عند حاجز عسكري في بلدة بيت أكسا فيما كان في طريق عودته إلى منزله بالقدس في 18 أغسطس/آب 2002، وفي اليوم نفسه اعتقل أعضاء خليته وائل قاسم وعلاء الدين العباسي، وبعدها بيومين اعتقل محمد عودة، وتعرضوا أثناء التحقيق معهم في مركز المسكوبية لشتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي.
وُجهت إلى وسام العباسي تهمة الضلوع في أعمال المقاومة بمدينة القدس المحتلة، والمشاركة في تنفيذ عمليات عسكرية كبيرة، وبعد 5 أشهر من اعتقاله هدمت السلطات الإسرائيلية منزله في بلدة سلوان.
أصدرت المحكمة المركزية في القدس حكما في حقه بالسجن 26 مؤبدا و40 عاما، كما أصدرت سلطات الاحتلال في القدس قرارا بسحب إقامته وبطاقة هويته المقدسية.
تعرّض في السجن لوعكة صحية فماطلت سلطات الاحتلال في علاجه، قبل أن تنقله إلى مستشفى الرملة وتسمح له بإجراء عملية جراحية في عينه.
رفض الاحتلال الإسرائيلي إدراج اسمه وأسماء أفراد خليته في قائمة التبادل بصفقة "وفاء الأحرار" عام 2011 حين بادل الجندي جلعاد شاليط مقابل 1027 أسيرا فلسطينيا.
وبعد اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل بداية 2025 تم الإفراج عن وسام العباسي وأُبعد إلى خارج فلسطين.